بعض الولايات الأميركية تعتبر التعرض للإباحية قضية صحية عامة- تعبيرية-تعبيرية
بعض الولايات الأميركية تعتبر التعرض للإباحية قضية صحية عامة- تعبيرية

شهدت الولايات المتحدة موجة من التشريعات تهدف إلى تقييد الوصول للمحتوى الإباحي، خاصة للقاصرين.

يأتي هذا التوجه في سياق صعود التيار المحافظ سياسيا واجتماعيا، مدفوعا برغبة في إعادة "ضبط المعايير الأخلاقية والتأثير على الثقافة الرقمية".

محاصرة الإباحية

منذ عام 2023 أقرت 19 ولاية أميركية، قوانين جديدة تفرض على المواقع الإباحية التحقق من عمر المستخدمين قبل السماح لهم بالدخول.

بعض هذه القوانين تتطلب إدخال بيانات رسمية مثل بطاقات الهوية، بينما يقترح البعض الآخر حجب هذه المواقع افتراضيا من قبل مزودي خدمة الإنترنت، مع إمكانية رفع الحظر عند الطلب.

الولايات هي: لويزيانا، يوتا، ميسيسيبي، فيرجينيا، أركنساس، تكساس، مونتانا، نورث كارولاينا، أيداهو، كانساس، كنتاكي، نبراسكا، إنديانا، ألاباما، أوكلاهوما، فلوريدا، تينيسي، ساوث كارولاينا، وجورجيا.

والمحتوى الإباحي يمكن أن يضر بالأطفال، إذ أن التعرض للإباحية في سن مبكرة قد يؤدي إلى مشاكل في الصحة النفسية، والتحيز الجنسي والعنف الجنسي، ونتائج سلبية أخرى.

من بين المخاطر الأخرى، عندما يشاهد الأطفال المواد الإباحية التي تعرض أعمالا مسيئة وميولا معادية للنساء، قد يعتبرون مثل هذا السلوك طبيعيا ومقبولا، وفق منظمة "اليونيسيف".

بعض الولايات اعتبرت سن قوانين التحقق من السن غير كافية، فبدأت في فرض ضغوط إضافية على الشركات الكبرى في "صناعة الإباحية "مثل "بورنهاب"، مما دفع الأخيرة، مثلا، إلى منع الوصول لموقعها داخل ولاية يوتا بالكامل، احتجاجا على القوانين التي وصفتها بأنها غير عملية وتهدد خصوصية المستخدمين.

إلى ذلك، أصدرت 16 ولاية أميركية قرارات تعتبر التعرض للمواد الإباحية، قضية صحية عامة.

الولايات هي: ألاباما، أركنساس، أريزونا، فلوريدا، أيداهو، كانساس، كنتاكي، لويزيانا، ميزوري، مونتانا، أوكلاهوما، بنسلفانيا، ساوث داكوتا، تينيسي، يوتا، وفيرجينيا.

واعتبار الإباحية كقضية صحية عامة، يحيل إلى فكرة أن لها آثارا ضارة على الأفراد والمجتمع، مشابهة لمشاكل الصحة العامة الأخرى.

هذه النظرة، تقترح أن التعرض للإباحية يمكن أن يؤثر سلبا على الصحة النفسية، والعلاقات، والرفاه الاجتماعي.

يأتي هذا الاتجاه تماشيا مع صعود المحافظين في الولايات المتحدة، خاصة في ظل إدارة الرئيس الأميركي الـ 47، دونالد ترامب، وتصاعد نفوذ الجمهوريين في الكونغرس وعدة ولايات رئيسية.

"معركة أخلاقية"

ترى القوى المحافظة في أميركا، بدعم من الجماعات الدينية، أن هذه التشريعات جزءا من "معركة أخلاقية" لحماية الأسرة والمجتمع من التأثير السلبي للمحتوى الإباحي، والذي يصفونه بأنه عامل أساسي في تدمير العلاقات الأسرية وانتشار الإدمان السلوكي.

في عام 2014، أظهرت دراسة أجرتها مجموعة "بارنا" حول استخدام المواد الإباحية من قبل البالغين الأميركيين، نتائج مثيرة.

بالنسبة للذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما، أظهرت الدراسة أن 79% منهم شاهدوا المواد الإباحية مرة واحدة على الأقل في الشهر، بينما أفاد 63% أنهم شاهدوا هذه المواد أكثر من مرة في الأسبوع.

بالنسبة للإناث، أظهرت الدراسة أن 39% من النساء في الفئة العمرية 18-30 عاما شاهدن المواد الإباحية مرة واحدة في الشهر، في حين شاهد 19% منهن المواد الإباحية أكثر من مرة في الأسبوع.

في عام 2024، أجرت ذات المجموعة دراسة مماثلة توصلت من خلالها إلى أن التعرض للإباحية في الولايات المتحدة لم يتوقف، بل اتخذ منحى تصاعديا.

تشير البيانات الحديثة إلى زيادة بنسبة 6 نقاط مئوية في عدد الأشخاص الذين يشاهدون المحتوى الإباحي، حيث ارتفعت النسبة من 55% في عام 2014 إلى 61% حاليا.

