ترامب يعلن عن رغبته في نقل فلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن ومصر- أ ب
ترامب يعلن عن رغبته في نقل فلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن ومصر- أ ب

بينما كان ممسكا بقلمه لتوقيع سلسلة من الأوامر التنفيذية في مستهل ولايته الرئاسية الثانية، تحدث الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن" أشياء جميلة يمكن القيام بها" في قطاع غزة، وفسرت هذ التصريحات على أنها رغبة الرئيس الجديد في إعادة إعمار القطاع.

لم تمر سوى أيام قليلة، حتى تبلورت إلى حد ما هذه الخطة، بعدما قال مجددا إنه يريد نقل بعض سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن، وإنه سيطلب من زعيمي البلدين الاستجابة لهذا المقترح.

هل يريد ترامب إعادة إعمار غزة بالتوازي مع نقل سكانها؟ ولماذا لا يفعل ذلك دون نقل سكان القطاع؟ وهل يستطيع تنفيذ هذا الوعد مع الرفض التاريخي للفلسطينيين وجيرانهم له؟

كان ترامب يتحدث إلى الصحفيين، الأسبوع الماضي، في بداية توليه مهام الرئاسة، التي تأتي بعدما وعد بإنهاء الحرب وفتح صفحة جديد تجلب الرخاء لإسرائيل والفلسطينيين وشعوب المنطقة.

قال الرئيس الجديد: "نظرت إلى صورة غزة، إنها مثل موقع هدم ضخم... يجب إعادة بنائها بطريقة مختلفة. غزة موقع رائع. على البحر، أفضل طقس. كل شيء جيد. يمكن القيام ببعض الأشياء الجميلة بها.. يمكن القيام ببعض الأشياء الرائعة بها".

والسبت، أعاد ترامب هذا الكلام مع بعض التفصيل.

قال إنه سيحث زعيمي الأردن ومصر على استيعاب سكان غزة الذين فروا من مناطقهم أثناء الحرب حتى "نقوم بتنظيف هذا الأمر برمته... هناك على الأرجح عن مليون ونصف مليون شخص. ونحن بكل بساطة نحن ننظف المنطقة بالكامل. على مر القرون، شهدت هذه المنطقة نزاعات عديدة. لا أعرف ولكن يجب أن يحصل أمر ما".

إلى متى؟

قال: "أفضّل التواصل مع عدد من الدول العربية وبناء مساكن في مكان مختلف حيث قد يكون بإمكانهم العيش بسلام"، مشيرا إلى أن نقل سكان غزة قد يكون "موقتا أو طويل الأجل".

وأوضح أنه تحدث للعاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، وسيتحدث لنظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، عن هذا الأمر.

وتشبه هذه التصريحات ما قاله صهره ومستشاره السابق، جاريد كوشنر، العام الماضي.

قال كوشنر، في فبراير 2024، إن ساحل غزة له "قيمة كبيرة" واقترح في الوقت ذاته أن تنقل إسرائيل الفلسطينيين من غزة.

وعندما كان كوشنر مستشارا لترامب في ولايته الأولى، وتولى ملف ما وصفت بأنها "صفقة القرن،" أصدر البيت الأبيض في 2019 ما سماها خطة "السلام من أجل الرخاء في الشرق الأوسط".

وروجت الخطة، وفق ما نقله موقع الحرة حينها، لمناطق فلسطينية "يحتمل تحويلها لوجهة سياحية عالمية ناجحة".

واقترحت "إجراء إصلاحات وترميم مواقع سياحية ودينية ومناطق شاطئية"، واقترحت كذلك منحا وقروضا تبلغ 950 مليون دولار لتطوير صناعة السياحة الفلسطينية.

وليس واضحا ما إذا كان ترامب يقترح في تصريحات، السبت، مغادرة جميع سكان غزة أو جزء منهم.

ولم يصدر تعليق رسمي من مصر أو إسرائيل، حتى كتابة التقرير، بينما أكد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، الأحد، رفض بلاده هذا المقترح.

وقال الصفدي في مؤتمر صحفي مشترك مع سيغريد كاغ، كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وشؤون إعادة الإعمار في غزة إن "حل القضية الفلسطينية هو في فلسطين، وأن الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين... ثوابتنا في المملكة واضحة ولن تتغير وهو تثبيت الفلسطينيين على أرضهم ورفض التهجير".

ولطالما كانت أزمة اللاجئين المحرك الرئيسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وكانت واحدة من أكثر القضايا الشائكة في محادثات السلام التي انهارت في عام 2009.

وبينما يطالب الفلسطينيون بحق العودة، يقول سياسيون إسرائيليون إنه يجب استيعابهم في الدول العربية المجاورة، ومن بينها مصر والأردن.

ويعيش ملايين اللاجئين الفلسطينيين بالفعل في مخيمات في الأردن وسوريا ولبنان، بينما انتقل آخرون للعيش في دول عربية أخرى، بما في ذلك مصر والإمارات.

لكن العديد من الفلسطينيين، ومسؤولين عرب، يرفضون إعادة توطين الفلسطينيين الذين يعيشون داخل القطاع في مناطق خارجه.

