وتم التأكيد على تشكيل الحكومة الجديدة بعد مشاورات غير مسبوقة أجراها رئيس الوزراء عبد الله النسور مع قادة المجتمع المدني والبرلمان استمرت ما يقرب من ثلاثة أسابيع.
وتشمل الحكومة الجديدة التي وصفت نفسها بـ"الإصلاحية" 18 وزيرا، إذ دمجت عددا من الوزارات بهدف ترشيد الإنفاق، بيد أنه من المتوقع أنها ستواجه تحديات في ظل مطالبات الإسراع بالإصلاحات الاقتصادية والسياسية بالمملكة.
ويشهد الأردن منذ يناير/كانون الثاني 2011 تظاهرات واحتجاجات تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية جوهرية ومكافحة جدية للفساد، وبين تلك المطالب استحداث وزارة للتموين.
وأعاد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في 9 مارس/آذار تكليف عبد الله النسور (73 سنة) بتشكيل حكومة جديدة للبلاد، والنسور سياسي المخضرم وحاصل على شهادة الدكتوراة في التخطيط من جامعة السوربون في باريس.
وكان النسور شكل حكومته الأولى في 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وتمثلت مهمتها الأساسية آنذاك في إجراء الانتخابات النيابية في 23 يناير/ كانون الثاني 2013.
وقدم النسور استقالة حكومته إلى الملك في 29 يناير/ كانون الثاني، وكلفه الملك حينها بالاستمرار في القيام بمسؤولياتها إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
وبحسب العرف الدستوري المعمول به في المملكة، تقدم الحكومة استقالتها إلى الملك بعد إجراء الانتخابات النيابية مباشرة من أجل فتح الطريق أمام تشكيل حكومة جديدة.
وتضم الحكومة، وهي الأولى بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، مدير الأمن العام حسين المجالي كوزير للداخلية والشؤون البلدية، وريم أبو حسان، الناشطة الحقوقية، كوزيرة للتنمية الاجتماعية.
وحافظ أربعة وزراء من حكومة النسور السابقة على مواقعهم بينهم وزير الخارجية ناصر جودة، ووزير تطوير القطاع العام خليف الخوالدة، ووزير الصناعة والتجارة حاتم الحلواني الذي ألحقت بوزارته وزارتا الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ووزارة التموين.
وقال محمد المومني، وزير الدولة لشؤون الإعلام ووزير الشؤون السياسية والبرلمانية، لوكالة الصحافة الفرنسية إن "الهدف الأساسي من تشكيل هذه الحكومة هو ترشيد الاستهلاك والنفقات الحكومية".
وأضاف أن "هذه أصغر حكومة من ناحية عدد الوزراء منذ عام 1967".
حكومة "رشيقة"
وعلّق عريب رنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية، على الحكومة الجديدة، قائلا إنها "حكومة رشيقة قد تجنب النسور الحرج أمام كتل نيابية وأوساط عشائرية ومجتمع المستوزرين".
وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أنه "أراد أن يتفادى انتقادات النواب الذين قدموا له حوالي 2000 اسم، وبوجود حكومة مصغرة قد يستخدم ذلك كعذر بأنه أراد ضبط وترشيد النفقات".
واعتبر الرنتاوي أن "المشكلة ليست في عدد الوزراء بل في كوننا أجرينا الانتخابات ولم نلمس أن نتائجها انعكست على تشكيلة الحكومة"، مضيفا أنه حتى "المشاورات النيابية ثبت أنها شكلية والحكومة جاءت عادية في فترة استثنائية في إقليم مشتعل وظروف اقتصادية صعبة"، مشيرا إلى أن "الأردن يراوح مكانه قبل الانتخابات وبعد الانتخابات إذ لم يتغير شيء جوهري".
ورأى المحلل السياسي لبيب قمحاوي أن "الحكومة الرشيقة جاءت كإشارة إلى التقشف والاقتصاد قبل أي شيء آخر" في مملكة تعاني أزمة اقتصادية مزمنة مع عجز متوقع بموازنتها للعام 2013 بنحو 2 مليار دولار.
ولكنه أضاف أن "هناك استجابة خفية لموضوع الضغوطات الشعبية بالنسبة للغلاء وارتفاع الأسعار ونأمل في أن تكون عودة وزارة التموين فعلية وليست شكلية".
المعارضة تعتبرها حكومة فاشلة
ووصفت الحركة الإسلامية المعارضة، الحكومة الجديدة بأنها "فاشلة"، وقال زكي بني ارشيد، نائب المراقب العام للإخوان المسلمين في الأردن، لوكالة الصحافة الفرنسية إن "نهج تشكيل الحكومة لم يتغير فالملك هو من اختار رئيس الحكومة والمشاورات مع النواب كانت شكلية".
وأكد أن "هذه الحكومة ستفشل في تقديم أي تحول ديموقراطي أو إصلاحي حقيقي" مشيرا إلى أنها "حكومة ليس لها بعد حزبي أو برلماني أو إصلاحي".
ويُذكر أن الحركة الإسلامية ومجموعات معارضة أخرى، بينها "الجبهة الوطنية للإصلاح" التي يقودها رئيس الوزراء الأسبق احمد عبيدات، قاطعت الانتخابات "لعدم وجود إرادة حقيقية للإصلاح" مطالبة بحكومات برلمانية منتخبة ومجلسي نواب وأعيان منتخبين.
وكان العاهل الأردني أكد غير مرة أن الانتخابات ستكون نقطة مفصلية في عملية الإصلاح السياسي تمهد الطريق لحكومات برلمانية.