بناء طيني في تمبكتو
بناء طيني في تمبكتو

أدان الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي الثلاثاء إضرام من وصفهم بأنهم "بعض المتطرفين الغلاة" النار في مكتبة لمخطوطات إسلامية أثرية في مدينة تمبكتو التي تبعد مسافة 900 كيلومتر شمال شرق باماكو عاصمة مالي.

وأوضح أوغلي في بيان أن المكتبة تحوي "مخطوطات إسلامية ووثائق أثرية تعتبر تراثا إنسانيا وكنزا للأمة الإسلامية جمعاء".

كما ندد الأمين العام بأعمال "العنف والترويع والتدمير" التي تتم من طرف أولئك "المتطرفين والغلاة".
ومن جانبه قال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) روني أميلان إن المنظمة شعرت بالرعب من أنباء إشعال النار في المخطوطات والكنوز الأثرية في تمبكتو، لكنها تنتظر تقييما شاملا للخسائر والأضرار.

رجل من الطوارق قرب مسجد يعود إلى القرن الـ13 في تمبكتو

​​ويقول أحد العاملين في مكتبة المدينة إن أكثر من ثلاثة آلاف مخطوطة دمرت فيما  سرق المسلحون مخطوطات أخرى أثناء فرارهم.

وقد تكثفت الإفادات التي تؤكد إتلاف مخطوطات ثمينة تعود إلى قرون في المدينة التي كانت عاصمة ثقافية وروحية للإسلام في إفريقيا في القرنين  الـ15 والـ16.

وقد دأبت الجماعات المتشددة وبصورة ممنهجة على مدار الفترة الماضية على تدمير المواقع الثقافية في تمبكتو وكان من بينها مقامات قديمة ومزارات لرجال الدين الصوفيين.

وقد تمكن عدد من أبناء المدينة من صون بعض المخطوطات قبل أن تصل إليها أيدى المتطرفين.

جدير بالذكر أن بعض المخطوطات الموجودة في تمبكتو قديمة جدا، وتحفظ في معهد أحمد بابا للدراسات العليا والأبحاث الإسلامية ما بين 60 ألفا إلى 100 ألف منها، بحسب وزارة الثقافة المالية.

ترحيب بالجنود الفرنسيين

ميدانيا، استقبل أهالي تمبكتو القوات الفرنسية وجيش بلدهم بالترحاب والفرح. وقال أحد الأهالي حول ما حدث في تخريب المخطوطات التاريخية "لقد دمروا كل شيء... أشياء تعود إلى 300  أو 400 عام بزعم أن ذلك ضد شعائر الدين، هذا الأمر غير مبرر أو غير مفهوم بالنسبة لي ونحن نحاول أن نقاتلهم بمفردنا ولكننا بدون سلاح ولا أي شيء".

وتحدث قائد عسكري فرنسي عن الصعوبات التي يواجهها سكان المنطقة وكذلك جنوده  فقال "إننا نواجه مشكلة كبيرة بسبب الطين، لأن الكثير من مدرعاتنا قد التصقت بالأرض هنا بسببه".

ومن جهة أخرى، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إن بلاده مع شركائها الأفارقة في صدد الانتصار في معركة مالي، معتبرا أنه يعود إلى القوات الإفريقية ملاحقة الإرهابيين في شمال البلاد.

جنود ماليون يدخلون مدينة تمبكتو

​​وأسفرت المعارك في مدينة غاو شمال مالي عن مقتل 25 مسلحا متشدّداً في نهاية هذا الاسبوع، كما أعلن مساء الاثنين المتحدث باسم رئاسة أركان الجيوش الفرنسية الكولونيل تييري بوركار في ندوة صحافية.

وقال بوركار إن القوات الخاصة الفرنسية خاضت معارك في مدينة غاو مع إرهابيين لدى محاولتها السيطرة على جسر يؤدي إلى النيجر جنوب المدينة.

وأوضح المتحدث أنه تمَّ القضاء على 15 إرهابيا، مشيرا إلى تدمير سيارتي بيك آب والقضاء على 10 إرهابيين في شمال المدينة ليل السبت الأحد.

وأكد بوركار أن وحدات فرنسية بدأت مع الوحدات المالية السيطرة على مدينة تمبكتو بمساعدة السلطات المدنية للمدينة.

مساعدة مالية يابانية

وفي سياق آخر، أعلنت الحكومة اليابانية الثلاثاء أنها ستقدم 120 مليون دولار للمساعدة على إرساء الاستقرار في مالي والساحل، وذلك بعد بضعة أيام على مقتل 10 يابانيين في عملية احتجاز رهائن في الجزائر نفذتها مجموعة مسلحة "انتقاما" من تدخل القوات الفرنسية في مالي لصد هجوم للجماعات الإسلامية المتشددة.

وقال وزير الخارجية الياباني فوميو كيشيدا في مؤتمر صحافي "نأمل في أن تساعد هذه المساعدة في تعزيز مهمة الدعم الدولية في مالي (ميسما) وتقلل الفقر الذي يمكن أن يشكل تربة للإرهاب".

