مقاتلات أميركية في قاعدة ميزاوا في اليابان
مقاتلات أميركية في قاعدة ميزاوا في اليابان، أرشيف

قال المعهد الدولي لأبحاث السلام في تقرير نشر الاثنين إن النفقات العسكرية في العالم تراجعت في العام الماضي بالمقارنة مع عام 2011، وذلك في أول انخفاض يسجل في هذا المجال منذ عام 1998.

وأوضح المعهد الذي يتخذ من ستوكهولم مقرا له أن هذا الانخفاض يفسر خصوصا بالاقتطاعات التي أجرتها الدول الغربية في ميزانيات الدفاع التي سجلت ارتفاعا في روسيا والصين.

وقال سام بيرلو فريمان مدير برنامج المعهد حول النفقات العسكرية وإنتاج الأسلحة "نشهد ما يمكن أن يكون بداية انتقال للنفقات العسكرية العالمية من الدول الغربية الغنية إلى المناطق الناشئة".

وأضاف أن "سياسات التقشف في الدول الغربية وتراجعها في أفغانستان يؤديان إلى خفض النفقات في هذه الدول بينما تواصل الأموال الناجمة عن النمو الاقتصادي ارتفاعها في الجانب الآخر (بالمناطق الناشئة)".

وأكد أن "كل شىء يدل على أن النفقات العسكرية العالمية ستواصل تراجعها في السنتين أو السنوات الثلاث المقبلة، وعلى الأقل حتى إنجاز حلف شمال الأطلسي انسحابه من أفغانستان في نهاية 2014".

واستطرد بيرلو فريمان قائلا "لكن في الوقت نفسه، ستواصل نفقات المناطق الناشئة ارتفاعها على الأرجح لذلك سيرتفع مجموع النفقات العالمية بعد ذلك".

وأشار إلى أن "الولايات المتحدة وحلفاءها ما زالوا مسؤولين عن الجزء الأكبر من النفقات العسكرية العالمية" موضحا أن الدول الأعضاء في حلف الأطلسي "أنفقت في المجموع ألف مليار دولار" على نفقاتها العسكرية.

تراجع أميركي

وبدون احتساب التضخم، انخفضت النفقات العسكرية العالمية بنسبة 0,5 بالمئة عما كانت عليه في عام 2011 لتبلغ 1750 مليار دولار في عام 2012، حسب المعهد.

وقال المعهد إن الصين وروسيا زادتا من الإنفاق العسكري بنسبة 7,8 بالمئة و16 بالمئة على التوالي، فيما ارتفعت النفقات العسكرية في الشرق الأوسط بنسبة 8,4 بالمئة وآسيا بنسبة 3,3 بالمئة.

وأضاف المعهد أن الإنفاق العسكري في الولايات المتحدة قد انخفض بنسبة 6 بالمئة في العام الماضي لتصبح الحصة الأميركية في النفقات العسكرية العالمية أقل من 40 بالمئة للمرة الأولى منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في نهاية 1991.

وأكد المعهد أن هذا التوجه سيستمر في العام الجاري، في ظل خفض الميزانية العسكرية للولايات المتحدة.

وافادت ارقام المعهد ان موازنة الدفاع الاميركية التي تبلغ 682 مليار دولار بقيت السنة الماضية اكبر باربع مرات من ميزانية الصين التي تحتل المرتبة الثانية في العالم وتبلغ 166 مليار دولار.

العشرات من الصحفيين والسياسيين والحقوقيين في تونس حوكموا بمقتضى المرسوم الرئاسي 54
العشرات من الصحفيين والسياسيين والحقوقيين في تونس حوكموا بمقتضى المرسوم الرئاسي 54

تحيي تونس في الثامن من نوفمبر من كل سنة اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، في ظرف يشهد فيه هذا البلد المغاربي تواتر الإيقافات والملاحقات القضائية لعدد من الصحفيين.

وإلى جانب تلك المتاعب، أحصى التقرير السنوي الصادر عن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في الفترة الممتدة بين 3 مايو/أيار 2023 و3 مايو/أيار 2024 نحو 211 اعتداء على الصحفيين والمراسلين الصحفيين والمصورين العاملين بمختلف المؤسسات الإعلامية المحلية والأجنبية.

وسبق لنقابة الصحفيين التونسيين أن نظمت هذا العام عدة وقفات احتجاجية تنديدا بما تعتبره "تضييقات على الصحفيين وحدّا من حرية التعبير وتوالي ملاحقتهم قضائيا عبر المرسوم 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة الاتصال والمعلومات".

واقع الحريات الصحفية يطرح اليوم جدلا ما فتئ يتصاعد حول مستقبل حرية الصحافة والتعبير في تونس في ظل تأكيد مختلف الفاعلين في القطاع أن هامش الحريات الصحفية الذي انتزعه التونسيون في أعقاب ثورة 2011 بات يشهد تراجعا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة.

اعتداءات ومحاكمات

في هذا الصدد، تقول منسقة وحدة الرصد بمرصد السلامة المهنية التابع لنقابة الصحفيين التونسيين خولة شبح: "إن نسق الاعتداءات على الصحفيين في تونس ارتفعت وتيرته هذه السنة سيما في ما يتعلق بالمسار الانتخابي الذي تصدر سجل الاعتداءات المرتكبة في حق الصحفيين.

وتضيف شبح لـ"الحرة" أنه تم تسجيل ارتفاع كبير في الملاحقات القضائية التي طالت الصحفيين إذ ناهز عددها 40 قضية، فضلا عن إيداع 5 صحفيين السجن في محاكمات على معنى المرسوم 54، لافتة إلى أن السلطات القضائية كانت فاعلة في هذه الملاحقات من خلال إصدار أحكام سالبة للحرية واتخاذ قرارات المنع من التصوير داخل المحاكم وتغطية الجلسات.

