أديغة يتظاهرون أمام السفارة الروسية في تركيا في ذكرى تعرضهم للإبادة - AFP
أديغة يتظاهرون أمام السفارة الروسية في تركيا في ذكرى تعرضهم للإبادة - AFP

عاشت عالمة الاجتماع الأديغية شولن شانلي حياتها بين تركيا والولايات المتحدة، وهي تنتمي إلى اللامكان. يساورها شعور دائم بالحنين لوطن لم تعش فيه، ولا يمكنها إيجاده.

هذا الوطن، بالنسبة للأكاديمية في جامعات أميركية، تحمله معها أنّى ارتحلت. 

وتحاول شانلي الاقتراب من المهاجرين طوعا وقسرا، أينما وُجدوا، بقصتها الشخصية، لتضيء على الإبادة الجماعية التي حلّت بشعب الأديغة على يد الإمبراطورية الروسية.

أديغيه بزيه هي اللغة التي تجمع قبائل الأديغة الـ12، بعد قرار اتخذوه في القرن التاسع عشر للوحدة بوجه طغيان الرّوس.

لكن هذه اللغة اليوم في خطر بحسب اليونسكو. المتحدثون بها لا يصلون بالكاد إلى مليون شخص، أكثرهم يعيشون في روسيا.

صورة لجدة شولن بعد التهجير لتركيا، عرضتها في مشروع حول قصة الأديغيه انطلاقا من تاريخها الشخصي

تمتد جذور شانلي إلى قبيلة "أوبوخ" في شمال القوقاز، وكانت لهم لغة خاصة انقرضت بوفاة آخر متحدث بها عام 1992.

الأديغة، كما يسمون أنفسهم، هم الشركس، وفق التسمية الأكثر شيوعا في الأوساط غير الأديغية.

من المهم بالنسبة لشانلي اعتراف الدول بأن ما حدث لشعبها خلال 100 سنة بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، إبادة جماعية.

قالت ذلك في 2021 عبر بودكاست أميركي. حينها كانت جورجيا فقط اعترفت بالإبادة (مايو 2011). 

لكن يناير الحالي شهد لحظة تاريخية جديدة للأديغة. ففي التاسع منه، اعترفت أوكرانيا بالإبادة التي تعرضوا لها على يد روسيا القيصرية.

مقاومة الطغيان الروسي

قبل أيام، نقلت السفيرة الأوكرانية في الأردن، بشارة في التاسع من يناير للأديغة. خاطبتهم "أيها الإخوة بالروح والسلاح". 

تشير بذلك إلى التاريخ المشترك في المقاومة المسلحة لواحدة من أعتى القوى في العالم؛ روسيا القيصرية.

وقالت ميروسلافا شيرباتيوك إن "أصوات الشركس التي تم إسكاتها عبر قرون من الظلم، باتت الآن تصدح بقوة في أروقة برلماننا".

فقد اعترف البرلمان الأوكراني (رادا العليا) بوقوع الإبادة الجماعية للشعب القوقازي (1763–1864).

العديد من أديغة الأردن، التي يقيم بها عدد كبير منهم، تلقوا الخبر بفرح وأكدوا على أهميته، وأن تحذو دول أخرى في الأمم المتحدة حذو أوكرانيا وجورجيا.

وأضافت شيرباتيوك أن اعتراف بلادها دليل على التزامها بالتضامن مع الشعوب المضطهدة في الإمبراطورية الروسية السابقة.

كما يعبر عن "الشجاعة الأخلاقية والإنسانية المشتركة وعدالة التاريخ"، وفق تعبيرها.

وتابعت شيرباتيوك "لطالما فهمت أوكرانيا الألم المدمر للكارثة التي تعرض لها الشركس، والقوة الهائلة المطلوبة لمواجهتها حتى يومنا هذا".

واعتبرت أن الإقرار بالإبادة جسر بين الشعبين الأوكراني والشركسي في شتاته. إنه جسر من الأمل والذاكرة والوحدة.

وأكدت شيرباتيوك على أن الفظائع التي ارتكبتها روسيا على مر الزمان لن تُنسى، كذلك ستستمر أوكرانيا بمقاومة العدوان الروسي بأشكاله.

