الصورة من أحد المجمعات التجارية في الكويت
الصورة من أحد المجمعات التجارية في الكويت

قضت المحكمة الدستورية في الكويت بعدم دستورية المادة 198 من قانون الجزاء (العقوبات)، والتي تجرم التشبه بالجنس الآخر، وذلك لـ"غموضها"، بحسب نص القرار الذي نشرته المحكمة على موقعها الإلكتروني. 

وكانت المادة 198 من قانون الجزاء، الذي يحمل الرقم  36 لسنة 1960 والمعدلة عام 2007، تنص على أن "من أتى إشارة أو فعلا مخلا بالحياء في مكان عام بحيث يراه أو يسمعه من كان في مكان عام أو تشبه بالجنس الآخر بأي صورة من الصور يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تجاوز ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين".

بدوره، يوضح المحامي علي العريان لموقع "الحرة"، وهو مقدم الطعن بالمادة، أن "عدم الدستورية يعني إبطال المادة في شقها المتعلق بتجريم التشبه بالجنس الآخر، وبالتالي لا يعود هذا الفعل يشكل جريمة يعاقب عليها القانون، وتعتبر المادة السارية منذ عام 2007 كأنها لم تكن".

بدورها، اعتبرت المحكمة في قرارها أن "التعديل الأخير الذي جاء به القانون رقم 36 لسنة 2007 على المادة 198 أضاف إلى الأفعال المعاقب عليها فعلا جديدا هو التشبه بالجنس الآخر بأي صورة من الصور، دون أن يتضمن النص معيارا موضوعيا".

وتدعو منظمة "هيومن راتس ووتش" منذ العام 2013 إلى أنه "يتعين على الحكومة الكويتية أن تقوم على الفور بإلغاء تعديل 2007 للمادة 198 من قانون العقوبات".

"كما يتعين على الحكومة وضع آليات لحماية المتحولين جنسيا، وهم جماعة مستضعفة بوجه خاص، من إساءات الشرطة وعنفها. ويجب على الحكومة التحقيق في كافة مزاعم وحشية الشرطة على نحو مستقل وشفاف وسريع"، وفقا للمنظمة.

وعن أسباب التقدم بالطعن،  يقول العريان إنه "منذ أكثر من عام، كان هناك قضية منظورة موكل بها من أحد الأشخاص المتهمين بقضية التشبه بالجنس الاخر،  الأمر الذي دفعني للتقدم بأسباب دستورية موجبة لإلغاء المادة".

صورة أرشيفية لإحدى التظاهرات الداعمة لمجتمع الميم في لبنان
"التشبه بالنساء" وقوانين "فضفاضة".. تحديات حقوقية تواجه العابر/ة جنسيا في دول عربية
الحكم بالسجن سنتين بتهمة "التشبه بالنساء"، هكذا كانت عقوبة العابرة الجنسية الكويتية، مها المطيري، التي قد تُجبر على قضاء فترة العقوبة في سجن للرجال، وهكذا هي حالة الكثير من والعابرين/ات الذين يواجهون تحديات قانونية واجتماعية في عدة دول عربية.

وأضاف العريان: "النص واسع فضفاض وغامض، الأمر الذي يترك مساحة واسعة لرجال الشرطة أن يشخصوا ما هو تشبه بالنساء من عدمه، وهو ما يعتبر دستوريا من عيوب النصوص الجزائرية التي تستلزم الإبطال".

وتابع موضحا: "الدستور يقضي أن تكون النصوص الجنائية واضحة، بحيث لا تترك مجالا لرجال السلطة العامة بتحكيم رأيها في التجريم".

وبالعودة لحيثيات القرار، فقد شددت  المحكمة على وجوب أن يكون النص "منضبطا ويتعين مراعاته لتحديد ذلك الفعل المؤثم قانونا وما يعد تشبها بالجنس الآخر وما لا يعد كذلك".

وأضافت أن المادة "جاءت عباراتها بالغة العموم والاتساع ويمكن تحميلها بأكثر من معنى على نحو قد تتعدد معه تأويلاتها".

وأشارت إلى أن ما أوردته المذكرة الإيضاحية للقانون من صور التشبه التي اعتبرت منها "تزي جنس بملابس الجنس الآخر المقصورة عليه بحسب العرف السائد في البلاد أو تقمصه شخصية الآخر"، يدل على  مدة الاتساع الذي يمكن أن تحمل عليه هذه العبارة"

وختمت المحكمة قرارها المبطل للمادة  بأن "تقدير الأمر يكون في النهاية متروكا للجهات القائمة على تطبيق القانون وفقا لتقديرها ودون ضابط يقيدها ".

