تبنت تونس إجراءات لمتابعة حالات المصابين بالإيدز
تبنت تونس إجراءات لمتابعة حالات المصابين بالإيدز

"كانت صدمتي هائلة حين علمت منذ نحو 5 سنوات بأني مصابة بمرض فقدان المناعة المكتسب (الإيدز) والصدمة الأكبر حين تيقّنت بأن العدوى انتقلت إلي بواسطة زوجي الذي كان يقيم علاقات جنسية مع نساء أخريات دون علمي. لقد انقلبت حياتي الهادئة رأسا على عقب، وها أنا ذا أعيش ألما مضاعفا بين واقع المرض والخيانة الزوجية"، هكذا تروي دنيا (اسم مستعار) لـ"الحرة" تجربتها مع مرض الإيدز.

تقول دنيا (38 سنة)، وهي أم لطفلين "حين وصلت إلى مرحلة من المرض لم أعد فيها قادرة على القيام بمهامي اليومية، قمت بإجراء فحوصات طبية ليتبيّن أني مصابة بمرض الإيدز، لقد كان الأمر صادما وتساءلت كيف تم ذلك؟ وحين واجهت زوجي اعترف أنه كان مصابا بهذا الفيروس وكان يعلم بمرضه دون إخباري بذلك".

وتقدر السلطات التونسية عدد المتعايشين مع فيروس الإيدز في تونس بـ 8 آلاف حالة خلال سنة 2023، فقط 28 بالمائة منهم يعلمون بحملهم للفيروس. 

وصم وتمييز

تؤكد دنيا أن رحلتها في التعايش مع مرض نقص المناعة المكتسب كانت شاقة ومؤلمة نتيجة ما تتعرض له من وصم وتمييز داخل محيطها العائلي وكذلك الأقارب. 

وتقول في هذا الصدد "لقد هجرني أقرب الناس إلي حين علموا بحقيقة مرضي، لا أحد يود زيارتي أو التحدث إلي، حتى أصدقائي المقربين ابتعدوا وغيروا معاملتهم لي".

وتضيف بنبرة ممزوجة بالألم "ما يحز في نفسي ويحزنني أكثر أن التمييز لم يكن يستهدفني فقط بل استهدف أطفالي في المدرسة، فالتلاميذ يتجنبون الاحتكاك بهم أو تناول الطعام معهم جراء توصيات الأولياء واعتقادهم بأن العدوى ستنتقل إليهم".

وتشدد المتحدثة على ما تعتبره "غياب وعي" داخل المجتمع بشأن مرض نقص المناعة المكتسب، مؤكدة أن هناك اعتقادا سائدا بأن الإيدز ينتقل بمجرد لمس المصابين به، وهي معلومات خاطئة. 

وتوجه رسالة في هذا الخصوص قائلة "لا تحكموا على مرضى الإيدز بالموت ولا تكونوا سببا في تعريضهم إلى الوصم والتمييز".

ويقرّ مدير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز بالإدارة العامة للرعاية الصحية الأساسية بوزارة الصحة، سمير مقراني، بوجود ظاهرة الوصم والتمييز داخل المجتمع التونسي تجاه المصابين بالمرض نتيجة ما يقول إنه انتشار معلومات مغلوطة حول حقيقة الفيروس الذي لا ينتقل إلا في حالة إقامة علاقات جنسية غير محمية أو عن طريق الدم المنقول بواسطة حقن المخدرات أو من الأم إلى الجنين.

رقعة الانتشار

وفي إطار مواكبة تطورات هذا الفيروس وطرق علاجه ومقاومته بالاشتراك مع الجمعيات العاملة في المجال والأشخاص المتعايشين مع المرض والمنظمات الأممية، يؤكد سمير مقراني لـ"الحرة" أن التقديرات تشير إلى وجود 8 آلاف حالة إصابة بمرض الإيدز في تونس خلال سنة 2023.

ويتابع، في السياق ذاته، أن الأشخاص الذين يعلمون بحملهم لهذا الفيروس يناهز 2200 شخص، فيما يتلقى نحو 2036 شخصا العلاج بمستشفى الرابطة بتونس العاصمة ومستشفى فرحات حشاد بسوسة ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس ومستشفى فطومة بورقيبة بالمنستير ويتوزعون على 1342 رجالا و651 إناثا و43 طفلا.

