جنود إسرائيليون في جنوب لبنان (رويترز)
جنود إسرائيليون في جنوب لبنان (رويترز)

يدخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله يومه الثاني، الخميس، وسط تباين في تقييم نتائج المواجهات العسكرية التي استمرت لأزيد من عام، فبينما أكدت إسرائيل بلوغها أهداف عملياتها في جنوب لبنان، أعلن الحزب اللبناني، في المقابل، تحقيقه "النصر".

وتثير هذه التقييمات المتباينة تساؤلات بشأن مدى نجاح الجانب الإسرائيلي في تحقيق هدفه المعلن بإبعاد خطر حزب الله عن حدوده وضمان عودة النازحين من المناطق الشمالية إلى منازلهم.

ويرى محللون إسرائيليون أن بلادهم نجحت في تحقيق مرادها، خاصة بعد تكثيف عملياتها قبل نحو شهرين مشيرين، في تصريحات لموقع "الحرة"، إلى أن المواجهات الأخيرة أضعفت حزب الله بعد أن دمرت بنيته العسكرية والقيادية

"الهدف الأساسي"

وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، ديفيد مينسر، الخميس، إن أهداف إسرائيل في لبنان تمثلت في إعادة المواطنين إلى الشمال، وليس القضاء الكامل على حزب الله.

وأضاف مينسر، في مقابلة مع قناة "الحرة"، أن هدف إسرائيل في غزة يتمثل في إضعاف حماس وتفكيك قدراتها، في حين اقتصر هدفها في لبنان على إعادة النازحين.

المحلل الإسرائيلي، شلومو غانور، يرى أن الحكومة الإسرائيلية اتخذت "القرار المناسب" بإبرام الاتفاق، وذلك وفقاً للظروف المتاحة أمامها.

وأضاف في تصريح لموقع الحرة، أن إسرائيل حققت معظم أهدافها التي حددتها بعد هجوم حزب الله في الثامن من أكتوبر الماضي، وعلى رأسها إبعاد حزب الله إلى شمال نهر الليطاني وتكليف الحكومة اللبنانية ببسط سيادتها حتى الحدود الدولية، مع وجود جهاز مراقبة متابع أميركياً لتطبيق القرار.

وتابع، أن القوات الإسرائيلية "نجحت في تدمير البنية العسكرية لحزب الله في المنطقة الأمامية، وتكبيده خسائر فادحة، وإحباط مخططه لاحتلال شمال إسرائيل، إضافة إلى استهداف قيادته السياسية والعسكرية"، بالتالي إبرام الاتفاق يبقى "خيارا في محله".

ودخلت الهدنة التي توسطت فيها الولايات المتحدة وفرنسا حيز التنفيذ، فجر أمس الأربعاء، بعد أكثر من عام من الاشتباكات عبر الحدود تصاعدت قبل شهرين الى حرب مفتوحة.

في تقييمه للنتائج العسكرية والاستراتيجية للمواجهة مع حزب الله، يرى المحلل الإسرائيلي، يوآب شتيرن، أن إسرائيل نجحت في تحقيق أهدافها بشكل أوضح مما في غزة التي رفعت سقف أهدافها للقضاء على حماس.

وأوضح شتيرن في تصريح لموقع "الحرة"، أن واقعية الأهداف المحددة مسبقاً، والتي تركزت على إعادة سكان الشمال إلى منازلهم وإبعاد حزب الله عن الحدود، ساهمت في تحقيقها بدلاً من السعي إلى أهداف غير واقعية مثل تدمير الحزب بالكامل.

وأضاف أن إسرائيل نجحت في "تحقيق هدف آخر غير معلن يتمثل في فك الارتباط بين جبهتي لبنان وغزة"، مشيراً إلى أن استمرار القتال في غزة مع هدوء الجبهة اللبنانية يؤكد فشل شعار "الإسناد" الذي رفعه حزب الله.

ولفت المحلل الإسرائيلي إلى الضربات القوية التي وجهت للحزب، خاصة استهداف قياداته السياسية والعسكرية، غير أنه أشار إلى أن الاختبار الحقيقي لهذه النتائج يكمن في قدرة إسرائيل على الرد الحازم على أي انتهاكات مستقبلية.

