FILE PHOTO: Former U.S. President Jimmy Carter attends an interview with Reuters in Cairo
اسم كارتر ارتبط لدى كثير من العرب باتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل التي فتحت المجال لعدة اتفاقات لاحقة

توفي، الأحد، جيمي كارتر، المزارع الجورجي الذي أصبح رئيسا للولايات المتحدة، وحصل عام 2002 على جائزة نوبل للسلام بفضل نشاطه في مجال حقوق الإنسان.

في الأول من أكتوبر الماضي، دخل كارتر نادي الـ100 عام.

كان عهد كارتر بعد الرئاسة يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه أكثر نجاحًا من فترة رئاسته في البيت الأبيض، ووصفه بأنه "أكثر إرضاءً".

حتى في تسعينياته، واصل حملته من أجل حقوق الإنسان، وكتب العديد من الكتب، وبنى المنازل للمحتاجين ، وسافر حول العالم في سعيه لتحقيق السلام.

من هو؟

وُلد كارتر، الذي نادرا ما استخدم اسمه الكامل "جيمس إيرل كارتر جونيور"، في الأول من أكتوبر عام 1924 في بلينز بولاية جورجيا، وفقا لموقع البيت الأبيض على الإنترنت.

تخرّج الرئيس الـ39 للولايات المتحدة، من الأكاديمية البحرية في أنابوليس بولاية ماريلاند عام 1946، وتزوج بعدها من روزالين سميث.

أنجب الزوجان ثلاثة أبناء: جون ويليام (جاك)، جيمس إيرل الثالث (تشيب)، دونيل جيفري (جيف)، وابنة واحدة، آيمي لين.

بعد سبع سنوات من الخدمة كضابط بحري، عاد كارتر إلى بلدته بلينز ودخل معترك السياسة المحلية عام 1962. وبعد ثماني سنوات، انتُخب حاكما لولاية جورجيا.

برز بين الحُكام الجنوبيين الشباب بتركيزه على حماية البيئة، تحسين كفاءة الحكومة، وإزالة الحواجز العنصرية.

أعلن كارتر ترشحه للرئاسة في ديسمبر 1974، وأطلق حملة طويلة استمرت عامين اكتسبت زخما تدريجيا.

حصل على ترشيح الحزب الديمقراطي في الجولة الأولى من التصويت في المؤتمر الحزبي، واختار السيناتور والتر مونديل من مينيسوتا نائيا له.

خاض كارتر حملة شرسة ضد الرئيس الجمهوري جيرالد فورد، وتواجه معه في ثلاث مناظرات.

فاز كارتر بالانتخابات بـ297 صوتا انتخابيا مقابل 241 لفورد.

سياسته الداخلية

على الصعيد المحلي، عمل كارتر بجد لمواجهة الأزمات الاقتصادية المستمرة، مثل التضخم والبطالة. وبنهاية فترة رئاسته، حقق إضافة قُدّرت بنحو ثمانية ملايين وظيفة جديدة وتقليل العجز في الموازنة كنسبة من الناتج القومي الإجمالي.

ومع ذلك، ظل التضخم ومعدلات الفائدة عند مستويات قياسية، ما أدى إلى ركود اقتصادي قصير.

حقق كارتر العديد من الإنجازات، حيث واجه أزمة الطاقة بتبني سياسة وطنية خاصة، ألغى بموجبها الضوابط على أسعار البترول المحلية لتعزيز الإنتاج.

حسّن كفاءة الحكومة من خلال إصلاح نظام الخدمة المدنية، وقام بتحرير قطاعي النقل والشحن الجوي. كما وسّع نظام المتنزهات الوطنية، خاصة بحماية 103 ملايين فدان من الأراضي في ألاسكا.

ولتعزيز الخدمات الاجتماعية، أنشأ وزارة التعليم، ودعم نظام الضمان الاجتماعي، وعيّن أعدادا قياسية من النساء والسود واللاتينيين في الوظائف الحكومية.

في السياسة الخارجية، اعتمد كارتر نهجا فريدا، حيث ركّز على الدفاع عن حقوق الإنسان، ما أثار برودا في العلاقات مع الاتحاد السوفيتي وبعض الدول الأخرى.


