عناصر في الجيش اللبناني (رويترز)
عناصر في الجيش اللبناني (رويترز)

إصرار على بسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيد الجيش.. بهذا النهج يستهل الرئيس الجديد جوزاف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، قيادتهما للبلاد في مرحلة حساسة، وقد تبعت تصريحاتهما بهذا الشأن، أنباء عن مداهمة الجيش اللبناني مستودع سلاح تابع لحزب الله بالضاحية الجنوبية لبيروت.. فهل تعد هذه الخطوة الأولى في سلسلة من الإجراءات المقبلة التي تصب في نفس الهدف، وما هي التبعات التي قد تترتب عليها؟.

عاد سلاح حزب الله إلى الواجهة، بعد انتخاب عون رئيسا جديدا للبنان، وتكليف سلام برئاسة الحكومة، وذلك بعد حرب مدمرة مع إسرائيل، تسببت بمقتل وجرح الآلاف خلال العام الماضي، وهدنة هشة تتكثف الجهود للحفاظ على استمراريتها.

والثلاثاء، نقلت مراسلة "الحرة" في بيروت عن مصدر أمني قوله، إن "الجيش اللبناني داهم مستودع سلاح تابع لحزب الله في منطقة العمروسية بالضاحية الجنوبية"، وسط تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي.

وتطرح الخطوة تساؤلات عن إمكانية مصادرة الجيش اللبناني أسلحة لحزب الله، خاصة بعد قيامه بمصادرة أسلحة وذخائر من مواقع فصائل فلسطينية بلبنان كانت موالية لنظام المخلوع بشار الأسد في سوريا، وعن إمكانية أن يتحول الحزب إلى سياسي فقط، أو أن يحصل أي اشتباك أو احتكاك مع الجيش اللبناني.

وقالت الأكاديمية والباحثة السياسية، زينة منصور، في حديثها لموقع "الحرة" إنه "حتى الساعة لا يوجد قرار في المؤسسة العسكرية اللبنانية بأن يقف الجيش اللبناني بوجه حزب الله (...) وهو لم يقم بضبط ومصادرة مخازن السلاح، بينما الجيش الإسرائيلي هو من يقوم بتدمير مخازن أسلحة ومهاجمة مواقع لحزب الله".

وأضافت: "ما زالت المؤسسة العسكرية بحاجة للتمكين لجهة التسلح ورفع مستوى القدرات العسكرية للاضطلاع بدورها على كامل الأراضي اللبنانية وللقيام بعمليات الضبط حيث يتوجب ذلك، بهدف تطبيق الدستور الذي ينص على حصرية السلاح بالجيش اللبناني، إلى جانب أن القرارات السياسية تلجمها عن الاصطدام بالحزب"، مستبعدة أيضا "حصول اشتباكات مسلحة بين الجيش وحزب الله".

وفي هذا الصدد، نوهت بوجود "دعوات دولية لأن يصبح حزب الله سياسيا"، وأن يتخلى عن سلاحه، لتجنيب البلد المزيد من الصراعات المدمرة. 

يذكر أن الجيش اللبناني لم يصادر أسلحة من حزب الله في الماضي، وذلك بسبب طبيعة العلاقة الحساسة والمعقدة بين الطرفين، كون حزب الله (المصنف على قوائم الإرهاب في أميركا ودول أخرى)، كان يُعتبر قوة رئيسية في لبنان، ويحتفظ بترسانة عسكرية خارج إطار الجيش.

ورغم ذلك، يتواصل الجدل في البلاد حول وضع سلاح حزب الله. وقد ناقشت أطراف سياسية داخلية ودولية ضرورة وضعه تحت إشراف الدولة اللبنانية. 

لكن حتى الآن، لم يقم الجيش اللبناني بتنفيذ عمليات مصادرة واضحة أو تفكيك لقوة الحزب العسكرية.

"ضرورة وطنية"

ويرى الباحث والمحلل السياسي، طارق أبو زينب، أن نزع سلاح حزب الله "ليس فقط ضرورة وطنية، إنما هو ضرورة لتطبيق القرار الدولي 1701".