وفي أكتوبر الماضي، لاقت قضية مها المطيري، اهتماما كبيرا، وهي كويتية عابرة جنسيا صدر حكم بسجنها سنيتن بتهمة "التشبه بالنساء". 

وتحدثت المطيري في تقرير سابق لموقع "الحرة" عبر تطبيق "زووم"، رافضة أن تكشف عن مكان اختبائها أو الإفصاح عن رقم هاتفها، إذ قالت إنها تخشى القبض عليها لتنفيذ الحكم، الذي قد يجبرها على قضاء فترة العقوبة في سجن للرجال. 

وطبقا لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، فإن الكويت تعترف باضطراب الهوية الجندرية رسميا، لكن قانون العقوبات في البلاد يجرم ما يسميه "التشبه بالنساء". وتقول المنظمة إن العابرين جنسيا في الكويت اشتكوا من وحشية الشرطة والاضطهاد. 

في مايو الماضي، قالت المطيري (40 عاما) في فيديو عبر تطبيق "سناب شات" إنها تعرضت من قبل للحبس في سجن للرجال، وأنها تعرضت للاغتصاب داخله.

وكشفت أن صديقة عابرة تعرضت بدورها لتجربة مماثلة، دفعتها للانتحار في الماضي، وهو الفيديو الذي أثار جدلا وتغطية من وسائل إعلام عالمية، دون تعليق من السلطات الكويتية.

تباين المواقف العراقية الكويتية بشان سبل حل مشكلة الملاحة البحرية
تباين المواقف العراقية الكويتية بشان سبل حل مشكلة الملاحة البحرية

عادت الخلافات الحدودية بين العراق والكويت إلى دائرة الضوء بعد أن أصدر الطرفان خلال الأسابيع الماضية بيانات أشارت إلى أهمية حسم الملفات العالقة والالتزام بالاتفاقات المشتركة، في حين وصف سياسيون ومراقبون لموقع الحرة بعض القرارات التي فرضت على العراق بـ"المجحفة" وذكروا أن حل الموضوع مرهون بالتزام الطرفين بالدساتير والقانون الدولي.

ففي العراق، أعلن وزير الخارجية، فؤاد حسين، قرب انطلاق المفاوضات بين البلدين لحل "الملفات العالقة". 

وجاء ذلك، خلال لقائه في واشنطن، الخميس، مع مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، إذ أشار حسين إلى أن "الحوارات هي السبيل الصحيح لحل المشاكل" بحسب بيان لوزارة الخارجية العراقية.

U.S. Secretary of State Antony Blinken attends breakfast with the Foreign Ministers of the Gulf Cooperation Council Nations, in New York
اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي وأميركا.. أبرز نقاط البيان المشترك
اجتمع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مع وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، والأمين العام لمجلس التعاون، جاسم البديوي، في نيويورك، الثلاثاء، لتأكيد الأهمية الاستراتيجية للعلاقات التاريخية بين دولهم.

وفي الطرف الآخر، أكد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة أهمية "التزام العراق بسيادة الكويت وسلامة أراضيها واحترام الاتفاقيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة، سيما قرار مجلس الأمن رقم 833 في شأن ترسيم الحدود بين الكويت والعراق".

وفي بيان صدر عقب اجتماعهم في نيويورك، في 25 من سبتمبر الماضي، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعا الوزراء الحكومة العراقية "إلى ضمان بقاء اتفاقية الكويت والعراق لتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله سارية المفعول".

وزير الخارجية العراقي يلتقي نظيره الكويتي
"بعد 30 سنة نسمع نفس الشيء".. الكويت تطالب العراق بمعالجة حكم "خور عبد الله"
طالبت الكويت اليوم الثلاثاء حكومة بغداد بمعالجة حكم المحكمة الاتحادية العليا العراقية القاضي بعدم دستورية تصديق البرلمان العراقي في 2013 على اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله بين البلدين، فيما أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي أهمية احترام وتنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع الكويت.

اتفاقية خور عبد الله .. أصل المشكلة

في يناير عام 2013 أقر مجلس الوزراء العراقي، اتفاقية مع الكويت تتعلق بتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله المطل على مياه الخليج. وصادق مجلس النواب العراقي على الاتفاقية في وقت لاحق من العام ذاته لتدخل رسميا حيز التنفيذ.

