A woman mourns over the coffin of a relative during the funeral of victims of an Israeli airstrike a week earlier in the…
لبنانية تنعى أحد أقاربها خلال تشييع ضحايا غارة جوية إسرائيلية في قرية علمات، في حوش الرفقا في سهل البقاع اللبناني

لا تفارق مخيلة هدى، المرأة الأربعينية، مشاهد الغارات الإسرائيلية التي طالت مبان سكنية بسبب وجود كوادر من حزب الله فيها، وتقول "صوت صراخ الأم في بلدة عين يعقوب العكارية، وهي تردد 'ابني مات'، لا يغادر أذني. مشاهد الحطام والأشلاء عالقة في مخيلتي، ولا أريد أن أكون وأهلي الضحايا الجدد لهذه الغارات".

هذا الخوف بات مشتركاً بين اللبنانيين مع ازدياد استهداف إسرائيل لمسؤولي حزب الله داخل المنازل والأبنية السكنية. 

وأصبح اللبنانيون يخشون من وجود مسؤولين من الحزب في المباني أو الأحياء التي يقطنونها، ما يهدد حياتهم في أي لحظة، وما يزيد من مخاوفهم التهديدات الإسرائيلية المتكررة بمواصلة استهداف كوادر الحزب أينما وجدوا.

وأسفرت الغارات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت منازل ومبانٍ تؤوي عائلات نازحة عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين، وسط أنباء تشير إلى وجود مسؤولين من حزب الله داخل هذه المباني.

ففي بلدة عرمون (بمحافظة جبل لبنان)، استهدفت غارة جوية فجر اليوم الأربعاء شقة في مبنى سكني، مما أدى إلى سقوط ستة قتلى وفق حصيلة أولية، أما في بلدة بعلشميه (بمحافظة جبل لبنان)، فقد استهدفت غارة جوية أمس الثلاثاء منزلاً، ما أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص، وفي اليوم ذاته، استهدفت غارة أخرى مبنى في بلدة جون بإقليم الخروب، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً.

تعيش هدى في حالة من القلق المستمر، خاصة في ظل الغموض حول أماكن وجود مسؤولي الحزب داخل المباني والأحياء السكنية، وتقول لموقع "الحرة" إنه "قبل شهر، تم تأجير شقة في الطابق العلوي في المبنى الذي أقطن فيه لنازحين لا نعرف عنهم شيئاً، كما أن عدداً كبيراً من النازحين سكنوا في المباني المجاورة. لا أعلم إذا كان بينهم أي مستهدف".

وتشدد قائلة "أخشى من غارة قد لا تبقينا على قيد الحياة أو تقلب حياتنا رأساً على عقب، وما يزيد من قلقي أن الصاروخ كما نشاهد لا يدمر المنزل المستهدف فحسب، بل يطال أيضاً الأبنية المحيطة به، لذلك كله بتنا محاصرين بالخوف. أصبحت أقصى أحلامنا أن نعيش بسلام وأمان، دون أن نكون مهددين بالموت والدمار".

بين إجراءات الأمان وغيابها

استقبلت بلدة برجا بإقليم الخروب حوالي 30,000 نازحاً كما يؤكد رئيس بلديتها العميد حسن سعد لموقع "الحرة"، وقد تعرضت للاستهداف مرتين، المرة الأولى في 5 أكتوبر حيث شن الجيش الإسرائيلي غارة على شقة سكنية فيها، ما أسفر عن مقتل 20 شخصاً، ولم تكد تمضي أيام قليلة حتى شهدت البلدة غارة أخرى في 12 أكتوبر، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص.

يقول ابن البلدة الناشط جمال ترو، الذي ساهم في تأمين مأوى للنازحين إلى البلدة، سواء في منازل مجانية أو في مراكز ومدارس مخصصة للإيواء، إن "العمل الذي قمت به مع مجموعة من الناشطين، وما زلنا نقوم به، هو عمل إنساني واجتماعي ينبع من أخلاقنا وقيمنا وتربيتنا، ولا علاقة له بالسياسة. نحن نختلف سياسياً مع النظام اللبناني بشكل عام، وعلى رأسه حزب الله، ولكن ذلك لا يبرر تجاهل معاناة المواطنين، فلم نعتد أن نميز يوماً بين اللبنانيين على أساس مناطقي أو مذهبي أو سياسي".