وقال في حديثه لموقع "الحرة"، إن نزع السلاح أيضا "ضرورة لحماية الأمن القومي اللبناني من المخاطر التي تترتب على تدخلات هذا الحزب في شؤون الدول الأخرى".

واستطرد موضحا أن "حزب الله كان أحد اللاعبين الرئيسيين في دعم نظام الأسد خلال الحرب الأهلية في سوريا. وبعد الانسحاب السريع لعناصره من سوريا بعد سنوات من التدخل المكثف، أصبح حزب الله في موقف ضعيف على الصعيدين اللبناني والإقليمي".

وتابع: "تراجع تأثيره في المحور الإيراني جعله غير قادر على متابعة أهدافه العسكرية خارج الحدود اللبنانية". 

وأضاف: "علاوة على ذلك، كشفت الحرب الأخيرة عن حقيقة عجز حزب الله أمام قوة إسرائيل، حيث لا يستطيع مجاراة التكنولوجيا العسكرية والتفوق النوعي للجيش الإسرائيلي، مما يفرض حكما بالفشل على أي مواجهة مع إسرائيل".

جوزاف عون قال في خطاب القسم أنه سيعمل على أن يكون حق حمل السلاح مقتصرا على الدولة - AFP
الرئيس اللبناني ومعركة "السلاح".. "لقطة" تختصر أزمة حزب الله
لقطة رصدتها عدسات الكاميرا في البرلمان اللبناني خلال خطاب القسم لقائد الجيش، جوزاف عون، بعد انتخابه رئيسا للبلاد يوم الخميس الماضي، تعكس ضعف موقف حزب الله في هذه المرحلة بعد أن كان يدير خيوط اللعبة السياسية لأعوام طويلة عبر سياسة ترهيب وترغيب الخصوم.

تفاقم الوضع الداخلي

وأشار أبو زينب إلى تفاقم وضع حزب الله داخليا، موضحا أنه "يعاني من أزمات مالية خانقة نتيجة لسياساته المدمرة والفساد الذي يعيشه تحت مظلة نفوذه السياسي". 

بالإضافة إلى ذلك، "أدت الأزمة السياسية إلى تراجع نفوذه في لبنان، خاصة بعد انتخاب الرئيس العماد جوزاف عون، الذي قدم خطابا حاسما حول حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني، وضرورة تطبيق القرار الدولي 1701"، وفق أبو زينب.

كما أشار إلى أن "هذا الموقف يعكس تراجع قدرة حزب الله على توجيه الأحداث في لبنان، ويجعله غير قادر على العودة إلى مشهد التدخلات العسكرية الداخلية أو الإقليمية، التي كان يتحكم فيها سابقا".

وأكد أن حزب الله الذي "طالما استغل سلاحه كأداة للتسلّط على القرار الوطني اللبناني، يجد نفسه اليوم في مأزق داخلي وخارجي، حيث أصبح غير قادر على فرض إرادته كما كان في السابق". 

وهذا التراجع في قدرته على التحكم بمجريات الأحداث، سواء على الصعيد الداخلي أو الإقليمي، يشير بوضوح إلى "ضرورة إنهاء هذا النفوذ غير الشرعي، واستعادة لبنان لدوره كدولة ذات سيادة قادرة على اتخاذ قراراتها بحرية، ضمن إطار المؤسسات الشرعية"، حسب ما يؤكد المحلل السياسي.

وأضعفت الحرب الأخيرة مع إسرائيل، حزب الله الذي وافق في 27 نوفمبر الماضي على اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية أميركية بالدرجة الأولى.

انسحاب القوات الإسرائيلية

وبحث  عون، الإثنين، الوضع في جنوب لبنان، ومراحل "تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي" مع وفد عسكري أميركي برئاسة قائد القيادة المركزية الأميركية، مايكل كوريلا، وفق بيان صادر عن الرئاسة.

وانتُخب عون رئيسا للبنان في 9 يناير بعد أكثر من عامين من فراغ المنصب، وحرب مدمّرة بين حزب الله وإسرائيل اشتدت حدتها في سبتمبر، ومُني فيها الحزب بخسائر كبيرة وانتهت بوقف إطلاق نار في 27 نوفمبر.

