يجري الأردن انتخابات نيابية مبكرة اليوم يتنافس فيها نحو 1500 مرشح بينهم 213 سيدة على 150 مقعدا في مجلس النواب.
وتجرى الانتخابات في وقت تشهد فيه المملكة حراكا شعبيا غير مسبوق يطالب بالإصلاح ومحاربة
الفساد وتحسين الأوضاع الاقتصادية، فيما تشهد المنطقة توترات تؤثر بشكل مباشر على البلاد.
وتقاطع الحركة الإسلامية المعارضة الانتخابات تمثيلا وتصويتا، معتبرة أن مجلس النواب القادم "سيكون استنساخا للمجلس السابق، ولن ينجح في إحداث التغيير المنشود".
الانتخابات والواقع المحتقن
تعول السلطات الأردنية على أن تكون الانتخابات منفذا من الوضع المحتقن في البلاد ووسيلة لإعادة الهدوء من أجل أن يتوقف الحراك الشعبي والمطالبات بالإصلاح السياسي، وأن تكون الانتخابات تتويجا لما سبق، بحسب ما قاله وائل جرايشة المختص في الشؤون البرلمانية في موقع عمون نيوز الإخباري في اتصال مع موقع "راديو سوا".
وأوضح جرايشة أنه مازال هناك احتقان بين أطراف سياسية مهمة في الدولة الأردنية نظرا لأن النظام يقول إن الانتخابات تمثل بداية للإصلاح، في حين تؤكد المعارضة أن الانتخابات يجب أن تكون تتويجا لعملية الإصلاح السياسي.
لكنه استدرك قائلا إن ما يشهده الأردن لا يشبه الأوضاع التي كانت تمر بها دول "الربيع العربي"، وأنه ليس هناك ما يدفع المواطن الأردني إلى التضحية في سبيل أن تقوم ثورات لأنه "لا يوجد هناك اضطهاد حقيقي أو قمع حقيقي في المملكة كما كان عليه الحال في الدول العربية التي ثارت شعوبها ضد الأنظمة". غير أن جرايشة أضاف أن المواطن الأردني ينشد الإصلاح سواء كان ينتمي للمعارضة أو من المشاركين في ما يسمى بالحراكات.
وتابع قائلا إن المعارضة مكاسبها دائما سياسية، لكن ما دفع الناس للخروج وخاصة الحراكات في المحافظات هو الوضع المعيشي المتأزم "خصوصا وأنهم يرجعون سبب ذلك إلى السياسات الاقتصادية التي أدت إلى انتشار الفساد وظهور طفرة اقتصادية لدى البعض، فيما تركت باقي أفراد المجتمع يعانون في صمت".
وقررت المعارضة مقاطعة الانتخابات. فقد أكد حزب جبهة العمل الإسلامي الذي ينتمي إليها والمنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين تمسكه بمقاطعة التصويت بسبب عدم تعديل قانون الانتخابات الذي يصفه بأنه "يميل ضدّه".
وتقول جبهة العمل الإسلامي التي قاطعت انتخابات 2010، إن القانون الانتخابي لن يأتي ببرلمان يمثل الشعب الأردني بشكل حقيقي.
وفي هذا الإطار، أكد نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين زكي بن ارشيد في مقابلة مع "راديو سوا" أن الجماعة "غير معنية بالانتخابات ولا بنتائجها"، وقال إن التعامل مع مجلس النواب القادم "سيكون مثل التعاون مع أي مؤسسة حكومية جاءت خلافا لإرادة الشعب الأردني".
ويشهد الأردن منذ يناير/كانون الثاني 2011 مظاهرات واحتجاجات تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية جوهرية ومكافحة جدية للفساد، كان آخرها مظاهرة نظمتها الحركة الإسلامية في آخر جمعة قبل الانتخابات شارك فيها آلاف المواطنين تحت شعار "الشرعية الشعبية".
التقرير التالي لقناة "الحرة" يسلط الضوء على آخر احتجاج قبل توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع.
وكان رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور قد قال في تصريح لقناة "الحرة" إن من حق جبهة العمل الإسلامي المطالبة بالتغيير، لكنه شدد على أنه لا يحق للأقلية الإسلامية أن تفرض رأيها على الأكثرية النيابية التي أقرت قانون الانتخابات.