سياسته الخارجية

ساعد كارتر من خلال اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 على تحقيق السلام بين مصر وإسرائيل. كما نجح في المصادقة على معاهدات قناة بنما، وأقام علاقات دبلوماسية كاملة مع جمهورية الصين الشعبية، وأتمّ مفاوضات معاهدة "سالت 2" للحد من الأسلحة النووية مع الاتحاد السوفيتي.

رغم ذلك، واجه كارتر نكسات كبيرة، أبرزها الغزو السوفيتي لأفغانستان ما أدى إلى تعليق خطط المصادقة على معاهدة "سالت 2".

هيمنت أزمة احتجاز موظفي السفارة الأميركية في إيران على آخر 14 شهرا من رئاسته.

ساهمت هذه الأزمة، إلى جانب التضخم المستمر، في هزيمته الانتخابية عام 1980. 
ورغم ذلك، استمر في التفاوض حول قضية الرهائن حتى اللحظة الأخيرة. ما عجل بإفراج إيران عن 52 أميركيًا في نفس اليوم الذي غادر فيه كارتر منصبه.

رئيسا الجزائر وفرنسا في لقاء سابق
رئيسا الجزائر وفرنسا في لقاء سابق

تجمع تحاليل الخبراء على أن العلاقات المتوترة بين الجزائر وفرنسا لا تؤثر على المصالح الاقتصادية والثقافية والاجتماعية المشتركة، في وقت تجاوزت المبادلات التجارية بينهما 11مليار دولار سنويا خلال السنوات القليلة الماضية.

وسجلت التبادلات التجارية الفرنسية الجزائرية ارتفاعا بنسبة 5,3 بالمئة على أساس سنوي في 2023، لتصل إلى 11,8 مليار يورو، مقارنة بـ 11,2 مليار يورو عام 2022، وفق فرانس برس.

وبلغت قيمة الصادرات الفرنسية إلى الجزائر 4,49 مليارات يورو عام 2023، بينما بلغ إجمالي واردات السلع الجزائرية إلى فرنسا 7,3 مليارات يورو. 

وفي عام 2023، احتفظت الجزائر بمكانتها، بصفتها ثاني أهم سوق للمبيعات الفرنسية في أفريقيا.

وتتصدر الجزائر المرتبة الثانية في قائمة البلدان الأفريقية الشريكة تجاريا لفرنسا، إذ بلغت قيمة المبادلات بين البلدين 8 مليار يورو خلال2021.

كما احتلت فرنسا المرتبة الثانية في قائمة الموردين إلى الجزائر خلال سنة 2020، بعد الصين، بنسبة واردات تبلغ 10،6 في المئة، والمرتبة الثانية في قائمة عملاء الجزائر بعد إيطاليا بنسبة صادرات جزائرية تبلغ 13،3 في المئة، وفق تقرير للخارجية الفرنسية على موقعها الرسمي.

وفي مجال المحروقات، فإن لفرنسا استثمارات قوية في الجزائر، إذ توفر منشآتها زهاء 40 ألف وظيفة مباشرة و100 ألف وظيفة غير مباشرة. 

إضافة إلى استثمارات في قطاع الخدمات والبنوك والنقل والطاقة الكهربائية والزراعة، فضلا عن تعاون مؤسساتي تحكمه اتفاقيات ومعاهدات شتى، وفق المصدر نفسه.

وكانت فرنسا استوردت كمية هامة من الغاز الجزائري المسال المصدر في 2024، بلغت 3.26 مليون طن، متجاوزة إسبانيا وإيطاليا. 

واستوردت فرنسا 1.66 مليون طن، والثانية 1.39 مليون طن، وفقا لتقرير "مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في 2024"، الصادر عن وحدة أبحاث منصة "الطاقة" الذي تداولته، الإثنين، وسائل إعلام جزائرية.

كما ترتبط الجزائر بعدة اتفاقيات تخص الإقامة، العمل والتنقل بين البلدين، أشهرها معاهدة الهجرة لعام 1968 التي تمنح الجزائريين امتيازات في اتنقل والتأشيرة.

