قوات أميركية في سوريا
قوات أميركية في سوريا

أعلن البيت الأبيض الأربعاء بدء انسحاب القوات الأميركية من سوريا، وذلك بعد أن قال الرئيس دونالد ترامب إن الولايات المتحدة نجحت في دحر داعش في ذلك البلد.

وصرح مسؤول في البنتاغون لـ"الحرة" بأن 2130 عنصرا من القوات الخاصة الأميركية ستغادر سوريا في الأيام المقبلة وستنتشر في أربيل العراقية. 

وأوضح المسؤول أن الانسحاب من سوريا سيشمل قاعدة التنف ومنطقة الـ55 في مرحلة لاحقة. 

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز إن الولايات المتحدة وحلفاءها يبقون على استعداد لإعادة التدخل مجددا على جميع المستويات من أجل الدفاع عن المصالح الأميركية عندما تستدعي الضرورة.

وأكدت ساندرز أن الانتصارات التي تحققت ضد داعش ليست مؤشرا على نهاية حملة التحالف الدولي لمحاربة هذا التنظيم.

وأكد البيت الأبيض أن واشنطن وشركاءها سيواصلون العمل معا من أجل حرمان الإرهابين المتطرفين من التمويل والدعم والوسائل التي يمكن أن تسمح لهم بالتسلل عبر الحدود الأميركية.

وأعلن الرئيس ترامب في وقت سابق عبر حسابه على تويتر "هزمنا داعش في سوريا، وهذا هو السبب الوحيد لوجودنا هناك خلال فترة رئاستي".

وقالت وزارة الدفاع (البنتاغون) إن البيت الأبيض طلب منها إعداد خطط لتنفيذ انسحاب كامل للقوات الأميركية من سوريا. 

ونقل مراسل "الحرة" في البنتاغون عن مصدر قوله إن القوات الأميركية تواصل حاليا عملها مع شركائها في الأرض في سوريا كالمعتاد، وأعرب في الوقت ذاته عن قلقه من أن انسحابا أميركيا سيحدث فراغا تستفيد منه كل من روسيا وإيران.

وقالت المتحدثة باسم القيادة الوسطى ريبيكا ريباريتش لـ"الحرة" إن تهديد داعش لا يزال قائما وخطيرا ويشمل العالم بأسره.

وأثار القرار ردود فعل متباينة في الولايات المتحدة. مراسلو "الحرة" في البيت الأبيض والبنتاغون والكونغرس والخارجية يرصدونها في الفيديو التالي. 

​​مشرعون يحذرون

وحذر عدد من المشرعين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي من تبعات انسحاب القوات الأميركية من سوريا، وقالوا إن قرارا "من هذا النوع سيشكل فوزا لإيران وداعش وروسيا". 

وقال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إن أي انسحاب من سوريا "سيكون خطأ كبيرا مماثلا لسياسات الرئيس باراك أوباما، معتبرا أن داعش "لم يتم القضاء عليه في سوريا والعراق" وأن قرارا من هذا النوع "سيشكل خطرا كبيرا على الأكراد". 

السيناتور الجمهوري ماركو روبيو قال من جانبه إن "انسحابا سريعا وكاملا للقوات الأميركية من سوريا هو خطأ فادح ستكون له تبعات وخيمة".

وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد أفادت في وقت سابق الأربعاء بأن الولايات المتحدة تستعد للانسحاب من شمال شرق سوريا.

وأضافت الصحيفة نقلا عن مصادر مطلعة أن المسؤولين الأميركيين باشروا إبلاغ الشركاء في شمال شرق سوريا بخطط لانسحاب فوري للقوات الأميركية من المنطقة التي شاركت فيها في الحملة الأخيرة للقضاء على داعش.

وينتشر حاليا نحو 2000 عنصر من القوات الأميركية في سوريا.

قبل هجوم فصائل المعارضة كانت قوات النظام السوري تسيطر على ما يقرب من 64 في المئة من المساحة الاجمالية للبلاد
قبل هجوم فصائل المعارضة كانت قوات النظام السوري تسيطر على نحو 63 في المئة من المساحة الاجمالية للبلاد (AFP)

تتساقط المدن السورية تباعا بيد فصائل المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام المصنفة إرهابية من قبل واشنطن، إما بسبب الهزائم المتكررة التي تتلقاها قوات النظام السوري في معاركها مع المعارضة أو نتيجة انسحاب تلك القوات من مناطق سيطرتها.

منذ يوم السبت حققت فصائل المعارضة مكاسب واسعة بعد طرد القوات الحكومية من مدن كبرى بداية من سيطرتها على عشرات البلدات في إدلب قبل الوصول الى حلب في الشمال ومن ثم حماة وسط البلاد، فيما لا تزال تواصل التقدم باتجاه مدينة حمص الاستراتيجية وثالث أكبر المدن السورية.

