تعيين إيلي شربيت كان مفاجئاً

بعد حالة من الجدل أحاطت بمنصب رئيس جهاز الأمن العام في إسرائيل (الشاباك)، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، الإثنين، أنه قرر تعيين نائب الأدميرال المتقاعد إيلي شربيت، القائد السابق للبحرية، كرئيس جديد للجهاز، قبل أن يتراجع لاحقا عن هذا التعيين.. فماذا نعرف عنه؟.

وقال نتانياهو في بيان، إن اختيار شربيت جاء بعد أن "أجرى مقابلات شاملة مع 7 مرشحين مؤهلين للمنصب". 

وعبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي عن ثقته بأن شربيت هو "الشخص المناسب لقيادة الجهاز في المرحلة المقبلة"، ولضمان استمرارية "التقاليد العريقة" للشاباك.

يذكر أنه بعد يوم من إعلان نتانياهو تعيين شربيت، أعلن تراجعه عن القرار.

وجاء في بيان صادر عن مكتب نتانياهو أن رئيس الوزراء التقى شربيت مجددًا مساء الإثنين، و"شكره على استعداده لتولي قيادة الجهاز"، لكنه أبلغه بأنه "يعتزم النظر في مرشحين آخرين بعد مزيد من التفكير".

من جانبه، قال شربيت في بيان نقله مكتب رئيس الوزراء: "استجبت لطلب نتانياهو بتولي المنصب في هذه المرحلة الصعبة، انطلاقًا من إيماني بقدرة الشاباك على مواجهة التحديات، وسعيي الدائم لخدمة أمن دولة إسرائيل ومواطنيها".

وكان إعلان نتانياهو، الإثنين، تعيين شربيت قد أثار معارضة داخل حزب الليكود وائتلافه الحاكم، بسبب مشاركة شربيت، القائد السابق لسلاح البحرية، في مظاهرات مناهضة لحكومة نتانياهو.

وعلّق السيناتور الجمهوري الأميركي ليندسي غراهام على القرار، معتبرًا أنه "مثير للقلق".

وأشار إلى أن تصريحات شربيت السابقة بشأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد تخلق "توترات غير ضرورية في وقت حساس".

ودعا غراهام، في منشور على منصة "إكس"، القيادة الإسرائيلية إلى "إعادة النظر في القرار وتحسين آليات اختيار المسؤولين".

من هو شربيت؟

خدم شربيت البالغ من العمر 57 عاما، في الجيش الإسرائيلي لمدة 36 عاما، بما في ذلك 5 سنوات كقائد للبحرية بين عامي 2016 و2021.

وقاد تطوير قدرات الدفاع البحري للمنطقة الاقتصادية الخاصة بإسرائيل، وأدار عمليات معقدة ضد حماس وحزب الله وإيران.

ويعتبر اختيار شربيت مفاجئاً، إذ كان هناك 4 مرشحين آخرين ينظر إليهم سابقا على أنهم الأقرب لتولي المنصب، هم: إيال تسير كوهين، ويائير ساجي، ونائب رئيس الشاباك "م"، وشالوم بن حنان. 

وعلى عكس هؤلاء المرشحين، لم يخدم شربيت أبدا في الشاباك. ووفقا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، فإنه "لا يتحدث اللغة العربية ولم يسبق له التعامل مع الشؤون الفلسطينية".

وشربيت، متزوج ولديه 3 أطفال. وقد وُلد في سديه بوكير جنوبي إسرائيل، وانتقلت عائلته لاحقًا إلى بئر السبع. 

التحق بالجيش عام 1985، وانضم إلى أسطول القوارب الصاروخية، وأكمل دورة تدريب الضباط التي استمرت 18 شهرا، وقضى حياته المهنية بأكملها تقريبا في القوات البحرية، وفق الصحيفة.

وفي عام 2006، كان نائب قائد أسطول القوارب الصاروخية. وخلال حرب لبنان قاد إحدى أسراب الأسطول. 

وبين عامي 2007 و2009، شغل منصب رئيس قسم في مديرية العمليات، وهو المنصب الوحيد خارج البحرية، قبل أن يعود لقيادة أسطول القوارب الصاروخية حتى 2011، ثم أصبح قائدا لقاعدة البحرية في حيفا حتى 2014. 

