منذ السابع من أكتوبر يشهد الأردن تظاهرات داعمة للفلسطينيين. أرشيفية
منذ السابع من أكتوبر يشهد الأردن تظاهرات داعمة للفلسطينيين. أرشيفية

ذكر تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنترست" أن "الاضطرابات الشعبية ضد العلاقات مع إسرائيل والاقتصاد المضطرب" يجعلان الأردن عرضة "لأنشطة إيران وداعش الخبيثة" وأن  "الاحتجاجات واسعة النطاق في الأردن" تضع "مكانة المملكة كمعقل للأمن والاستقرار في المنطقة على المحك".

ويحذر التقرير الذي أعدته إميلي ميليكين، محللة من "أسكاري أسوسيتس"، وكيتلين ميلر هولينغسورث، وهي محللة من مجموعة "فوزي ميلير" من "اضطرابات شعبية تجعل المملكة عرضة لأنشطة إيران وداعش".

وتستعرض الكاتبتان ما حصل في المملكة بعد السابع من أكتوبر واندلاع الحرب في غزة، حيث خرج "آلاف المتظاهرين الأردنيين إلى الشوارع لانتقاد سياسات الحكومة تجاه إسرائيل، بما يشمل السماح باستخدام الأراضي الأردنية كممر بري لنقل البضائع وسط انعدام الأمن بسبب هجمات الحوثيين".

وفي فبراير الماضي هتف متظاهرون "الجسر البري خيانة" وشكل مواطنون سلسلة بشرية لمنع الشاحنات من عبور الحدود الأردنية الإسرائيلية.

ما حدث في المملكة لم يكن "تطورا مفاجئا" بالنظر إلى أن أكثر من نصف سكان الأردن من الفلسطينيين، بما في ذلك مليوني لاجئ فلسطيني مسجل، ويحمل العديد منهم الجنسية الأردنية بحسب التقرير.

ووصف التقرير أن السلطات أدركت أنها "تجلس على برميل من البارود" ولهذا قامت الحكومة بشن حملة واسعة النطاق شملت حظر التظاهرات والتجمعات على طول الحدود، وأطلقت الغاز المسيل للدموع على التظاهرات التي حاولت اقتحام السفارة الإسرائيلية، واعتقلت ما لا يقل عن 1000 شخص بين أكتوبر ونوفمبر الماضي.

للأردن وإسرائيل حدود مشتركة طويلة
بعد تطورات متلاحقة.. أبعاد "سيناريو خطير" تخشاه إسرائيل على حدود الأردن
قبل عشرة أيام، خاض الجيش الأردني مواجهات ضد مجموعات مسلحة حاولت تمرير شحنات أسلحة ومخدرات من داخل الأراضي السورية، وبعدما استمرت لأكثر من 14 ساعة أعلن في بيان رسمي ضبط كميات كبيرة من الذخائر والصواريخ وشاحنة محملة بالمتفجرات.

كما اعتمدت السلطات على قوانين الأمن السيبراني التقييدية لاعتقال أشخاص بسبب منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي عبروا فيها عن تأيددهم للفلسطينيين بانتقاد علاقة الحكومة الأردنية بالإسرائيلية أو تلك التي نادت بإضرابات عامة أو الخروج لاحتجاجات.

ويشهد الأردن منذ السابع من أكتوبر بانتظام تظاهرات تضامنية مع الفلسطينيين، طالب بعضها بإغلاق سفارة إسرائيل لدى عمّان وإلغاء معاهدة السلام الموقعة معها عام 1994، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.

واستدعت عمان، مطلع نوفمبر، سفيرها لدى إسرائيل، وأبلغتها بعدم إعادة سفيرها الذي سبق أن غادر المملكة.

وينفذ سلاح الجو الأردني عمليات جوية لإنزال مساعدات في غزة، وشارك العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، في إحداها.

وتؤكد المحللتان أن "الاحتجاجات الحالية تهدد الاستقرار الإقليمي ولا ينبغي التغاضي عنها" وهي تعبر عن عرض للقضايا التي تواجه المملكة والتي قد تعني "جعل الملك عرضة للخطر"، ومن أبرزها: عدم رضا الشعب الأردني عن علاقة حكومته مع إسرئيل بما في ذلك اتفاقيات اقتصادية، وتحديات اقتصادية يعيشها المواطن خاصة ارتفاع الأسعار والبطالة.

