يعيش حزب الله فترة اضطراب بسبب مقتل عدد من قياداته
حزب الله يؤدي دورا في السياسة الإيرانية

كشفت استراتيجية إيران الإقليمية عن طموحات توسعية تهدف إلى تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط، وذلك من خلال مشروع أُطلق عليه لاحقا "الهلال الشيعي". ويهدف هذا المشروع إلى ربط إيران ببعض الدول العربية التي تشهد وجوداً شيعياً، مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، لتشكيل محور نفوذ إيراني يمتد من طهران إلى بيروت.

ولتطبيق هذا المشروع، عملت إيران على إنشاء شبكة من الحلفاء والميليشيات في المنطقة، أبرزها حزب الله في لبنان، الذي يعتبر الذراع العسكري لإيران في لبنان.

ومنذ تأسيسه في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، لعب حزب الله دوراً محورياً في تعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة، إذ بفضل الدعم المستمر بالسلاح والتدريب والتمويل، استطاعت إيران أن تحول الحزب من مجرد جماعة مسلحة محلية إلى قوة عسكرية تمتلك ترسانة من الأسلحة والصواريخ، ليصبح رأس الحربة في مشروعاتها التوسعية، ما أكسبه دوراً مركزياً في صراعات المنطقة، من سوريا واليمن إلى العراق ولبنان.

وعقب هجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 واندلاع الحرب في غزة، أعلن حزب الله فتح جبهة جنوب لبنان بهدف "دعم وإسناد" القطاع.

أدوار عسكرية متعددة

"يمثل حزب الله أهمية استراتيجية بالغة للنظام الإيراني على المستويات العسكرية، السياسية، والعقائدية"، كما يؤكد الخبير في الشؤون الإيرانية، حسن راضي، ويوضح أن "الحزب لعب دوراً محورياً في تحقيق أهداف إيران الإقليمية عبر بناء قوة ضاربة في المنطقة، من خلال تدريب الميليشيات في سوريا، اليمن، والعراق، وتطوير أسلحة متقدمة لهذه الميليشيات، مثل الصواريخ والطائرات المسيّرة".

من جانبه، يصف الكاتب والباحث السياسي جورج العاقوري حزب الله بأنه "الابن البكر لتصدير الثورة الإيرانية". ويؤكد أن قوة الحزب لا تقتصر على الجانب العسكري، بل "تمتد لتشمل الأبعاد الأمنية والاستخباراتية والاقتصادية والمالية، مما جعله أداة رئيسية في تحقيق الأهداف الإقليمية لإيران"، كما يشير إلى أن الحزب يمثل "نافذة لإيران على البحر المتوسط والجبهة مع إسرائيل".

وأمس، الاثنين، كشف الجيش الإسرائيلي، أن النظام الإيراني يعمل منذ عقود على تمويل وتزويد جميع وكلائه في الشرق الأوسط بالأسلحة، وعلى رأسهم حزب الله. وأوضح الجيش أن إيران، بالتعاون الوثيق مع حزب الله، أنشأت محاور سرية عبر الأراضي السورية إلى لبنان، حيث نقلت من خلالها آلاف الشاحنات والمئات من الطائرات المحملة بالصواريخ ومكونات أخرى للوسائل القتالية على مدار سنوات طويلة.

وأضاف الجيش في بيان أن "وحدة 4400"، وهي المسؤولة عن تسليح حزب الله، تدير هذا الجهد. وتأسست هذه الوحدة عام 2000 لتتولى تهريب الأسلحة إلى داخل الأراضي اللبنانية من إيران ووكلائها، بهدف تعزيز مخزون الأسلحة لدى حزب الله إلى أقصى حد. كما أشار البيان إلى أن الوحدة أنشأت منذ تأسيسها العديد من المحاور الاستراتيجية على الحدود السورية اللبنانية لتسهيل عمليات التهريب.