قرار من قلب المأساة

مجموعة "العدالة لشمال القوقاز"، احتفت بهذا الاعتراف الأوكراني عبر استذكار أبيات الشاعر التونسي أبي القاسم الشابي الشهيرة "إذا الشعب يوماً أراد الحياة".

وقالت في بيان إن الاعتراف بالإبادة الجماعية للشركس "بادرة أمل" لكنها "ممزوجة بحزن عميق على الأرواح التي فُقدت في الحرب الوحشية".

ولكونه جاء من دولة تقاوم الغزو الروسي منذ ثلاث سنوات، يكتسب الاعتراف بعداً أعمق.

جاء في البيان "رغم أن أوكرانيا واجهت هجمات الغزاة والطغاة. ورغم الخيانة والقتل والدمار الناتج عن الهجمات المستمرة، لا تزال تقاوم محاولات تقويض مكانتها كدولة مستقلة ذات سيادة".

ووصفت اعتراف البرلمان بأنه "شجاع وصادق" تجاه معاناة الأمة الشركسية.

وتأمل المنظمة الشركسية بأن تتخذ دول أخرى خطوة مشابهة.

وأكدت على القاسم المشترك بين الأديغة والأوكران، فكلاهما يقاوم الطموحات الاستعمارية لروسيا منذ العهد الإمبراطوري حتى الآن.

حرب القوقاز

كان أحد أسباب التوسع الروسي في القوقاز هو الوصول إلى داغستان — ديربنت بعده إلى بحر قزوين. 

فقد كتب مسافر فرنسي في أوائل القرن الثامن عشر أن التجارة مع الجبال كانت تجلب لفرنسا عشرات الآلاف من العملات الذهبية.

هذا الأمر جذب الروس الطامعين بخيرات بلاد القوقاز. بدأ الأمر بالترويج لصورة سكان الجبال على أنهم "همج" وأحقية قتالهم، بحسب البروفيسور في العلوم التاريخية ديمتري بيلو.

كما تميزت مناطق الأديغة بأنظمة زراعية واقتصادية فريدة وسابقة لعصرها، دون إيذاء البيئة من حولهم.

حتى عندما وقعت المعارك الشرسة وأسر الشركس مقاتلين روس، كان يمكنهم كما فعل عدوهم، يقول بيلو، أن يحرقوا الأراضي والمساكن، لكنهم لم يفعلوا.

روسيا الإمبراطورية والسوفييتية اعتمدت تاريخ الحرب بين 1817 و1865، لكنها في الواقع الواقع بدأت قبل ذلك بكثير. 

أضاف بيلو "الشركس يحددون بداية هذه الحرب من عام 1763 ويؤكدون أن المواجهة العسكرية استمرت 101 سنة".

صورة أرشيفية للحرس الملكي الشركسي في الأردن- أ ف ب

واعتبر بيلو، وهو مدير قسم أبحاث "الهولودومور" في المتحف الوطني لـ"الهولودومور-الإبادة الجماعية"، أن الحرب مع الأديغة كانت أطول حرب استعمارية خاضتها روسيا في تاريخها الإمبراطوري.

والهولودومور، وتعني "القتل بالتجويع"، هي المجاعة التي حاقت بأوكرانيا السوفيتية في الموسم الزراعي 1932 - 1933.

روح جبليّة عصيّة الكسر

يختلف المؤرخون على أصل تسمية الأديغة بالشركس أو الجركس، إلا أن الكاتب عادل عبد السلام لاش، كتب عن ذلك في أحدث مؤلفاته "المجتمع الشركسي في سورية".

يقول إنها تعود لمنتصف القرن الثالث عشر، حيث ظهرت في وثيقة رسمية مكتوبة لأول مرة عام 1245، في رسالة كتبها جان دوبلان دوكاربان موفد البابا إينوسنت الرابع إلى خان المغول.

و أصبح الاسم متداولاً في الأوساط غير الشركسية، والإسلامية في عهود سلاطين الأيوبيين والترك والجركس، وفق لاش.

وتابع "كما استخدمت في عهد الدولة الجركسية في الشرق الأوسط بالذات (1382-1517م)، التي عرفت بـ (دولة السلاطين الجراكسة)".

ويحيي الأديغة حول العالم، ذكرى ضحايا الإبادة الجماعية في 21 مايو من كل عام. 

وقال بيلو، في خطاب بذكرى الإبادة، إن شعب الأديغة "فريد جداً".