تحذيرات ومخاوف

وحذر وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، من أن إسرائيل لن تتردد في الرد العسكري على أي خرق، مهما كان صغيراً، مشدداً على عزم بلاده منع حزب الله من إعادة تعزيز قدراته العسكرية قرب الحدود الإسرائيلية.

وأكد كاتس، خلال لقائه المبعوثة الأممية الخاصة إلى لبنان، جانين هينيس بلاسخارت، أن إسرائيل "ستتصدى لأي تهديد، في أي وقت وأي مكان"، وفق بيان صادر عن مكتبه.

وتعكس تصريحات كاتس، مخاوف إسرائيل من عدم فاعلية اتفاق وقف إطلاق النار في تأمين الحدود، خاصة في ظل ما تعتبره فشلا للمراقبين الدوليين والأمم المتحدة على مدى سنوات في منع حزب الله من بناء قدراته العسكرية في جنوب لبنان.

في هذا الجانب، اعتبر المحلل الإسرائيلي، مردخاي كيدار، أن المهم في هذا الاتفاق ليس التوصل إليه بل تنفيذه بحذافيره، مشيرا إلى أن على إسرائيل أن تتأكد من تنفيذه بكل دقة، وأن ترد على أي مخالفة بأقصى الإجراءات.

وأضاف في تصريح لموقع "الحرة"، أن الإسرائيليين في انتظار تنفيذ هذا الاتفاق بطريقة سليمة، خاصة أن التوصل إليه، جاء بعد 13 شهراً من المواجهات، وشهرين من تنفيذ إسرائيل عمليات عسكرية قوية.

وأورد المتحدث ذاته، أن إسرائيل نجحت في إثبات قوتها وقدرتها، معتبرا أن بلاده تؤيد التعايش السلمي مع جيرانها ولا تسعى للحرب والدمار، لكنها مستعدة للرد إذا اضطرت لذلك، داعياً الأطراف الأخرى إلى استخلاص الدروس من المواجهات الأخيرة.

عودة النازحين

ووضعت إسرائيل عودة النازحين من الشمال إلى منازلهم هدفاً رئيسياً من أهداف عملياتها العسكرية ضد حزب الله، إذ تسببت الهجمات المتواصلة منذ الثامن من أكتوبر الماضي، في نزوح نحو 60 ألف إسرائيلي من المستوطنات الشمالية.

وقد تحول التركيز العسكري الإسرائيلي نحو الجبهة الشمالية في سبتمبر الماضي، مع تعهدات متكررة من القيادة السياسية والعسكرية، وعلى رأسهم رئيس الوزراء نتانياهو ووزير الدفاع السابق، يوآف غالانت، بضمان عودة آمنة للنازحين إلى منازلهم.

عن إمكانية عودة النازحين في الوقت الحالي بعد المتغيرات الأخيرة، يرى كيدار أن "الظروف غير مناسبة حالياً لعودتهم، حيث إن الاتفاق في مرحلة اختبار لمدة ستين يوماً لوقف إطلاق النار، وكل يوم يمثل اختبارا".

وتابع أنه، عند اكتمال هذه الفترة أو ربما أكثر، سيتم اتخاذ القرار المناسب بالسماح للسكان بالعودة إلى بيوتهم، إذ أنه لن يُسمح لهم بالعودة دون ضمان أمنهم.

بدوره، يقول غانور إن الحكومة وضعت إعادتهم إلى بيوتهم ضمن أهداف الحرب، وهذا ما سيتم اختباره خلال الفترة المقبلة، مشيرا أنه "إذا لم يشعروا بالأمان فهذا يعني أن الاتفاق قد فشل، مما يستدعي اتخاذ خطوات جديدة لضمان أمنهم".

"النصر"

واعتبر حزب الله المصنف على لوائح الإرهاب الأميركية، في بيان مساء الأربعاء، أنه حقّق "النصر" على إسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، مشيرا الى أن إسرائيل لم تتمكّن من تحقيق أهدافها من الحرب مع التنظيم اللبناني الموالي لإيران.