ودعم حزب الله استراتيجية إيران الإقليمية لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية باستخدام أدوات عدة أبرزها، كما يقول العاقوري، "سيطرته على القرار السياسي والأمني في لبنان بفضل قوته العسكرية والدعم المالي الإيراني، ما مكّن إيران من التأثير في الشؤون الداخلية اللبنانية واستخدام لبنان كقاعدة أمامية لتحقيق مصالحها الإقليمية".

ويضيف العاقوري أن حزب الله شارك في الصراعات الإقليمية نيابة عن إيران، مستشهداً بدوره في الحرب السورية لدعم نظام بشار الأسد. 

ويقول "شكّل حزب الله، بالتعاون مع الحرس الثوري الإيراني والفصائل الحليفة، قوة عسكرية أساسية حالت دون سقوط نظام الأسد، الذي كان على وشك الانهيار بعد سيطرة المعارضة على نحو 70-80% من الأراضي السورية في بدايات الثورة. هذا التدخل ساهم في تعزيز النفوذ الإيراني في سوريا وضمان استمرارية طريق الإمداد البري من طهران إلى بيروت بعدما أضحت إيران على تماس من خلال جبهة الجنوب مع إسرائيل وحاضرة على البحر المتوسط".

كما ساهم حزب الله في إنشاء وكلاء إقليميين لإيران عبر تدريب الميليشيات الشيعية المدعومة من طهران في العراق واليمن وسوريا، وفق العاقوري، حيث "قدم الدعم اللوجستي والعسكري لهذه المجموعات، مما عزز قدرة إيران على ممارسة نفوذها في مناطق الصراع".

ويضيف أن لدى حزب الله شبكات أمنية "ممتدة من أميركا اللاتينية إلى بعض الدول الخليجية وأفريقيا وأوروبا، فضلاً عن شبكات إعلامية ومؤسسات ثقافية، تستخدم لنشر أيديولوجية ولاية الفقيه وتعزيز صورة إيران بهدف تصدير الثورة الإسلامية".

ويلفت العاقوري إلى أن "سياسات الحزب العدائية تجاه دول الخليج العربي أضرّت بعلاقات لبنان الاقتصادية، ما أدى إلى تراجع كبير في الودائع الخليجية في المصارف اللبنانية وتبادلها التجاري مع لبنان، وقد انعكس ذلك بشكل دراماتيكي على النمو الاقتصادي".

ما قبل 8 أكتوبر ليس كما بعده؟

ما يميز حزب الله عن بقية الميليشيات التابعة لإيران كونه "ميليشيا إيرانية مباشرة"، كما يقول راضي، ويوضح قائلاً "حزب الله يعد بمثابة نسخة خارجية من الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس، فهو امتداد فعلي للحرس الثوري في لبنان وسوريا واليمن. بل إنه تفوق على فيلق القدس من حيث القوة، حيث يوازي قوة الحرس الثوري الإيراني عسكرياً وعقائدياً، بالإضافة إلى ولائه المطلق للمرشد الأعلى وتنفيذه الكامل لأوامره، واعتماده بشكل كامل على توجيهاته وتعاليمه".

ومع ذلك، يؤكد راضي أن حزب الله تعرض لضربات موجعة خلال الحرب الحالية مع إسرائيل أثرت بشكل كبير على قياداته العسكرية والسياسية، مما أضعف قدرته على تنفيذ أجندة إيران الإقليمية، ويقول "إيران لم تعد قادرة على تحقيق أهدافها الإقليمية كما في السابق، نتيجة تراجع قوة حزب الله".

كذلك يرى العاقوري أن حزب الله يواجه تحولاً جذرياً نتيجة الحرب الحالية مع إسرائيل، مشيراً إلى أن "الحزب ما قبل 8 أكتوبر 2023 ليس كما بعده".

ويشرح أنه "على الصعيد اللبناني، فقد الحزب جزءاً كبيراً من قوته الداخلية والصورة التي رسمها عن نفسه. فالحرب الحالية ستؤدي إلى إضعاف دوره العسكري في لبنان، الذي أصبح محل نقاش جدي محلياً ويشكل شرطاً أساسياً لإنهاء الحرب"، متوقعاً أن يقتصر مستقبل الحزب على دوره السياسي ضمن الإطار اللبناني، أسوة بباقي الأحزاب المحلية.