وتتابع في السياق ذاته، بأن المراسيم التي أصدرتها السلطة في الأعوام الأخيرة حدت من قدرة الصحفيين على الوصول إلى المعلومة وجعلت التعامل مع مؤسسات الدولة أكثر صعوبة من السنوات الفارطة.

ويتفق نقيب الصحفيين التونسيين زياد دبار مع تشخيص شبح في أن ظاهرة الاعتداء على الصحفيين باتت "مقلقة جدا" رغم وجود ما اعتبره بوادر جيدة في محاسبة المعتدين، مشددا في حديثه لـ "الحرة" على بروز اعتداءات جديدة لا تستطيع الهياكل النقابية محاسبة مرتكبيها ومن ضمنها صدور أحكام قضائية سالبة للحرية.

"وضع خطير"

وبخصوص واقع القطاع الإعلامي في تونس، يؤكد زياد دبار أن هذا القطاع يمر بـ"مرحلة خطيرة جدا" قيدت فيها المراسيم الحكومية حرية التعبير ومن ضمنها المرسوم 54 "الذي نسف بابا كاملا في دستور البلاد وجعل من كل صحفي في حالة سراح شرطي إلى أن يأتي ما يخالف ذلك".

ويشير في سياق حديثه عن الاحتفاء باليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، إلى أن هناك نزوعا من قبل السلطة في تونس كما الحال في مختلف دول العالم إلى تكريس سياسة الإفلات من العقاب والتوجه نحو التضييق على عمل الصحفيين في تناولهم لمختلف القضايا التي تخص الشأن العام في بلدانهم.

ويتابع بأن الوضعية الصحية لبعض الصحفيين التونسيين في السجون خطيرة وتثير القلق، من ذلك الوضعية الصحية لشذى الحاج مبارك الموقوفة في السجن منذ العام 2023 والإعلامي محمد بوغلاب الذي تم إيقافه أواخر مارس 2024 في قضايا مختلفة.

وكانت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين قد أصدرت الخميس، بيانا حملت فيه مسؤولية السلامة الجسدية للصحفيين الموقوفين في السجون إلى وزارة العدل التونسية، مؤكدة دخول الصحفية شذى الحاج مبارك في إضراب جوع فضلا عن "تعقد" الوضح الصحي للإعلامي محمد بوغلاب، بحسب نص البيان.

وسبق للرئيس التونسي قيس سعيد أن صرح في أغسطس/آب الماضي لوسائل إعلام محلية، تعليقا على موضوع سجن الصحفيين بأن النيابة العمومية في تونس "تحركت من تلقاء نفسها وأنه لم يتدخل في القضاء" مضيفا بالقول إجابة على سؤال أحد الصحفيين ''لا تعتقد أنني أفرح حينما أسمع بشخص تم سجنه''.

انتكاسة للحريات

ويثير واقع الحقوق والحريات في تونس انتقادات واسعة من قبل الهيئات والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية، عقب حملة الاعتقالات التي نفذتها السلطات الأمنية مطلع العام الماضي وتتواصل هذا العام وطالت شخصيات سياسية بارزة، وصحفيين، ومدونين، ومحامين.

وفي هذا الخصوص، يرى رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان (منظمة حقوقية غير حكومية) مصطفى عبد الكبير، أن الوضع الذي عاشته تونس في الأعوام الأخيرة يمثل "انتكاسة" للحريات وتراجعا غير مسبوق في هذا المجال الذي يعد أحد أهم مكاسب الثورة التونسية في 2011.

ويوضح عبد الكبير لـ"الحرة" قائلا: إن الزج بسياسيين وصحفيين وحقوقيين في السجون التونسية يشكل منعرجا خطيرا في المسار الانتقالي الذي سلكته البلاد بعد سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، إذ بتنا نسجل بشكل متواتر ضربا لحرية التعبير وتضييقا على أنشطة الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية نتيجة الرقابة الأمنية التي تفرضها السلطة.

وتبعا لذلك، دعا المتحدث السلطات التونسية إلى مراجعة المراسيم والقوانين التي تحد من حرية التعبير والصحافة وفتح قنوات الحوار مع مختلف الأطياف السياسية والحقوقية في البلاد من أجل تقديم مشروع مشترك ينقذ البلاد من أزمتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

في المقابل، يندد الرئيس التونسي قيس سعيّد بما يعتبره "تدخلا سافرا" في شؤون بلاده، في أعقاب انتقادات دولية لحملة الإيقافات التي تنفذها السلطات الأمنية التونسية، معتبرا أن ما حدث "قانوني".

ويواجه الرئيس سعيّد الانتقادات باتهام خصومه السياسيين بـ"الفساد والتآمر على أمن الدولة" نافيا في السياق ذاته تقييد حرية الإعلام، مؤكدا أن حرية التعبير مضمونة وأنه لا تراجع عنها.

يشار إلى أن تونس شهدت تراجعا لافتا في السنوات الأخيرة على مستوى التصنيف العالمي لحرية الصحافة الصادر عن "مراسلون بلا حدود"، لتحل في المرتبة 118 عالميا من بين 180 بلدا شمله هذا التصنيف، وقد كانت في العام 2020 تحتل المرتبة 72 عالميا، قبل إعلان الرئيس قيس سعيد "الإجراءات الاستثنائية" في 25 يوليو/تموز 2021.

المصدر: الحرة