طائرة الشبح الصينية
طائرة الشبح الصينية

اتهمت وزارة الدفاع الأميركية "بنتاغون" الصين بمحاولة اختراق شبكات الكمبيوتر الدفاعية للولايات المتحدة، واستخدام التجسس للحصول على تكنولوجيات لتغذية برنامجها للتحديث العسكري الذي يسير بخطى سريعة.

وقالت الوزارة في تقرير عن التطورات العسكرية الصينية يقع في 83 صفحة وقدمته إلي الكونغرس، إن ثمة تقدما في مساعي بكين لتطوير طائرات الشبح ذات التكنولوجيا المتقدمة وبناء أسطول من حاملات الطائرات لتوسيع نفوذها العسكري في أعالي البحار.

وحذر التقرير من أن "تنصت الصين على الشبكات الالكترونية يمثل قلقا جديا يشير إلي تهديد أكبر لأن المهارات المطلوبة لهذه الاختراقات مماثلة لتلك اللازمة لشن هجمات على شبكات الكمبيوتر."

وقال التقرير إن "الحكومة الأميركية مازالت مستهدفة باختراقات (الكترونية) يبدو أن بعضها يمكن إرجاعه بشكل مباشر إلي الحكومة والقوات المسلحة الصينية" مضيفا أن الغرض الأساسي للاختراقات هو الحصول على معلومات تعود بالفائدة على الصناعات الدفاعية والمخططين العسكريين وقادة الحكومة في الصين.

في المقابل نفت الصين يوم الثلاثاء على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية هوا تشون ينغ "الاتهامات العارية عن الصحة" التي أوردتها وزارة الدفاع الأميركية في تقريرها.

زيادة في الإنفاق الدفاعي

ويأتي التقري السنوي بشأن الصين -الذي بدأ الكونغرس يطلبه في عام 2000 - وسط توترات جارية في شرق آسيا بسبب تعزيز الصين قواتها العسكرية وتأكيد مطالبها للسيادة على جزر وأراض متنازع عليها مع جيران من بينهم الفلبين واليابان.

وتقول الصين إن انفاقها الدفاعي زاد بوتيرة بلغت حوالي 10 بالمئة سنويا -مع حساب التضخم- على مدى الأعوام العشرة الماضية لكن مسؤولين بالبنتاغون قالوا إن الانفاق الفعلي لبكين من المعتقد أنه أعلى من ذلك.

وقال تقرير البنتاغون إن الصين أعلنت في مارس/آذار زيادة قدرها 10.7 بالمئة في انفاقها العسكري ليصل إلي 114 مليار دولار.

وأضاف أن الرقم المعلن للانفاق العسكري لعام 2012 كان 106 مليارات دولار لكن الانفاق الفعلي ربما تراوح بين 135 إلي 215 مليار دولار، فيما يبلغ الانفاق الدفاعي الأميركي أكثر من 500 مليار دولار.

تكنولوجيات متطورة

وأبرز التقرير مساعي الصين المستمرة للحصول على تكنولوجيا عسكرية متطورة لتغذية برنامجها لتحديث قواتها المسلحة، كما أورد قائمة من الأساليب المستخدمة بما في ذلك "أنشطة التجسس الصناعي والتقني التي تدعمها الدولة لزيادة مستوى التكنولوجيات والخبرة المتاحة لدعم الأبحاث العسكرية وعمليات التطوير والاستحواذ."

وقال التقرير إن "الصين تواصل القيام بأنشطة تهدف إلي دعم المشتريات والتحديث العسكري ... وتشمل هذه الأنشطة التجسس الاقتصادي وسرقة الأسرار التجارية وانتهاكات قيود التصدير ونقل التكنولوجيا"، كما جاء في التقرير.

وأضاف التقرير أن الصين اختبرت في أكتوبر/تشرين الأول 2012 ثاني مقاتلة ستيلث (شبح) متطورة في عامين مما يبرز "طموحها المستمر لانتاج طائرة مقاتلة متطورة من الجيل الخامس"، غير أنه توقع ألا تحقق أي من المقاتلتين قدرات التشغيل الفعالة قبل 2018 .

وذكر التقرير أن العام الماضي شهد أيضا شروع الصين في بناء أول حاملة طائرات منتجة محليا، علما بأنها تمتلك حاليا حاملة طائرات اشترتها من الخارج وأجرت أول عمليات اقلاع وهبوط على متنها في نوفمبر/تشرين الثاني.

وقال إن الصين ستستغرق ما بين ثلاث إلي أربع سنوات في التدريب ودمج حاملة الطائرات في أسطولها قبل ان يصبح لديها قدرات عمليات كاملة لحاملة طائرات.

سلاح حزب الله

الحوار، والاستراتيجية الدفاعية، مفردات خطاب لطالما استخدمته السياسة اللبنانية في نقاش ملف سلاح حزب الله، لكن هل تملك الدولة رفاهية الوقت لإدارة حوار ونقاش استراتيجيات، أم أن الخيارات تصبح أكثر كلفة وتداعياتها أقل قابلية للتحكّم؟

المجتمع الدولي يشترط بسط السيادة الكاملة للدولة اللبنانية على كامل أراضيها كمدخل أساسي لأي دعم سياسي أو اقتصادي، فيما تحذر إسرائيل من أنها "ستنفذ المهمة" بنفسها، في حال استمر "تقاعس الدولة".

