"رغم كوننا مُهجّرين، رغم أن بيوتنا راحت، سنبقى مبسوطين، نحن وإخوتنا المسيحيين" قالت نوف حسن قاسم، نازحة لبنانية شاركت مع أطفالها تزيين شجرة الميلاد.
وبينما هي جالسة أمام شجرة عيد الميلاد، قالت إن" مسلمي لبنان كانوا دائما أصدقاء لمواطنيهم المسيحيين".
وقالت خلال مقابلة مع قناة "الحرة": "ليست الحرب من قربت بين مسلمي لبنان ومسيحييها. نحن أصحاب وعيالهم من زمان. نحن إخوة".
في غمرة الحروب والنزاعات التي عرفها العالم خلال السنوات الأخيرة، برز الاحتفال بعيد الميلاد المشترك بين المسلمين والمسيحيين هذه السنة، حيث حرص المعتنقون للديانتين على إظهار الفرحة والتكافل بينهما.
ومنذ بدأ حزب الله وإسرائيل حربا مفتوحة في 23 سبتمبر الماضي على إسرائيل، أجبر التصعيد أكثر من 1.2 مليون شخص على النزوح أو مغادرة لبنان، أي أكثر من سدس عدد سكان البلاد.
ولجأ بعض سكان الجنوب إلى مناطق في لبنان، ومنهم من وجد المأوى عند مواطنيهم، حيث تكافل اللبنانيون مع بعضهم في ظل التصعيد الذي شهدته البلاد منذ عدة أشهر.
ويتوزع النازحون في مختلف المناطق اللبنانية، مع تركز كبير في بيروت ومحافظة جبل لبنان.
وتُشير التقديرات إلى أن نسبة المسيحيين في لبنان شهدت انخفاضًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة.
في عام 2018، أظهرت دراسة أجرتها "الدولية للمعلومات" أن المسيحيين كانوا يشكلون حوالي 30٪ من سكان لبنان، بينما كان المسلمون يشكلون 70٪.
كريستار رحمة، وهي مسيحية لبنانية، قالت: "أتمنى بهذا العيد أن يعم السلام".
من جانبها، قالت ليلى حبشي وهي لبنانية أيضا: "نتمنى بهذا العيد أن نعيش بسلام، مسلمين ومسيحيين، أتمنى أن نظل مجموعين".
مسلمو العراق يصنعون الفارق
مروة، فتاة عراقية مسلمة، اعتادت على زيارة الكنيسة في منطقة العشار وسط محافظة البصرة، للدعاء وطلب تحقيق الأمنيات، كما أنها لا تنسى مشاركة المسيحيين احتفالاتهم بعيد الميلاد المجيد.
قالت لقناة "الحرة": "نحن في كل عام نأتي هنا صباحا ونشارك إخواننا المسيحيين احتفالهم. إن شاء الله، أكيد، سنوقد شمعة ونتمنى أمنية".
وتضيف: "لسنا في الفرح فقط، كلما شعرنا بضيق، نأتي إلى الكنيسة هنا ونشعل الشموع ونسمع التراتيل الميلادية".
وفي كنائس البصرة، تتوافد عشرات الأسر البصرية من جميع المكونات للاحتفال بعيد الميلاد المجيد مع شركائهم في الوطن من المسيحيين.
في غضون ذلك، حرص نجوم عرب على مشاركة صور احتفالهم بعيد الميلاد، مثل النجم المصري في صفوف نادي ليفربول الإنكليزي لكرة القدم، محمد صلاح.
راعي الكنيسة السريانية بالبصرة، بطرس عبو، قال إن "ثلاثة أرباع الحضور كانوا من المسلمين".
وقال خلال مقابلة مع "الحرة" إن "الناس الذين يزورون الكنيسة ويشاركون المسيحيين، أكثر بكثير من المسيحيين أنفسهم. نشكر الله، هذه علامة على المحبة المجانية التي تتجاوز اختلافات الإيمان. نحن متحدون بالله".
أما المواطن عماد نعيم، وهو أيضا مسيحي من أهالي البصرة، قال إن "تواجد المسلمين ومشاركتهم في هذه المناسبة كان مستمرا. كانوا يشاركوننا منذ سنوات في التبريك قبل مواعيد المناسبة، وكذلك في تزيين الأشجار".
وتابع: "شارك الجميع في تزيين شجرة الميلاد، في البيت، في المحلات، في السوق، هذه ظاهرة رائعة وجميلة".
وتُشير التقديرات إلى أن عدد المسيحيين في العراق شهد انخفاضًا كبيرًا منذ عام 2003. في ذلك العام، كان يُقدَّر عددهم بحوالي 1.5 مليون نسمة، أي ما يعادل 6% من إجمالي السكان البالغ عددهم 26 مليون نسمة حينها.
بحلول عام 2021، أظهرت تقارير مفوضية حقوق الإنسان العراقية أن عدد المسيحيين المتبقين في العراق بلغ حوالي 250 ألف نسمة.
سوريا.. أول عيد بعد "الأسد"
في دمشق، أقام رجال أمن ملثمون تابعون لإدارة العمليات العسكرية حواجز على الطرق لحراسة كنيسة المدينة وحماية المصلين داخلها.
غاني إسحق، العضو في اللجان الشعبية بمنطقة القصور، قال لقناة "الحرة": "الذي نراه اليوم جميل جدا. أمر مهم أن تحس أن هناك من يحرسك".
وكانت إدارة العمليات العسكرية بدمشق أرسلت تطمينات للطائفة المسيحية، التي عبرت عن تخوفها من أي تفجيرات قد تطال دور العبادة أو الاحتفالات خلال أيام العيد، وهو ما عبرت عنه إحدى المواطنات المسيحيات في حديث لقناة "الحرة".
هذه المواطنة، ختمت حديثها بنبرة تفاؤل: "إن شاء الله فترة زمنية مؤقتة وبيرجع كل شيء يكون منيح".