قالت الفصائل المسلحة المنضوية تحت ما يسمى "المقاومة الإسلامية في العراق" إنها جددت هجومها فجر اليوم الخميس على ما وصفته "هدفا عسكريا"، من خلال إطلاق مسيّرة باتجاه اسرائيل.
ومنذ أكثر من عام و "المقاومة الإسلامية في العراق" تشن هجمات مستمرة على إسرائيل وقواعد عراقية وسورية تستضيف قوات أميركية، وبلغ عدد الهجمات التي شنتها خلال 200 يوم نحو 243 هجوما.
وكثفت هذه الفصائل هجماتها خلال الأيام الماضية، تحديدا بعد الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران، مستخدمة الطائرات المسيرة لضرب أهداف لها في العمق الإسرائيلي.
وظهر مصطلح "المقاومة الإسلامية في العراق" لأول مرة في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عندما شنّت فصائل مسلحة من داخل العراق هجوما عبر مسيّرات على قاعدة حرير (شمال العراق) العسكرية التي تستضيف قوات أميركية، بحسب دراسة نشرت على منصة معهد واشنطن للشرق الأوسط.
وذكر المتخصص في شؤون الميليشيات، حمدي مالك، في الدراسة التي نشرت عبر منصة المعهد، أن ما يسمى بـ"المقاومة الإسلامية في العراق" تضم جميع الميليشيات المدعومة من إيران في العراق، ولجأت هذه الفصائل لاستخدام هذه التسمية، لإخفاء هوية الفصائل التي تهاجم اسرائيل وقواعد عراقية تستضيف قوات أميركية، ولتجنب المساءلة عن الهجمات التي تشنها، فضلا عن كونها محاولة لتوحيد صفوف تلك المليشيات وتجنب الجدال حول القيادة عليها.
قيادة التنظيم
وتشير الأدلة على أن هناك تسلسلا في قيادة هذا التنظيم، بحسب ما يذكر مالك، الذي أضاف أن "فيلق القدس" يأتي في المقدمة ويقوم بتنسيق الأدوار، وتأتي بعده "حركة نجباء"، التي انتمت علنا للفصائل التي تعمل تحت هذه التسمية، في 30 أكتوبر 2023، ثم تأتي تشكيلات أخرى مثل " تشكيل الوارثين" و " كتائب حزب الله" و "عصائب أهل الحق"
و"كتائب سيد الشهداء".
ويؤكد المحلل الأمني صفاء الأعسم أن الفصائل المنضوية تحت ما يسمى "المقاومة الإسلامية في العراق" ليست مرتبطة بالحكومة العراقية، بل هي فصائل مدعومة من إيران، مؤكدا أنها " لا تلتزم بتعليمات القائد العام للقوات المسلحة في العراق".
وذكر الأعسم لموقع "الحرة" أن هناك نوعين من الفصائل المسلحة موجودة في العراق، بعضها مرتبطة بالحكومة وتمتثل لأمر القائد العام للقوات المسلحة، وهناك وفصائل مسلحة أخرى غير منضوية في التشكيلات العسكرية العراقية، والعراق لا يعترف بها.
ويرى الخبير الأمني أن حل هذه الفصائل المسلحة يجب أن يكون سياسيا، لأنه لا يوجد لهم غطاء قانوني أو دستوري يبرر وجودهم في العراق، وهم يتعاملون عقائديا مع هذه الهجمات.
وقال الأعسم إنه يتم تُحريك هذه الفصائل المسلحة من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومنها تأخذ التعليمات والأوامر، مضيفا أن "هناك أدلة على أن إيران زودتهم بالسلاح والعتاد والمعلومات الاستخباراتية".
تشكل هذه الفصائل خطورة على العراق، وتزداد خطورتها إذا ما استمرت في شنّ هجماتها من الأراضي العراقية، بحسب الأعسم مبينا أنه "يجب أن تتعامل الحكومة العراقية بحسم مع هذه الفصائل".
