منذ إعلان وزارة الداخلية عن مقتل شخص يدعى محمد محسوب، وصفته بأنه "خط الصعيد الجديد" في عملية أمنية واسعة، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بقصته، وراح البعض يصف ما حدث وكأنه مشهد من "فيلم سينمائي يفوق الخيال".
في قرية العفادرة، التابعة لمركز ساحل سليم بمحافظة أسيوط، لم يكن محسوب مجرد اسم متداول بين الأهالي، بل كان رمزا لسطوة امتدت لأكثر من عقدين.
وتصدر هاشتاغ يحمل اسم محمد محسوب، الذي ذكر بيان الداخلية أنه كان زعيم تشكيل عصابي ومطلوبا في 44 قضية تشمل القتل، المخدرات، السرقة بالإكراه، وإتلاف الممتلكات، وصدرت بحقه أحكام بالسجن المؤبد ومدد بلغت 191 سنة.
وفقا لما كشفه اللواء محسن الفحام، مساعد وزير الداخلية السابق، في تصريحات تلفزيونية، فإن محسوب بدأ نشاطه الإجرامي في عام 2004، عندما استخدم سلاحا ناريا في مشاجرة، وحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات.
لكنه لم يقضِ العقوبة، إذ تمكن من الهرب والاحتماء بمنزله، الذي "كان أقل تحصينا مما هو عليه الآن".
بمرور الوقت، ازدادت سيطرته، حيث لجأ إلى الاختباء في المناطق الجبلية، وأحاط نفسه بأقاربه الذين وفروا له الحماية. وعند مداهمة منزله الأخير، قُتل ابنه وشقيقه، إلى جانب خمسة آخرين من رجاله.
وفي عام 2014، بعد عزل الرئيس الراحل محمد مرسي، احتضن محسوب عددا من عناصر جماعة الإخوان المسلمين في منطقته، وفقا للفحام.
وبحسب بيان الداخلية، فإن محسوب وعصابته كانوا يختبئون في المناطق الجبلية، ويترددون بشكل متباين على مبنى محصن بالخنادق والمتاريس في قرية العفادرة.
عندما وصلت القوات الأمنية لاقتحام معقله، لم يكن محسوب ورجاله في وضع الاستسلام.
بدأوا بإطلاق النار بكثافة، مستخدمين قذائف الـ "آر.بي.جي"، والبنادق الآلية، والقنابل اليدوية، وحتى أسطوانات الغاز التي فُجِّرت لعرقلة تقدم القوات.
دارت معركة طاحنة انتهت بمقتل محسوب وسبعة من أعوانه، وإصابة ضابط شرطة من قوات الأمن المركزي.
بينما تمكنت الداخلية من ضبط ترسانة ضخمة من الأسلحة، مثل 73 بندقية آلية، ورشاشي جرينوف، وثماني قنابل يدوية، وكمية كبيرة من الذخائر والمخدرات.
بعد انتشار تفاصيل المواجهة، استعاد المصريون ذاكرة فيلم "الجزيرة" الذي أنتج عام 2007، والذي جسد القصة الحقيقية لعزت حنفي، تاجر المخدرات الذي فرض سيطرته على إحدى قرى الصعيد قبل سقوطه في مواجهة مشابهة مع الشرطة.
فيلم الجزيرة النسخة الأصلية pic.twitter.com/aWIu9axCXH
— عـ❊ـصـ❊ـاُمـ❊ـ (@Q1Ud8iCqzNOuDkr) February 18, 2025
كان حنفي متحالف مع الحكومة من أجل القضاء على الإرهابيين في مصر، قبل أن يتطور الوضع ويخرج عن السيطرة وتنقلب الحكومة عليه.
فيلم سينيمائي لا يصدقه عقل..