بناء طيني في تمبكتو

​​وأضاف الوزير أن "الـ120 مليون دولار من الهبات ستقدم عبر منظمات دولية لمساعدة مالي والبلدان المجاورة، وهذا من شأنه أن يدعم برنامج مهمة الدعم الدولية في مالي بصورة غير مباشرة".

ومن المقرر أن ترسل مهمة الدعم الدولية في مالي المؤلفة من فرق غرب إفريقية مدعومة من الأمم المتحدة 5700 جندي إلى مالي، ووعدت تشاد وحدها بإرسال 2000 جندي. وستؤازر هذه القوة الإفريقية ثم تحل محل 2500 جندي فرنسي أرسلتهم باريس منذ منتصف يناير/كانون الثاني.

قوات مالية على مشارف تمبكتو
قوات مالية على مشارف تمبكتو

أكد مصدر عسكري في مالي  الأحد أن القوات الفرنسية والمالية تقدمت في مواجهة المتمردين الإسلاميين في شمال مالي ووصلت إلى مشارف مدينة تمبكتو التي سيطر عليها العام الماضي مقاتلون متحالفون مع تنظيم القاعدة.
 
وأضاف المصدر الذي تحدث لوكالة رويترز طالبا عدم نشر اسمه أن هذه القوات لم تواجه أي مقاومة من المتمردين في تمبكتو، مشيرا إلى أنها توقفت خارج المدينة التاريخية، التي تضم مساجد وآثار ومنازل من الطوب اللبن، لتجهز إستراتيجية لدخولها ولإخراج أي مقاتلين إسلاميين قد يكونون مختبئين داخلها.
 
وقال مصدر أمني إن الطيران الفرنسي قصف مواقع إسلاميين في كيدال وضواحيها في أقصى شمال شرق مالي ودمر منزل زعيم جماعة أنصار الدين.
 
وأضاف المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية "حصلت ضربات جوية في منطقة كيدال. وهذه الضربات أصابت خصوصا منزل أياد اغ غالي في كيدال ومعسكرا في المدينة نفسها".
 
انتشار قوات في غاو
 
من ناحيته أعلن الناطق باسم هيئة أركان الجيوش الفرنسية في باريس الأحد أن جنودا ماليين وتشاديين ونيجيريين ينتشرون حاليا في مدينة غاو.
 
وقال الكولونيل تييري بوركار لإذاعة أوروبا-1 إن هذه القوات الإفريقية أنزلت جوا في مطار غاو الذي سيطرت عليه القوات الخاصة الفرنسية.
 
وأوضح "خلال تحرك منسق مساء الجمعة شمل القوات الخاصة والضربات الجوية تمت السيطرة على مطار وجسر استراتيجي فوق نهر النيجر على بعد بضعة كيلومترات من غاو".
 
مساعدة لوجستية أميركية
 
من ناحية أخرى، أعلن الجيش الأميركي أن وزارة الدفاع "بنتاغون" وافقت على أن تقوم طائرات تموين أميركية بتزويد الطائرات الحربية الفرنسية المشاركة في عملية مالي بالوقود أثناء طيرانها.
 
وكانت باريس قد طلبت من واشنطن وضع طائرات تموين وقود في خدمة الطائرات الحربية الفرنسية المشاركة في العملية العسكرية التي تشنها القوات الفرنسية ضد الإسلاميين الذين يسيطرون على شمال مالي، وقد وافق وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا على هذا الطلب، بحسب ما أوضح البنتاغون في بيان.
 
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع جورج ليتل في البيان إن بانيتا اتصل هاتفيا بنظيره الفرنسي جان-ايف لودريان للتباحث سويا في سبل توفير الدعم الجوي الأميركي بهدف "حرمان الإرهابيين من أن يكون لهم ملجأ في مالي".
 
وأضاف البيان أن بانيتا "أبلغ الوزير لودريان أن القيادة العسكرية الأميركية لإفريقيا ستدعم الجيش الفرنسي عبر تسيير عمليات تزويد بالوقود في الجو طيلة المدة التي ستستغرقها العمليات العسكرية التي ينفذها في مالي".
 
محادثات فرنسية سعودية حول مالي
 
وفي سياق متصل، بحث وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان مع ولي العهد وزير الدفاع السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز الأحد في الرياض الأوضاع في مالي والتعاون العسكري بين البلدين.
 
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر دبلوماسي فرنسي رفض ذكر اسمه قوله إن "الموضوع الرئيسي كان التدخل الفرنسي في مالي بغطاء من الأمم المتحدة"، مشيرا إلى أن الزيارة القصيرة للوزير ليست "مخصصة لهذا الأمر فقط لأنها كانت مقررة قبل الأحداث في مالي".
 
قلق إزاء الوضع الإنساني
 
في غضون ذلك، أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن قلقها إزاء الوضع في مالي، موضحة أن العمل في هذا البلد "صعب للغاية" بالنسبة لهذه المنظمة الإنسانية.
 
وقال رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر مورير إن "مالي تمثل إحدى أقسى الأزمات الإنسانية التي يتعين علينا مواجهتها اليوم".
 
يشار إلى أن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في جنيف أعلنت الجمعة أن تسعة آلاف شخص فروا إلى دول مجاورة منذ بداية العمليات العسكرية الفرنسية في مالي في 11 يناير/كانون الثاني.