ويتخوف التقرير من أن انتشار الاضطرابات وزعزعة استقرار الحكومة في عمان، قد يعني أكثر من مجرد فقدان حليف موثوق للولايات المتحدة "إذ قد تصبح المملكة بسكانها الساخطين على حالة الاقتصاد والوجود الكبير للاجئين المعرضين للتطرف ساحة جديدة لتنظيم داعش والنشاط الإيراني الخبيث".

وأشار إلى أنه منذ بداية الحرب في غزة، زادت التهديدات المدعومة من وكلاء إيران على الحدود الأردنية، وتفاقمت المخاوف بسبب الهجوم الذي وقع في يناير الماضي على نقطة عسكرية في الأردن، والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين، ناهيك عن التهديدات الأخرى المرتبطة بتهريب الأسلحة والمخدرات.

وكان العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، قد حذر، في عام 2022، من الفراغ الذي تخلفه روسيا في سوريا، مشيرا إلى أن إيران "تملأ هذا الفراغ".

وقال في لقاء مع برنامج "باتل غراوندز" العسكري التابع لمعهد هوفر في جامعة ستانفورد، إن ملء إيران ووكلائها الفراغ الذي تخلفه روسيا في سوريا قد "يؤدي إلى مشاكل على طول الحدود الأردنية".

وتتساءل المحللتان عما إذا كانت الولايات المتحدة "ستستمر في السماح للمملكة بالانزلاق إلى هذا المستوى من الاضطرابات"، ودعتا "واشنطن إلى خطة شاملة طويلة المدى لمنع طهران من بذل جهود مستقبلية مزعزعة للمنطقة"، وفي الوقت ذاته ينبغي على الولايات المتحدة والشركاء الخليجيين "مواصلة دعم المملكة بالمساعدات الاقتصادية والسياسية لتهدئة الاضطرابات وتشجيع الاستثمارات لضمان مستقبل أكثر استقرارا"، حتى لا يتحول الأردن من حليف إلى "عبء".

ورغم ما أورده التقرير من تحذيرات ومخاوف، إلا أن الأردن يحمل إسرائيل مسؤولية التوتر المتصاعد في المنطقة، محذرا من السماح لحكومة "التطرف والكراهية" الإسرائيلية بجر المنطقة إلى حرب إقليمية.

واعتبر وزير الخارجية أيمن الصفدي، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية "بترا"، في يناير الماضي، أن المجتمع الدولي "أمام مفترق إنساني، أخلاقي، قانوني وأمني، فإما أن يتحمل مسؤوليته ويوقف العدوان على غزة والغطرسة الإسرائيلية ويحمي الأبرياء ويحمي صدقيته وأمن المنطقة ... وإما أن يسمح لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ووزراء التطرف والكراهية والعنصرية في حكومته بجر المنطقة إلى أتون حرب إقليمية ستهدد الأمن والسلم الدوليين".

وأكد الصفدي "ترابط استقرار المنطقة وأمنها، الذي يشكل العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة وغطرسة إسرائيل وانتهاكاتها لحقوق الفلسطينيين التهديد الأكبر له".

وحذر من أن "إسرائيل تدفع المنطقة برمتها نحو مزيد من الصراع والتوتر والحروب من خلال الاستمرار في عدوانها الغاشم على غزة، ومحاولة فتح جبهات جديدة ومحاولة جر الغرب إليها"، مستطردا أن ذلك يهدف إلى إطالة "عمر رئيس حكومة إسرائيل السياسي، وتنفيذ الأجندة العنصرية المتطرفة لوزراء متطرفين في الحكومة ينادون علنا بارتكاب مزيد من جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني، وينكرون حقه في الحياة على ترابه الوطني".

والأحد الماضي، كرر العاهل الأردني خلال استقباله المستشار الألماني، أولاف شولتس، في مدينة العقبة مطالبته بـ"وقف فوري ودائم لإطلاق النار" في قطاع غزة المحاصر والمستمر منذ أكثر من خمسة أشهر.

وقال الديوان الملكي في بيان إن الملك عبد الله أكد "ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل للتوصل لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في القطاع".

ويطالب الأردن المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لتحقيق وقف فوري ودائم لإطلاق النار وضمان إدخال المساعدات الإنسانية الى القطاع.