— Ismail Hosny (@IsmailHosny1) February 17, 2025
وزارة الداخلية تفشل منذ ٢٠٠٤ في القبض على محمد محسوب الذي أطلق عليه "خط الصعيد" لتنفيذ حكم بالسجن ٣ سنوات .. ويظل هارباً لمدة ٢٠ سنة في جبال أسيوط .. وينشر العديد من الفيديوهات يستغيث فيها برئيس الجمهورية لحمايته مما أطلق عليه فساد أجهزة الأمن ثم يقوم… pic.twitter.com/Vi15e3Sy7C
ما زاد الجدل هو ظهور مقاطع فيديو قديمة لمحسوب قبل مقتله، يتحدث فيها ببلاغة عن "الظلم الذي يتعرض له"، متحدثا عن براءته منها.
في تسجيلاته، أشار إلى وجود ضباط فاسدين "يؤججون النزاعات لجمع المال الملوث بدماء الأبرياء"، وذكر أسماء ضباط اتهمهم بالرشوة والتلاعب.
محركات البحث في مصر تقريبا متوقفه عند حادثه #ساحل_سليم و محمد محسوب أبوقاسم الجعيدي
— mohammed abdelraheemm (@Falocn4) February 17, 2025
أكثر مالفت نظري في جميع الأحداث هي فصاحه الرجل وعدم إكتراثه بما يجري في خارج منزله
الفيديو طويل ولكن جعلني لا أمل من سماعه مرات عديده بسبب إتقانه في صياغه قضيته وكيف يدافع عنها !!!! pic.twitter.com/fIxSBjuVb2
هذه التصريحات فتحت باب الشك أمام البعض.
وأثار حديث محسوب الذي تميز بفصاحته للغة العربية، الجدل في مصر بشأن صحة بيانات وزارة الداخلية حول اتهاماتها له بالسرقة والقتل والاتجار في المخدرات.
هل هذه رسالة محترف إجرام
— Haytham Abokhalil هيثم أبوخليل (@haythamabokhal1) February 18, 2025
وخط صعيد؟
أم هناك احتمال أن يكون ضحية لفساد الداخلية في صعيد مصر؟
وهل طبيعي قتله وقتل إبنه وقتل شقيقه وآخرين؟
لماذا في اشتباكات الداخلية مع من يقال أنهم خارجين للقانون ..لا يوجد مصابين؟
للمرة المليون
أنا لا أثق في بيانات الداخلية!#محمد_محسوب #ساحل_سليم pic.twitter.com/Auh53C8ZQF
وتساءل البعض عن سبب ترك محسوب طليقا لمدة 21 عاما رغم خطورته، وإن كان يعمل مع جهات نافذة ثم خرج عن السيطرة؟ وهل كانت نهاية "خط الصعيد الجديد" مجرد تصفية لحسابات أكبر؟
الكل يعلم ان مافيش واحد من تجار المخدرات ولا السلاح الا بيشتغل مع الامن ومحمد محسوب خط الصعيد فى ساحل سليم تم تصفيته لخروجه على قواعد اللعبه زي فيلم الجزيره لما كان السقا شغال مع الظابط وبيجيبله ارهابيين واختلفوا فى الحصه علشان كده خلصوا عليه زى ما خلصوا ع خمسه بتهمه قتل ريجيني pic.twitter.com/pAKkJLT6sp
— Mohamadaugust Mohamad (@mohamadaug73064) February 17, 2025
وطالب آخرون وزارة الداخلية بالتحقيق مع الضباط الذين ذكرهم محسوب قبل مقتله.
"يجب التحقيق داخل الشرطة المصرية مع الضباط الذين ذكرهم قبل مقتله".. الكاتب الصحفي سامي كمال الدين @samykamaleldeen، يروي قصة مقابلته مع (خط الصعيد)، والتي تتشابه مع قصة محمد محسوب، الذي تمت تصفيته في ساحل سليم بأسيوط: قال لي قبل تصفيته: أنا على استعداد لتسليم نفسي وأحاكم بشرط… pic.twitter.com/eGjg7ysK3h
— وطن. يغرد خارج السرب (@watanserb_news) February 17, 2025