حق أميركا في التدخل
ودعا إلى الإسراع لوقف هذه الهجمات، لأن هجماتها المستمرة ستقود إلى تعاون بين إسرائيل وأميركا لضرب مواقع هذه الفصائل على الحدود العراقية السورية، وقد تقوم إسرائيل بقتل قياداتها وتدمير مخازنها، مثلما فعلت في لبنان وغزة، بحسب تعبيره.
ويرى الخبير الأمني أحمد الشريفي أن استمرار شنّ الهجمات على إسرائيل و القواعد العراقية التي تستضيف قوات أميركية ستؤثر على العلاقات العراقية، موضحا أن العراق "ملزم بمجموعة من التعهدات الدولية تجاة قوات التحاف الدولية، ومن ضمنها عدم المساس بالقواعد العراقية التي تستضيف قوات أميركية، وكذلك نزع السلاح من الفصائل المنفلتة".
وأضاف الشريفي لموقع "الحرة" أنه إذا لم تستطع الحكومة العراقية ردع هذه الفصائل المسلحة وكبح جماحها، فإن الولايات المتحدة لديها الحق في التدخل وحسم الأمر، حتى لو اضطرت لإعادة تغيير النظام في العراق.
وأكد الشريفي أن العراق أمام تحديات كبيرة، لا يمكن معالجتها إلا من خلال صانع القرار العراقي، موضحا أن " هذه الفصائل تمتلك بعدا إيدولوجيا ينتمي إلى إيران" فضلا عن كونها قوى مسلحة مرتبطة بالحكومة العراقية، وهذا ما يصعّب الأمر على الحكومة العراقية.
ولفت الشريفي إلى أن إيران ومن خلال الفصائل التابعة لها بدأت تمارس ضغوطاتها تحت مظلة ما يسمى بمبدأ "وحدة الساحات" حيث تشترك جميع الفصائل المسلحة في مناطق ودول مختلفة، لتنفيذ الهجمات على القواعد الأميركية وإسرائيل.
وقال إن استمرار ما يسمى "المقاومة الإسلامية في العراق" بشنّ الهجمات سيدفع إسرائيل إلى الرد، وسيدعمها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بشكل مباشر أو غير مباشر، عن طريق مدّها بالمعلومات الاستخباراتية.
جهود العراق
وذكر المحلل الأمني، سرمد البياتي، أن الولايات المتحدة الأميركية " متفهمة لموقف العراق من هذه الفصائل المسلحة، ومدركة أن هؤلاء الناس المنضوين في هذه الفصائل هم عقائديون، يؤمنون بوحدة الساحات، فلا يلتزمون بالتعليمات الحكومية".
وبين البياتي لموقع "الحرة" أن الحكومة من خلال شخصية رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بذلت جهودا كثيرة لوقف الهجمات التي تنفذها هذه الفصائل عبر مسيراتها ضد إسرائيل و قواعد عراقية تستضيف قوات أميركية.
وكان رئيس الوزراء العراقي قد تلقى في وقت سابق اتصلا هاتفيا من وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، شدد فيها الأخير على ضرورة وقف الهجمات التي تشنها الميليشيات العراقية الموالية لإيران ضد إسرائيل.
في حين أكد بيان صدر من المجلس الوزاري للأمن الوطني في العراق، قبل نحو شهر على ضرورة إبعاد أراضي العراق وأجوائه من الحرب لأن مصالحه العليا تحتم "العمل على إبعاد أراضيه وأجوائه عن الحرب"، مبينا أن "ما جرى تداوله من أخبار تتحدث عن اتخاذ الأراضي العراقية منطلقاً لتنفيذ هجمات أو ردود على الإعتداءات، ما هي إلا ذرائع كاذبة "
وكان موقع إكسيوس الأميركي قد ذكر أن إيران تعتزم مهاجمة إسرائيل عن طريق الفصائل العراقية المسلحة الموالية لها وستستخدم الأراضي العراقية لتوجيه تلك الضربات.
يذكر أنه منذ أيام وما يسمى "المقاومة الإسلامية في العراق" وعبر موقع لها على التلغرام، تقوم بنشر بيانات، وتبث صور ومقاطع فيديو لمسيّرات تحمل صواريخ تنطلق من العراق، وتهاجم مناطق مختلفة من إسرائيل.
المصدر: الحرة