يثير نشاط الجماعات المسلحة المرتبطة بالأعمال الإرهابية وتهريب السلاح والمخدرات والمهلوسات، قلقا متزايدا في الجزائر بشأن أمنها على حدودها مع دول الساحل، والصحراء الكبرى.
وعلى الرغم من جهود الجيش الجزائري في تحييد عشرات الجماعات والمسلحين خلال عام 2024، إلا أن هذه الجماعات تواصل نشاطها في المناطق الحدودية مع مالي والنيجر وليبيا، مما يعزز المخاوف الأمنية في المنطقة.
من وجهة نظر خبراء في الأمن، تُعتبر مواجهة الجيش الجزائري للجماعات الإرهابية في منطقة الساحل "خيارا استراتيجيا" بالغ الأهمية، خاصة في ظل انسحاب القوات الأميركية من النيجر، وانسحاب القوات الفرنسية من مالي.
قال الخبير الأمني حسام حمزة خلال مقابلة مع موقع "الحرة" إن "اعتقال عناصر جماعة مسلحة ذات صلة بالجريمة العابرة للحدود، يعد بمثابة إثبات على استمرار وجود الإرهاب كتهديد خطير للأمن القومي الجزائري".
قال أيضا إن "اليقظة الاستراتيجية، والاستعداد الدائم لمواجهة أي نشاط إرهابي محتمل على الحدود الجزائرية الجنوبية، هي أمور حتمية تؤكدها هذه الأحداث. كما تبرز هذه التطورات ضرورة التحضير للتعامل مع أي تهديد في أي لحظة".
وفي أحدث التطورات المتعلقة بنشاط هذه الجماعات، اعتقلت مصالح الأمن الجزائرية 6 عناصر ينتمون إلى مجموعة إرهابية، بينهم اثنان من جنسية أجنبية.
نفذت العملية في ولاية إليزي، أقصى الجنوب الشرقي للبلاد، بالقرب من الحدود مع ليبيا. وخلالها، تم حجز أسلحة وذخيرة حربية، بالإضافة إلى كمية من المؤثرات العقلية تفوق مليوني كبسولة، وأجهزة حساسة، فضلاً عن مركبات رباعية الدفع.
وفي تطور آخر، أشرفت وحدات الجيش الجزائري الأسبوع الماضي على تسليم "الإرهابي" رقادي سيد أحمد، المدعو أبو البراء، نفسه للسلطات العسكرية في برج باجي مختار، وهي منطقة حدودية مع مالي وموريتانيا، وبحوزته أسلحة وذخيرة، كما أفادت وزارة الدفاع الجزائرية في بيان لها.
قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، توفيق بوقاعدة خلال مقابلة مع موقع "الحرة" إن "الجريمة العابرة للحدود في منطقة الساحل تعيد ترتيب آلياتها وطرقها للبقاء والاستمرار".
وأضاف أن "الحلول الأمنية لم تُسفر عن نتائج حاسمة بسبب اتساع الرقعة الجغرافية التي تتحرك فيها هذه الجماعات، بالإضافة إلى درايتهم الواسعة بطرق التهرب من نقاط المراقبة والتفتيش".
ويعزي بوقعادة أسباب "فشل" السياسة الأمنية التي تعتمد عليها بعض الحكومات الأفريقية إلى "غياب التمويل، وغياب الاستقرار السياسي في دول الساحل".
وفي إطار العمليات الأمنية لمكافحة الإرهاب، تمكنت وحدات الجيش الجزائري في النصف الأول من سنة 2024 من تحييد 30 "إرهابيا"، وتوقيف 223 عنصر دعم. كما تم الكشف عن وتدمير 10 مخابئ كانت تستخدمها الجماعات الإرهابية، وفقًا لما أعلنته وزارة الدفاع الجزائرية.
واقترح بوقاعدة إشراك الهيئات الإقليمية والأمم المتحدة في تبني خطط استراتيجية تهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة، وعلى رأسها التنمية المستدامة للمناطق التي تنشط فيها الجماعات المسلحة، وذلك لوقف تمددها.
وطرحت الجزائر في مناسبات عدة، مقاربة تتضمن التركيز على التنمية في منطقة الساحل، بهدف دعم الاستقرار السياسي والأمني في تلك المناطق.
كما دعت العام الماضي، إلى تنظيم مؤتمر دولي للتنمية في منطقة الساحل، في خطوة لتعزيز التنسيق الإقليمي والدولي في مواجهة التحديات الأمنية في هذه المنطقة.