وبحث الرئيس اللبناني مع الوفد الأميركي، وفق البيان، "الوضع في الجنوب ومراحل تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي من هناك، وفق برنامج الانسحاب المعد لهذه الغاية".

وضم الوفد أيضا رئيس اللجنة التقنية لمراقبة وقف إطلاق النار، الجنرال جاسبير جيفرز، وعددا من الضباط الأميركيين المعاونين، والسفيرة الأميركية في لبنان، ليزا جونسون.

وناقش الطرفان أيضا "سبل تفعيل التعاون بين الجيشين اللبناني والأميركي في ضوء الدعم الذي تقدمه السلطات الأميركية للبنان".

وانضم لاحقا إلى الاجتماع، قائد قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان (يونيفيل)، آرولدو لازارو، ونائب رئيس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار الجنرال الفرنسي، غيوم بونشان، وقائد الجيش بالإنابة اللواء الركن، حسان عودة، مع وفد من ضباط الجيش.

وتطرق الاجتماع، وفق البيان، إلى "الإجراءات المعتمدة لتنفيذ القرار 1701، والتعاون القائم بين الجيش اللبناني والقوات الدولية ولجنة المراقبة".

وينص الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة أميركية، على انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي دخلها، خلال مهلة 60 يوما تنتهي في 26 يناير الحالي، على أن يعزز الجيش اللبناني واليونيفيل انتشارهما مكان القوات الإسرائيلية وحزب الله.

ويتعيّن على الحزب بموجب الاتفاق أن يسحب قواته إلى شمال نهر الليطاني، على بعد حوالي 30 كم من الحدود مع إسرائيل، وأن يفكك أي بنية تحتية عسكرية فيها.

وبموجب الاتفاق أيضا، تتولى لجنة خماسية تضم الولايات المتحدة وفرنسا إضافة إلى لبنان وإسرائيل واليونيفيل، مراقبة الالتزام ببنوده والتعامل مع الخروقات التي يبلغ عنها كل طرف.

طائرة فوق أجواء بيروت - فرانس برس
طائرة فوق أجواء بيروت - فرانس برس

تزايد الاهتمام الدولي بمراقبة التدفقات المالية المرتبطة بحزب الله اللبناني المدعوم من إيران، وأخذت دول عدة في المنطقة تدابير صارمة لمراقبة جميع القنوات المالية، وضمان عدم استغلالها في نقل الأموال التي تساهم بدعم الأنشطة المخالفة للقوانين الدولية.

واتهم العراق خلال السنوات القليلة الماضية، بأنه كان واحدا من أهم المعابر، إلى جانب سوريا بشار الأسد، في نقل الدعم اللوجسيتي الإيراني إلى حزب الله في لبنان. وكانت بغداد تنفي ذلك.

اليوم، يؤكد مسؤولون وخبراء أن السلطات العراقية تتخذ إجراءات للتأكد من عدم استغلال أي طرف لمساراتها الجوية والأرضية لخرق القنوانين الدولية.

كانت عمليات دعم حزب الله "تتم بتمويل إيراني، وأحيانا بأموال عراقية"، يقول أستاذ العلوم السياسية، قحطان الخفاجي، لموقع "الحرة".

ويضيف الخفاجي أن إيصال الدعم لحزب الله باستخدام طائرات عراقية استمر لسنوات طويلة. 

"وأيضاً عبر قنوات برية من العراق إلى سوريا، ثم إلى لبنان، خصوصاً أن الحدود السورية اللبنانية كانت مفتوحة، باعتبار أن النظام السوري كان مواليا لإيران، مما سهّل نقل تلك الأموال".

وأشار إلى أن "سطوة حزب الله على القرار اللبناني كانت تدعم هذا الأمر، فضلاً عن الطريق البحري الذي يمتد من سوريا إلى جنوبي لبنان، وهي منطقة نفوذ الحزب".

وكانت تلك العمليات تجري "بواسطة الفصائل العراقية الموالية لإيران، بالإضافة إلى جهات أخرى متنفذة غير الفصائل، لكن هذه العمليات توقفت بعد منتصف عام 2023"، أي قبل فترة قصيرة من هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.