وأكد البيان أن مسلحي الحزب نجحوا في الصمود أمام القوات الإسرائيلية، مشيرا إلى "فشل محاولات الجيش الإسرائيلي في احتلال أي بلدة جنوبية أو إقامة منطقة عازلة كما كان يخطط، وكذلك لم تتمكن من إحباط إطلاق الصواريخ والمُسيّرات".

وفتح حزب الله ما اعتبرها "جبهة إسناد" لقطاع غزة، غداة اندلاع الحرب في القطاع الفلسطيني بعد هجوم لحركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.

وبعد أن رفض مرارا فصل جبهته عن جبهة غزة مطالبا بوقف الحرب في غزة وانسحاب إسرائيل من القطاع، وافق على وقف إطلاق النار في لبنان.

وواجه اتفاق وقف إطلاق النار انتقادات حادة من أطراف إسرائيلية، إذ اعتبر وزير الأمن القومي اليميني المتشدد، إيتمار بن غفير، أن الاتفاق "خطأ كبير" وفرصة ضائعة للقضاء على حزب الله، داعياً نتانياهو لمواصلة القتال حتى تحقيق "نصر مطلق".

ومن الجانب الآخر، هاجم زعيم المعارضة، يائير لابيد، الاتفاق من زاوية مختلفة، متهماً نتانياهو بالفشل في إدارة الأزمة وقيادة البلاد، مشيراً إلى أن "أكبر كارثة في تاريخ إسرائيل" وقعت في عهده، ومطالباً بالتحرك العاجل لحل قضية الرهائن وإعادة المواطنين النازحين.

وفي رده بشأن موقف معارضي الاتفاق، قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، إن بلاده "ديمقراطية ويحق للجميع هنا أن يعبروا عن رأيهم"، مشيرا إلى أن 10 أعضاء في الحكومة صوّتوا لصالح الاتفاق.

وأورد في حديثه للحرة، أن "سبب توقيع إسرائيل على الاتفاق الحالي، رغبتها في التركيز على التهديد الإيراني، ونريد أن نعطي استراحة لجيشنا وإعادة تأمين مخزوننا من الأسلحة".

لكابتن بن بينشاس كان يقود كتيبة تابعة لللواء المدرع 401 أثناء العملية العسكرية الإسرائيلية شفي غزة
الكابتن بن بينشاس كان يقود كتيبة تابعة لللواء المدرع 401 أثناء العملية العسكرية الإسرائيلية شفي غزة. (IDF)

أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، مقتل ضابط خلال معارك في جنوب قطاع غزة، ما يرفع عدد القتلى في صفوفه إلى 809 منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر من العام الماضي، حسب ما أفاد مراسل الحرة.

وأعلن الجيش في بيان له، مقتل الكابتن أفرايم بن بينشاس، الذي كان يقود كتيبة تابعة للواء 401 المدرع في غزة.

وكان بن بنشاس أصيب بجروح في رأسه منذ حوالي شهرين، أثناء القتال في غزة. وبعد تلقيه العلاج، اختار العودة إلى الجبهة، أين قتل اليوم، حسب ما تناقلته مواقع ومصادر صحفية إسرائيلية.

وكان الجيش الإسرائيلي قال في بيان سابق إنه يعمل على "إخلاء السكان المدنيين غير المشاركين في القتال من مناطق القتال إلى مناطق أكثر أمنا في قطاع غزة بهدف حمايتهم".

ومنذ أسابيع، يواصل الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية في شمال القطاع، مؤكدا أنه يستهدف مقاتلي حماس الذين يحاولون إعادة تشكيل قواتهم.

وأدّى هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر من العام الماضي إلى مقتل 1208 شخصاً في الجانب الإسرائيلي، غالبيتهم من المدنيين، بحسب إحصاء أعدّته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية. وتشمل هذه الحصيلة رهائن قتلوا أو ماتوا في الأسر.

ومنذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس، قُتل ما لا يقل عن 44812 شخصا في غزة، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفق بيانات وزارة الصحة التابعة لحماس في غزة والتي تقول الأمم المتحدة إنّ بياناتها جديرة بالثقة.