الرئيس دونالد ترامب
الرئيس دونالد ترامب

عندما اتصل الرئيس دونالد ترامب الثلاثاء برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، قبل يوم من إعلانه الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، سعى إلى تخفيف أثر إعلانه المرتقب عبر التأكيد لعباس أن الفلسطينيين سيحققون مكاسب من خطة سلام ستطرحها الولايات المتحدة قريبا، حسبما نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين أميركيين ومسؤولين فلسطينيين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم.

وقالت المصادر إن ترامب أبلغ عباس بأن خطة السلام النهائي التي يعكف على وضعها مستشاره جاريد كوشنر والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط جيسون غرينبلات، سترضي الفلسطينيين، من دون تقديم تفاصيل. فأجاب عباس بأن عملية سلام لا بد أن تسفر عن أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية.

وقال مسؤول أميركي كبير إن ترامب أبلغ عباس أنه يريد بحث هذه القضايا معه شخصيا ووجه له دعوة لزيارة البيت الأبيض.

لم يتضح حتى الآن إطار المفاوضات، لكن مسؤولين قالوا إنه سيتناول كل القضايا الأساسية، بما في ذلك القدس والحدود والأمن ومستقبل المستوطنات الإسرائيلية ومصير اللاجئين الفلسطينيين، وسيطالب كذلك السعودية وغيرها من دول الخليج بتقديم دعم مالي كبير للفلسطينيين.

وقال مسؤول إن الخطة التي وصفها بأنها شاملة وتتجاوز الأطر التي وضعتها الإدارات الأميركية السابقة، سيكشف النقاب عنها قبل منتصف العام المقبل.

وبعد إعلان ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وتوجيهه وزارة الخارجية الأميركية على بدء العمل لنقل سفارة البلاد إلى القدس، أعلن مسؤولون فلسطينيون أن الولايات المتحدة لم تعد وسيطا محايدا بينهم وبين الإسرائيليين.

وفي ظل هذه الظروف، ومع موجة الاحتجاجات المتصاعدة على قرار ترامب، قال مسؤول أميركي إنه لا يزال من الممكن تعطيل العملية. فإذا رفض الفلسطينيون الجلوس مع الإسرائيليين لن تطرح الخطة.

وقال البيت الأبيض الخميس إن احتمال إلغاء اجتماع مقرر قريبا بين نائب الرئيس الأميركي مايك بنس وعباس سيأتي "بنتائج عكسية".

وكان المسؤول الفلسطيني في حركة فتح جبريل الرجوب قد قال الخميس إن "نائب الرئيس الأميركي غير مرحب به في فلسطين والرئيس عباس لن يلتقيه بسبب التصريحات التي أدلى بها" عن القدس.

ويتوجه بنس إلى مصر وإسرائيل في النصف الثاني من كانون الأول/ ديسمبر.

احتجاجات سابقة في تونس

تتصاعد المخاوف في تونس من تنامي الاعتقالات والملاحقات القضائية التي تستهدف نشطاء بالمجتمع المدني من ممثلي جمعيات وإعلاميين ومحامين، وسط جدل ونقاشات في الأوساط الحقوقية بشأن مصير هذه المنظمات في ظل التحديات التي تواجهها.

وأشار تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية في سبتمبر الماضي إلى أنه منذ عام 2022، شنت السلطات التونسية موجات متعاقبة من الاعتقالات استهدفت عددا من الخصوم السياسيين ومنتقدي الرئيس التونسي قيس سعيد.

وانتقد التقرير "تعرّض أكثر من 70 شخصا، من بينهم معارضون سياسيون، ومحامون، وصحفيون، ومدافعون عن حقوق الإنسان ونشطاء للاحتجاز التعسفي أو الملاحقات القضائية أو كليهما منذ نهاية 2022". 

ولفت إلى أن العشرات ما يزالون رهن الاحتجاز التعسفي على خلفية ممارسة حقوقهم المكفولة دوليا، مثل الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات والانضمام إليها.

في المقابل، تثير حملة الاعتقالات والملاحقات التي تشنها السلطات الأمنية التونسية في العامين الأخيرين تساؤلات بشأن تداعياتها على المجتمع المدني في تونس ومصير الجمعيات والمنظمات في ظل هذه الخطوات.

تقلص نشاط المجتمع المدني

تعليقا على هذا الموضوع، يرى رئيس "الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات" (رقابية غير حكومية) بسام معطر أن نشاط المجتمع المدني بتونس تقلص بشكل لافت بعد إجراءات 25 يوليو 2021 التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيّد.