واعتبر أنه "حاليا، لا توجد أي عمليات لنقل الأموال أو تهريبها إلى لبنان، لأن إدارة مطار بيروت لم تعد كما كانت سابقاً، تخضع لسيطرة حزب الله مباشرة أو لسيطرة جهات تابعة للحزب، كانت مسؤولة عن أمن المطار، وبدورها تسهم في تغطية مثل تلك العمليات".

مطار بيروت
بعد "حظر".. إيران تتطلع لمحادثات مع لبنان بشأن الرحلات الجوية
أعلنت إيران، السبت، أنها مستعدة لإجراء "محادثات بناءة" مع لبنان بهدف استئناف الرحلات الجوية بين طهران وبيروت، بعدما أثار حظر هبوط طائرتين إيرانيتين في العاصمة بيروت غضب أنصار حزب الله، المدعوم من إيران والمصنف بقائمة الإرهاب الأميركية.

وإذا كانت هناك محاولات حالياً لنقل الأموال إلى لبنان، فإنه "من المستبعد جدًا أن تتم بنفس الطريقة السابقة، حيث ستكون عرضة للتفتيش والإجراءات الأمنية الدقيقة"، وفق الخفاجي، الذي يعتبر أن "ما تناولته وسائل الإعلام في هذا السياق، يُعد بمثابة تحذير أكثر من كونه واقعاً حالياً".

وفيما يخص نقل الأسلحة وطائرات الدرون إلى لبنان، قال الخفاجي إن "أغلبها كان يصل عبر الطرق البرية التي تربط سوريا بلبنان".

وشدد على أن "وقف القتال المتفق عليه بين إسرائيل وحزب الله، يجعل أي دعم عسكري للحزب خرقاً للاتفاق، مما قد يدفع لبنان لتقديم شكوى ضد العراق، إذا ثبت تسهيله لنقل أموال للحزب".

وفي هذا الصدد، حذر من أن بغداد "قد تتعرض لعقوبات دولية كونها تدعم كيانات مصنفة على لائحة الإرهاب الدولية، لذا فإن العراق لن يخطو في أي مسار لدعم حزب الله".

روايات رسمية.. عراقية ولبنانية

قال مدير إعلام وعلاقات سلطة الطيران المدني العراقي، جهاد الديوان، في تصريح خاص لموقع "الحرة"، إن الخطوط الجوية العراقية وبقية الشركات الناقلة الوطنية "لم تقدّم أي شكوى رسمية إلى سلطة الطيران المدني العراقي بشأن خضوع الطائرات العراقية لعمليات تفتيش غير معتادة أو إجراءات أمنية استثنائية في لبنان".

ولفت إلى أن ما يحدث هو "إجراءات أمنية روتينية تتبعها السلطات اللبنانية، مشابهة لتلك التي تُتبع في العديد من الدول التي تستقبل رحلات من المطارات العراقية".

وأشار الديوان إلى أن سلطات الطيران المدني العربية والدولية، "تتمتع بالحق الكامل في إجراء عمليات تفتيش شاملة لجميع الطائرات التي تهبط في مطاراتها، بما في ذلك فحص المسافرين وأمتعتهم، والتحقق من الأوراق الثبوتية للطائرة، ومراجعة وجهتها وإجازات طاقمها".

وبيّن أن هذه الإجراءات "تتوافق مع القوانين الدولية المعمول بها بشكل عام".

كما أن سلطة الطيران المدني العراقي "تتمتع بذات الوقت بحقها بإجراء تدقيق أمني على أي شركة جوية تهبط في المطارات العراقية، فضلاً عن الشحن الجوي الذي يكون على متن تلك الطائرات".

ونفى مدير إعلام سلطة الطيران المدني العراقي، أن يكون على دراية بأية معلومات تشير إلى "وجود عمليات تفتيش استثنائية للطائرات العراقية في لبنان"، مشدداً على أنه لم يتم تلقي أي شكاوى من الشركات الناقلة العراقية حول هذا الموضوع.

وبدوره، علق المدير العام للطيران المدني اللبناني، فادي الحسن، على التقارير التي تفيد بأن الرحلات القادمة من العراق تخضع لتفتيش أمني دقيق في مطار رفيق الحريري الدولي، للتحقق من احتمال نقل أموال لصالح حزب الله.