ويشير المقراني إلى أن الحالات الجديدة التي تم تسجيل إصابتها بالإيدز في الأشهر الأخيرة تبلغ 430 حالة وقد باشرت مرحلة العلاج المجاني من ضمنها 148 أجنبيا.

ويوضح أن أغلب حالات الإصابة بفيروس الإيدز متأتية من علاقات جنسية تقام بين الذكور وكذلك عاملات الجنس فضلا عن الأشخاص الذين يلجؤون إلى المخدرات المحقونة.

مراجعة التشريعات

وفيما يخص التشريعات والسياسات العامة، أشارت منظمة "محامون بلا حدود" في بيان لها الاثنين، عقب ندوة نظمتها بمشاركة ممثلين عن منظمات المجتمع المدني ووزارة الصحة، إلى أن المتحدثين شددوا على ضرورة مراجعة القوانين لضمان حماية حقوق المتعايشين والمتعايشات مع المرض من التمييز على أساس الحالة الصحية.

ودعوا إلى التركيز على تعديل القوانين لضمان المساواة في الحقوق وتسهيل الوصول إلى الرعاية الصحية، وكذلك ضرورة تعزيز الوعي المجتمعي من خلال حملات توعية شاملة على مستوى الإعلام والمناهج التربوية.


من جانبه، يؤكد مدير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز بالإدارة العامة للرعاية الصحية الأساسية بوزارة الصحة، سمير مقراني، وجود إستراتيجية وطنية لمكافحة فيروس نقص المناعة البشري انطلقت منذ سنة 2021 وتم تحينها لتتواصل إلى سنة 2026 عوضا عن 2025.

ويوضح المتحدث بأن الإستراتيجية قائمة على الوقاية وتهدف إلى التقليص في نسب الإصابات الجديدة بـ50 بالمائة وتخفيض عدد الوفيات بالأمراض الانتهازية، بسبب فيروس الإيدز إلى 70 بالمائة، فضلا عن ضمان حق حاملي الفيروس في العلاج وحمايتهم من الوصم والتمييز في إطار حقوق الإنسان.

ويتوقع أن تفضي هذه الإستراتيجية في أفق 2030 إلى القضاء نهائيا عن الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب.

وقفة سابقة بالمغرب احتجاجا على العنف ضد النساء
منظمات حقوقية تحذر من تزايد العنف ضد النساء

رجل مسن يحمل عصا وينهال ضربا على امرأة وسط صراخ طفلتها التي تحاول حمايتها، كان هذا المشهد من مقطع فيديو لا تتجاوز مدته دقيقة ونصف الدقيقة، كافيا ليشعل غضبا شعبيا وحقوقيا بالمغرب.

وفي القصة كما نقلتها وسائل إعلام مغربية، أن الرجل مسن (80 عاما) صاحب بيت يكتريه للضحية التي لم تقوى على دفع إيجار الشهر فاختار تعنيفها في الشارع أمام أنظار طفلتها الصغيرة.

ويظهر المقطع المصور في مدينة تطوان شمال البلاد قسوة شديدة من المسن تجاه الطفلة إذ لم تنفع صرخاتها وسقوطها من الدرج في أن يتوقف عن تعنيف والدتها حتى مع إدراكه أن هناك شهودا من الجيران ومنهم من كان يوثق ذلك المشهد. 

 انتشر المقطع أياما قليلة فقط بعد صدمة المغاربة تحت وقع قصة قاصر تعاني إعاقة عقلية تعرضت للاغتصاب من طرف ثلاثة رجال ما نتج عنه حمل وولادة، ما أثار استياء شعبيا وغضبا حقوقيا تجاه قضية ترى حقوقيات أن السلطات لم تنجح في ردعها.

تحرش وعنف

بعد تدخل السلطات الأمنية وإلقاءها القبض على المسن المعتدي، خرجت الضحية بتصريحات إعلامية لتقول إنها سيدة مطلقة بثلاثة أطفال، ومعنفها هو صاحب البيت الذي تكتريه رفقة أطفالها، وأن مشهد العنف هو واحد من مشاهد عنف سابقة متكررة لم توثق في مقطع فيديو كما وثق الحادث الأخير.