وبعد مضي عقد من الزمن، قررت المحكمة الاتحادية في العراق عدم دستورية الإتفاقية وبررت قرارها "لمخالفة أحكام المادة (61/ رابعا) من دستور جمهورية العراق التي نصت على أن عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية تنظم بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب".

قرار المحكمة العراقية أعاد إلى الواجهة المشاكل الحدودية بين بغداد والكويت، التي تعهد البلدان على تجاوزها مؤخرا، بعد التحسن التدريجي في العلاقات خلال السنوات الماضية.

عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي النائب مثنى أمين لخص في حديث لموقع الحرة أبرز الملفات العالقة بين العراق والكويت منها إعادة رفات الأسرى الكويتين وإرجاع الآثار والمقتنيات  التي "أُخذت من الكويت" أثناء غزو العراق للدولة الخليجية، بحسب تعبيره.

وكان رئيس جمعية "أهالي الشهداء الأسرى والمفقودين الكويتية"، فايز العنزي، قد أوضح في حديث لصحيفة "الأنباء" المحلية في أغسطس الماضي، أن الكويت تمكنت من إعادة رفات 294 شخصا من العراق، فيما لا يزال 311 شخصا في عداد المفقودين، بينهم أشخاص من جنسيات غير كويتية.

الملاحة البحرية .. ملف "معقد" بين الكويت والعراق

الملف الأهم بالنسبة لعضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي النائب مثنى أمين، هو موضوع تنظيم الملاحة البحرية، ويقول إن هذا الملف معقد وفيه إشكالات سيما بسبب رفض أطراف عراقية لبعض الشروط التي فُرضت على بلدهم جراء خضوعه لعقوبات الفصل السابع اثر غزوه للكويت عام 1990، بحسب تعبيره.

أمين قال إن ملف المياه الأقليمية وحرية الحركة فيها مهم جدا بالنسبة للعراق، ودعا إلى ضرورة "إعادة النظر باتفاقيات الملاحة بين البلدين بحيث لا تؤثر سلبا على موانئ العراق وتحجم من دورها" بحسب تعبيره.

عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي أشار  أيضا إلى أن العديد من العراقيين يرون أن بلدهم فرضت عليه قرارات وصفها بـ"المجحفة" وأنهم يطالبون بإعادة النظر فيها. مشيرا إلى أن "حل مشكلة تنظيم الملاحة البحرية وترسيم الحدود بين البلدين يحتاج إلى مرونة بين الطرفين".

أمين قال أيضا لموقع الحرة إن العلاقات العراقية الكويتية شهدت تحسنا ملحوظا في الفترة الأخيرة بالأخص بعد أن أغلق مجلس الأمن رسميا، في فبراير عام 2022، ملف تعويضات الكويت بعد تسديد العراق مبلغ 52.4 مليار دولار، بحسب تعبيره

وأوضح أمين أن العراق خرج من طائلة إجراءات الفصل السابع لمجلس الأمن الدولي بعد دفع تعويضات الكويت، وأن العراق نُقل من الفصل السابع إلى الفصل السادس لحل بقية الملفات العالقة مع الكويت.

وبحسب الأمم المتحدة، فإن الفصل السادس معني بـ"التسوية السلمية للنزاعات" ويتناول "ممارسات مجلس الأمن الرامية إلى ترويج وتنفيذ التوصيات أو الطرائق أو الإجراءات التي تروم التسوية السلمية للمنازعات في إطار المواد 33-38 من الفصل السادس والمادتين 11 و99 من ميثاق الأمم المتحدة. وإجمالاً، يحتوي الفصل السادس على شتى الأحكام التي يجوز لمجلس الأمن أن يقدم بمقتضاها توصيات إلى الأطراف المتنازعة أو الأطراف في حالة ما".

اتفاقية خور عبد الله وتبعاتها القانونية والدستورية

تنص الاتفاقية على تقسيم مياه خور عبد الله بالمناصفة بين البلدين، انطلاقا من قرار مجلس الأمن الدولي التابعة للأمم المتحدة "833" الصادر عام 1993 الذي أعاد ترسيم الحدود في أعقاب الغزو العراقي على الكويت. 

ويعترض عراقيون على هذه الاتفاقية لأنهم يعتبرون  أنها تمنح الكويت أحقية في مياه إقليمية داخل العمق العراقي، مما يعيق حركة التجارة البحرية أمام الموانئ المحدودة للبلاد.