من مشاهد الدمار في خان يونس - رويترز
"وحدة الساحات" وتفكيكها.. من فاز ومن خسر بعد 7 أكتوبر؟
قبل الحرب في غزة دائما ما كانت إيران ووكلائها في المنطقة يروجون للشعار المتعلق بـ"وحدة الساحات"، من منطلق القوة والتنسيق الفعّال، والأوراق التي يمسكون بها على الأرض، وذلك في حال اندلعت أي مواجهة فعلية ومباشرة على الأرض بمواجهة إسرائيل.

أما على الصعيد الخارجي، "فقد أصبحت قدرة حزب الله على لعب دور إقليمي موضع شك كبير نتيجة الحرب الدائرة، خاصة بعد فقدانه عدداً من قادته وعناصره، بما في ذلك أمينه العام حسن نصر الله"، ويقول العاقوري "الحرب الحالية ستسفر عن تقليص كبير لدور حزب الله خارج لبنان، وربما القضاء عليه تماماً، إذ أن أحد الأهداف الرئيسية لهذه الحرب هو الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة".

ويشير إلى أن "الدور الإقليمي لحزب الله كان استثنائياً وغير تقليدي ضمن إطار عمل الأحزاب التقليدية"، معتبراً أن الشرق الأوسط يمر بمرحلة انتقالية جديدة مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض"، ويضيف أن "الاستراتيجية الإيرانية لتصدير الثورة ستواجه انحساراً ملحوظاً، مما سيمهد الطريق لمرحلة تطبيع بين الدول العربية وإسرائيل. هذه المرحلة تتطلب تعزيز الاستقرار الإقليمي واحتواء أي تهديدات قد تعرقل هذا المسار".

وفيما يتعلق بإمكانية تعويض تراجع قوة حزب الله من خلال الاستناد على ميليشيات أخرى، يشير راضي إلى أن إيران "قد تعتمد على الميليشيات العراقية والحوثيين"، لكنه لفت إلى التحديات التي تواجه هذه الاستراتيجية، "فالميليشيات العراقية تعاني من قيود مفروضة بفعل الوجود الأميركي وسياسات الحكومة العراقية، بينما الحوثيون، بحكم كونهم جزءاً من دولة ذات مصالح سياسية، لا يمكنهم تنفيذ أجندة إيران بشكل كامل".

ويختم راضي حديثه بالقول "النظام الإيراني استثمر عقوداً في بناء حزب الله وتجهيزه، ولا يمكن تعويض ما خسره من قوته بسهولة حيث يحتاج الأمر لعقود"، ويشدد على أن "الضربات التي تلقاها الحزب، بالإضافة إلى الميليشيات الأخرى، أضعفت النفوذ الإقليمي لإيران بشكل كبير، ومن الصعب جداً أن تستطيع لعب دورها الإقليمي كما كان قبل 7 أكتوبر".

A portrait of Syrian President Bashar al-Assad is pictured with its frame broken, in a Syrian regime's Political Security…
صورة للرئيس السوري بشار الأسد في أحد فروع الأمن في حماة بعد سيطرة المعارضة عليه

قال مسؤولان سوريا كبيران لرويترز، الأحد، إن الرئيس، بشار الأسد، غادر دمشق إلى وجهة غير معلومة، وذلك بعد أن أعلنت المعارضة أن قواتها بدأت بالدخول إلى العاصمة من دون وجود مؤشر على انتشار الجيش النظامي.

وقالت المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الأسد غادر البلاد عبر مطار دمشق.

وظل الأسد في دمشق إلى السبت، وفقا لمسؤولين أمنيين سوريين وعرب، تحدثوا لصحيفة وال ستريت جورنال. وفي الأسبوع الماضي، سافرت زوجته وأولاده إلى روسيا، بينما سافر أصهاره إلى الإمارات العربية المتحدة. 