ويرون أن إجبارهم على الرحيل من مناطقهم يقضي على أي أمل في إقامة دولة فلسطينية.

وينظر العديد من الفلسطينيين إلى الحرب الأخيرة في غزة، على أنها نكبة جديدة، بعدما تم قصف أحياء بأكملها مما أجبر غالبية السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على ترك منازلهم

ويخشون أنه إذا غادرت أعداد كبيرة من الفلسطينيين غزة، فقد لا يعودون أبدا.

ومع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، يحاول عشرات الآلاف بالفعل العودة إلى مناطقهم في الشمال، بعدا فروا من منزلهم أثناء الصراع.

وفي أول رد فعل فلسطيني على مقترح ترامب، أعرب رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، عن "إدانته" و"رفضه الشديد" لأي مشروع يهدف إلى "تهجير أبناء شعبنا من قطاع غزة".

وأورد بيان للرئاسة الفلسطينية أن عباس "يقوم بإجراء اتصالات عاجلة مع قادة الدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة الأميركية بهذا الخصوص"، مؤكدا أن "الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن أرضه ومقدساته".

وقال عضو المكتب السياسي لحماس، باسم نعيم، الأحد، في تصريحات لرويترز، إن الحركة، المصنفة "إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى، ستعمل على "إفشال" فكرة ترامب. 

وبالنسبة لحليفتي الولايات المتحدة، الأردن ومصر، فمن المتوقع أن يقابل اقتراح ترامب بـ"لا".

وأبرم البلدان اتفاقيتي سلام مع إسرائيل، ويدعمان إنشاء دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية. ويخشيان أن يؤدي النزوح الدائم لسكان غزة إلى جعل ذلك مستحيلا.

وثيقة حرب أم سلام؟

مدير تحرير صحيفة الأهرام الحكومية المصرية، أشرف أبو الهول، قال في تصريحات لموقع الحرة إن مقترح ترامب "مرفوض تماما من الأطراف كافة. الفلسطينيون سيرفضون وسيقاومون أي محاولة من هذا القبيل، حتى لو كان الإجراء مؤقتا، لأنه سيتحول إلى إجراء دائم".

أما في مصر، فيقول أبو الهول، إن المقترح "مرفوض شعبيا ورسميا، والرئيس السيسي سيبلغ ترامب بذلك لأنه سيسبب مشكلات كثيرة لمصر والمصريين والفسلطينيين، لأنه من المستحيل أن تخرج الناس من أراضيهم وتهجرهم لبلاد أخرى، وتخلف مشكلات بها".

ويصف أبو الهول هذا المقترح بأنه "وثيقة حرب وصراع وليس وثيقة سلام".

ويعتبر النائب الأردني السابق، نبيل الغيشان، في تصريحات لموقع الحرة هذا المقترح بأنه "محاولة فاشلة لفرض تهجير ناعم"، وهو مطلب تقدمت به إسرائيل "منذ بداية الحرب على غزة".

ويضيف أن الأردن، من الملك إلى وزير الخارجية، أعلنا بوضوح أن "الأردن لن يكون بديلا لأحد. فلسطين للفلسطينيين والأردن للأردنيين".

وفي إسرائيل، لقيت تصريحات ترامب ترحيبا من بعض الأوساط اليمنية، من بينهم شركاء رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، في الحكم.

وهؤلاء يدعون إلى الهجرة الطوعية لأعداد كبيرة من الفلسطينيين، وإعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة.

من بين هؤلاء وزير المالية الإسرائيلي اليميني، بتسلئيل سموتريتش، الذي وصف خطة ترامب بأنها "فكرة رائعة"، قائلا إن الفلسطينيين "سيكون بإمكانهم بناء حياة جديدة وجيدة في أماكن أخرى".

أما إيتمار بن غفير، الوزير اليميني السابق، الذي استقال من الحكومة بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، فكتب على "إكس": "تهانينا للرئيس الأميركي ترامب على مبادرته الخاصة بنقل السكان من غزة إلى الأردن ومصر".

لكن المحلل السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان، قلل في تصريحات لموقع الحرة من وقع تأثر تصريحات ترامب، قائلا إنه اعتاد إطلاق تصريحات دون أن يدرسها، على غرار تصريحاته المتعلقة بضم كندا إلى الولايات المتحدة.

ويرى نيسان، المقيم في إسرائيل، إن تصريحاته لن يكون لها "أثر على أرض الواقع".

ويشير إلى أن الأردن لديه بالفعل "فائض من اللاجئين" من سوريا والعراق ومناطق أخرى، ولن يسمح بإسقاط هويته من خلال السماح بتدفق أعداد كبيرة من هؤلاء.

أما مصر، فقال إنها أظهرت منذ مفاوضات معاهدة السلام، في سبعينيات القرن الماضي، الرغبة في الانفصال عن غزة، وعندما اجتاحت إسرائيل رفح أثناء الصراع الحالي، أقامت الحواجز لمنع سكان غزة من دخول سيناء.

