الجيش السوري الجديد في مواجهة "طموح" زعماء الفصائل
مصطفى هاشم - واشنطن
24 ديسمبر 2024
Share on Facebook
Share on Twitter
Share on WhatsApp
يبرز تعهد قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، بتوحيد الفصائل المسلحة تحت لواء "جيش وطني" موحد، كواحد من أبرز المشاريع المطروحة لتحقيق الاستقرار في سوريا ما بعد نظام بشار الأسد.
وفي ذات الوقت، يثير هذا المشروع "شكوكا" بشأن إمكانية تحقيق ذلك.
وانتهى حكم الأسد فجر الثامن من ديسمبر الحالي مع دخول فصائل المعارضة دمشق. وفر رئيس النظام الذي حكم سوريا مع والده حافظ بقبضة حديدية لمدة 54 عاما، إلى روسيا إيذانا بنهاية حكم عائلة الأسد.
يعتقد أحمد رحال، الضابط السوري الذي انشق عن نظام الأسد في يوليو 2012، أن بقاء رجال دين في مواقع قيادية مثل وزارة الدفاع يثير مخاوف بشأن عقلية إدارة الدولة.
قال خلال مقابلة مع موقع "الحرة": "رغم التغييرات التي شهدتها هيئة تحرير الشام تحت وطأة الضغوط الدولية، إلا أن الدول لا تُقاد بعقلية الفصائل أو المشايخ أو التطرف".
قاد رحال بعد انشقاقه، ما يسمى بـ"المجلس العسكري لجبهة الساحل"، وهو فصيل مسلح معارض، لكنه اضطر لمغادرة سوريا والاستقرار في تركيا بعد اصطدامه بتنظيمات متطرفة مثل "داعش" و"جبهة النصرة"، على حد قوله.
لذلك قال: "نحن بحاجة إلى جيش وطني يعكس تنوع الشعب السوري بكل مكوناته، ولا إلى تبعية دينية أو عرقية".
وأعلنت الإدارة السورية الجديدة، السبت، تعيين مرهف أبو قصرة، وزيراً للدفاع في الحكومة السورية الانتقالية.
وأبو قصرة مهندس زراعي، من مدينة حلفايا بريف حماة، وكان يعرف باسمه الحربي "أبو حسن الحموي" أو "أبو الحسن 600" ويشغل منصب القائد العام للجناح العسكري لـ"هيئة تحرير الشام" المصنفة منظمة "إرهابية" في الولايات المتحدة.
وقاد أبو قصرة العمليات العسكرية التي انطلقت في نهاية نوفمبر الماضي من إدلب، ثم انتقلت إلى عدة مدن رئيسية، مثل حلب وحماة وحمص، ثم وصلت إلى العاصمة دمشق، وأطاحت بنظام بشار الأسد.
يرى الخبير في الحركات الجهادية حسن أبو هنية وجود "فرص" واعدة لتحقيق النجاح، رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها المشروع، خاصة وأن جزء من هذه الفصائل كانت تقاتل بعضها خلال السنوات الماضية.
قال خلال مقابلة مع موقع "الحرة" إن "تعيين أبو قصرة وزيرا للدفاع يعزز التوقعات بأن الهيئة ستكون العمود الفقري للجيش الجديد، إلى جانب عشرات الفصائل المختلفة، خاصة تلك التي تدعمها تركيا بالمال والسلاح".
وبحسب أبو هنية، فإن أنقرة تريد إنجاح التجربة الجديدة في سوريا.
والأحد، قال الشرع خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق، إن "الفصائل ستبدأ بالإعلان عن حل نفسها والدخول تباعا في الجيش".
لكن رحال يرى أن بعض الفصائل المسلحة، ارتكبت انتهاكات، ولديها أجندة، لذلك يجب ألا تنضم جميعها للجيش، على حد تعبيره.
وبحسب أبو هنية، فإن عدد الفصائل المسلحة السورية، يُقدّر بحوالى 80 فصيلا، لكن ليس جميعها على وفاق، ولن تنضم كلها إلى الجيش الوطني، إذ من المرجح أن يواجه البعض هذا المشروع بالرفض، وفقا لقوله.
يرى أيضا، أن التحديات لا تقتصر على دمج الفصائل المسلحة فحسب، بل تشمل أيضا التعامل مع المجموعات في شمال شرق سوريا، مثل قوات سوريا الديمقراطية "قسد" المدعومة من الولايات المتحدة.
هذه القوات التي يقدر عددها بنحو 80 ألف شخص، تتمتع بنفوذ قوي وتطالب بنوع من الحكم الذاتي، وهو ما قد يتعارض مع مشروع الدولة المركزية الذي تنادي به الحكومة المؤقتة، بحسب رحال.
وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب الكردية، المكون الرئيسي لقوات سوريا الديموقراطية، مرتبطة بحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا مسلحا ضدها منذ الثمانينيات.
ودارت اشتباكات الأحد بين فصائل موالية لتركيا وقوات سوريا الديموقراطية في منطقة سد تشرين على نهر الفرات.
قال أبو هنية إن "تركيا ستلعب دورا محوريا في إعادة تشكيل الجيش الوطني السوري، مستفيدة من تجاربها السابقة في دعم بعض الفصائل المسلحة".
وبين التفاؤل الحذر والتحديات القائمة، يبقى مشروع توحيد الجيش السوري في مواجهة مصيرية لتحقيق استقرار مستدام، في ظل تدخلات دولية وإقليمية قد تسرّع أو تعرقل هذه الخطوة.