كشف مصدر إسرائيلي عسكري لموقع "الحرة" تفاصيل العملية العسكرية التي ينفذها الجيش شمالي قطاع غزة منذ حوالي شهرين، مؤكداً أن الهدف منها القضاء على عناصر حماس في المنطقة.
وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن العملية تشمل البنية التحتية في شمال غزة بما فيها جباليا وبيت لاهيا، بهدف القضاء على لواء شمال غزة التابع لحركة حماس.
وأضاف أن العملية ركزت على استهداف المسلحين والقادة العسكريين، وحتى الآن تمت تصفية قادة الكتائب، وما تبقى عناصر متفرقة أو خلايا تم القضاء على معظمها.
تدمير بنية حماس التحتية
وحسب المصدر، اعتقل الجيش الإسرائيلي خلال العملية نحو 1300 من عناصر حماس في جباليا، تم نقلهم إلى سجون إسرائيلية، مثل "سدي تيمان" حيث يتم جمع معلومات استخباراتية بالتحقيق معهم.
وقال إن اعتقال هذا العدد الكبير خلال مدة زمنية قصيرة يُعدّ "سابقة"، مبيناً لـ"الحرة" أن القوات الإسرائيلية "تواجه خلايا مسلحة تستخدم قذائف RPG، وعبوات ناسفة، وقناصة".
واستدرك المصدر العسكري "لكن هذه التهديدات تتراجع تدريجيا بسبب العملية العسكرية"، عوضاً عن أن الجيش مستمر في تدمير الأنفاق ومخازن الأسلحة المتبقية في جباليا وبيت لاهيا.
وتابع المصدر أن العملية قد تستمر لأسابيع، حتى تحقيق أهدافها كاملة.
وفي ما يتعلق بالمدنيين من سكان المنطقة، قال المصدر "تم تشجيعهم على مغادرة المناطق المستهدفة، حيث أُخلي حوالي 75 ألف شخص من جباليا وبيت لاهيا".
"كما يسمح الجيش يومياً بإدخال المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة، بالإضافة لإجلاء المرضى من أجل تلقي العلاج في مستشفيات كمال عدوان، والهدى، والإندونيسي"، أكد المصدر العسكري الإسرائيلي، لافتاً إلى أن المستشفيات "لا تزال تعمل".
ونفى أن يكون الجيش الإسرائيلي استهدف المدنيين في شمال القطاع، موضحاً أن العملية موجهة ضد البنية التحتية العسكرية التابعة لحماس، لضمان عدم استعادة قدراتها القتالية.
أكثر من 3700 قتيل فلسطيني
في الوقت نفسه، نقلت وكالة أسوشيتد برس عن إسماعيل ثوابتة رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن العملية في الشمال أسفرت لغاية اليوم الأربعاء، عن مقتل أكثر من 3700 مواطن بينما فقدت آثار آخرين، وأصيب أكثر من 10 آلاف خصوصا في بيت لاهيا وجباليا والمناطق المحيطة بهما.
وأضاف ثوابتة "حتى هذه اللحظة، اعتقل الجيش الإسرائيلي أكثر من 1750 فلسطينيا من صفوف المدنيين ولا نعرف مصيرهم ولا حتى ظروف اعتقالهم".
بدوره، أوضح محمود بصل المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني في غزة، أن أكثر من 70% من القتلى، ما زالوا تحت الأنقاض.
وقال إن "ما يحدث في شمال قطاع غزة حاليا هو الأكثر دموية منذ بداية الحرب".
وتابع بصل أن الجيش الإسرائيلي "دمر البنية التحتية ومئات المنازل والمدارس على مدار 60 يوما في شمال القطاع وهجّر أكثر من 130 ألف نسمة بالقوّة".
من جهته، قال مدير مستشفى "كمال عدوان" في بيت لاهيا حسام أبو صفية، إن الجيش الإسرائيلي استهدف المستشفى 5 مرات خلال الأيام الماضية مما أدى إلى إصابة 3 من الكوادر الطبية.
القواعد العسكرية
وخلال حديثه مع "الحرة"، تطرق المصدر العسكري الإسرائيلي لمسألة إقامة قواعد عسكرية في شمالي القطاع، مبيناً أن هدف العملية "السيطرة على الأوضاع في شمال غزة دون تقسيم المنطقة بين شمالها ووسطها، لكن البنية التحتية العسكرية في جباليا وبيت لاهيا تختلف عن تلك الموجودة في مناطق مثل محور نتساريم ورفح".
وأعلنت الولايات المتّحدة، الثلاثاء، رفضها بناء قاعدة عسكرية إسرائيلية دائمة في قطاع غزة، غداة تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" مفاده أنّ الجيش الإسرائيلي بصدد تسريع أعمال بناء منشآت عسكرية هناك.
واستنادا إلى صور التقطتها أقمار اصطناعية، قالت الصحيفة، إنّها رصدت وسط قطاع غزة تسريع أعمال بناء هذه القاعدة، بالتوازي مع هدم أكثر من 600 مبنى في المنطقة، مما يؤشّر إلى أنّ إسرائيل تخطّط لوجود طويل الأمد في القطاع.
وتعليقا على هذا التقرير، قال فيدانت باتيل، نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إنّ الولايات المتّحدة لا تستطيع تأكيد هذه المعلومات، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أعرب، منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس، قبل أكثر من عام عن معارضته لأيّ وجود إسرائيلي دائم في غزة.
وأضاف باتيل خلال مؤتمر صحفي "إذا كانت معلومات نيويورك تايمز صحيحة، فمن المؤكد أنّ هذا الأمر يتعارض مع عدد من المبادئ التي حدّدها الوزير بلينكن".
المساعدات الإنسانية
وفي إجابة على سؤال للحرة بشأن إمكانية وصول المساعدات الإنسانية لسكان الشمال، قال المصدر العسكري الإسرائيلي إن "عشرات الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية تدخل يوميا إلى شمال غزة، تحت إشراف المنظمات الدولية على عملية توزيعها".
وأشار إلى وجود "تصادمات بين العائلات وحماس في جنوب القطاع بسبب الموارد المالية" لكن وفق قوله فإن الجيش الإسرائيلي "لا يتدخل في هذه الخلافات طالما لم ير مسلحين تابعين لحماس على الشاحنات".
وكانت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أعلنت الأحد الماضي إيقافها لتسليم المساعدات عبر معبر غزة الرئيسي لأن الطريق "خطير للغاية".
وقال فيليب لازاريني، المفوض العام للوكالة، إن الطريق المؤدي إلى معبر كرم أبو سالم من إسرائيل "خطير للغاية على جانب غزة" كما أن المساعدات معرضة لعمليات النهب.
وأضاف أن مسلحين نهبوا قافلة تتألف من نحو 100 شاحنة على هذا الطريق في منتصف نوفمبر الماضي، كما سرقت عصابات مسلحة شحنة أخرى أصغر حجما يوم السبت الماضي.
وقد يؤدي هذا القرار إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة مع حلول فصل الشتاء البارد والممطر، إذ يعيش مئات الآلاف من الأشخاص في مخيمات بائسة ويعتمدون على المساعدات الغذائية الدولية.
وحذر خبراء بالفعل من حدوث مجاعة في شمال القطاع، الذي عزلته القوات الإسرائيلية بالكامل تقريبا منذ مطلع أكتوبر الماضي.