وفي الفترة من 2014 إلى 2016، شغل منصب رئيس أركان البحرية قبل ترقيته إلى رتبة نائب أدميرال وتعيينه قائدا للبحرية.

بعد مغادرته الجيش في 2021، انتقل إلى القطاع الخاص، وقاد قسم الطاقة المتجددة في تاديران، ثم أصبح رئيسا لشركة تابعة لرافائيل المتخصصة في أنظمة الدفاع البحري. 

ورفض عرضا لمنصب الرئيس التنفيذي لشركة رافائيل للتركيز على مشروع طاقة متجددة، وفقا لموقع صحيفة "يديعوت أحرونوت".

وفي مارس 2024، عُيّن شربيت عضوا في لجنة من الضباط السابقين أنشأها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، لمراجعة تحقيقات الجيش في هجوم حماس بالسابع من أكتوبر 2023.

مواقفه

أثناء عمله كرئيس تنفيذي لشركة "إلغري إيكو إنيرجي"، كتب شربيت مقالا ينتقد فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشدة، بسبب سياساته المناخية.

وفي 30 ديسمبر 2022، أي بعد يوم واحد من أداء حكومة نتانياهو الحالية لليمين الدستورية، وقّع شربيت مع 622 من جنود الاحتياط الآخرين في البحرية الإسرائيلية على رسالة موجهة إلى رئيسة المحكمة العليا السابقة إستير حايوت والمدعي العام، محذرين من أن "الديمقراطية الإسرائيلية في خطر"، حسبما نقلته "هآرتس".

وسبق لشربيت أن شارك في احتجاجات بتل أبيب ضد الإصلاح القضائي الذي سعت الحكومة لتطبيقه، لكنه لم يدعُ جنود الاحتياط لرفض الخدمة. 

كما دعم اتفاقية الحدود البحرية مع لبنان التي وقعها رئيس الوزراء السابق يائير لابيد، مصرحًا بأن إسرائيل "لديها مصلحة في أن يكون لدى لبنان منصة غاز"، وأن الاتفاقية تتماشى مع المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية.

جدل المحكمة العليا

ويأتي تعيين شربيت في ظل توترات بين نتانياهو ورئيس الشاباك رونين بار، الذي وجّه انتقادات ضمنية لأداء القيادة السياسية عقب هجوم أكتوبر 2023.

وكان نتانياهو قد قرر إقالته مؤخرا، في خطوة أثارت جدلًا داخل المؤسسة الأمنية، قبل أن تتدخل المحكمة العليا وتجمّد القرار مؤقتًا.

ومن المقرر أن تعقد المحكمة العليا جلسة يوم الثلاثاء 8 أبريل، بخصوص قرار إقالة بار.

وستتألف اللجنة التي ستراجع الالتماسات ضد إقالة بار من 3 من أقدم قضاة المحكمة، هم: رئيس المحكمة العليا إسحاق عميت، ونائب الرئيس نوعم سولبرغ، وهو قاضٍ محافظ، والقاضية دافنا باراك-إيريز، إحدى أعضاء المحكمة الأكثر ليبرالية.

والأسبوع الماضي، رفضت المحكمة العليا طلب المدعي العام غالي بهاراف ميارا لمنع نتانياهو من إجراء مقابلات مع المرشحين للمنصب. 

وبعد وقت قصير من صدور الحكم، بدأ نتانياهو باستدعاء المرشحين لإجراء المقابلات.

الحدود اللبنانية الإسرائيلية

للوهلة الأولى، تبدو الحدود اللبنانية - الإسرائيلية وكأنها قد استسلمت تماما لحالة هدوء غريب، منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في نوفمبر الماضي. لا دوي انفجارات، ولا صواريخ متبادلة، ولا تصعيد علني يوحي بعودة وشيكة إلى المواجهة. 

لكن هذا الهدوء، يؤكد مسؤولون عسكريون ومحللون أمنيون، هو مجرد غطاء هش لواقع يوشك على الانفجار في أي لحظة.