وتكشف الضحية أنها عجزت عن دفع ثمن إيجار البيت فما كان من الرجل إلا أن حاول استغلال ضعفها وتحرش بها جنسيا مقابل ما عجزت عن الوفاء به ماليا.

وأمام رفضها لتحرشه الجنسي قرر اللجوء إلى "الأسلوب" الذي استعمله أكثر من مرة، بحسب قولها، وهو الضرب الذي وثق هذه المرة بالصوت والصورة من أحد الجيران وكان دليل إدانة للقبض عليه ومتابعته قضائيا في حال اعتقال.

وكان من المقرر عرض الرجل البالغ من العمر 80 عامًا على أنظار النيابة العامة صباح اليوم السبت من أجل الاستماع إليه رسميا لتحديد ملابسات الحادثة وتوجيه التهم إليه.

حان وقت بناء الإنسان

ترى الناشطة الحقوقية المغربية، بشرى عبدو، أن الترسانة القانونية تبقى ضرورية لردع العنف ضد النساء، لكنها غير كافية.

وتشير عبدو في حديث لموقع "الحرة" إن الوقت حان لبناء "وعي الإنسان" المغربي وتربيته على عدم التسامح مع العنف.

وتقول عبدو إن مقطع الفيديو يظهر حقدا وكرها كبيرين من المعنف تجاه ضحيته، مشيرة إلى أنه إن كان الفضل في فضح هذه الحادثة لوسائل التواصل الاجتماعي فإن مثلها الكثير  من حوادث العنف التي ترتكب يوميا ولكنها لم تخرج للعلن وتظل بدون عقاب.

ودعت الناشطة السلطات إلى العمل على تعديل مناهج التعليم بما يساعد في تربية الجيل الجديد.

ولامت عبدو في حديثها للحرة المجالس المنتخبة التي تعرف المواطن فقد عند الانتخابات لكنها "تغيب عن توعيته وتأطيره".

وفي بيان عقب الحادثة، قالت "جمعية التحدي للمساواة والمواطنة" إن الحادث الذي انتشر بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، كشف عن استمرار ظاهرة العنف ضد النساء في المغرب.

وأكدت الجمعية أن هذا الاعتداء يعكس غياب التغيير الجذري في التعامل مع العنف داخل المجتمع، مشيرة إلى أن السياسات الزجرية المعتمدة تظل عاجزة عن مواجهة الظاهرة بشكل فعال.

وأضافت الجمعية أن غياب سياسات عمومية حقيقية لتغيير العقليات التي تطبع مع العنف كحل للنزاعات يجعل النساء في دائرة الخطر المستمر.

وفي آخر الأرقام الرسمية حول العنف ضد النساء بالمغرب سجلت رئاسة النيابة العامة معالجة حوالي 84.822 شكاية تتعلق بالعنف ضد النساء، توبع بشأنها ما يناهز 21.898 شخصًا وفتح لهم 17.822 ملفًا.

اغتصاب جماعي لطفلة

وجاء الحادث أياما قليلة عن تفجر فضيحة تعرض طفلة قاصر تعاني من إعاقة عقلية لاغتصاب جماعي متكرر من طرف ثلاثة رجال، وأسفرت هذه الجريمة عن حمل الطفلة وولادتها عبر عملية قيصرية مؤخرا.

وينظر القضاء المغربي بمدينة مراكش، الأربعاء المقبل، في قضية الاغتصاب، فيما يأمل أب الضحية في تحقيق العدالة وإنصاف ابنته، ويقول "أطالب بحق ابنتي وبمعاقبة هؤلاء المعتدين، وأريد أن أُثبت نسب الطفل وأحميه من وصمة العار".

وعلى عكس أب ضحية الاغتصاب الذي قرر خوض معركة القضاء حتى تحقيق العدالة، قررت ضحية العنف بتطوان التنازل عن شكايتها أمام الأمن، ووجهت رسالة لكل من تعاطف معها وغضب لأجلها مفادها أنها لا تريد تعويضا. وقالت في تلك الرسالة "لا أريد تعويضا.. أريد فقط الأمان".