فهل لا يزال الانتظار خياراً قابلاً للصرف في ميزان التطورات الإقليمية والدولية؟ وهل يُمكن للتعويل على عامل الوقت أن يصمد طويلاً في وجه التحوّلات المتسارعة؟

مصادر تتحدث للحرة عن مؤشرات على نهج جديد.

قنبلة موقوتة

الوقت يداهم لبنان، تؤكد عضو كتلة "الجمهورية القوية" النائب غادة أيوب.

وتشرح "لبنان يعيش تحت وطأة سلاح غير شرعي منذ سنوات، وهذا السلاح جرّ علينا الويلات، من عزلة عربية ودولية، إلى انهيار اقتصادي، إلى تهديد دائم للسلم الأهلي".

ومن يظن "أن ملف السلاح غير الشرعي هو بلا مهلة، واهم أو متواطئ"، تؤكد أيوب. "لأن استمرار سلاح حزب الله هو قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت بوجه مشروع بناء الدولة وبوجه العهد، ولا يجوز لأي مسؤول في الدولة اللبنانية أن يدفن رأسه في الرمال".

وتشدد أيوب في حديث لموقع "الحرة" على أنه "لا مجال بعد الآن للتسويات ولا للتنازلات ولا يمكن أن يبقى هذا الموضوع موضوعًا مؤجّلًا أو قابلًا للمراوغة".

فالبلاد "أمام خطر دائم، ليس فقط على المستوى الأمني، بل على مستوى الاستقرار السياسي والاقتصادي والعلاقات الدولية".

حان "وقت التنفيذ"، تقول، لأنه "لا يمكن أن يُبنى وطن أو يُستعاد الاقتصاد في ظل دويلة ضمن الدولة".
والوقت "ليس مفتوحًا، وكل تأخير هو تراكم إضافي للأزمات".

تفكيك المخازن

من جانبه، يرى المحلل السياسي، المحامي أمين بشير، أن مقاربة الدولة اللبنانية لملف سلاح حزب الله تشهد تحوّلاً جذرياً، "فبعد أن كان هذا الملف يطرح في إطار الاستراتيجية الدفاعية والحوار الوطني، جاءت زيارة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى بيروت لتحدث نقطة تحوّل مفصلية في مسار التعاطي مع هذا الملف".

الزيارة الأميركية الأخيرة حملت رسالة واضحة، كما يقول بشير لموقع "الحرة"، "مفادها أن أي خطوة تتعلق بتفكيك أو تسليم سلاح حزب الله يجب أن تكون معلنة للرأي العام، لا أن تبقى طي الكتمان. هذا الطرح، لم يكن تفصيلاً، بل كان بمثابة فرض واقع جديد على الدولة اللبنانية، سرعان ما تجلّى بالإعلان عن تفكيك 193 مخزناً من أصل 260 تابعاً لحزب الله، وفق ما كشفه مصدر عسكري لأحد الصحفيين".

ويضيف بشير "هذا التطوّر شكّل صدمة للرأي العام، الذي اعتاد سماع وعود مكرّرة بالحوار دون نتائج ملموسة، وسط نفي دائم من حزب الله لأي نية لتسليم السلاح. لكن ما كان يدار في الغرف المغلقة خرج فجأة إلى العلن، وأصبح تفكيك المخازن مسألة لا تحتمل التعتيم".

حلقة مفرغة؟

سياسة كسب الوقت، أو ما يسمى بسياسة "النعامة"، وفق ما تصف أيوب لا تحمي لبنان، بل تعرّضه كما تقول "أكثر فأكثر للخطر. حزب الله لا ينتظر الدولة ليقرر خطواته، بل يورّط لبنان بقرارات لصالح إيران ومن إيران من دون الرجوع إلى المؤسسات الدستورية". 

"هذا الواقع،" يضيف، "يفتح الباب على مصير مجهول، وربما مواجهة عسكرية تُفرض على اللبنانيين جميعاً من دون رأيهم أو موافقتهم. وحدها الدولة، من خلال قرارها السيادي، تستطيع أن تحمي لبنان، لا الميليشيات".

وتشدد أيوب "نحن مع الحوار، لكن ليس الحوار الذي يطالبون به حول موضوع السلاح لأن الحوار لا يمكن أن يكون غطاءً للشلل أو للاستمرار في الأمر الواقع. إن تجربة السنوات الماضية أثبتت أن طاولات الحوار و'الاستراتيجية الدفاعية' تحوّلت إلى عنوان للاستهلاك الداخلي من دون أي تقدّم فعلي، بل أتت بمفاعيل عكسية وكارثية على البلد ولم تكن سوى وسائل استفاد منها حزب الله لكسب الوقت وللانقضاض على ما تبقى من هيبة الدولة".