ويوضح معطر في حديثه لـ"الحرة" بأن تعامل مؤسسات الدولة مع الجمعيات والمنظمات تراجع بشكل كبير بعد أن كان هناك انفتاح على منظمات المجتمع المدني والاستئناس بتجاربه وآرائه في القضايا التي تخص الشأن العام، من ذلك مشاريع القوانين التي يسنها البرلمان في تونس.

ويشدد على أن الاعتقالات التي طالت عددا من النشطاء في تونس ورافقتها حملة شيطنة واسعة استهدفت نشاط منظمات المجتمع المدني فضلا عن الصعوبات في الحصول التمويلات، كلها عوامل أدت إلى انحصار دور هذه المنظمات والجمعيات والأحزاب السياسية وأدخلتها في مرحلة ركود.

ويلفت المتحدث إلى أن جزءا من الجمعيات والمنظمات في تونس محل تدقيق ومتابعة من السلطات القضائية بخصوص نصوصها القانونية ومصادر تمويلها خاصة تلك التمويلات المتأتية من الخارج.

وسبق للرئيس التونسي قيس سعيّد أن اتهم بعض الجمعيات بتلقي أموال من الخارج كما اتهم القائمين عليها بـ"الخيانة والعمالة"، وأعقبت هذه الاتهامات حملة إيقافات طالت ممثلي جمعيات حقوقية في تونس.

وفي نوفمبر الماضي، أصدرت جمعيات تونسية ودولية بيانا مشتركا نددت فيه بما اعتبرته "تجريم الحراك السلمي والاحتجاجات" من طرف السلطة ودعت في المقابل إلى "وقف جميع التتبّعات ضد النشطاء السياسيين والمدنيين والاجتماعيين والنقابيين".

غلق الفضاء العام

"واقع الحقوق والحريات في تونس سيء جدا، والسلطة سعت بكل ثقلها إلى غلق الفضاء العام في البلاد في خطوة تهدف إلى التضييق على نشاط الأحزاب والمنظمات والجمعيات وتغيبها عن المشهد العام"، هذا ما يراه المنسق العام لـ "ائتلاف صمود" (جمعية حقوقية غير حكومية) حسام الحامي في تشخيصه لتعامل السلطة مع منظمات المجتمع المدني في تونس.

ويقول الحامي لـ"الحرة": إن حملة الاعتقالات و الملاحقات القضائية التي طالت العشرات من النشطاء سواء كانوا سياسيين أو صحفيين أو محاميين أو ممثلي جمعيات ومنظمات فضلا عن الضغط المسلط على المؤسسات الإعلامية العمومية والخاصة كانت عوامل ساهمت في تراجع الاهتمام بالشأن العام وأدت إلى خفوت صوت المجتمع المدني في البلاد.

وبخصوص مصير منظمات المجتمع المدني في ظل الواقع الذي تعيشه اليوم، يشدد المتحدث على أن مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية المقامة في 6 أكتوبر 2024 "يخيم عليها شعور عام بالإحباط" ودفعت الأحزاب والمنظمات والجمعيات إلى الشروع في تقييم الفترة السابقة وإعادة النظر في المقاربات والاستراتيجيات التي يجب اعتمادها في المرحلة المقبلة لتكون أكثر جدوى، وفقه.

ويضيف في السياق ذاته، بأنه يجري العمل على صياغة بدائل في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية استعدادا للمحطات الانتخابية القادمة، لافتا إلى أن أنشطة المجتمع المدني في تونس لن تتوقف وذلك بالنظر إلى وجود أكثر من 20 ألف جمعية ومنظمة تنشط في البلاد.

وفي مايو 2024 كشف الرئيس سعيّد عن وثيقة تفيد بتلقي جمعيات تونسية تمويلات تفوق ملياري دينار (نحو 700 مليون دولار) من الخارج من سنة 2011 إلى 2023، لافتا إلى أن لجنة التحاليل المالية أثبتت ذلك دون القيام بدورها كاملا.

في الشهر ذاته، ناقش مجلس وزاري مضيق مشروع قانون يتعلق بتنظيم الجمعيات  "يهدف إلى تنظيم وتعصير آليات تأسيس الجمعيات وطرق سيرها مع الموازنة بين تكريس حرية العمل الجمعياتي والرقابة على تمويلاتها ونظمها المالية".

جدير بالذكر أن عدد الجمعيات ارتفع من 9600 جمعية سنة 2011 إلى نحو 25 ألف جمعية سنة 2024 وفق ما أعلنت عنه منظمات رقابية في البلاد.