ورغم الخصائص الإثنية لكل قبيلة، وحدتهم قوانين عُرفية: لغة، قرابة، أرض عاشوا فيها آلاف السنين.

في مايو 1864، وقعت آخر معركة بين المحاربين الأديغة والقوات الروسية في منطقة كراسنايا بوليانا قرب سوتشي، حيث قُتل جميع المحاربين.

يتحدث الشاعر الأوكراني تاراس شيفتشينكو عن هذه المعركة في قصيدته "القوقاز" قائلا: "وراء الجبال، جبال، مغطاة بالغيوم، مزروعة بالحزن، غارقة في الدماء".

يبين ديمتري بيلو، أن القوات الروسية دفعت الأديغة الذين بقوا في الجبال، أراضيهم الأصلية، نحو الساحل في مشروع تهجير قسري نحو تركيا.

لقي الآلاف مصرعهم بين فصلي الخريف والشتاء على ساحل البحر الأسود. 

بعض الشهود وصفوا بدموع حرّى "كان الطريق مفروشاً بالجثث. الناس يتجمدون، ويموتون من الأمراض والجوع".

دفع الأديغة كل ما لديهم من أجل الصعود للسفن، بعضها غرق بسبب حملها أكثر من طاقتها الاستيعابية.

شركس من سوريا، صورة أرشيفية التقطت عام 1950- أ ف ب

50 في المئة من أولئك اللاجئين لأراضي الدولة العثمانية قضوا في الطريق، وفق مصادر تاريخية ذكرها بيلو.

وقبل الإبادة الجماعية قدرت أعداد الأديغة بمليوني شخص. لم يبق منهم بعد التهجير للإمبراطورية العثمانية سوى 10في المئة.

من بقوا على قيد الحياة زرعوا في نفوس الأجيال اللاحقة ثقافة، كان الكثير يظن أنها ستندثر بسبب عدم تدويل قضيتهم حتى نهايات القرن العشرين.

وهو الذي جعل شانلي تحفر عميقاً في تاريخ أجدادها، لأنه بالنسبة لها التعريف الحقيقي لمعنى الانتماء.

"لماذا أنا في تركيا"، كان السؤال الذي راودها في بلد ولدت وترعرت فيه، مع عائلتها الأديغيّة.

تخبر شونلي عن الشركس الذين وصلوا السواحل في عزّ البرد، مات الكثير منهم بالمرض والجوع وصارت جثثهم طعاماً لأسماك البحر الأسود.

قالت "أخبرتني أمي أن الكثير من الشركس حتى اليوم لا يتناولون طعام البحر.. يشعرون أنهم يأكلون لحم أجدادهم".

طائرة فوق أجواء بيروت - فرانس برس
طائرة فوق أجواء بيروت - فرانس برس

تزايد الاهتمام الدولي بمراقبة التدفقات المالية المرتبطة بحزب الله اللبناني المدعوم من إيران، وأخذت دول عدة في المنطقة تدابير صارمة لمراقبة جميع القنوات المالية، وضمان عدم استغلالها في نقل الأموال التي تساهم بدعم الأنشطة المخالفة للقوانين الدولية.

واتهم العراق خلال السنوات القليلة الماضية، بأنه كان واحدا من أهم المعابر، إلى جانب سوريا بشار الأسد، في نقل الدعم اللوجسيتي الإيراني إلى حزب الله في لبنان. وكانت بغداد تنفي ذلك.

اليوم، يؤكد مسؤولون وخبراء أن السلطات العراقية تتخذ إجراءات للتأكد من عدم استغلال أي طرف لمساراتها الجوية والأرضية لخرق القنوانين الدولية.

كانت عمليات دعم حزب الله "تتم بتمويل إيراني، وأحيانا بأموال عراقية"، يقول أستاذ العلوم السياسية، قحطان الخفاجي، لموقع "الحرة".

ويضيف الخفاجي أن إيصال الدعم لحزب الله باستخدام طائرات عراقية استمر لسنوات طويلة. 

"وأيضاً عبر قنوات برية من العراق إلى سوريا، ثم إلى لبنان، خصوصاً أن الحدود السورية اللبنانية كانت مفتوحة، باعتبار أن النظام السوري كان مواليا لإيران، مما سهّل نقل تلك الأموال".