ويشدد ترو على ضرورة "ابتعاد أي شخص يشعر أنه مستهدف عن الأماكن المأهولة بالسكان حفاظاً على سلامة المواطنين، وذلك من مبدأ ديني وأخلاقي وإنساني، فإسرائيل تحاول استغلال هذه الظروف لإثارة الفتنة والنعرات الطائفية".

ويضيف " من دون أدنى شك أخشى على عائلتي وأهلي وأبناء بلدتي من ضمن خوفي الكبير على لبنان، على هويتنا وانتمائنا وأرضنا، فنحن أمام حرب مدمرة يبدو أنها طويلة".

وفي أعقاب الاستهدافين الذين تعرضت لهما بلدة برجا، اتخذت البلدية سلسلة من الإجراءات لتعزيز الأمن، ويوضح رئيس البلدية، العميد حسن سعد، أن "البلدية أوعزت للنازحين بعدم استقبال أي شخص قد يكون عرضة للاستهداف"، ويشدد "كما أنه من واجب أي شخص يشعر بأنه قد يكون هدفاً للتهديد الابتعاد عن البلدة، حفاظاً على سلامة الجميع".

ويشير سعد إلى أن "البلدية ترسل دوريات لإبعاد أي شخص يثير الشبهات"، مشيراً إلى أن "المواطنين يتعاونون في هذا الجانب من خلال الإبلاغ فوراً عند الشك بشخص معين، كما تنظم البلدية دوريات ليلية لتعزيز شعور السكان بالأمان".

كذلك تعرضت بلدة عين يعقوب في عكار شمال لبنان، لغارة ليلية يوم الاثنين أسفرت عن تدمير مبنى من طابقين يقطنه نازحون لبنانيون ولاجئون سوريون، ما أدى إلى مقتل 17 شخصاً. ورغم الحادثة، يؤكد رئيس البلدية، ماجد درباس، أنه "لم تتخذ أي إجراءات جديدة للحد من تكرار مثل هذه الحوادث".

ويوضح درباس في حديث لموقع "الحرة" أن "الوضع لا يزال على حاله، ولدينا حوالي 370 نازحاً"، مشيراً إلى صعوبة التحقق من وجود أي مستهدفين بين النازحين أو من لديهم انتماءات حزبية معينة.

بين الاحتضان والريبة

"لطالما سادت المجتمع اللبناني الانقسامات العمودية والإصطفافات الطائفية بين مختلف فئاته وطوائفه ومذاهبه، ولقد ازدادت اليوم مع التصعيد الذي تشهده الساحة اللبنانية في ظل الحرب الدائرة بين إسرائيل وحزب الله"، كما تقول الأخصائية في علم الاجتماع الدكتورة هيفاء سلام.

وتضيف سلام في حديث لموقع "الحرة" أنه "بالرغم من أن بعض اللبنانيين لم يكونوا موافقين على الدخول في الحرب لاعتبارات عديدة، إلا أنهم وبمختلف طوائفهم سارعوا إلى احتضان إخوانهم النازحين من اللبنانيين وأبدوا تعاطفا وتكاتفا كبيرين تجاههم، ففتحوا لهم بيوتهم ومناطقهم وقدموا لهم المساعدات".

"لكن الإستهدافات الإسرائيلية المتكررة لعناصر موالية لحزب الله في المناطق التي تصنف آمنة ولّدت لدى أهالي هذه المناطق التي نزحت إليها بيئة الحزب الشعور بالقلق والخوف والهلع، من أن يستخدموا كدروع بشرية من قبل هؤلاء الكوادر الحزبية"، كما تقول سلام، مشيرة إلى أن ذلك "يفاقم النقمة الشعبية ضد الحزب وضد بيئته الحاضنة من النازحين، ويتسبب بخلق نوع من الحذر والريبة تجاههم عموما ويؤدي إلى شرخ بين اللبنانيين".

وتلفت سلام إلى أن "البعض من أبناء الأحياء عمدوا إلى الاستفسار عن هوية طالبي استئجار الشقق السكنية وعن سكنهم الأصلي ومهنتهم، للتأكد من عدم ارتباطهم بالحزب، في محاولة لدرء الخطر عنهم".

كذلك تؤكد الأخصائية في علم النفس، الدكتورة إيمان رزق، أن ما يحصل "دفع العديد من أصحاب المنازل إلى الامتناع عن تأجير عقاراتهم للنازحين خوفاً من احتمالية وجود كوادر تابعة لحزب الله بينهم، الأمر الذي يزيد من توتر العلاقات الاجتماعية بين اللبنانيين، ويدفع عدداً كبيراً من النازحين إلى اللجوء إلى مراكز الإيواء".

