الأردن يعلن إنشاء أول مكتب اتصال لحلف "الناتو" ويبين السبب - صورة أرشيفية.
الأردن يعلن إنشاء أول مكتب اتصال لحلف "الناتو" ويبين السبب - صورة أرشيفية.

بخطوة هي الأولى في نوعها، قرر حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الخميس، إنشاء مكتب تواصل في الأردن، في ظل استمرار التوتر في المنطقة على خلفية الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس، المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى.

اختيار الأردن

ويوضح الصحفي الأردني المختص في العلاقات الدولية والأميركية، داود كتاب، لموقع "الحرة"، أن "الأردن بلد حليف لكافة أعضاء الناتو بدون استثناء، وهو في موقع استراتيجي هام، ما يجعله اختيارا مناسبا لفتح مكتب تواصل دولي".

وأضاف: "للأردن اتفاقية سلام مع إسرائيل وعلاقات جيدة مع مختلف الدول العربية والإسلامية".

وكذلك يؤكد المحلل السياسي الأردني، خالد الشنيكات، لموقع "الحرة" أن بلاده "تتميز بعلاقات تعاون طويلة تمتد إلى ما يقارب 30 عاما، وهي مستقرة ومتطورة، خصوصا في مجال التعاون بمكافحة الإرهاب والأمن السيبراني، فضلا عن المشاركة في مناورات عسكرية عدة".

ولفت إلى أن "لعمان وواشنطن علاقات جيدة خصوصا في مجال المساعدات الاقتصادية التي تقدر بنحو مليار ونصف المليار دولار وأغلبها لغايات عسكرية".

وجاء في البيان المشترك الصادر عن وزارة الخارجية الأردنية وحلف الناتو: "اعتمد الحلفاء في قمة الناتو (حلف شمال الأطلسي) لعام 2024 في واشنطن خطة عمل لتعزيز نهج التعاون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمواكبة تطورات المشهد الأمني الإقليمي والعالمي".

وأضاف البيان: "حرصت هذه الخطة على إظهار التزام الحلف بتعزيز التعاون مع دول الجوار الجنوبي، بما في ذلك من خلال إنشاء مكتب اتصال للحلف في المملكة الأردنية الهاشمية وهو مكتب الاتصال الأول في المنطقة".

دور المكتب

وعن الدور الذي قد يلعبه هذا المكتب، يرى داود أنه "لتسهيل الأمور وزيادة وتيرة الاتصالات وتوفير الدعم اللوجستي للناتو على المستوى العسكري والإداري".

بينما يربط الشنيكات افتتاح المكتب بالتوتر المستمر في المنطقة قائلا: "الناتو يتابع عن كثب التطورات الكبيرة التي حصلت بعد  7 أكتوبر وزيادة حدة الصدام بين إيران وحلفائها واسرائيل وكذلك ما بقوم به الحوثيون في البحر الأحمر، فضلا عن توتر الجبهة اللبنانية والسورية أحيانا". 

وأضاف: "هناك احتمالية لتوسع الحرب والناتو يريد تعزيز علاقاته مع حلفائه ومن بينهم الأردن، وذلك في بناء القدرات والإمكانيات وتعزيز التواجد العسكري لدعم الحلفاء وضبط التهديدات المتصاعدة في المنطقة على الرغم من أن صدور قرار إنشاء المكتب يعود لما قبل أحداث السابع من أكتوبر".

وبالنسبة لقرار افتتاح المكتب، فقد تم الإعلان عن النية لإنشائه في البيان الختامي لقمة الناتو في ليتوانيا بشهر يوليو عام 2023، وهو يمثل "علامة فارقة في الشراكة الاستراتيجية العميقة بين الأردن والحلف، حيث يقر الحلف بدور الأردن المحوري في تحقيق الاستقرار إقليميا ودوليا، ويشيد بإنجازاته الممتدة في مكافحة التهديدات العابرة للحدود كالإرهاب والتطرف العنيف"، بحسب البيان المشترك نفسه.

وفي وقت يرى داود أن إنشاء المكتب لا يتعلق بحرب غزة أو أي تدخلات عسكرية محتملة، يشدد الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي الأردني، منذر الحوارات، في حديث لموقع "الحرة"، على أن "للأردن موقع جيوسياسي مهم فهو يتوسط منطقة مليئة بالصراعات وعلى حدوده السعودية، إسرائيل والأراضي الفلسطينية، سوريا، وأيضا العراق، وهو على مقربة من العمليات الإيرانية الأساسية".

