أثار مقترح برلماني بإغلاق المحال التجارية أثناء صلاة الجمعة في الكويت ردود فعل واسعة من قبل أشخاص يعارضون الفكرة، ويقولون إنها تمثل تراجعا للحقوق المدنية بالدولة الخليجية.
وأقرت لجنة المرافق العامة البرلمانية الاقتراح المقدم من النائب ماجد المطيري، الذي ينص على "إغلاق سائر المحلات التجارية ومنع البيع والشراء في يوم الجمعة من حين النداء الثاني لصلاة الجمعة إلى نهايتها".
و"يستنثى من ذلك الصيدليات والمحلات التجارية في المطار والموانئ"، وفقا لنص المقترح الذي أوردته صحيفة "القبس" المحلية.
وبينما أرجع النائب البرلماني اقتراحه إلى ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية على اعتبار أنها مصدر للتشريع، يرى معارضون أن تطبيق هذه الفكرة من شأنها أن تؤدي لتراجع الحقوق المدنية في الكويت التي يتمتع برلمانها بحرية أكثر مقارنة بالدول الخليجية المجاورة.
وقال الكاتب والباحث السياسي، جاسم الجريد، إن مثل هذا المقترح يأتي منسجما مع "صعود التشدد الديني في الكويت" مؤخرا.
في حديثه لموقع قناة "الحرة"، قال إن مثل هذه الأفكار تسهم في تراجع الحقوق المدنية في دولة تضم مجتمعا متنوعا.
وأضاف أن "هذا المقترح يتجاهل مكونات المجتمع في الكويت، بمن في ذلك المقيمون الذين يشكلون الأغلبية، وكثير منهم من غير المسلمين".
وأردف بقوله: "في الكويت يوجد مسيحيون وبهائيون وشيعة ومقيمون آسيويون لديهم معتقدات مختلفة".
في هذا الإطار، ترفض الكاتبة الكويتية، الجازي طارق السنافي، مثل هذه المقترحات التي من شأنها فرض الوصاية على المجتمع، حسب قولها.
وقالت لموقع "الحرة" إن "إثارة الموضوع بهذه الطريقة أمر غير مقبول" على اعتبار أن المقترح يحمل "استفزازا للناس وكأن الدين الإسلامي شيء جديد على الكويت".
وأضافت: "الكويت دولة مدنية ومجتمعها محافظ وملتزم دينيا وأخلاقيا ... الكل يحترم الأذان والصلاة، ولكن فرض الوصاية أمر مرفوض"، مدللة على أن كثير من المحال التجارية تغلق أثناء صلاة الجمعة بالفعل.
وتتفق السنافي مع الجريد في ضرورة احترام الجاليات الأجنبية في الكويتK الذين لديهم معتقدات أخرى وتشدد على أهمية التصدي لمثل هذه الأفكار.
ويبلغ عدد سكان الكويت 4.8 مليون نسمة يمثل الكويتيون منهم 30 بالمئة فقط بحسب تصريح لرئيس الوزراء السابق، الشيخ صباح الخالد الصباح، في يونيو 2020.
"استيراد الصحوة"
أما الجريد الذي كان مرشحا لمجلس الأمة في الانتخابات الأخيرة قبل أن يغادر الكويت مؤخرا، فقال إن "الكويت استوردت الفكر المتشدد من الصحوة التي قضى عليها الأمير محمد بن سلمان في السعودية".
وأشار إلى أن "موجة التشدد الجديدة أصبحت قوية وذات تأثير على المشهد السياسي في الكويت".
في المقابل، يعتقد الكاتب المتخصص في الشؤون البرلمانية، رشيد الفعم، أن التعاطي مع المقترح لا يجب أن يكون بهذه الطريقة.
وقال لموقع "الحرة" إن المقترح نابع من أن الكويت دولة مسلمة وأن دستورها ينص بشكل صريح على أن الإسلام مصدر التشريع الرئيسي.
وكان النائب ماجد المطيري استشهد في مقترحه البرلماني بالمادة رقم 2 من الدستور التي نصت على أن "دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع"، وفق صحيفة "القبس".
وبرر المطيري مقترحه بضرورة حمل المشرع "أمانة الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية ما وسعه ذلك".
ومع ذلك، يرى الفعم أن إغلاق المحال التجارية أثناء صلاة الجمعة مقترح يصعب تطبيقه في الكويت لاعتبارات عدة، وهو أمر تتفق معه السنافي.
وقال الفعم إن هذا المقترح يجب أن يمر عبر سلسلة من الإجراءات حتى يدخل حيز التنفيذ من إدراجه على جدول أعمال اللجنة، إلى مناقشته تحت قبة البرلمان حتى يتم إقراره بالأغلبية المطلقة ومن ثم تقديمه للحكومة.
وتابع: "الحكومة تملك سلطة رفضه، وهنا لا يتم اقتراحه في مجلس الأمة مرة أخرى إلا في دور انعقاد جديد، وعندها يحتاج لأغلبية عادية حتى يكون قانونا نافذا".
كما لفت إلى أن المحال التجارية تعتبر من الأملاك الخاصة التي لا تلتزم بساعات عمل الدولة، وهي أعمال يصعب إلزامها بالإغلاق في فترات معينة لأن لديها قانون خاص ينظم عملها.
وقال الفعم إنه "لا يمكن إلزام أحد بإغلاق محله وقت صلاة الجمعة على اعتبار أن الكثير من الذين يعملون في هذه المحال من غير المسلمين . نحن مجتمع مدني لدينا نصوص مرتبطة بالإسلام، لكن يصعب تطبيق الشريعة الإسلامية لدينا بحذافيرها".