انطلقت مسيرات الجمعة الـ18 مبكرا في العاصمة الجزائرية على وقع مشادات بين رجال الأمن ومتظاهرين، على خلفية الأوامر الصادرة عن قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح بمنع رفع الرايات غير العلم الجزائري الرسمي.
المتظاهرون من حاملي العلم الأمازيغي "الذي يرمز لهوية الأجداد" وفق الناشطة الأمازيغية حياة عبة، رفضوا الانصياع لـ"أوامر" قايد صالح فحدثت مشادات بينهم وبين بعض رجال الأمن في العاصمة.
ورغم الحظر المفروض على العلم الأمازيغي ثلاثي الألوان (أصفر-أخضر-أزرق)، أظهرت فيديوهات وصور تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي شبابا يحملون الراية الأمازيغية وسط العاصمة وينشدون أغاني معطوب لوناس، وهو مغن ملتزم من منطقة القبائل، وأحد رموز الهوية الأمازيغية، اغتيل على أيدي الإرهابيين في 25 حزيران/ يونيو 1998.
وتشهد العاصمة الجزائرية توافد عدد كبير من المتظاهرين استعدادا للمسيرات الأسبوعية المطالبة بتنحي جميع رموز النظام والمرور لجمهورية ثانية، لكن قيادة الجيش "آثرت تغيير محور اهتمام المتظاهرين من التركيز على رموز النظام إلى قضية الرايات الأمازيغية" بحسب نورالدين عليوي الناشط من الحركة الجمعوية بالعاصمة.
وفي مقابلة مع موقع "الحرة" أكد عليوي أن من الشباب من طلب من المتظاهرين الانصياع لطلبات رجال الأمن بخفض الرايات الأمازيغية "حفاظا على سلمية الحراك وحتى لا نحيد عن الهدف الأسمى وهو إسقاط بقايا نظام الرئيس بوتفليقة" على حد قوله.
أما عن مآلات خطاب قايد صالح الأخير الذي تم بموجبه حظر الرايات الأمازيغية اليوم فيرى عليوي أن "صالح قدم صورة واضحة عن نيته الحقيقية في إبقاء النظام"، ثم أردف قائلا "لم يستجب لطلبات عزل بدوي وبن صالح لكنه يبدو مهتما جدا بالأمازيغ".
عليوي وبنبرة المتأكد مما يقول ختم لقاءه مع "الحرة" قائلا " النظام يتمنى أن تنجح خطته في تفريق المتظاهرين من دون عصي".
من جانبها لفتت حياة عبة التي تقوم على جمعية تعنى بالموروث الثقافي الأمازيغي في محافظة تيزي وزو شرق العاصمة إلى روح التعاضد التي تسود في هذه الأثناء المظاهرات.
وقالت في حديث لـ"الحرة" أن خطط النظام لا يمكن أن تنجح ما دامت تقوم على ممارسات قديمة جدا".
وذكرت عبّة في هذا السياق بما فعله بوتفليقة شهر حزيران/ يونيو من سنة 2001 حينما قرر أمازيغ القبائل (سكان محافظات تيزي وز وبومرداس، وبجاية وبويرة) التنقل مشيا على الأقدام إلى العاصمة للمطالبة برحيل النظام، وتفعيل ترسيم الأمازيغية لغة وطنية ورسمية.
إذ تقول عبة في هذا الشأن إن شرطة بوتفليقة قالت لسكان العاصمة إن "القبائل جاؤوكم ليخرجوكم من دياركم وينشرون البغضاء بين الشعب الواحد" ثم تابعت "هذه الخطة لن تنجح مع شباب 2019".
وردا على محاولات تفريق المتظاهرين بالقوة الجمعة، ردد شباب عبارات مناوئة لقايد صالح ومنهم من طالبه بالرحيل صراحة بالقول "قايد صالح ديقاج" (ارحل).
كما ارتفعت أصوات منادية بالوحدة مثل "خاوة خاوة" (نحن إخوة)، "عرب وقبايل قاع جزايريين" (أمازيغ وعرب، كلنا جزائريون).
شباب بالعاصمة الجزائرية اصطفوا حاملين الراية الوطنية على صعيد وصف واحد، لإعطاء صورة للنظام على أن الشباب واع بالمسؤولية ولا يريد "السقوط في فخه" على حد تعبير الشاب عليوي نو الدين.
وينتظر أن يخرج الآلاف من الجزائريي في مسيرات بعد صلاة الجمعة، استجابة لفعاليات شبابية ناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي كانت وراء انطلاق الحراك في 22 شباط/ فبراير الماضي.