منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو زعم ناشروها أنها لعمليّات "قرصنة" طالت وسائل إعلام إسرائيلية، كان آخرها فيديو ادعى أنه يوثق "خرق قرصان مصري بثّ قناة إسرائيليّة".
وتتضمّن المنشورات المتداولة مقطعين زعم ناشروهما أنّهما لـ"اختراق بثّ القناة 14 الإسرائيليّة"، حيث ظهرت "رسائل على الشاشة مرفقة بعلم مصر تحمل توقيع الهاكر المصري أحمد عثمان". ومن الرسائل التي ادعى الناشرون أنها ظهرت على الشاشة: "نرفض تهجير سكّان غزّة".
وحظيت هذه المشاهد بانتشار كبير على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً في مصر، كونها جاءت بعدما طرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خطة بشأن قطاع غزة.
ويقوم المقترح على أن تتسلم الولايات المتحدة إدارة القطاع، ويتم نقل سكانه الفلسطينيين إلى بلدان أخرى خصوصا مصر والأردن، وإعادة إعمار القطاع وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط". وهي خطة تلقى رفضا من الدول العربية والفلسطينيين.
حقيقة الفيديو
إلا أنّ المشاهد المتداولة على أنّها لقرصنة بثّ قنوات إسرائيليّة من قبل "هاكر" مصريّ، مضلّلة.
فالتفتيش عن لقطات من المقطع الأوّل يرشد إلى فيديو لفقرة عُرضت على القناة 14 الإسرائيليّة، ونُشرت في موقع يوتيوب بتاريخ 5 فبراير 2025.
أمّا التفتيش عن الفيديو الثاني فيرشد إلى فقرة أخرى نشرتها القناة نفسها على يوتيوب في اليوم نفسه.
وفي الحالتين لا يشوب البثّ أيّ عطلٍ أو انقطاعٍ ولا تظهر أيّ تعديلات أو فواصل، مما يرجّح أن تكون المقاطع المتداولة التي يزعم ناشروها أنّها لعمليّات قرصنة مركّبة، وفق وكالة فرانس برس.
وما يعزّز هذه الشكوك، أن الصفحة التي نشرت هذه المقاطع أولاً على موقع تيك توك والتي تحمل اسم "الهاكر المصري أحمد عثمان"، تتضمّن عدة مقاطع فيديو بمزاعم مشابهة عن خرق بثّ قنوات إسرائيليّة.
وتعليقاً على هذه المقاطع، يقول الاستشاري في الأمن السيبراني راغب غندور، لوكالة فرانس برس، إن عمليّة قرصنة بثّ قناة فضائيّة "معقّد"، لأن القنوات "تملك عدة طبقات من الدفاعات".
ويتّفق معه خبير التشريعات الرقمية والاتصالات محمد حجازي، موضحا أنّ "اختراق بث قناة أمر صعب جداً ومعقّد، ولا يمكن أن يقوم به شخص بمفرده"، لافتا إلى أن اختراق التردد "يتطلّب إمكانات فنية عالية"، حسب الوكالة الفرنسية.
ويوضح أنّ "اختراق القنوات من جهات خارجية أمر ممكن فنياً، لكنه يحتاج لأدوات معينة ومهارات بشرية، ولدى المؤسسات الإعلامية مسؤولين لأمن المعلومات، لكن الأمر قد يكون أسهل لو كان الاختراق عبر شخص داخل القناة يملك صلاحيات للتدخل في البث".
وتعليقاً على ما يظهر في مقاطع الفيديو المتداولة، يقول حجازي: "في حال نجاح جهة في اختراق بث قناة، لن تكون النتيجة على غرار ما يظهر في المقاطع، فمن يخترق البث يمكنه التحكم في المحتوى المعروض كاملاً وليس مجرد كتابة خبر على الشاشة، لكن مجدداً هذا أمر صعب جداً".
وبدوره، يصف غندور مقاطع القرصنة المفترضة بـ"المضحكة"، مبررا ذلك بالقول: "لأنّ الخرق لا يكون بهذا الشكل، ولا يمكن للمقرصن أن يتحكّم بتصميم الشاشة كما يبدو في المقاطع المتداولة".
ويضيف: "لو افترضنا أنّ الهاكر نجح في المرّة الأولى، وهو أمر شديد الصعوبة، فستتّخذ القناة عندها إجراءات أكثر صرامة لمنع تكرار الأمر".