وفي تصريح لموقع "الحرة"، نفى الحسن صحة هذه التقارير، مؤكداً أن تلك الرحلات "تخضع لنفس الإجراءات المعمول بها مع الطائرات الأخرى".

أمن المطارات.. تحديات خلف الأبواب المغلقة

ولتسليط الضوء على إجراءات الأمن المتبعة في المطارات، أكد الخبير في قطاع الطيران، فارس الجواري، لموقع "الحرة"، أن أمن المطارات الدولية "يُنفذ حسب المعايير الدولية للطيران المدني الصادرة عن منظمة الإيكاو"، وفقاً للملحق 17".

وأضاف أن الملحق "يحدد جميع الإجراءات الأمنية التي تفرضها المنظمة على سلطات الطيران في دول العالم كافة، وبناءً على ذلك تقوم سلطات الطيران بوضع خطة أمنية سنوية، يتم اعتمادها وإرسالها إلى جميع مطارات البلاد، حيث يعتمد كل مطار إجراءات أمنية تتناسب مع بيئة عمله".

وتجدر الإشارة إلى أن بعض المطارات تتمتع بحرية تشديد إجراءاتها الأمنية دون المساس بمستوى هذه الإجراءات، التي تحددها سلطة الطيران المدني، حيث يتضمن الملحق "17"، مجموعة من التعليمات المتعلقة بالمواد الممنوعة والمصرح بها.

ومن بين هذه المواد، يُسمح بحمل الأموال والذهب ولكن بنسب معينة. وبالنسبة للأموال يحق للمسافر حمل مبلغ يتراوح بين "10 الآف دولار إلى 14 ألف دولار أميركي، وهذا الأمر يختلف من دولة إلى أخرى".

وفي العراق، لا يُسمح للفرد بالسفر بأكثر من 10 الآف دولار.

كما لفت الجواري إلى اتفاقيات النقل الجوي الموقعة بين الدول، والتي بموجبها تتحمل الدولة التي تغادر الطائرة من مطاراتها، مسؤولية كافة الإجراءات الأمنية، بما في ذلك تفتيش المسافرين وأمتعتهم، وتفتيش جسم الطائرة والمواد المشحونة على متنها.

وفي العراق تحديداً، تجرى عمليات تفتيش على جميع الطائرات المغادرة، حيث تتابع وزارة الداخلية تنفيذ هذه الإجراءات.

ومن بين الحوادث التي تم الكشف عنها، قبل أكثر من شهر، حاول أحد الطيارين تهريب كمية من الذهب، لكن أمن المطار اكتشف الأمر ومنع الطيار من المغادرة، وفق الجواري.

وبرغم ذلك، فإن المطارات التي تستقبل الطائرات العراقية وغير العراقية يحق لها، وفقاً للقانون الدولي، اتخاذ إجراءات أمنية إضافية، إذ قد يعتقد أمن المطار أن الإجراءات المتخذة في مطار المغادرة "غير كافية أو لم تتم بشكل احترافي".

ويؤكد الجواري أن جسم الطائرة القادمة "لا يخضع لعملية التفتيش، بل يتم اتخاذ جميع الإجراءات الأمنية على المسافرين وأمتعتهم والشحن الجوي الذي تحمله الطائرة، بمعنى أن كل ما يدخل إلى حرم المطار يخضع لتفتيش دقيق".

ومع ذلك، في حال وجود شكوك حول الطائرة أو تلقي بلاغ بوجود مواد متفجرة أو مواد ممنوعة مثل الأموال المهربة، فسيكون "من المصرح قانوناً إجراء تفتيش للطائرة بالكامل، لتخضع إلى إجراءات أمنية صارمة".

ويستبعد الجواري حدوث عمليات نقل الأموال من العراق إلى لبنان، "نظراً لصعوبة الأمر، خاصة أنه يؤثر على سمعة البلاد"، معتبرا أنه "إذا كانت هذه الرواية صحيحة، فإنها تمثل أمراً خطيراً وتشير إلى وجود خرق أمني كبير في المطارات العراقية، ويجب فتح تحقيق موسع لمعرفة المتورطين بمثل هذه المخالفات الخطيرة".