خلف خطوط التماس، تنفذ إسرائيل ضربات جوية "استباقية"، تستهدف ما تعتبره تهديدات مصدرها حزب الله أو مجموعات متحالفة. في الوقت ذاته، يتحدث الجيش الإسرائيلي عن دروس وعبر استخلصها من هجوم 7 أكتوبر، ويعكف على إعادة تشكيل عقيدته الدفاعية على الجبهة الشمالية، حيث تتزايد المخاوف من الطائرات المسيّرة، والخلايا المسلحة، والقدرات العسكرية التي يسعى حزب الله لإعادة ترميمها.

ووفقا لمسؤول عسكري في قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، فإن إسرائيل تعتبر السيادة "خطا أحمر"، وتؤكد أن عملياتها العسكرية في الوقت الراهن تأتي ضمن استراتيجية أوسع لاحباط التهديدات قبل وقوعها.

لكن المسؤول، الذي رفض الكشف عن اسمه، أعرب في تصريحات لـ"الحرة" عن ارتياح بلاده لآلية المراقبة الدولية لاتفاق وقف إطلاق النار:

"تطور إيجابي ملحوظ يتمثل في نشاط متزايد للجيش اللبناني في متابعة الشكاوى بشأن خروقات من قبل حزب الله أو أي تنظيمات فلسطينية أخرى بحيث يتم التواصل من خلال آلية تنسيق مع ضباط أميركيين وشركاء آخرين، يتم بموجبها نقل المعلومات إلى الجانب اللبناني للتحقق منها أو معالجتها".

مقاتلات إسرائيلية

تعاون محسوب وضربات دقيقة

من أبرز التغيّرات التي طرأت خلال الأشهر الماضية، ازدياد تجاوب الجيش اللبناني مع التحذيرات الإسرائيلية، وذلك من خلال آلية تنسيق يقودها الجانب الأميركي.

وبيّن المصدر الإسرائيلي أن تجاوب الجيش اللبناني مع التحذيرات الإسرائيلية بات أكثر جدية، في تحول لافت مقارنة بالماضي، وأشار إلى أن الوضع على الأرض اليوم يختلف تماما عما كان عليه حين كان يُنظر إلى حزب الله كـ"دولة داخل دولة".

لكنه أشار، في المقابل، إلى وجود حالات تستدعي تحركا إسرائيليا مباشرا دون إبلاغ الشركاء، لا سيما عند رصد تهديدات آنية، مستشهدا باستهداف مسلحين لا يتبعون الجيش اللبناني.

ووصف ذلك بأنه رد مشروع على "خروقات اتفاق وقف إطلاق النار".

رقابة دولية وواقع ميداني معقد

من جهته، أوضح المحلل العسكري إيال عليما لـ"الحرة" أن هناك آلية تنسيق دولية تضم ممثلين عن قوات اليونيفيل، والولايات المتحدة، وفرنسا، ولبنان وإسرائيل. وتُعقد اجتماعات منتظمة في الناقورة، مع تواصل مباشر أحيانا بين إسرائيل وقوات اليونيفيل.

""هذه آلية لعبت دوررا ملموسا في بعض الحالات، مثلا عندما أبلغ الجيش الإسرائيلي بوجود قذائف موجهة ضد إسرائيل، نقلت هذه المعلومات وتم التعامل معها بصورة ناجعة، بينما لم يجرِ التعامل في حالات أخرى"، يقول عليما.

ويعتقد عليما أن السياسة الأمنية الإسرائيلية باتت أكثر حزما منذ فشل الجيش في منع هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023. وأشار إلى أن إسرائيل تستفيد من الدروس المستخلصة للحيلولة دون تكرار ذلك السيناريو على جبهات أخرى.

دبابة إسرائيلية في المنطقة

140 قتيلا منذ بدء الهدنة

منذ سريان وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024، نفذت إسرائيل عشرات الضربات الجوية الدقيقة، استهدفت ما تعتبره عناصر مسلحة، خاصة في القطاع الغربي من الحدود.

وبحسب المصدر العسكري، فقد قُتل نحو 20 شخصا في هذا القطاع فقط، ليرتفع عدد القتلى إلى حوالي 140 عنصرا في عموم لبنان منذ توقيع الاتفاق.

وقد امتدت بعض العمليات إلى مناطق شمال نهر الليطاني، وهي منطقة تخضع لإشراف قيادة العمق الاستراتيجي في الجيش الإسرائيلي، المختصة بتنفيذ عمليات طويلة المدى في عمق أراضي الخصوم.

