هيومن رايتس ووتش وثقت استخدام السلطات التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز (AFP)
هيومن رايتس ووتش وثقت استخدام السلطات التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز (AFP)

لم يتوان النظام الحاكم في إيران على مدى 45 عاما عن اعتقال معارضيه والزج بهم في السجون وتعذيبهم وصولا في العدد من الحالات إلى إعدامهم أمام أعين المجتمع الدولي، وهو ما جعل طهران تراكم سجلا حافلا بانتهاكات حقوق الانسان، وفق تقارير المنظمات الحقوقية الدولية.

وكشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها العالمي لعام 2023 الذي أصدرته مطلع يناير من العام الحالي أن السلطات الإيرانية اعتقلت أكثر من 15 ألف متظاهر عقب الاحتجاجات التي شهدتها إيران إثر مقتل الفتاة الكردية الإيرانية مهسا أميني على يد شرطة الآداب في سبتمبر 2022، بحجة عدم التزامها بالحجاب الذي يفرضه النظام على النساء.

وأشار التقرير الى أن "السلطات في إيران احتجزت الآلاف من الأشخاص في سجون مكتظة، وحرمتهم من حقوقهم في الإجراءات القانونية الواجبة جرّاء معارضتهم السلمية أو دعمهم للاحتجاجات".

"من بين هؤلاء مئات النشطاء الحقوقيين، والصحفيين، والمحامين المعتقلين. كما صادرت السلطات جوازات سفر ومنعت من السفر عشرات الشخصيات العامة، بينهم ممثلون ورياضيون"، وفق ما جاء في التقرير.

وأضافت المنظمة أنها وثقت في وقت سابق استخدام السلطات مختلف أساليب التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز، بما في ذلك التحرش الجنسي بالمحتجزات.

شهادة كردي إيراني 

يتذكر والي درودي وهو معتقل كردي إيراني سابق ما تعرض له من تعذيب على يد الأجهزة الأمنية الإيرانية طيلة 30 عاما التي أمضاها معتقلا في أحد سجون إيران بتهمة الانتماء لحزب كردي معارض.

ويضيف درودي لـ"الحرة" قائلا "تعرضت لكل أنواع التعذيب في السجون الإيرانية كالتعليق والضرب المبرح والصعق بالكهرباء وقلع الأظافر، فضلا عن التعذيب النفسي، ومازال جسدي يحمل آثار التعذيب، كما انني اعاني بسبب التعذيب من أمراض مزمنة وتراجعت صحتي بالكامل".

تمكن درودي بعد انتهاء فترة محكوميته من الهرب واللجوء إلى إقليم كردستان العراق خوفا من التعرض للاعتقال مجددا، لكنه يشير إلى عدم تلقيه أي مساعدة أو اهتمام من قبل المنظمات الدولية الحقوقية رغم الانتهاكات التي تعرض لها، مطالبا الدول الأوربية بمنحه حق اللجوء كي يتمكن من العيش بأمان.

سجون وأساليب تعذيب

وفي إيران الكثير من السجون المنتشرة في كافة أرجاء البلاد، منها سجون كانت موجودة قبل وصول نظام روح الله الخميني إلى الحكم عام 1979 وأخرى أنشأت بعد هذا التاريخ.

أبرز هذه السجون، سجن "ايفين" سيء السمعة وسجن "كوهردشت" وسجن "قرتشك" وهو خاص بالنساء.

لكن المعتقل السابق رضا رحيمي قضى مدة محكوميته في سجن آخر غير السجون المذكورة وهو سجن "مراغا" في محافظة أذربيجان الشرقية الذي يحتضن وبحسب رحيمي المحكومين بقضايا جنائية كالقتل وتجارة المخدرات.

ويضيف رحيمي لـ"الحرة"، "تقصدوا إيداعنا في هذا النوع من السجون كي نتأذى من هؤلاء المجرمين وليس السجون الخاصة بالقضايا السياسية، بالإضافة إلى ممارسة الأجهزة الأمنية العديد من أشكال التعذيب والتعذيب النفسي بحقنا لانتزاع الاعترافات منا بالإكراه وأكثرها قسوة عندما هددوني بزوجتي واطفالي وتعذيبهم إذا لم اعترف بنشاطي السياسي".