وتقول مصر إنها تستضيف حاليا نحو 9 ملايين مهاجر. 

والأردن  يبلغ عدد سكانه 11 مليون نسمة، من بينهم 3.5 مليون مقيم غير أردني (من بينهم نحو مليون سوري و300 لاجيء غزي)، وفق تصريحات النائب الأردني السابق.

ومصر والأردن شريكان رئيسيان للولايات المتحدة، وقد اعتبرت الإدارات الأميركية المتعاقبة استقرارهما أمرا بالغ الأهمية لاستقرار الشرق الأوسط برمته.

وكلاهما يتلقى مساعدات أميركية كبيرة، وتعد مصر ثاني أكبر متلق للمساعدات الأجنبية بعد إسرائيل.

وكانت إدارة ترامب أصدرت، ضمن الأوامر التنفيذية، أمرا بتجميد المساعدات الخارجية لمدة 90 يوما، مع استثناءين هم: الدعم العسكري لإسرائيل ومصر.

ومن غير الواضح ما إذا كان ترامب سيحاول استخدام المساعدات العسكرية التي تتلقاها مصر وسيلة ضغط لمحاولة إجبارها على قبول المزيد من اللاجئين الفلسطينيين.

ويطالب النائب السابق، الغيشان، في تصريحاته لموقع الحرة بـ"موقف إسناد عربي يشمل الأردن ومصر والسعودية والإمارات وقطر، بالإضافة إلى السلطة الوطنية".

ويعتقد أن ترامب "رجل صفقات"، ويقول إنه كان الأجدى لترامب بدلا من طرح هذا الأفكار، إعلان خطة طوارئ دولية، "لكنه ذهب إلى الاتجاه الآخر".

ويضيف: "الفلسطينيون لن يغادروا من أجل هذا المشروع".

أضرار واسعة النطاق في غزة جراء الحرب- أ ب
أضرار واسعة النطاق في غزة جراء الحرب. أرشيفية

كشف عضو الكنيست السابق، أكرم حسون، أن حركة حماس طلبت قبل أسابيع، وبشكل سري، من السلطة الفلسطينية أكثر من 400 جواز سفر دبلوماسي لأجل السفر إلى تركيا.

وقال في مقابلة مع قناة "الحرة" إن الحل لتحقيق السلام في المنطقة هو "إخراج حماس" من غزة، ولن يتم إعمار القطاع في ظل وجودها.

وهذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها الحديث عن جوازات السفر، إذ كانت تقارير نشرت في ديسمبر الماضي، قد أفادت بذلك.

وذكرت معلومات أن حماس طلبت في اجتماع جرى مع السلطة الوطنية الفلسطينية في القاهرة، بأن تقوم السلطة بدفع رواتب الموظفين، وإصدار 400 جواز سفر دبلوماسي لتسهيل تنقلهم.

وأفرجت حماس السبت عن الرهائن الإسرائيليين الثلاثة الذين أمضوا 16 شهرا محتجزين في قطاع غزة.

وانتقد حسون استعراضات حماس في عمليات تسليم الرهائن، وأكد أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو السبت تمثل شعور جميع الإسرائيليين.

وتعهد نتانياهو مجددا "القضاء" على حماس وإعادة الرهائن المحتجزين في غزة إلى إسرائيل.

ويرى أن "استعراضات حماس العسكرية ستعود بالسوء عليها"، محذرا أن مشاهد تسليم الرهائن "ستؤثر سلبيا على استمرار صفقة التبادل".

ونقل الرهائن الثلاثة أور ليفي (34 عاما)، وإيلي شرابي (52 عاما)، والألماني-الإسرائيلي أوهاد بن عامي (56 عاما) في شاحنات بيك آب وأصعدهم مقاتلو حماس إلى منصة خلال مراسم نظمتها الحركة في دير البلح في وسط قطاع غزة.

ونددت إسرائيل بـ"المشهد القاسي" الذي أعقب إطلاق سراح الرهائن. واستنكر نتانياهو "الصور المروعة" التي "لن تمر بدون رد".

وقال حسون إن سبب دمار غزة حاليا هو حماس، حيث تدمرت 70 في المئة من الأبنية والبنية التحتية في القطاع.

وأكد أن نتانياهو كان مترددا من هذه الصفقة، معتبرا أن حماس منظمة إرهابية لا يمكن عمل اتفاقات معها.

وبدأ تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يناير بعد أكثر من 15 شهرا على اندلاع الحرب المدمرة. وينص على الإفراج عن رهائن محتجزين في قطاع غزة في مقابل معتقلين فلسطينيين في سجون إسرائيل، تزامنا مع وقف العمليات القتالية.
ويتضمن اتفاق الهدنة ثلاث مراحل، على أن تشمل المرحلة الأولى الممتدة على ستة أسابيع الإفراج عن 33 رهينة محتجزين في قطاع غزة في مقابل 1900 معتقل فلسطيني.

وكانت قد حصلت حتى السبت أربع عمليات تبادل شملت الإفراج عن 18 رهينة و600 معتقل.