أما أكثر ما يخشى منه، وفق سلام "هو إطالة مدة هذه الحرب، لأن هناك حذرا وخوفا من تغير التوزيع الديمغرافي للمناطق ومن تزايد الاحتكاكات بين النازحين والأهالي، وإن لا زالت حتى الآن هذه المشكلات محدودة ومضبوطة وغير موسعة، ولكن ما يزيد من هذا الشعور هو أن الشعب اللبناني برمته يعيش ضائقة اقتصادية غير مسبوقة يمكن أن تنفجر وتتحول إلى صراع داخلي وتوترات أمنية متفرقة".

في المقابل، تعرب رزق عن تفاؤلها بأن التوترات الراهنة لن تؤدي إلى انقسامات أو كراهية بين اللبنانيين، قائلة "لا أعتقد أن هذا الوضع المؤقت سيخلق عداء بين اللبنانيين، فالجميع يشعر بالحزن لما يحدث في الوطن"، مشددة على أن "الأولوية الآن يجب أن تكون للتوصل إلى وقف إطلاق النار من أجل حماية سلامة اللبنانيين والحفاظ على استقرارهم النفسي والاجتماعي".

تداعيات نفسية

"الوضع النفسي للبنانيين يتأثر بشكل كبير نتيجة التصعيد الأمني الحالي"، كما تؤكد رزق، واصفة ما يجري بـ"حرب نفسية" تؤدي إلى "القلق المزمن، وقد تتطور الحالات إلى الاكتئاب والصدمات النفسية"، وتوضح أن "التوتر الناجم عن ترقب الأسوأ والمشاهد المروعة للدمار وسماع أصوات الانفجارات يضع المواطن اللبناني في حالة من الضغوط النفسية، قد تتحول إلى صدمة مجتمعية، حيث تنتقل تأثيرات هذه الصدمة من الأفراد إلى المجتمع".

من جانبها تقول مديرة جمعية "مفتاح الحياة"، الأخصائية النفسية والاجتماعية لانا قصقص إن "العيش تحت وطأة التوتر المستمر لفترات طويلة يؤدي إلى ارتفاع مستويات القلق".

وتوضح قصقص في حديث لموقع "الحرة" أن الآثار القريبة المدى لهذا التوتر تتمثل في "الاحتراق النفسي والإرهاق"، بينما تشمل الآثار البعيدة المدى "احتمالات الإصابة بالاكتئاب واضطرابات القلق واضطراب ما بعد الصدمة".

ومن الأعراض الأكثر شيوعاً "القلق المستمر، والخوف غير المبرر، والتوتر الدائم، واضطرابات النوم والطعام، والعصبية، وصعوبة التركيز، إلى جانب أعراض جسدية مثل تسارع دقات القلب، وتشنج العضلات، ومشاكل في الجهاز الهضمي، وصعوبة في التنفس".

وفيما يتعلق بسبل التعامل مع هذه التحديات النفسية، تنصح قصقص بضرورة تبني استراتيجيات للتكيف، "مثل الالتزام بروتين صحي، وممارسة التأمل، والاستماع إلى الموسيقى الهادئة، والتعبير عن المشاعر والمخاوف ضمن مساحة آمنة، سواء مع الأصدقاء والعائلة أو من خلال المبادرات المجتمعية"، مشيرة إلى أن جمعيتها توفر خطاً ساخناً متاحاً على مدار الساعة، لطلب استشارة مجانية من المتخصصين.

كذلك توصي "بممارسة الرياضة لتخفيف التوتر، والبحث عن لحظات صغيرة للشعور بالامتنان، ما يعزز السلام الداخلي ويحسن المزاج".

أما سلام فتعتبر أن الحد أو التخفيف من القلق لدى اللبنانيين، يتطلب من السلطة أن "تقوم بواجباتها تجاه مواطنيها، نازحين وغير نازحين"، وتشرح "عليها أن تتولى أمن المواطنين كافة وحمايتهم، وأن توكل هذه المهام إلى الجيش والقوى الأمنية في هذه الأوقات الحرجة، ما يعطي شعورا للمواطن اللبناني بشيء من الطمأنينة والأمان وبأن ما زال هناك دولة لبنانية يمكن أن يعول عليها وحدها حصراً في إعادة بناء الوطن والنهوض به في اليوم التالي لانتهاء الحرب".