ويواجه الناشطون السياسيون والصحفيون والمتظاهرون وكل من تعتقلهم الأجهزة الأمنية الإيرانية على خلفيات سياسية تهما جاهزة من قبل النظام بعد اعتقالهم، وتتمثل في تهمة "محاربة الله" و"الفساد في الأرض" و"البغي" إضافة لتوجيه تهم القتل العمد وتجارة المخدرات للكثيرين منهم لمحاكمتهم وإصدار أحكام غالبا ما تؤول إلى إعدامهم أو سجنهم بشكل مؤبد بعد انتزاع الاعترافات منهم قسرا.

تعذيب وترحيل

محمد إبراهيم زادة، معتقل سابق آخر، ما زال يعاني بشدة من آثار التعذيب، حيث فقد حاسة السمع بإحدى أذنيه بشكل نهائي ويعاني من الإعاقة بسبب تعرض إحدى قدميه للكسر أثناء التعذيب. 

يوضح لـ"الحرة" بالقول: "اعتقلت بتهمة الانتماء إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني مع 3 من زملائي الآخرين، وتم ترحيلنا في عام 2021 إلى أحد أخطر السجون في مدينة أروميه".

ويضيف: "احتجزت في سجن انفرادي لمدة أربعة اشهر من دون أن يعلم أهلي شيئا عن اعتقالي، وبقيت مغيبا مدة أربعة اشهر تعرضت خلالها لشتى أنواع التعذيب بهدف انتزاع الاعترافات، وبعد أن ساءت حالتي الصحية أطلقوا سراحي بكفالة شريطة مراجعة أحد المراكز الأمنية أسبوعيا لإثبات وجودي، لكنني تمكنت من الهروب خارج البلاد."

وكانت "منظمة العفو الدولية" أصدرت تقريرا من 120 صفحة في ديسمبر الماضي يوثق أن قوات الأمن "استخدمت الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي"، وذلك "لترهيب المتظاهرين السلميين ومعاقبتهم إبان انتفاضة 'المرأة – الحياة – الحرية' التي اندلعت عام 2022".

وفي 27 أغسطس 2021، نشرت المنظمة تقريرا يتحدث عن "انتهاكات مروعة بحق السجناء داخل السجن"، بعد تسريبات كشفت عما يدور داخله".
 

جانب من احتفال الصابئة بيوم التعميد الذهبي-أرشيف
جانب من احتفال الصابئة بيوم التعميد الذهبي-أرشيف

بدأ الصابئة المندائيون في العراق احتفالاتهم بعيد الخليقة أو "البرونايا"، فيه انبثقت الحياة وتجلت صفات الخالق، هكذا يعبر أبناء الطائفة عن عيدهم.

ويشهد هذا العيد طقوسا دينية عدة لطلب الغفران وبداية عهد جديد مع الخالق وتعزيز الوحدة والتآخي بين أبناء الطائفة.

تستمر الطقوس لخمسة أيام عبر الصلوات والتعمد بمياه الأنهار، وتعتبر الصلاة، وَالصوم، وَالصدَقة، والتعميد من أهم أركان هذه الديانة.

الصابئة المندائية هي ديانة غير تبشيرية ولا تؤمن بدخول أحد إليها، كما تحرم الزواج من خارج الديانة.

التعميد أحد أهم أركان الصابئة

يقول رجل الدين سلام غياث للحرة إن الطقوس التي تؤدى هي "عبادات خاصة روحية ما بيننا وبين الخالق عز وجل من خلال إقامة الصلوات".

أما طقس الصباغة، بحسب غياث، فهو "إعادة العهد للخالق من أننا نسير على شريعته نسير على فكرة وعلى مبادءه التي انزلها في الكتب المندائية وكذلك نقيم الطقوس الدينية للمتوفين الذين رحلوا من هذا العالم".

الكتاب المقدس الأهم عند المندائيين هو "كنزا ربّا" أي "الكتاب العظيم". ويحتوي على صحف الأنبياء الذين يؤمنون بهم كآدم وشيت وإدريس ويحيى. هناك أيضا كتب أخرى أقل أهمية.

وتنحدر اللغة المندائية، من الآرامية، لكن قليلين فقط يتحدثونها، حيث صار تداولها مقتصرا على رجال الدين خلال الطقوس التعبدية.