ترامب والعاهل الأردني بالبيت الأبيض - أسوشيتد برس
ترامب والعاهل الأردني بالبيت الأبيض - أسوشيتد برس

وجه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، رسالة إلى الشعب الأردني بعد زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن.

وفي مقطع فيديو نشره البيت الأبيض على صفحته قال ترامب "إلى الشعب الأردني العظيم، أنتم مجموعة مذهلة.. أنتم أناس رائعون وأنتم متألقون ولديكم طاقة رائعة، أود أن أقول إن لديكم ملكا هو رجل مذهل وقيادي ولديه قلب جميل وهو يحبكم جدا ويحب بلده وقام بأمور رائعة.."

وتابع ترامب: "الملك عبدالله هو واحد من أفضل القادة في العالم وأريد فقط أن أخبركم أنكم محظوظون به، وأنا أقول ذلك من قلبي أنتم محظوظون جدا جدا به، حفظكم الرب جميعا.. لديكم حياة رائعة وملك رائع". 

 والملك عبدالله حليف كبير للولايات المتحدة لكنه رفض الأسبوع الماضي "أيّ محاولات" للسيطرة على الأراضي الفلسطينية ونقل أهلها بعدما صدم ترامب العالم باقتراحه بشأن غزة.

ولدى عودته من واشنطن بعد لقائه ترامب، اصطف عشرات آلاف الأردنيين، الخميس، على جانبي الطريق قرب المطار وحتى بوابة القصر الملكي في عمان لاستقبال العاهل الأردني، تعبيرا عن تأييدهم لموقفه الرافض لإخراج الفلسطينيين من غزة.

ورغم الجو البارد والماطر أحيانا، تجمع رجال ونساء وأطفال على طول الطريق من مطار ماركا في عمان وصولا إلى مدخل "قصر رغدان" لمسافة نحو 7 كيلومترات، بينما انتشر رجال الأمن والحرس الملكي بكثافة، وفقا لمصوري فرانس برس.

وحمل هؤلاء صورا للعاهل الأردني كتب على بعضها "معك سيدنا" و"الأردن ثابت في وجه العواصف بقيادتك"، كما حملوا صوره وولي عهده الأمير حسين بالزي العسكري.

ورفعوا أعلام الأردن بينما ارتدى كثيرون الشماغ الأردني الأحمر والأبيض فيما وضع البعض الكفية الفلسطينية البيضاء والسوداء. 

ورُفِعت لافتات كتب على بعضها "الأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين" و"لا لتهجير إخوتنا"، إلى جانب خارطة الأردن رسمت بألوان العلم الوطني وكتب أسفلها "كلنا مع الملك".

ووصلت طائرة الملك عبد الله الثاني بحدود الساعة 13:00 ظهرا (10:00 ت غ).
وسار موكبه في الطريق بينما ظهر الملك مبتسما واخرج يده من نافذة السيارة ملوحا لمستقبليه في جانبي الشارع ليشكرهم، فيما قاد ولي عهده الأمير حسين السيارة وحياهم أيضا.

وبعد لقائه في البيت الأبيض مع ترامب، شدد العاهل الأردني  على "معارضته الشديدة لتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية".

واقترح ترامب أن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على غزة وتقوم بترحيل سكانها الفلسطينيين إلى بلدان أخرى خصوصا مصر والأردن، على أن تعيد بناء القطاع المدمر وتحوله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".

وأثارت هذه التصريحات ردود فعل عالمية غاضبة ودانتها دول عربية.

وكتب الملك عبر منصة "إكس" عقب وصوله إلى القصر الملكي "أشكركم أبناء وبنات شعبي الوفي، أستمد طاقتي وقوتي منكم. مواقفنا ثابتة وراسخة، وسأفعل الأفضل لبلدي دائما وأبدا، فمصلحة الأردن فوق كل اعتبار".

بدوره نشر ولي عهده الأمير حسين صورا لمواطنين خلال الاستقبال على صفحته في منصة "انستغرام" كتب عليها "شكرا يا خير عزوة وخير سند، فخري عظيم بشعب لا تلين عزائمه".

ويتحدّر نصف سكان الأردن البالغ عددهم نحو 11 مليونا، من أصول فلسطينية، إذ لجأ إلى الأردن عبر التاريخ ومنذ قيام دولة إسرائيل كثير من الفلسطينيين. ووفقا للأمم المتحدة، هناك 2,2 مليون لاجئ فلسطيني مسجّلين في الأردن.