المصدر: الحرة

أطفال في مدرسة دينية في ضواحي مدينة قندهار بأفغانستان (فرانس برس)
أطفال في مدرسة دينية في ضواحي مدينة قندهار بأفغانستان (فرانس برس)

منذ استعادة السيطرة على أفغانستان عام 2021، بدأت حركة طالبان في بناء آلاف المدارس الدينية في جميع أنحاء البلاد وفق خطة تثير قلقا متزايدا بسبب غموض الهدف من وراء هذا المشروع الذي يأتي تنفيذا لرؤية زعيم طالبان الملا هبة الله آخوند زاده.

وتحدثت مصادر في وزارتي التعليم والشؤون الدينية في حكومة طالبان عن خطة حكومية تشمل بناء آلاف المدارس الدينية في مختلف أنحاء البلاد، بمعدل مدرسة كبيرة في كل إقليم وأكثر من ثلاثة مدارس في كل مدينة ومنطقة.

وتعليقا على ذلك يقول الكاتب الأفغاني عصمت قانع في حديث مع "الحرة" إن طالبان لا تتردد في الإعلان عن خططها لبناء المدارس الجهادية بمسمى المدارس الدينية، وذلك تحت إشراف القيادة السياسية العليا للحركة لأهداف غامضة، في وقت أغلقت أبواب الجامعات والمدارس النظامية في وجه الفتيات.

وهكذا تحول تأسيس مدرسة دينية إلى إنجاز يتقرب من خلاله المسؤولون عن القطاع لزعيم الحركة لنيل رضاه وضمان البقاء في المنصب الوظيفي، حسب مصادر في طالبان وهو ما دفع البعض منهم لتحويل منشآت حكومية لمدارس دينية يتلقى الموظفون فيها دروسا دينية وفكرية.

وفي هذا الصدد يقول أحمد (اسم مستعار)، وهو موظف حالي في وزارة الخارجية الأفغانية، للحرة إن طالبان حولت منشأة تابعة للوزارة إلى حلقة وفرضت على الموظفين تلقي الدروس الدينية والفكرية.

غرس التطرف
لا تعلن حركة طالبان عن الهدف وراء توسعة شبكة المدارس الدينية في البلاد وقد ناهز عددها 20 ألف مدرسة، منها 13 ألف مدرسة تحت إدارة الحكومة، يدرس ويشتغل فيها مئات الآلاف.

وتبقى العوامل والأسباب التي تدفع طالبان لبناء هذا العدد الكبير من المدارس "الدينية الجهادية" غامضة. لكن خبراء يرون أن طالبان تريد بناء جيش إيديولوجي تابع لها وإعداد جيل متطرف سيلعب دور المقاتل في المستقبل ضمن منظومة جيش غامض يؤمن بالولاء المطلق لطالبان وقيادتها.

ويوضح الكاتب عصمت قانع أن هذه المدارس "لا تضيف شيئا إيجابيا للأفغان، المشروع امتداد لمناهج كانت رائجة في الهند وهي مزيج من الصوفية والتطرف والعنف يناهض الحداثة والعصرنة ويقاوم كل شيء يتعلق بالتطور".

وأضاف قانع أن هذه المدراس ليست مراكز تعليم دينية كما تدعيه طالبان وإنها بمثابة قواعد تدريب عسكرية وفكرية وما تشهده افغانستان اليوم ليس سوى بداية إنشاء البنى التحتية العسكرية والفكرية للتطرف العنيف في المنطقة.

وأشار إلى أن نظرة طالبان لهذه المدارس ليست تعليمية بل تنظر إلى تلاميذها كجنود محتملين في حروب قادمة، وهو ما يحمل مخاطرة كبيرة لمستقبل افغانستان وقد يهدد الأمن والاستقرار في الدول المجاورة لأفغانستان.

ويقول مراقبون إن زعيم طالبان يأمل أن يتطوع خريجو هذه المدارس الدينية لحماية النظام، وهي محاولة استنساخ تجربة الحرس الثوري الإيراني. وكانت طالبان استغلت هذه المدارس في حربها مع الحكومة السابقة ، حيث كان الشباب الذي لا يتحمل مصاريف التعليم يسافر لباكستان لتلقي التعليم في مدارس دينية لكنه كان يتم تدريبه القتالي في أفغانستان.