وأشار إلى أن "سطوة حزب الله على القرار اللبناني كانت تدعم هذا الأمر، فضلاً عن الطريق البحري الذي يمتد من سوريا إلى جنوبي لبنان، وهي منطقة نفوذ الحزب".

وكانت تلك العمليات تجري "بواسطة الفصائل العراقية الموالية لإيران، بالإضافة إلى جهات أخرى متنفذة غير الفصائل، لكن هذه العمليات توقفت بعد منتصف عام 2023"، أي قبل فترة قصيرة من هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.

واعتبر أنه "حاليا، لا توجد أي عمليات لنقل الأموال أو تهريبها إلى لبنان، لأن إدارة مطار بيروت لم تعد كما كانت سابقاً، تخضع لسيطرة حزب الله مباشرة أو لسيطرة جهات تابعة للحزب، كانت مسؤولة عن أمن المطار، وبدورها تسهم في تغطية مثل تلك العمليات".

مطار بيروت
بعد "حظر".. إيران تتطلع لمحادثات مع لبنان بشأن الرحلات الجوية
أعلنت إيران، السبت، أنها مستعدة لإجراء "محادثات بناءة" مع لبنان بهدف استئناف الرحلات الجوية بين طهران وبيروت، بعدما أثار حظر هبوط طائرتين إيرانيتين في العاصمة بيروت غضب أنصار حزب الله، المدعوم من إيران والمصنف بقائمة الإرهاب الأميركية.

وإذا كانت هناك محاولات حالياً لنقل الأموال إلى لبنان، فإنه "من المستبعد جدًا أن تتم بنفس الطريقة السابقة، حيث ستكون عرضة للتفتيش والإجراءات الأمنية الدقيقة"، وفق الخفاجي، الذي يعتبر أن "ما تناولته وسائل الإعلام في هذا السياق، يُعد بمثابة تحذير أكثر من كونه واقعاً حالياً".

وفيما يخص نقل الأسلحة وطائرات الدرون إلى لبنان، قال الخفاجي إن "أغلبها كان يصل عبر الطرق البرية التي تربط سوريا بلبنان".

وشدد على أن "وقف القتال المتفق عليه بين إسرائيل وحزب الله، يجعل أي دعم عسكري للحزب خرقاً للاتفاق، مما قد يدفع لبنان لتقديم شكوى ضد العراق، إذا ثبت تسهيله لنقل أموال للحزب".

وفي هذا الصدد، حذر من أن بغداد "قد تتعرض لعقوبات دولية كونها تدعم كيانات مصنفة على لائحة الإرهاب الدولية، لذا فإن العراق لن يخطو في أي مسار لدعم حزب الله".

روايات رسمية.. عراقية ولبنانية

قال مدير إعلام وعلاقات سلطة الطيران المدني العراقي، جهاد الديوان، في تصريح خاص لموقع "الحرة"، إن الخطوط الجوية العراقية وبقية الشركات الناقلة الوطنية "لم تقدّم أي شكوى رسمية إلى سلطة الطيران المدني العراقي بشأن خضوع الطائرات العراقية لعمليات تفتيش غير معتادة أو إجراءات أمنية استثنائية في لبنان".

ولفت إلى أن ما يحدث هو "إجراءات أمنية روتينية تتبعها السلطات اللبنانية، مشابهة لتلك التي تُتبع في العديد من الدول التي تستقبل رحلات من المطارات العراقية".

وأشار الديوان إلى أن سلطات الطيران المدني العربية والدولية، "تتمتع بالحق الكامل في إجراء عمليات تفتيش شاملة لجميع الطائرات التي تهبط في مطاراتها، بما في ذلك فحص المسافرين وأمتعتهم، والتحقق من الأوراق الثبوتية للطائرة، ومراجعة وجهتها وإجازات طاقمها".

وبيّن أن هذه الإجراءات "تتوافق مع القوانين الدولية المعمول بها بشكل عام".

كما أن سلطة الطيران المدني العراقي "تتمتع بذات الوقت بحقها بإجراء تدقيق أمني على أي شركة جوية تهبط في المطارات العراقية، فضلاً عن الشحن الجوي الذي يكون على متن تلك الطائرات".

ونفى مدير إعلام سلطة الطيران المدني العراقي، أن يكون على دراية بأية معلومات تشير إلى "وجود عمليات تفتيش استثنائية للطائرات العراقية في لبنان"، مشدداً على أنه لم يتم تلقي أي شكاوى من الشركات الناقلة العراقية حول هذا الموضوع.