يقول الخبير القانوني الدكتور عدنان الشريفي لموقع الحرة إن جميع قرارات المحكمة الاتحادية في العراق ملزمة بحسب مبدأ "سمو الدساتير الدولي" وإن المحكمة استندت إلى المادة 61 من الدستور العراقي عندما قررت عدم دستورية هذه الاتفاقية، مشيرا إلى أن هذه الخطوة هي جزء من "عرف دولي" يخص دور الجهات القضائية في الرقابة على القوانين والمعاهدات.

يضيف الشريفي أن الدستور العراقي اشترط عند التصديق على المعاهدات والاتفاقات، بوجود ثلثي أعضاء البرلمان العراقي، "وهذا لم يحدث في جلسة التصويت على الاتفاقية عام 2013". 

أمام العراق والكويت الآن مساران، كما يقول الخبير القانوني، الأول هو أن يعيد البرلمان العراقي التصويت على الاتفاقية بأغلبية ثلثي الأصوات لتكون نافذة ومُلزمة، أما إذا رفض البرلمان التصويت على الاتفاقية، وهو السيناريو الثاني، فبإمكان الكويت في هذه الحالة اللجوء إلى المحكمة الدولية لقانون البحار.

وأوضح الشريفي أن اتفاقية عام 2013 "جرت دون مشاورة جميع الأطراف العراقية وأن العديد منها ترى أن الاتفاقية بصيغتها الحالية لا تحمي مصالح العراق" مضيفا أن الخيار أمام الكويت الآن هو أن تعيد التفاوض للتوصل إلى اتفاقية جديدة ترضي الطرفين وتحمي حقوقهم وفقا للمعايير والقوانين الدولية.

الخبير القانوني نفى إمكانية تعرض العراق لأي إجراءات ضده بسبب رفضه الاتفاقية الحالية، لكنه أشار إلى تبعات سيتعرض لها البلد في حال رفعت الكويت قضية في المحكمة الدولية وربحتها لكن العراق رفض الالتزام بها، "في هذه الحالة فقط سيتعرض العراق إلى عقوبات دولية".

ويشرح الشريفي المادة 14 من اتفاقية خور عبد الله والتي نصت بوضوح على أنه "يستوجب على الطرفين أولا حل الخلاف ودياً، وفي حال فشل التوافق، يحال الخلاف إلى المحكمة الدولية لقانون البحار التي ستكون قراراتها ملزمة للطرفين". 

ويضيف أنه بناء على بنود الاتفاقية الحالية، فعلى الكويت أولا أن تحل هذا الإشكال عن طريق التفاوض والحل الودي، لكن "لجوء الكويت إلى بيانات الاستنكار والشجب والتصعيد هي مخالفة واضحة لبنود الاتفاقية" بحسب تعبيره.

وفي لقاء خاص مع موقع الحرة، قال وزير الاعلام الكويتي الأسبق، سامي النصف، أن "الكويت أكدت أكثر من مرة أن القضية "عراقية-عراقية"، وليس لديها أي اعتراض إذا أعادت الحكومة العراقية هذه الاتفاقية إلى البرلمان للمصادقة عليها من جديد".

وأشار النصف إلى أن "أي تحرك أو إجراء آخر سيكون دليلا عن وجود جهات تحاول 'زرع الألغام' في العلاقات بين البلدين، والعراق سيكون هو المتضرر الكبير في حال تم رفض هذه الاتفاقية، لأن الكويت تقع ضمن منظومة خليجية متكاملة ومن مصلحة العراق أن يعزز علاقاته مع هذه الدول".

وبشان اعتراض أطراف عراقية على الاتفاقية التي قالوا إنها تغبن حق العراق في الملاحة، أضاف الوزير الكويتي السابق أن هذا الأمر غير صحيح "بدليل أن العراق يبني الآن واحدا من أكبر الموانئ في المنطقة، ميناء الفاو العراقي أكبر من جميع موانئ الكويت مجتمعة، وبالتالي لا يوجد أي 'خنق' للعراق في الملاحة البحرية. العراق يمتلك أيضا موانئ أخرى على الخليج مثلا ميناء أم قصر والزبير". 

وذكر أن "الكويت تاريخيا ساعدت العراق في الملاحة البحرية، فالموانئ الكويتية هي التي دعمت العراق خلال الحرب مع إيران والتي أجبرت العراق آنذاك على غلق جميع موانئه"، على حد قوله.