تهديد االمسيرات

من أبرز التحديات الجديدة التي تواجه إسرائيل بعد الهدنة هو تصاعد استخدام حزب الله للطائرات المسيّرة، "التي شكلت في السابق نقطة ضعف أمنية بالغة،" وفقا للمسؤول الإسرائيلي.

وقد بلغ التهديد ذروته في 1 فبراير 2024، عندما استهدفت طائرة مسيرة منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بلدة قيساريا، وتسببت بأضرار مادية جسيمة دون وقوع إصابات بشرية.

واخترقت طائرات مسيرة أخرى المجال الجوي الإسرائيلي، واستهدفت قواعد عسكرية، ما أسفر عن مقتل جنود إسرائيليين.

ودفعت هذه الهجمات قيادة الجيش إلى إعادة صياغة عقيدة الدفاع الجوي، وتوسيع نطاق التدريب على اعتراض هذا النوع من الطائرات.

وقد رفعت إسرائيل، وفقا للمسؤول العسكري، عدد قواتها المنتشرة على الحدود الشمالية مقارنة بالسابق. "إن عدد القوات المنتشرة هناك أكثر بنحو مرتين ونصف، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل الاتفاق".

وأعاد الجيش الإسرائيلي تفعيل ثكنات عسكرية قديمة على الحدود مع لبنان، إضافة إلى المواقع الخمسة التي أنشأها داخل الأراضي اللبنانية.

ويشير المسؤول إلى بناء ثكنات عسكرية ومواقع أخرى بغية تعزيز الردع ومنع التسلل إلى البلدات الشمالية من إسرائيل.

تحركات حزب الله

تراقب إسرائيل عن كثب محاولات حزب الله إعادة التمركز وإعادة التسلّح، خصوصا بعد انهيار نظام الأسد في سوريا، والذي أدى إلى تقليص قدرة الحزب على تهريب الأسلحة عبر الأراضي السورية.

وشدد المسؤول الإسرائيلي على أن بلاده مصممة على منع الحزب من بناء بنية تحتية عسكرية جديدة.

مقاتلات إسرائيلية

ديناميكيات إقليمية

أدى الانهيار الفعلي للنظام السوري إلى فراغ إقليمي تتابعه إسرائيل عن كثب. ومع تراجع النفوذ الإيراني في سوريا، بدأت بعض الأصوات داخل إسرائيل من الأوساط السياسية والأمنية تطالب باستغلال هذا التحول لإطلاق ضربة استباقية ضد المنشآت النووية الإيرانية.

رغم تزايد الحديث عن احتمال تنفيذ الهجوم في عام 2025، يرى المحلل إيال عليما أن تنفيذ هذا السيناريو غير مرجّح في الوقت الراهن.

"الساحة السياسية الدولية شديدة التعقيد حاليا"، يقول عليما. "الولايات المتحدة منخرطة في مفاوضات نووية مباشرة مع طهران، وهناك معارضة قوية من الاتحاد الأوروبي وداخل الولايات المتحدة نفسها لأي تصعيد".

وأشار إلى تزايد الانتقادات الغربية للحكومة الإسرائيلية الحالية، والتي تُوصف بأنها الأكثر تطرفًا في تاريخ البلاد الحديث، ما قد يُضعف الدعم الدولي لأي تحرك عسكري كبير.

هدنة هشة

تعكس سلسلة العمليات الإسرائيلية الأخيرة، سواء تلك التي استهدفت مواقع لحزب الله في جنوب لبنان أو بنى تحتية لحلفائه الحوثيين، مدى هشاشة وقف إطلاق النار القائم حالييا.

وعلى الرغم من أن الطرفين، إسرائيل وحزب الله، لا يبدوان راغبين في الانزلاق إلى مواجهة شاملة، لا يزال الوضع متقلبا. فكل طائرة مسيرة، وكل ضربة جوية، وكل تحرك عسكري يُعتبر رسالة استراتيجية موجهة إلى حزب الله، وإلى إيران.

وقف إطلاق النار ليس اتفاق سلام، كما هو معروف، ولكن في حالة حزب الله وإسرائيل، يبدو أقرب إلى هدنة متوترة، رغم استمرارها تبقى على حافة الانهيار.