وبدوره، علق المدير العام للطيران المدني اللبناني، فادي الحسن، على التقارير التي تفيد بأن الرحلات القادمة من العراق تخضع لتفتيش أمني دقيق في مطار رفيق الحريري الدولي، للتحقق من احتمال نقل أموال لصالح حزب الله.

وفي تصريح لموقع "الحرة"، نفى الحسن صحة هذه التقارير، مؤكداً أن تلك الرحلات "تخضع لنفس الإجراءات المعمول بها مع الطائرات الأخرى".

أمن المطارات.. تحديات خلف الأبواب المغلقة

ولتسليط الضوء على إجراءات الأمن المتبعة في المطارات، أكد الخبير في قطاع الطيران، فارس الجواري، لموقع "الحرة"، أن أمن المطارات الدولية "يُنفذ حسب المعايير الدولية للطيران المدني الصادرة عن منظمة الإيكاو"، وفقاً للملحق 17".

وأضاف أن الملحق "يحدد جميع الإجراءات الأمنية التي تفرضها المنظمة على سلطات الطيران في دول العالم كافة، وبناءً على ذلك تقوم سلطات الطيران بوضع خطة أمنية سنوية، يتم اعتمادها وإرسالها إلى جميع مطارات البلاد، حيث يعتمد كل مطار إجراءات أمنية تتناسب مع بيئة عمله".

وتجدر الإشارة إلى أن بعض المطارات تتمتع بحرية تشديد إجراءاتها الأمنية دون المساس بمستوى هذه الإجراءات، التي تحددها سلطة الطيران المدني، حيث يتضمن الملحق "17"، مجموعة من التعليمات المتعلقة بالمواد الممنوعة والمصرح بها.

ومن بين هذه المواد، يُسمح بحمل الأموال والذهب ولكن بنسب معينة. وبالنسبة للأموال يحق للمسافر حمل مبلغ يتراوح بين "10 الآف دولار إلى 14 ألف دولار أميركي، وهذا الأمر يختلف من دولة إلى أخرى".

وفي العراق، لا يُسمح للفرد بالسفر بأكثر من 10 الآف دولار.

كما لفت الجواري إلى اتفاقيات النقل الجوي الموقعة بين الدول، والتي بموجبها تتحمل الدولة التي تغادر الطائرة من مطاراتها، مسؤولية كافة الإجراءات الأمنية، بما في ذلك تفتيش المسافرين وأمتعتهم، وتفتيش جسم الطائرة والمواد المشحونة على متنها.

وفي العراق تحديداً، تجرى عمليات تفتيش على جميع الطائرات المغادرة، حيث تتابع وزارة الداخلية تنفيذ هذه الإجراءات.

ومن بين الحوادث التي تم الكشف عنها، قبل أكثر من شهر، حاول أحد الطيارين تهريب كمية من الذهب، لكن أمن المطار اكتشف الأمر ومنع الطيار من المغادرة، وفق الجواري.

وبرغم ذلك، فإن المطارات التي تستقبل الطائرات العراقية وغير العراقية يحق لها، وفقاً للقانون الدولي، اتخاذ إجراءات أمنية إضافية، إذ قد يعتقد أمن المطار أن الإجراءات المتخذة في مطار المغادرة "غير كافية أو لم تتم بشكل احترافي".

ويؤكد الجواري أن جسم الطائرة القادمة "لا يخضع لعملية التفتيش، بل يتم اتخاذ جميع الإجراءات الأمنية على المسافرين وأمتعتهم والشحن الجوي الذي تحمله الطائرة، بمعنى أن كل ما يدخل إلى حرم المطار يخضع لتفتيش دقيق".

ومع ذلك، في حال وجود شكوك حول الطائرة أو تلقي بلاغ بوجود مواد متفجرة أو مواد ممنوعة مثل الأموال المهربة، فسيكون "من المصرح قانوناً إجراء تفتيش للطائرة بالكامل، لتخضع إلى إجراءات أمنية صارمة".