ويقدم الصابئة أنفسهم على أنهم أقدم الديانات التوحيدية، معتبرين أن جذورها تعود إلى آدم. ويؤمنون بأنبياء آخرين مثل شيت ونوح وإدريس وزكريا ويحيى. ويمثل يحيى آخر أنبيائهم.

عضو مجلس شؤون الصابئة في محافظة البصرة سلام صبري بشارة، يقول بهذا الصدد إن "الديانة المندائية هي من زمن أبونا آدم أبو البشرية.. لأنه عندما خلق الله آدم وحواء، نزل صحف آدم التي هي لدينا الآن تمتد هذه المراسيم الدينية من زمن أبونا آدم".

الصابئة المندائيون من أقدم الديانات في العراق. أرشيفية

استوطن الصابئة المندائيون تاريخيا في جنوب العراق، بمحاذاة الأنهار نظرا لأهمية الماء في عقيدتهم، ويتكلمون اللغة المندائية إضافة إلى اللغة العربية، ويعمل أغلبهم في صياغة الذهب والفضة.

وبسبب أعمال العنف واستهداف الأقليات التي شهدها العراق في السنوات الماضية، اضطر الكثير من الصابئة المندائيين إلى الهجرة إلى الخارج أو النزوح إلى مناطق أكثر أمنا مثل العاصمة بغداد.

ولا توجد إحصائيات دقيقة بأعدادهم لكن وبحسب باحثين شهدت تراجعا خلال السنوات الماضية.

ويقول فهد صدام، الباحث في الشؤون الدينية إن هناك 3 آلاف عائلة مندائية لكن إلى الآن لا توجد إحصائيات رسمية تشير إلى العدد الحقيقي، في ظل تزايد هجرة هذه العائلات".

وأضاف "لكن التركيز الأكثر للسكان الصابئة المندائيين في مناطق البصرة والعمارة الناصرية ذي قار".

ويشتق اسم الصابئة من كلمة "صبا" التي تعني التعميد أو الغطس في الماء، والذي يقام في عيد البرونايا، وأيضا في جميع الطقوس الدينية والمناسبات لدى أبناء الطائفة، كالأعياد وحفلات الزواج ومراسم دفن الموتى.

الصابئة المندائيون في العراق خلال طقوس احتفالهم بالعيد الكبير

خلال الفترات القريبة، انتقل عدد كبير منهم إلى العاصمة العراقية بغداد التي أصبحت أكبر نقطة تركز لهم، ومنذ عام 2003، نزح بعضهم أيضا إلى مدن إقليم كردستان، سيما السليمانية وأربيل، فضلا عن وصول بعضهم إلى مركز الاغتراب الصابئي الممثل بدولة السويد.

يعاني المندائيون من الكثير من الشبهات العقائدية حول ديانتهم وطقوسهم، من قبيل أنهم يعبدون الكواكب، أو يبادرون إلى إزهاق أرواح الأشخاص المحتضرين.

يقول الباحث العراقي رشيد الخيون في كتابه "الأديان والمذاهب بالعراق" "الحقيقة أن من شعائرهم تغسيل المحتضر وإكسائه الكسوة الدينية البيضاء المعروفة بالرستة، اعتقادا منهم أن ذلك يمكن روحه من الصعود إلى مكانها.. وهي مطهرة".

أما علاقتهم بالكواكب، "فهي أنهم يؤمنون بوجود بشر آخرين عليها، بل إنهم يرجعون أصل البشرية إلى تزاوج أبناء آدم من بنات قدمن من عالم وكواكب أخرى. لذا يحظى هذا العالم الآخر عندهم بمكانة خاصة".

للصابئة المندائيين قصة معراج أيضا. فهم يؤمنون أن النبي إدريس (دناخوخت) عرج به إلى السماء السابعة، كما عرج أيضا النبيان آدم ويحيي. غير أن عروج إدريس مختلف شيئا، فهو عاد إلى الأرض في حين لم يعد النبيان الآخران.

من وجهة النظر الإسلامية، اعتبر الكثير من الفقهاء المسلمين والباحثين أن الصابئين المذكورين في القرآن هم الصابئة المندائيون، وعدّوهم من بقايا الديانة الإبراهيمية.