كانوا على يقين أن تنظيم داعش هو الذي اختطف ابنهم، عثمان، عندما اختفى قبل تسع سنوات، لكنهم تفاجأوا قبل أيام، باسمه مدرجا في قائمة بأسماء معتقلين في سجون نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد. كيف حدث ذلك؟
يقول شقيقه، نهاد علاش، لموقع "الحرة" إن المعلومات التي وصلتهم حينها أكدت أن مسلحي داعش اختطفوا عثمان عام 2015، ولم يصلهم أي بلاغ من نظام الأسد قبل سقوطه، بأنه معتقل.
والثلاثاء، أشار المرصد السوري لحقوق الانسان إلى ارتفاع أعداد القتلى في سجون الأسد، منذ انطلاق الثورة السورية، إلى أكثر من 67425 مدنيا من أصل أكثر من 105 آلاف.
ويؤكد المرصد أن أكثر من 83% منهم قتلهم النظام داخل معتقلاته في الفترة بين عامي 2013 – 2015.
ورد اسم "عثمان علاش نعسان" في التسلسل رقم 34 ضمن قائمة تضم أسماء 42 سجينا، مرفقة بخطاب رسمي صادر من فرع الشرطة العسكرية في دمشق بتاريخ 19 أغسطس 2017.
وكان الخطاب موجها إلى الأمانة العامة للتسجيل المدني، ينص على أن الواردة أسماؤهم ومعلومات هوياتهم في القائمة المرفقة هم سجناء متوفون.
لكن عائلة علاش لم تتلق أي خطاب حكومي بأن ابنهم توفي أثناء الاعتقال، وبقي مصيره مجهولا حتى سقوط النظام.
يتذكر نهاد علاش الذي يعيش في ألمانيا آخر اتصال له مع شقيقه، عثمان، في أغسطس 2015، وهو اليوم الذي اختفى فيه.
يقول نهاد لـ"الحرة" إن عثمان أخبره في المكالمة أنه "كان في زيارة لأقاربنا في بلدة ديرك، شمال شرق سوريا".
وكان في طريق العودة إلى دمشق حيث كان يقيم ويعمل حدادا، لكن بعد المكالمة بأربع ساعات "حاولت الاتصال به، لكن لم أتمكن من الوصول إليه وأصبح هاتفه خارج التغطية".
لم تتوقف عائلة علاش عن البحث عن ابنها في دمشق وفي حلب وفي أنحاء أخرى من سوريا، لكن لم يعرف أي شخص معلومات عنه.
ويلفت نهاد إلى أن فرضية اختطافه على أيدي مسلحي داعش كانت الأقرب إلى الحقيقة، لأن الفترة التي اختفى فيها شقيقه تزامنت مع اختفاء كثير من السوريين الذين كان يختطفهم تنظيم داعش، خاصة على الطريق بين كوباني (عين العرب) وحلب.
كان عثمان علاش الوحيد الباقي، من بين أفراد عائلته، في سوريا. فالجميع اضطروا أثناء الـ 13 عاما الماضية من الثورة السورية، إلى مغادرة سوريا، بعضهم إلى إقليم كردستان العراق، وبعضهم الآخر، وضمنهم شقيقه نهاد، إلى تركيا ومنها إلى ألمانيا.
في 24 ديسمبر الماضي، نظم نهاد مراسم عزاء لشقيقه في ألمانيا بعد 10 أعوام على اختفائه، ورغم أن العائلة لم تعثر بعد على رفات ابنها، تعتبره في عداد المتوفين، وتنتظر العثور على رفاته.
تواصل موقع "الحرة" مع مدير رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، دياب سرية، للتأكد من صحة الوثيقة والقائمة التي ورد فيها اسم "عثمان علاش".
"هذه القائمة صحيحة وهي صادرة من الشرطة العسكرية في النظام السابق، لكن ليس شرطا أن يكون علاش ضمن معتقلي صيدنايا، قد يكون ضمن معتقلي فرع الأمن وتوفي هناك"، يقول سرية لموقع "الحرة".
ويرجح سرية أن يكون عثمان قد "توفي تحت التعذيب او محكوم بالإعدام في محكمة ميدانية".
ظهور اسم عثمان المختطف على أيدي "داعش" في سجون الأسد، أثار حالة من الترقب، ليس لدى ذوي المختطفين في سوريا فحسب، بل دفع بذوي المختطفات والمختطفين الأيزيديين لدى التنظيم في العراق إلى متابعة الأخبار والمعلومات الواردة عن السجون والمقابر الجماعية في سوريا بحثا عن ذويهم.
"انتظر تحرير 5 مختطفات من عائلتنا منذ سنوات، لذلك نترقب إعلان قائمة أسماء المعتقلين في سجون سوريا، للتعرف على أماكن وجودهن"، يقول سلطان محمود، وهو شاب أيزيدي من ناحية القحطانية التابعة لقضاء سنجار غرب الموصل، لـ"الحرة".
ووفق محمود، باتت وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي المتنوعة المرتبطة بالوضع السوري تحظى باهتمام كبير من قبل ذوي المختطفات والمختطفين في العراق، بحثا عن أي معلومة سواء كانت كبيرة أو صغيرة تقودهم إلى معرفة مصير ذويهم.
في تصريح لموقع "الحرة"، يوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، كيفية وصول المختطفين لدى تنظيم داعش إلى سجون نظام الأسد.
"غالبا هذا النوع من السجناء والمختطفين، كانوا محتجزين في سجون تنظيم داعش، وعندما سيطر النظام على المنطقة التي كانوا مسجونين فيها، أخذ هؤلاء السجناء إلى معتقلاته، ولهذا أسماؤهم موجودة ضمن معتقلي النظام".
وبحسب إحصائيات المرصد السوري، يأتي سجن صيدنايا في المرتبة الأولى من حيث عدد المعتقلين المقتولين أثناء الاعتقال، وقد بلغ أكثر من 30 ألف قتيلا، فيما حل سجن إدارة المخابرات الجوية في المرتبة الثانية بعد صيدنايا.