وبالنسبة لتداعيات نقل أموال إلى كيانات تخضع لعقوبات دولية، فإن الشركة الناقلة "ستتعرض لعقوبات قد تصل إلى إيقاف عملها، كما سيخضع المطار الذي غادرت منه الطائرة التي نقلت الأموال، إلى التحقيق والمساءلة، مما قد يؤدي إلى فرض عقوبات أخرى كبيرة تقيد حركة النقل الجوي في ذلك البلد".

رحلة الأموال والأسلحة

قال الأكاديمي والخبير الاستراتيجي أمير الساعدي، في تصريح لموقع "الحرة"، إن القلق يتزايد في ظل الأحداث الجارية بمنطقة الشرق الأوسط والعالم.

وأضاف أن هناك "سابقة تشير إلى أن إيران كانت تستخدم العراق كممر ومحطة لنقل الأسلحة والأموال إلى سوريا ولبنان".

ورغم عدم وجود تأكيد رسمي من البلدين، فإن تقارير إعلامية أشارت إلى وجود "عمليات تهريب أموال إلى لبنان قبل عدة سنوات.. كما استمرت هذه العمليات مع الحكومات المتعاقبة، وكانت هناك عمليات تغطية من جهات متعددة في كلا الجانبين العراقي واللبناني"، حسب قول الساعدي.

ويؤكد الخبير الاستراتيجي، أن "الخطر يكمن في إمكانية وقوع العراق في فخ إرسال أموال أو أسلحة إلى لبنان، خاصة في ظل حالة التوجس من سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه العراق".

ويزيد من هذا القلق، "المخاوف من أن ترامب قد يتجه لاتخاذ مواقف حازمة ضد بعض الأحزاب السياسية العراقية، المرتبطة بإيران".

ومن هنا، يسعى العراق جاهداً لتجنب هذا الخطر، "سيما أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يعمل على إيجاد توافق سياسي مع الإطار التنسيقي الذي شكل الحكومة العراقية الأخيرة"، وبالأخص مع الفصائل والأحزاب ذات العلاقات والمصالح المشتركة مع إيران، وذلك "لدفعهم إلى عدم الخوض في مثل هذه المجازفة، بالتغطية أو المساعدة في نقل أموال إلى لبنان ودعم حزب الله، لذلك سيكون الأمر الآن مستبعداً بشكل كامل"، حسب الساعدي.

وعن تمويل حزب الله اللبناني، يرى الساعدي أنه "في بعض الأحيان قد لا يحتاج الحزب إلى التمويل الإيراني، وذلك لوجود العديد من الروافد والقنوات التي تدعمه من داخل لبنان وخارجه".

ونوه بأن هذه القنوات تشمل "أنشطة تجارية مفتوحة تابعة لإدارات اقتصادية مرتبطة بالحزب في أميركا اللاتينية وأفريقيا، وحتى في آسيا، والتي تسهم في تلبية احتياجاته المالية".

وبيّن أن إيران "إذا أرادت دعم حزب الله، فإن هناك قنوات تجارية واقتصادية يمكن من خلالها تقديم الدعم المالي، إذ لا تحتاج طهران إلى قنوات سرية، بل يمكنها استخدام الشركات السياحية التي تنظم سفر لبنانيين إلى مشهد أو إلى أماكن سياحية دينية أخرى، أو العكس من خلال السياحة الاعتيادية من إيران إلى لبنان".

وقد تكون هذه الشركات "مرتبطة بأفراد محسوبين على حزب الله، أو على توجهات إيرانية، مما يجعلها إحدى الأذرع المهمة لدعم الحزب". أما العراق كحكومة، فيرى الساعدي أنه "ليس له دور رسمي في هذا الاتجاه".

إلا أن هناك "أفراداً قد يساعدون في دعم حزب الله، إذ أن العديد من الجهات السياسية والحزبية في العراق تربطها وشائج عقائدية واجتماعية مع الحزب، بما في ذلك المجتمعات المحلية في محافظة النجف أو كربلاء وغيرها، والتي تسهم في دعمه بطرق مختلفة".