تسبب النزاع الدائر حاليا في مدينة حلب السورية بمقتل ما لايقل عن 44 مدنيا ونزوح الآلاف بعد الهجوم المباغت الذي شنته فصائل ضد القوات الحكومية منذ يوم الأربعاء.
وبحسب آخر حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان فقد أسفرت العمليات العسكرية عن مقتل 327 شخصا على الأقل، 183 منهم من هيئة تحرير الشام والفصائل المعارضة ومئة من عناصر الجيش السوري والمجموعات الموالية له، إضافة إلى 44 مدنيا.
من بين هؤلاء 16 مدنيا على الأقل قتلوا السبت جراء "غارة شنّتها القوات الروسية على الأرجح، واستهدفت سيارات مدنية لدى عبورها عند دوار الباسل في مدينة حلب"، إحدى النقاط التي تقدمت إليها الفصائل المقاتلة.
وشنّت طائرات حربية روسية غارات ليلا على أحياء المدينة للمرة الأولى منذ العام 2016. واستهدفت غارات روسية صباح السبت، وفق المرصد، حي الفرقان في المدينة "تزامنا مع وصول تعزيزات عسكرية كبيرة" الى الفصائل المقاتلة.
بالمقابل أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن المعارك في حلب أدت إلى نزوح أكثر من 14 ألف شخص، نصفهم تقريبا من الأطفال.
من مدينة حلب، قال سرمد البالغ 51 عاما لفرانس برس "على مدار الساعة، نسمع أصوات صواريخ ورميات مدفعية وأحيانا أصوات طائرات"، مضيفا "نخشى أن تتكرر سيناريوهات الحرب وننزح مرة جديدة من منازلنا".
وقال ناصر حمدو البالغ 36 عاما من غرب حلب في اتصال هاتفي مع فرانس برس، "نتابع الأخبار على مدار الساعة، وقطع الطريق يثير قلقنا اقتصاديا لأننا نخشى ارتفاع أسعار المحروقات وفقدان بعض المواد".
وذكرت صحيفة الوطن المؤيدة لحكومة الرئيس بشار الأسد، السبت، أن غارات جوية استهدفت تجمعات لمقاتلي المعارضة وقوافلهم في المدينة. وقال أحد السكان لرويترز إن غارة واحدة تسببت في سقوط خسائر بشرية في دوار الباسل بحلب.
ودعت الخارجية الفرنسية في بيان جميع الأطراف إلى "حماية السكان المدنيين" في حلب. وقالت إن التطورات العسكرية "تظهر الحاجة، بعد مرور ثلاثة عشر عاما على بدء الحرب الأهلية السورية، إلى استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية السورية بدون تأخير، من أجل التوصل أخيرا إلى حل سياسي" ينهي النزاع القائم.
وهذا الهجوم المباغت الذي قادته هيئة تحرير الشام هو الأكثر جرأة منذ سنوات خلال الحرب الأهلية التي لم تتغير خطوطها الأمامية بشكل كبير منذ عام 2020.
وأدت هذه الحرب التي اندلعت في عام 2011 إلى مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين، لكن معظم المعارك الرئيسية توقفت قبل سنوات بعد أن ساعدت إيران وروسيا حكومة الأسد في السيطرة على معظم الأراضي وجميع المدن الكبرى.
ماذا جرى عام 2016؟
وكانت حكومة الأسد تحكم قبضتها على حلب منذ انتصارها هناك عام 2016، عندما حاصرت قوات سورية مدعومة من روسيا المناطق الشرقية التي كانت تسيطر عليها المعارضة وقصفتها.
وتعد حلب، ثاني أكبر المدن السورية، وقد كانت أكبر المراكز الاقتصادية في البلاد قبل أن يتم تدميرها بفعل الحرب.
تحولت المدينة بفعل القصف الجوي السوري والروسي خلال سنوات الحرب الأهلية إلى ما يشبه كومة من الأنقاض حيث جرى استخدام البراميل المتفجرة لمحو أحياء كاملة في المدينة.
في عام 2016 نشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريرا قالت فيه إن القوات الروسية والسورية استخدمت براميل متفجرة وذخائر عنقودية وأسلحة حارقة في الهجمات.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة الصادرة في عام 2020 فقد قتل في الهجمات أكثر من 51 ألف مدني.
كذلك شهدت بعض أحياء المدينة هجمات متكررة بالأسلحة الكيماوية حسب تقارير متعددة وأشدها حسب هذه التقارير كان في: خان العسل في محافظة حلب 2013، وحي الشيخ مقصود في محافظة حلب 2016.
وتعرضت البنية التحتية في حلب أيضا لدمار هائل حيث تضررت الطرق الرئيسية والجسور والمرافق العامة مثل المستشفيات والمدارس، وتحولت العديد من الأحياء السكنية في شرقي المدينة لدمار تام وأصبحت معظم المباني غير صالحة للسكن.
أجبرت المعارك مئات الآلاف من سكان حلب على النزوح، سواء إلى مناطق أخرى داخل سوريا أو إلى دول مجاورة.