كذلك، تبين أن هناك زيادة ملحوظة في عدد النساء اللواتي يستخدمن المحتوى الإباحي، حيث كانت النسبة 39% في السابق مقارنة بـ 44% الآن.

رقابة جديدة!

في الوقت الذي تروج فيه هذه التشريعات على أنها لحماية الأطفال، يشير بعض المنتقدين إلى أن "الأجندة" الحقيقية قد تتجاوز ذلك لتصل إلى تقييد الحريات الرقمية بشكل أوسع.

إضافة لذلك، يثير فرض التحقق من الهوية مخاوف كبيرة بشأن الخصوصية، حيث يخشى المستخدمون من إمكانية تسريب بياناتهم أو تتبع نشاطهم الإلكتروني.

في المقابل، يرى المدافعون عن هذه القوانين أنها خطوة ضرورية لمكافحة وصول القاصرين إلى محتوى غير ملائم، مشيرين إلى دراسات تؤكد التأثير السلبي للمحتوى الإباحي على الأطفال والمراهقين.

ويدعو مؤيدو هذه الفكرة إلى أن الانتشار الواسع للإباحية واستهلاكها يساهم في مشكلات مثل الإدمان، وتشوه التصورات حول الجنس، والمواقف غير الصحية تجاه العلاقات.

واعتبار التعرض للإباحية قضية صحية عامة، يعني ضرورة توفير التعليم، وجهود الوقاية، والخدمات الداعمة لمعالجة هذه الأضرار المحتملة.

حزب العمال

لن يضع قرار حزب العمال الكردستاني التركي (PKK) حل نفسه نهاية لحرب دامت أكثر من 4 عقود، فحسب، بل نهاية لحقبة شكلت الديناميكيات الأمنية والسياسية في إقليم كردستان ـ العراق، أيضا.

وأعلن حزب العمال الكردستاني في 12 مايو الحالي، عن حل بنيته التنظيمية وإنهاء الكفاح المسلح، والأنشطة التي كانت تجري تحت لواء "PKK"، استجابة لنداء أطلقه زعيم الحزب ومؤسسه المعتقل في تركيا عبدالله أوجلان نهاية فبراير الماضي.

وطالب العمال الكردستاني، في بيان، تركيا بمنح زعيمه أوجلان حق إدارة المرحلة المقبلة، والاعتراف بحقه في العمل السياسي، وتوفير ضمانات قانونية شاملة في هذا الشأن.

وأشار البيان إلى أن الحزب نظم مؤتمره الثاني عشر في ظروف صعبة، مع استمرار الاشتباكات، وتواصل الهجمات البرية والجوية للجيش التركي.

وأضاف أن "المؤتمر أُنجز بنجاح وبشكل آمن، حيث أُجري في منطقتين مختلفتين بشكل متزامن لأسباب أمنية. وشارك فيه ما مجموعه 232 مندوبا. واتخذ خلاله قرارات تاريخية تعبر عن الدخول في مرحلة جديدة لحركتنا من أجل الحرية".

ويشير خبير العلاقات الدولية، حسن أحمد مصطفى، إلى أن قرار حزب العمال الكردستاني بحل نفسه يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كبير في الاشتباكات المسلحة في إقليم كردستان، خاصة في منطقة بهدينان ومحافظة أربيل، ويقلل من الغارات الجوية في مناطق قنديل وشاربازير والسليمانية، التي يتمتع فيها العمال الكردستاني بحضور قوي.

ويضيف مصطفى لـ"الحرة" قوله: "أنشأت تركيا بعد عام 2019، قواعد عسكرية دائمة في كردستان العراق، في مناطق من محافظة دهوك وبالقرب من جبل قنديل، لذلك حل حزب العمال الكردستاني قد يخفض من مبررات العمليات العسكرية التركية عبر الحدود".

وبين أن أنقرة أشارت إلى أنها ستراقب امتثال العمال الكردستاني لقرار الحل وإلقاء السلاح عن كثب قبل سحب قواتها من كردستان العراق.

ويلفت مصطفى إلى أن الصراع المسلح بين العمال الكردستاني وتركيا تسبب خلال السنوات الماضية بنزوح آلاف من مواطني كردستان العراق من قراهم وبلداتهم وأصبحت نحو 700 قرية في إقليم كردستان إما خالية تماما من سكانها أو معرضة للخطر.

وعلى الرغم من تأكيده على أن السلام الدائم سيسهل عودة النازحين إلى قراهم ومناطقهم، يلفت مصطفى إلى أن استمرار الوجود العسكري التركي قد يُؤخّر إعادة التوطين الكاملة.

ولعل من تداعيات حل العمال الكردستاني التي يتوقعها مصطفى، هي أن تدعو إيران إلى إنهاء المعارضة المسلحة الكردية الإيرانية بشكل كامل.