وفي المجال الثقافي الفرنسي بالجزائر، فإن زهاء ألف طالب يدرسون بالثانوية الدولية بالجزائر العاصمة، وقرابة 500 تلميذ يدرسون بالابتدائية، كما تنشط خمسة معاهد ثقافية في العاصمة وقسنطينة، ووهران، وعنابة وتلمسان.

الشراكة القوية وأزمة الطاقة

وتعليقا على هدوء جبهة الاقتصاد على عكس عاصفة الخلافات السياسية بين الجزائر وفرنسا، يؤكد خبير الشؤون المالية والاقتصادية، نبيل جمعة، أن التبادلات التجارية سجلت "زيادة" ملحوظة خلال السنوات الماضية "لم تتأثر" بموجة التوتر السياسي.

ويرجع جمعة ذلك، في حديثه لموقع "الحرة"، إلى كون فرنسا "أهم وأقرب شريك اقتصادي للجزائر منذ التسعينيات"، مضيفا أن الجزائر تستورد "الكثير من المنتجات الفرنسية الصناعية والغذائية والصيدلانية، مقابل النفط والغاز بشكل رئيسي".

ويرى المتحدث أن أزمة الطاقة التي عرفتها أوروبا بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، "عززت الشراكة بين الجزائر وفرنسا التي دعمت استثماراتها في الجزائر، ووقعت اتفاقيات التنقيب واستخراج النفط التي تمتد إلى آفاق سنة 2026".

ويشير نبيل جمعة إلى أن الشركات الفرنسية تعمل وفق مبدأ "استقلالية" القرار الاقتصادي عن التوترات السياسية لحكومة بلدها مع العواصم الشريكة، مضيفا أن ذلك انعكس "إيجابيا في الشق الاقتصادي الذي لم يتأثر رغم حدة الخلافات الجزائرية الفرنسية".

خلاف سياسي بعيدا عن الاقتصاد

وإذا كانت العلاقات الاقتصادية والثقافية تشهد استقرارا ملموسا، فإن أزمة سياسية متصاعدة، خصوصا في الفترة الأخيرة.

وبدأت الأزمة بإعلان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، شهر يوليو الماضي، اعتراف بلاده بمسار الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب كحل لنزاع بشأن إقليم الصحراء الغربية. 

وأعقب ذلك، سحب الجزائر لسفيرها في باريس، وإلغاء زيارة الرئيس عبد المجيد تبون التي كانت مقررة لفرنسا في خريف العام الماضي.

واعتقلت السلطات الجزائرية الكاتب بوعلام صنصال، منتصف نوفمبر الماضي، بتهمة "المساس بأمن الدولة"، استنادًا إلى المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، التي تُصنّف مثل هذه الأفعال كأعمال إرهابية.

وظل اعتقاله محور التوتر الذي بات يطبع علاقة البلدين، وأمس دعا وزير العدل الفرنسي، جيرالد دارمانان، إلى "إلغاء" اتفاقية عام 2013 التي تتيح للنخبة الجزائرية السفر إلى فرنسا بدون تأشيرة، في وقت تصاعدت حدة الخلافات، عقب دعوة ماكرن الجزائر للإفراج عن صنصال معتبرا أن قضيته "تسيئ للجزائر".

وعليه، يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، إدريس عطية، أن الخلاف بين البلدين في جوهره "سياسي وليس اقتصادي"، لذلك تم "استبعاد" القضايا الاقتصادية من الجدل الدائر اليوم في العاصمتين.

ويذكر عطية لموقع "الحرة" أن مستوى التأثر الاقتصادي بالخلافات السياسية بين الجزائر وفرنسا يبقى بسيطا، مضيفا أن العلاقات "نوعية وقوية بين البلدين"، لذلك لا يمكن أن تتأثر الجوانب الاقتصادية والاجتماعية بالخلاف السياسي".

ويعتقد المتحدث أن البيانات الأخيرة للجزائر تحمل في طياتها "خطابا للتهدئة"، مشيرا إلى أنها تؤكد في مجملها على "أهمية الحفاظ على الحقوق التاريخية للجالية الجزائرية بفرنسا، وعدم توظيف الأزمات الداخلية لفرنسا في الشأن الجزائري".