الفتيات أكثر اهتماما
منذ استلامها مقاليد الحكم، أجهزت حركة طالبان على الكثير من المكاسب التي حققتها المرأة الأفغانية خلال العقدين الأخيرين، ففي عام 2022 أغلقت المدارس والجامعات أمام الفتيات، وتم تسريح جميع المعلمات وتعويضهن برجال دين محسوبين على الحركة. 

وبسبب هذه التغيرات أصبحت الفتيات الآن أكثر اهتماما بالدروس الدينية. واستغرب قانع حرص طالبان علي جذب النساء للمدارس الجهادية التابعة لها. وحسب بعض التقديرات فإن أكثر من 12 ألف امرأة يدرسن في مدارس طالبان.

وعن نظرة طالبان للمرأة، يقول عصمت قانع إن "المدارس تعتمد منهجا يعادي المرأة وتنظر إليها بدونية، وهذه العقلية تتعامل مع النساء بعنف وتحذفها من الحياة العامة".

تدمير التعليم العصري 

ورغم أن طالبان لم تحظر تعليم الأولاد، لكن سياستها تسببت في ضرر مدمر للتعليم في البلاد من خلال تغييرات أدت لزيادة العزوف عن التعليم وفقدان الأمل في المستقبل.

ويقول الأكاديمي الأفغاني ذبيح الله (اسم مستعار ) إن "أفغانستان في طريقها للتحول إلى مدرسة جهادية كبيرة"، وأشار إلى أن طالبان "تتجه للتخلي عن التعليم الحديث الذي ازدهر في أفغانستان خلال السنوات الماضية وفي المقابل تروج لمدارس دينية". 

وتوقع ذبيح الله في حديث مع "الحرة" أنه بعد سنوات قليلة سيتخرج من هذه المدارس الدينية أكثر من مليون شخص يحمل معظمهم أفكارا جهادية، وحذر من تحويل المنشآت التعليمية العصرية إلى مدارس دينية.

ولم تسلم من هذا التحولات مؤسسات كبيرة ذات رمزية عالية بينها قصر "دار الأمان" الذي شيده الملك السابق أمان الله خان وأعلن من شرفته عملية تحديث واسعة شملت إنشاء المدارس العصرية وحرية النساء واعتماد دستور قائم على الحقوق والحريات.

وقد تم إعادة بناء ذلك القصر الملكي في ظل الحكومة السابقة، لكن مع عودة طالبان للحكم تم تحويل جزء منه إلى مدرسة دينية.

ولم يختلف بالنسبة للجامعة الأميركية في كابل، حيث غيرت طالبان اسمها إلى "جامعة أفغانستان" وفرضت فيها منهجا جديدا يركز على العلوم الدينية، ويرى مراقبون بأن ذلك يأتي ضمن خطة أوسع تهدف لإضعاف العلوم العصرية في أفغانستان.

إيديولوجيا خاصة وألغام فكرية 

وتعتمد المدارس الدينية على مناهج دراسية قديمة جدا وتقدم نفس المحتوى المعتمد في المدارس الباكستانية ومنهج العلوم المعتمد في شبه القارة الهندية، ولكن الدور الأساسي يرجع لمدرسة "دار العلوم الحقانية" وهي من أكبر المدارس الدينية في باكستان، وتخرج منها قادة طالبان.

ويعتبر البعض المدرسة الحقانية بمثابة المرجعية الأم لمناهج التعليم المعتمدة في مدارس طالبان في أفغانستان، وبأنها شكلت النواة التي زرعت بذور العنف والتطرف لعقود في  المنطقة. 

ويقول الباحث الأفغاني عبد البصير نبي زاده في اتصال مع "الحرة" إن هذه المدارس تعتمد منهجا دراسيا يعارض الحداثة والعلوم العصرية ويرسخ الفكر الجهادي بين الأطفال وإن فهم طالبان للدين يتعارض مع مراجع إسلامية معتبرة في العالم.

ومع انتشار المدارس الدينية الجهادية في أفغانستان وما يلف مناهجها وأهدافها من غموض، فإن المخاوف تتزايد من احتمال تحولها إلى مراكز لانتشار التطرف تحت غطاء الدين.

ولا تعلن طالبان المناهج التي تدرس في مدارسها، ولا أحد يعرف ماذا يتعلم الأطفال فيها ولا من يشرف على تعليمهم. وحسب تقارير مستقلة فان المدارس التي تؤسّسها طالبان أو تلك التي تقع في مناطق لا يمكن مراقبتها والتحقق منها تروج بشكل ممنهج لأفكار متطرفة من شأنها أن تكون بذرة لازدهار العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.