وتسعى طهران منذ نحو عامين عبر الاتفاق الأمني الذي ابرمته مع الحكومة العراقية إلى إنهاء المعارضة الكردية الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان منذ أكثر من 4 عقود، وقد بدأت السلطات العراقية حسب الاتفاق بإبعاد الأحزاب الكردية المعارضة عن الحدود الإيرانية، ونزعت أسلحتهم.

وأصدرت مستشارية الأمن القومي العراقية، التابعة لمجلس الوزراء، في 24 أبريل الماضي، قرارا يحظر جميع أنشطة الأحزاب والجماعات الإيرانية المعارضة الموجودة على الأراضي العراقية.

ورغم إعلان حل الحزب والتخلي عن السلاح، لم تحدد آلية تنفيذ القرارين بعد، خاصة لجهة كيفية إلقاء السلاح والجهة تتسلمه من مقاتلي حزب العمال.

وأوضح وزير الداخلية في حكومة إقليم كردستان، ريبر أحمد، في مؤتمر صحفي عقده في أربيل مطلع الأسبوع، أنه "مازال من المبكر الحديث عن كيفية إلقاء السلاح وأين سيسلم هذا السلاح ولمن؟ جميعنا نراقب هذه العملية، المهم أن تنتهي العمليات العسكرية والاشتباكات المسلحة في مناطق كردستان، ويتمكن مواطنونا من العودة الى مناطقهم ويحل السلام والاستقرار".

ولا يقتصر وجود العمال الكردستاني في جبل قنديل والسلاسل الجبلية والمناطق الحدودية بين إقليم كردستان وتركيا، بل تتمركز وحدات مقاومة سنجار "اليبشة" التابعة لـ(PKK) في قضاء سنجار غربي الموصل أيضا.

واعتبر سياسيون في إقليم كردستان العراق خلال تصريحات سابقة لـ"الحرة"، هذه الوحدات وفصائل الحشد الشعبي سببا في عدم استقرار الأوضاع في سنجار، وأبرز عائق أمام تنفيذ اتفاقية سنجار التي وقعتها بغداد وأربيل عام 2020 برعاية دولية لتطبيع الأوضاع في تلك المنطقة وإعادة النازحين إليها.

لذلك من المتوقع أن يساهم قرار الحزب بإلقاء السلاح في تطبيق اتفاقية سنجار وعودة الاستقرار إلى المدينة، التي شهدت خلال السنوات الماضية العديد من الغارات الجوية التركية التي استهدفتها بسبب وجود مواقع للعمال الكردستاني فيها. 

ويرى رئيس منظمة كردستان لمراقبة حقوق الإنسان، هوشيار مالو، أن قرار حل حزب العمال الكردستاني بإلقائه السلاح سينهي مبررات الدولة التركية في التدخل في دول المنطقة ومنها العراق وسوريا بحجة وجود مقاتلي وأعضاء العمال الكردستاني.

ويوضح مالو لـ"الحرة"، "بعد قرار الحل، ستنهي تركيا وجودها العسكري في العراق، أو على الأقل ستبدأ مرحلة جديدة من العلاقات مع بغداد وإقليم كردستان، لذلك على السياسيين العراقيين بالدرجة الأساس التهيئة للتفاوض والتفاهم من أجل انسحاب القوات التركية من الأراضي العراقية".

ويعتقد مالو أن جزءا من مقاتلي العمال الكردستاني أو مجاميع أخرى تابعة له قد ينشقون عن الحزب ويرفضون إلقاء السلاح، لكنه يرى أنهم لن يؤثروا على عملية السلام، لأن المرجع الفكري للحزب والمجموعات المرتبطة به قرروا تغيير مصيره.

ولفت إلى أن "قرار الحزب بإلقاء السلاح سيلقي بظلال إيجابية على المنطقة بأسرها".

وبحسب إحصائيات شبه رسمية، أنشأت تركيا خلال السنوات الماضية أكثر من 87 قاعدة عسكرية داخل الأراضي العراقية على طول 200 كيلومتر من الحدود بين البلدين. منها 7 قواعد جديدة، أنشأتها خلال عملياتها العسكرية التي انطلقت في يونيو الماضي ضمن حدود منطقة برواري بالا في محافظة دهوك، بينما بلغ عمق توغلها 15 كيلومتراً، وهو أكثر بسبعة كيلومترات مقارنة بالعملية البرية السابقة التي كانت في عام 2021.

وكشفت إحصائية صادرة عن منظمة فرق صناع السلم المجتمعي (CPT) الأميركية في إقليم كردستان العراق، حصل موقع "الحرة" عليها في مارس الماضي، عن مقتل وإصابة 721 مدنيا في إقليم كردستان منذ يناير 1991، إثر القصف والعمليات العسكرية التركية ضد مقاتلي PKK.

وأشارت المنظمة في بيان، مساء الخميس، إلى أن الجيش التركي ما زال يواصل هجماته داخل أراضي كردستان العراق، رغم إعلان العمال الكردستاني حل نفسه.

وأضافت المنظمة أن "القوات التركية نفذت منذ 12 مايو وحتى الآن، 31 هجوما وقصفا على إقليم كردستان"، وبلغت الهجمات المسلحة ذروتها الخميس، بحسب البيان.