ونقلت الصحيفة عن تلك المصادر أن "مسؤولين مصريين وأردنيين دعوا الأسد إلى مغادرة البلاد، وتشكيل حكومة في المنفى"، وهو ما نفته السفارة الأردنية في واشنطن بشدة، في بيان شديد اللهجة هاجمت فيه الصحيفة التي دعتها إلى "تصحيح الخطأ"، فيما لم تصدر القاهرة أي تعليق على الأمر.

وذكرت الصحيفة أن الدول العربية، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة وقطر، باتت تشعر بقلق متزايد إزاء الانهيار السريع لنظام الأسد، وما قد يترتب على ذلك من زعزعة الاستقرار الإقليمي. 

وقالت إن الأسد حث تركيا على التدخل لوقف المتمردين، "وسعى للحصول على الأسلحة والمساعدة الاستخباراتية من دول بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن والعراق، ولكن حتى الآن تم رفض طلباته، كما قال مسؤولون أمنيون سوريون ومسؤولون عرب".

واستخدم نظام الأسد الأسلحة التي زودته بها روسيا وإيران لصد قوات المعارضة خلال الحرب الأهلية المستمرة منذ سنوات دون أن يتمكن من هزيمتهم، وهو ما جعله عرضة للخطر عندما انشغل حلفاؤه بحروب في أماكن أخرى وواصل أعداؤه الزحف.

ويشكل التقدم السريع الذي حققته المعارضة في غرب سوريا أحد أخطر التهديدات لحكم عائلة الأسد المستمر منذ 50 عاما، كما يأتي في لحظة محفوفة بالمخاطر بالنسبة للشرق الأوسط.

وأسقطت قوات المعارضة تماثيل والد الأسد وشقيقه في المدن التي سيطرت عليها، كما مزقت صوره على لوحات إعلانية وفي مكاتب حكومية ودهستها بالأقدام وأحرقتها أو أمطرتها بالرصاص.

وأصدرت الرئاسة السورية اليوم السبت بيانا نفت فيه مغادرة الأسد للبلاد مؤكدة أنه يمارس مهام عمله في دمشق. وذلك قبل دخول قوات المعارضة للعاصمة، والحديث عن مغادرة الأسد.

وأصبح بشار رئيسا في عام 2000 بعد وفاة والده، حافظ الأسد، مما أدى إلى الحفاظ على هيمنة الطائفة العلوية على الدولة ذات الأغلبية السنية والإبقاء على سوريا حليفة لإيران تناصب إسرائيل والولايات المتحدة العداء.

وشهد حكم الأسد في سنواته الأولى اندلاع الحرب في العراق ووجود أزمات في لبنان، قبل أن تضرب الحرب الأهلية سوريا في أعقاب الربيع العربي عام 2011. ونزل السوريون حينها إلى الشوارع مطالبين بالديمقراطية، لكن قوات الأسد استخدمت القوة الغاشمة ضدهم.

ورغم أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب وصفه في عام 2018 بأنه "حيوان" لاستخدامه الأسلحة الكيميائية، تمكن الأسد من البقاء في السلطة لفترة أطول مقارنة بالكثير من القادة الأجانب الذين اعتقدوا أن نهايته وشيكة في الأيام الأولى من الصراع، عندما فقد مساحات شاسعة من سوريا لصالح المعارضة. ونفى الأسد الاتهامات الموجهة إليه باستخدام أسلحة كيميائية.

وبمساعدة الضربات الجوية الروسية والفصائل المدعومة من إيران، تمكن الأسد من استعادة معظم الأراضي التي فقدها خلال الهجمات التي شنتها قواته لسنوات، بما في ذلك الحصار الذي فرضته القوات الحكومية على الغوطة الشرقية ووصفه محققون في الأمم المتحدة بأنه "من العصور الوسطى".

وشهدت رئاسة الأسد فترة من الهدوء النسبي في ظل تمركز معارضيه إلى حد كبير في جزء من شمال غرب سوريا، لكن أجزاء كبيرة من البلاد ظلت خارج قبضته وواجه الاقتصاد صعوبات بسبب العقوبات المفروضة عليه.

كما أعاد الأسد العلاقات مع الدول العربية بعد سنوات من القطيعة، لكنه ظل منبوذا بالنسبة لمعظم دول العالم.