وفي حال سيطرت هيئة تحرير الشام وحلفاؤها على حمص، فلن تبقى بين أيدي نظام الرئيس بشار الأسد من المناطق الاستراتيجية سوى العاصمة دمشق ومنطقة الساحل المطلة على البحر الأبيض المتوسط.

بالتزامن سيطرت فصائل معارضة مسلحة محلية في جنوب سوريا على معبر نصيب الحدودي مع الأردن الذي كانت السلطات الأردنية أعلنت إغلاقه في وقت سابق.

وفي محافظة درعا في الجنوب، التي تعد مهد الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت عام 2011 ضد حكم بشار الأسد، أخلت القوات الحكومية حواجز في ثلاث بلدات على الأقل، بعد هجوم لمقاتلين محليين على مقرات أمنية في المنطقة.

وفي دير الزور شرقا، سيطر تحالف مدعوم من الولايات المتحدة بقيادة مقاتلين أكراد سوريين على المدينة والمعبر الحدودي الرئيسي مع العراق، الجمعة، بعد انسحاب قوات النظام من تلك المناطق.

خارطة توزيع القوى في سوريا (AFP)

بالتالي تقلصت المساحة التي يسيطر عليها النظام السوري لتقتصر على العاصمة دمشق ومعظم محافظة حمص فضلا عن اللاذقية وطرطوس على البحر المتوسط، وغالبية المدن في محافظتي السويداء ودرعا.

قبل هجوم فصائل المعارضة كانت قوات النظام السوري تسيطر على ما يقرب من 63 في المئة من المساحة الاجمالية للبلاد، لكنها تراجعت لما يصل 50 في المئة أو أقل من ذلك في الوقت الحالي.

ويواجه النظام السوري صعوبات في مواجهة خسارة الأراضي لصالح قوى المعارضة السورية في ظل تحركات تقوم بها حليفته الرئيسية طهران من أجل منع تدهور الأوضاع لما هو أسوأ.

حلقة الوصل

من شأن استيلاء المعارضة على حمص قطع العاصمة دمشق عن الساحل السوري، حيث تتركز الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد ويوجد لحلفائه الروس قاعدة بحرية وقاعدة جوية.

تقع حمص التي تعدّ ثالث أكبر مدينة في سوريا، في وسط البلاد على طريق يؤدي إلى العاصمة دمشق الواقعة على بعد 150 كيلومترا. وشهدت قتالا عنيفا دمّر الأحياء القديمة فيها بشكل كبير، قبل أن تستعيد الحكومة السيطرة عليها بالكامل في العام 2017.

تضمّ حمص غالبية من المسلمين السنة وتشكّل الطائفة العلوية أقلية فيها، إضافة إلى أقلية مسيحية. ووصل العنف الطائفي في هذه المدينة إلى ذروته خلال الحرب الأهلية التي اندلعت في 2011.

تمتدّ حدود حمص الإدارية من لبنان غربا إلى العراق شرقا، كما تشكّل صلة وصل بين شمال البلاد وجنوبها.

عسكريا، يوجد في حمص مجمع الكليات العسكرية، والفرقة 11 والفرقة 18 المتخصصة بالدبابات وقيادة المنطقة الوسطى.

ويوضح الباحث السوري في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، محسن المصطفى في تصريح سابق لموقع "الحرة" أنه في حال تمكنت الفصائل المسلحة من الوصول إلى هذه المواقع، فسيساعدها ذلك "في السيطرة على كميات أسلحة أكبر".

وعلاوة على ذلك، يقول المصطفى إن حمص "تضم حاضنة كبيرة للنظام السوري من الطائفة العلوية، وفي حال تلقى أفرادها رسائل التطمين التي توجهها الفصائل المسلحة بإيجابية، وبقوا في أحيائهم دون مواجهات، فستنقلب المعادلة التي لعب عليه النظام لسنوات طويلة".

ويرى الباحث السوري في مركز "حرمون للدراسات المعاصرة"، نوار شعبان، أن أهمية حمص بالنسبة للنظام السوري تكمن في كونها "نقطة التجمع الوحيدة في وسط سوريا"، على صعيد الكتل العسكرية والوحدات وشبكة الطرق.

وفي حال خسرها سينعكس ذلك على المشهد العسكري ككل في عموم المناطق السورية، خاصة في محيط دمشق.

ويتابع شعبان في حديثه لموقع "الحرة": "في حال فقدان حمص لن يكون هناك أي قدرة للنظام على التحرك وحتى على صعيد إعادة الانتشار، في مقابل انتقال هذه الميزات لخصومه من الفصائل المسلحة".