"كل طاولات الحوار التي شارك فيها حزب الله انقلب عليها مباشرة"، تقول أيوب. وتوضح "أسقط حوار 2006 عبر حرب يوليو، وأسقط حوار سان كلو 2007 عبر اجتياح بيروت في العام التالي، وأسقط حوار الدوحة 2008 عبر تعطيل الحكومة والسلطة التنفيذية، وأسقط حوار بعبدا 2012 عبر مشاركته في الحرب السورية، وأسقط حوار بعبدا 2017 عبر تمسّكه بالسلاح، وأسقط حوار بعبدا 2019 عبر ضرب النظام المالي، وهذه بعض الأمثلة". 

"لذلك، لا يمكن أن نتوقع من حزب الله أن يتخلى عن سلاحه طوعاً، لكن لا يمكن أيضًا للدولة أن تستسلم لهذا الواقع. المطلوب ضغط سياسي وشعبي ودولي، وموقف وطني موحّد، لاكتساب السيادة كاملة. وهذه ليست مهمة مستحيلة، لكنها تتطلب قراراً".

الحوار حول التنفيذ فقط

أما بشير فيشير إلى تراجع بعض رؤساء الأحزاب عن تحفظاتهم حول الحوار، إثر اتصالات مباشرة مع رئيس الجمهورية "الأخير أوضح أن الحوار لا يعني العودة إلى طاولة وطنية جامعة، بل هو حوار مباشر بينه وبين حزب الله، لبحث آليات تسليم السلاح: هل يسلّم للجيش؟ هل يعاد إلى إيران؟ أم يفكك بطريقة أخرى؟

هذا التوضيح، وفق بشير، "أزال القلق من احتمال العودة إلى الحلقة المفرغة من الحوارات، وفتح الباب أمام نقاش جدي في تنفيذ القرار 1701 بشكل فعلي لا شكلي".

الموقف الدولي واضح وصارم تجاه لبنان كما يشدد بشير "لا مساعدات، لا إعادة إعمار، ولا دعم استثماري أو اقتصادي، من دون حل جذري لملف سلاح حزب الله. هذا ما عبّرت عنه بوضوح الدول الخليجية، والدول الأوروبية، والإدارة الأميركية، التي لم تعد تقبل بتسويف أو مماطلة".

كذلك تؤكد أيوب أن "المجتمع الدولي ينظر إلى هذا الملف كأحد الأسباب الأساسية لفشل الدولة اللبنانية في استعادة سيادتها واستقرارها". وتقول "هناك قناعة متزايدة لدى المجتمع الدولي أن غياب القرار الحاسم في هذا الملف ينعكس سلباً على كل مسار الدعم والمساعدة". 

"هذا التردّد قد لا يُفهم على أنه حكمة، بل على أنه عجز أو تواطؤ. وإذا لم تُظهر الدولة إرادة فعلية في معالجة السلاح غير الشرعي، فإن أي مساعدة دولية ستبقى مشروطة ومحدودة".

منظومة هيمنة

من جانبه، يرى بشير أن المشكلة لا تتعلق فقط بالسلاح كرمز للهيمنة، "بل بحزب الله كمنظومة متكاملة تهيمن على مفاصل الدولة، اقتصادياً وأمنياً وحتى قضائياً.

ويقول "نحن لا نتحدث فقط عن سلاح، بل عن شبكة مصالح موازية تنخر جسم الدولة من الداخل"، في إشارة إلى مؤسسات الحزب المالية، "كمؤسسة القرض الحسن، وشبكة المؤسسات الموازية التي أنشأها في قطاعات الكهرباء، والمرافئ، وحتى القضاء".

لبنان اليوم، كما يقول بشير، يقف بين خيارين "إما نجاح المفاوضات الأميركية–الإيرانية وانعكاساتها الإيجابية على الداخل اللبناني، وإما انفجار عسكري جديد في حال فشلها، فيما إسرائيل تترقب لاستغلال أي فراغ لتبرير تدخلها العسكري، تحت ذريعة بناء حزام أمني لسكان شمالها".

من هنا، يحذّر من الاكتفاء بدور المتفرّج على طاولة المفاوضات. ويشدد على ضرورة أن "تمتلك الدولة اللبنانية، ممثلة بالرئيس والحكومة، موقفاً وطنياً واضحاً حيال هذا الملف، لا يقتصر فقط على المهلة الزمنية، بل يتجاوزها إلى ما بعدها. يجب أن نكون جاهزين للاستفادة من الفرص أو مواجهة التحديات، لا أن نكون مجرد ضحايا على طاولة مفاوضات تدار من الخارج".

ويختم بشير بالتأكيد على أن تفكيك منظومة حزب الله ليس مجرد مطلب سياسي، "بل ضرورة لبناء دولة حديثة قادرة على استعادة سيادتها وثقة المجتمع الدولي بها، ويقول "لبنان لا يمكن أن ينهض طالما هناك مجموعة مذهبية تعمل وفق نظام مصالح خاص، وتخضع لسلطة خارجية. المطلوب ليس فقط نزع السلاح، بل تفكيك كامل للشبكات الرديفة التي أضعفت الدولة ودمّرت مؤسساتها".