ولم يدل الأسد بأي تصريحات علنية منذ سيطرة المسلحين على حلب قبل أسبوع لكنه قال في اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان إن التصعيد يهدف إلى إعادة رسم المنطقة لصالح المصالح الغربية، وهو ما يعكس وجهة نظره بشأن الثورة باعتبارها مؤامرة مدعومة من الخارج.

وفي تبريره لتعامل القوات الحكومية مع الاحتجاجات في مراحلها الأولى، شبّه الأسد نفسه بأنه جراح . وقال في عام 2012 "هل نقول له (للطبيب): يداك ملطختان بالدماء؟ أم نشكره على إنقاذ المريض؟".

وظل الأسد مفعما بالثقة خلال الفترات الأولى من الصراع بينما كانت المعارضة تستولي على مدينة تلو الأخرى.

وقال الأسد لجنوده بعد استعادة بلدة معلولا في عام 2014 "لا حل مع الارهاب سوى أن يضرب بيد من حديد... سوريا قادرة على الخروج من أزمتها".

وأوفى الأسد بالوعد الأول، لكنه عجز عن الوفاء بالوعد الثاني. فبعد سنوات، لا تزال أجزاء كبيرة من سوريا خارج سيطرة الدولة، كما دُمرت مدن وتجاوز عدد القتلى 350 ألفا وفر أكثر من ربع السكان إلى الخارج.

خطوط حمراء

ويحظى الأسد بدعم مجموعة من السوريين تعتقد أنه ينقذهم من الإسلاميين المتشددين.

ومع تزايد نفوذ الجماعات المسلحة التي تستمد أفكارها من تنظيم القاعدة، استشرى هذا الخوف بين الأقليات لكن هذه الجماعات وعدت السكان الأسبوع الماضي بالحماية.

ويتمسك الأسد بفكرة أن سوريا هي معقل القومية العربية حتى مع تزايد النزعة الطائفية في الصراع. وفي حديثه لمجلة (فورين أفيرز) في عام 2015، قال الأسد إن الجيش "يتكون من كل أطياف المجتمع السوري".

ولكن بالنسبة لخصومه، فإن الأسد يعمل على تأجيج النزعة الطائفية.‭ ‬

وتزايدت حدة الصراع الطائفي مع وصول مقاتلين شيعة مدعومين من إيران من مختلف أنحاء الشرق الأوسط لدعم الأسد، ودعم الدول ذات الأغلبية السنية ومنها تركيا وقطر لقوات المعارضة.

وأكد مسؤول إيراني كبير على قيمة الأسد لدى إيران عندما أعلن في عام 2015 أن مصيره "خط أحمر" بالنسبة لطهران.

وفي الوقت الذي دعمت فيه إيران موقف الأسد، فشلت الولايات المتحدة في فرض "خطها الأحمر" الذي حدده الرئيس باراك أوباما في عام 2012 فيما يخص استخدام الأسلحة الكيميائية.

وخلصت التحقيقات التي تدعمها الأمم المتحدة إلى أن دمشق استخدمت الأسلحة الكيميائية.

وأسفر هجوم بغاز السارين على الغوطة التي سيطرت عليها قوات المعارضة في عام 2013 عن مقتل مئات، لكن موسكو توسطت في صفقة لتدمير الأسلحة الكيميائية السورية، مما أدى إلى تجنب رد فعل أمريكي.

ومع ذلك، استمر الغاز السام في ضرب مناطق المعارضة، إذ دفع هجوم بنفس الغاز في عام 2017 ترامب إلى إصدار أمر برد صاروخي.

ونفى الأسد الاتهامات بمسؤولية الدولة عن الهجوم.

كما نفى الأسد أن يكون الجيش قد ألقى براميل متفجرة محملة بالمتفجرات تسببت في دمار عشوائي. وبدا أنه يستخف بالاتهام في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) في عام 2015، إذ قال "لم أسمع عن استخدام الجيش للبراميل، أو حتى أواني الطهي".