ولفت الحوارات إلى أن "افتتاح هذا المكتب قد يدل على توقع لتطورات عسكرية ما في المنطقة، يستعد لها حلف الناتو بإيجاد شراكة مع الأردن على الصعيدين العسكري واللوجيستي واحتمال حصول موجات من اللاجئين".

وتابع: "الأردن معني بتطوير علاقاته مع الناتو وهو لا يخفي علاقته وتأييده للحلف الأميركي الغربي في المنطقة مع إبقائه على علاقات جيدة مع الجوار العربي".

وعن الدور الرسمي جاء في البيان أنه باعتباره مكتب تمثيل للحلف، سيسهم بـ"تعزيز الحوار السياسي والتعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك بين حلف الناتو والأردن".

وسيؤدي أيضا إلى "إحراز التقدم المنشود في تنفيذ برامج وأنشطة الشراكة التي تشمل عقد المؤتمرات والدورات وبرامج التدريب في مجالات مثل التحليل الاستراتيجي، والتخطيط لحالات الطوارئ، والدبلوماسية العامة، والأمن السيبراني، وإدارة تغير المناخ، وإدارة الأزمات والدفاع المدني"، بحسب البيان.

واندلعت الحرب في قطاع غزة، إثر هجوم حماس غير المسبوق على مواقع ومناطق إسرائيلية في السابع من أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وخلال الهجوم، اختطفت حماس 251 رهينة، ما زال 116 منهم محتجزين في غزة، بينهم 42 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أُتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل أكثر من 38 ألف فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وفق ما أعلنته السلطات الصحية بالقطاع.

وادي عربة
الأردن وقع اتفاقية سلام مع إسرائيل عام 1994

صرّح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الأربعاء، بأن بلاده لا تعتقد أن إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل الموقعة عام 1994 "يخدم فلسطين والأردن" رغم تأكيده بأن الاتفاقية "باتت وثيقة يملؤها الغبار".

وقال الصفدي في مؤتمر صحفي على هامش اجتماع أعضاء اللجنة الوزارية المكلّفة من القمة العربية الإسلامية بالتحرك الدولي لوقف الحرب في قطاع غزة، "السؤال المطروح: هل إلغاء اتفاقية السلام يخدم فلسطين ويخدم الأردن، نحن لا نعتقد ذلك، من يريد إلغاء اتفاقية السلام الآن هم المتطرفون الإسرائيليون ليتنصلوا بالتالي من كل الالتزامات".

ومنذ بدء الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر، يشهد الأردن تظاهرات منتظمة احتجاجا على الحرب، وتضامنا مع الفلسطينيين، ويدعو الأردن إلى إلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل. ويقود الإسلاميون هذه التظاهرات.

ووقّع الأردن اتفاق سلام مع إسرائيل في وادي عربة عام 1994، لكن الشعب الأردني الذي يتحدر نصفه تقريبا من أصول فلسطينية لم يتأقلم بشكل عام مع فكرة تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وقال الوزير الأردني "بالنسبة لنا في المملكة، اتفاقية السلام موجودة منذ عقود ووُظّفت لخدمة الشعب الفلسطيني. وبموجب هذه الاتفاقية استعدنا أراض محتلة وثبتنا مواقف سياسية واضحة لنصرة الشعب الفلسطيني".

ويشير الوزير بذلك إلى استعادة الأردن السيادة الكاملة على أراضي الباقورة والغمر الواقعة على طول الحدود المشتركة بين الأردن وإسرائيل إثر انتهاء اتفاق مبرم بشأنهما أتاح لإسرائيل استئجار تلك الأراضي لمدة 25 عاما.

وقال الصفدي "نحن نوظّف هذه الاتفاقية لحماية مصالح الأردن ولخدمة الشعب الفلسطيني".

وتابع "في ضوء ما يجري أؤكد أن اتفاقية السلام هذه باتت وثيقة يملؤها التراب، إذا نظرنا إلى كل ما يمكن أن تتيحه هذه الاتفاقية من تعاون إلى غير ذلك، وهو متوقّف الآن".

وتوترت العلاقات بين الأردن وإسرائيل على خلفية الحرب التي دخلت شهرها الثاني عشر.

واستدعت عمّان مطلع نوفمبر الماضي سفير المملكة لدى إسرائيل، كما أبلغت إسرائيل بعدم إعادة سفيرها الذي سبق أن غادر المملكة.