وأضاف قائلا "يريدون أن تغير الأكثرية موقفها لتوائم طلب الأقلية الإسلامية، فالأكثرية النيابية لم توافق على اجتهاد الإخوان المسلمين بأي القوانين أنسب لنا".
شعارات سياسية قوية مقابل عزوف الناخبين
وفي ظل مقاطعة المعارضة للاقتراع، تسعى الأحزاب التي تخوض الانتخابات للفوز بأصوات الناخبين عبر شعارات سياسية قوية وأساليب تسويق جديدة.
وفي هذا الإطار قال وائل جرايشة، المختص في شؤون البرلمان في عمون نيوز "لا توجد أي شعارات طرحها المرشحون ووجدت آذانا صاغية عند الجمهور"، وأضاف أن المواطنين يصوتون ضمن أسس وقواعد معينة، "إما أن تكون عشائرية أو معرفية أو صداقات أو حتى أحيانا بتدخل المال السياسي".
وقد تم توقيف مرشحيْن بتهمة عرض المال على ناخبين قبل أيام:
وتابع جرايشة أن المرشح "بمجرد وصوله إلى الكرسي تتبخر كل الشعارات ويغيّر رقم هاتفه الجوال ولا يرد على الناس فكيف سيقوم بتطبيق هذه الشعارات؟"، وأضاف أنه إذا جمع الأردنيون كافة الشعارات منذ أن انطلقت الحياة النيابية إلى اليوم، فإنهم سيكتشفون أن أغلبها "لم يطبق على أرض الواقع".
وأفاد جرايشة أنه في السنوات العشر الأخيرة تدهورت الحياة البرلمانية كثيرا في الأردن بسبب ما وصفه بـ"غياب كامل للبرلمان أو وجود برلمانات ضعيفة ومتهمة بالتزوير كما حصل في البرلمانين الأخيرين 2007 و2010".
الإقبال على التصويت
وسجل نحو 2.4 مليون ناخب أنفسهم للمشاركة في الانتخابات. ووفقا للأرقام الحكومية فإنهم يمثلون 70 في المئة ممن يحق لهم التصويت وعددهم 3.1 ملايين من سكان المملكة البالغ عددهم نحو 6.8 ملايين.
وتوقع جرايشة أن تكون نسبة المشاركة ضعيفة، وقال إن السبب في ذلك لن يكون نداءات المعارضة للمقاطعة، بل شعور الناخبين بالملل والإحباط إزاء البرلمانين السابقين وعدم وجود ثقة بين المواطن والدولة بسبب عمليات التزوير في الانتخابات السابقة، حسب تعبيره.
وأوضح أن بعض الناخبين "كان يصوت ولا يعرف أين ذهب صوته بسبب تدخل جهات متنفذة وتخريب متعمد للانتخابات من أجل نجاح فلان وترسيب فلان"، وأضاف أن العلاقات الشخصية والعائلية والقبلية هي التي تدفع البعض للتوجه إلى صناديق الاقتراع.
وانتقد أردنيون على حساباتهم الخاصة بموقع تويتر للتواصل الاجتماعي، الوضع السياسي في البلاد.
وكتب أحمد الحوراني:
وسيبقى العبيد عبيدا والأحرار أحراراً ,,, وليخسأ الخاسئون ... #ReformJo #Jo
— أحمد الحوراني (@ahmedalhourani) January 14, 2013
وغرد نصير العمري قائلا:
انا مع ثورة على الطبقة السياسية في الاردن التي تتوارث المناصب وتخلط المنصب بجمع المال. انا مع ثورة على الشعب الذي يفرز الحثالة #reformjo
— Naseer Alomari (@dr_naseer) January 21, 2013
فيما سخر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي التابعة للمعارضة الأردنية المقاطعة للانتخابات البرلمانية من الحملات الدعائية للمرشحين.
ويشارك في حملة الانتقادات كتاب يعرفون بنقدهم اللاذع والساخر مما يسميه البعض بالحملات الانتخابية على الطريقة الأردنية.