ونفى صحة عشرات الآلاف من الصور التي تظهر تعذيب محتجزين في مراكز اعتقال للحكومة مرجعا ذلك لمؤامرة ممولة من قطر.

ومع توقف القتال، اتهم الأسد أعداء سوريا بشن حرب اقتصادية.

ولكن بينما ظل الأسد منبوذا من الغرب، بدأت بعض الدول العربية التي دعمت معارضيه قبل ذلك في فتح الأبواب أمامه. واستقبل قادة الإمارات بشار الأسد خلال زيارة له إلى البلد الخليجي في عام 2022.

طبيب العيون

قدم الأسد نفسه في كثير من الأحيان على أنه رجل بسيط من عامة الشعب، إذ ظهر في مقاطع مصورة وهو يقود سيارة عائلية متواضعة، وفي صور مع زوجته أثناء زيارتهما لمحاربين قدامى في منازلهم.

تولى بشار الأسد منصبه في عام 2000 بعد وفاة والده حافظ الأسد، رغم أنه لم يكن المقصود بخلافه والده.

فقد أعد حافظ الأسد ابنه البكر، باسل، لخلافته. ولكن عندما توفي باسل في حادث سيارة عام 1994، تحول بشار من طبيب عيون في لندن، حيث كان يكمل دراسته، إلى الوريث الجديد.



وبعد أن أصبح رئيسا، بدا أن الأسد قد تبنى إصلاحات ليبرالية جرى تصويرها بتفاؤل باعتبارها "ربيع دمشق".

وأطلق سراح مئات السجناء السياسيين وقدم مبادرات إلى الغرب وفتح الاقتصاد أمام الشركات الخاصة.

وساعد زواجه من أسماء الأخرس وهي مصرفية سابقة مولودة في بريطانيا، والتي له منها ثلاثة أطفال، في تعزيز الآمال في قدرته على قيادة سوريا على مسار إصلاحي أكثر.

ومن أبرز محطات الود المبكر بين بشار الأسد وزعماء غربيين حضوره قمة في باريس حيث كان ضيف شرف في العرض العسكري السنوي بمناسبة يوم الباستيل.

ولكن مع بقاء النظام السياسي الذي ورثه دون تغيير، تلاشت علامات التغيير سريعا.

وسجن معارضون وساهمت الإصلاحات الاقتصادية في انتشار ما وصفه دبلوماسيون أمريكيون، في برقية صادرة عن السفارة الأمريكية في عام 2008 نشرتها ويكيليكس، بالمحسوبية والفساد "الطفيلي".

بشار الأسد
بلومبرغ: محاولة أخيرة للأسد للاحتفاظ بالسلطة
مع اقتراب المتمردين السوريين من العاصمة دمشق، يقوم الرئيس بشار الأسد بمحاولة أخيرة للبقاء في السلطة، بما في ذلك المبادرات الدبلوماسية غير المباشرة مع الولايات المتحدة والرئيس المنتخب دونالد ترامب، وفقًا لما قاله أشخاص لديهم معرفة مباشرة بالوضع لوكالة "بلومبرغ".



في حين كانت النخبة تعيش حياة جيدة، دفع الجفاف الفقراء إلى النزوح من المناطق الريفية إلى الأحياء الفقيرة حيث اشتعلت الثورة.

وأدى التوتر الذي نشأ مع الغرب بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 إلى قلب ميزان القوى في الشرق الأوسط رأسا على عقب.

وأسفر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في بيروت في عام 2005 عن ضغوط غربية أجبرت سوريا على الانسحاب من لبنان. وأشار تحقيق دولي أولي إلى تورط شخصيات سورية ولبنانية بارزة في عملية الاغتيال.

وفي حين نفت سوريا تورطها، قال نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام إن الأسد هدد الحريري قبل أشهر، وهو الاتهام الذي نفاه الأسد أيضا.

وبعد خمسة عشر عاما، أدانت محكمة مدعومة من الأمم المتحدة أحد أعضاء حزب الله المدعوم من إيران بالتآمر لقتل الحريري. ونفى حزب الله، حليف الأسد، أي دور له في عملية الاغتيال.