ويستبعد الجواري حدوث عمليات نقل الأموال من العراق إلى لبنان، "نظراً لصعوبة الأمر، خاصة أنه يؤثر على سمعة البلاد"، معتبرا أنه "إذا كانت هذه الرواية صحيحة، فإنها تمثل أمراً خطيراً وتشير إلى وجود خرق أمني كبير في المطارات العراقية، ويجب فتح تحقيق موسع لمعرفة المتورطين بمثل هذه المخالفات الخطيرة".

وبالنسبة لتداعيات نقل أموال إلى كيانات تخضع لعقوبات دولية، فإن الشركة الناقلة "ستتعرض لعقوبات قد تصل إلى إيقاف عملها، كما سيخضع المطار الذي غادرت منه الطائرة التي نقلت الأموال، إلى التحقيق والمساءلة، مما قد يؤدي إلى فرض عقوبات أخرى كبيرة تقيد حركة النقل الجوي في ذلك البلد".

رحلة الأموال والأسلحة

قال الأكاديمي والخبير الاستراتيجي أمير الساعدي، في تصريح لموقع "الحرة"، إن القلق يتزايد في ظل الأحداث الجارية بمنطقة الشرق الأوسط والعالم.

وأضاف أن هناك "سابقة تشير إلى أن إيران كانت تستخدم العراق كممر ومحطة لنقل الأسلحة والأموال إلى سوريا ولبنان".

ورغم عدم وجود تأكيد رسمي من البلدين، فإن تقارير إعلامية أشارت إلى وجود "عمليات تهريب أموال إلى لبنان قبل عدة سنوات.. كما استمرت هذه العمليات مع الحكومات المتعاقبة، وكانت هناك عمليات تغطية من جهات متعددة في كلا الجانبين العراقي واللبناني"، حسب قول الساعدي.

ويؤكد الخبير الاستراتيجي، أن "الخطر يكمن في إمكانية وقوع العراق في فخ إرسال أموال أو أسلحة إلى لبنان، خاصة في ظل حالة التوجس من سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه العراق".

ويزيد من هذا القلق، "المخاوف من أن ترامب قد يتجه لاتخاذ مواقف حازمة ضد بعض الأحزاب السياسية العراقية، المرتبطة بإيران".

ومن هنا، يسعى العراق جاهداً لتجنب هذا الخطر، "سيما أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يعمل على إيجاد توافق سياسي مع الإطار التنسيقي الذي شكل الحكومة العراقية الأخيرة"، وبالأخص مع الفصائل والأحزاب ذات العلاقات والمصالح المشتركة مع إيران، وذلك "لدفعهم إلى عدم الخوض في مثل هذه المجازفة، بالتغطية أو المساعدة في نقل أموال إلى لبنان ودعم حزب الله، لذلك سيكون الأمر الآن مستبعداً بشكل كامل"، حسب الساعدي.

وعن تمويل حزب الله اللبناني، يرى الساعدي أنه "في بعض الأحيان قد لا يحتاج الحزب إلى التمويل الإيراني، وذلك لوجود العديد من الروافد والقنوات التي تدعمه من داخل لبنان وخارجه".

ونوه بأن هذه القنوات تشمل "أنشطة تجارية مفتوحة تابعة لإدارات اقتصادية مرتبطة بالحزب في أميركا اللاتينية وأفريقيا، وحتى في آسيا، والتي تسهم في تلبية احتياجاته المالية".

وبيّن أن إيران "إذا أرادت دعم حزب الله، فإن هناك قنوات تجارية واقتصادية يمكن من خلالها تقديم الدعم المالي، إذ لا تحتاج طهران إلى قنوات سرية، بل يمكنها استخدام الشركات السياحية التي تنظم سفر لبنانيين إلى مشهد أو إلى أماكن سياحية دينية أخرى، أو العكس من خلال السياحة الاعتيادية من إيران إلى لبنان".

وقد تكون هذه الشركات "مرتبطة بأفراد محسوبين على حزب الله، أو على توجهات إيرانية، مما يجعلها إحدى الأذرع المهمة لدعم الحزب". أما العراق كحكومة، فيرى الساعدي أنه "ليس له دور رسمي في هذا الاتجاه".

إلا أن هناك "أفراداً قد يساعدون في دعم حزب الله، إذ أن العديد من الجهات السياسية والحزبية في العراق تربطها وشائج عقائدية واجتماعية مع الحزب، بما في ذلك المجتمعات المحلية في محافظة النجف أو كربلاء وغيرها، والتي تسهم في دعمه بطرق مختلفة".