تبدأ الاثنين محاكمة شخصيات عديدة من المجتمع المدني التركي، من بينهم رجل الأعمال عثمان كافالا، لاتهامهم بمحاولة "الإطاحة بحكومة" رجب طيب أردوغان خلال الاحتجاجات الواسعة في عام 2013.
ويواجه المتهمون الستة عشر السجن مدى الحياة في هذه القضية التي تثير تخوف المدافعين عن حقوق الإنسان. ويندد هؤلاء بـ"مطاردة شعواء" ويؤكدون أن لا وجود "لذرة دليل" تدعم التهم.
ومن بين المحاكمين، رجل الأعمال عثمان كافالا الذي بات احتجازه لأكثر من 600 يوم رمزا للقمع الذي يتعرض له الفاعلون في المجتمع المدني في تركيا، خصوصا منذ محاولة الانقلاب في عام 2016.
وكافالا شخصية معروفة وتحظى بالاحترام في الأوساط الثقافية في أوروبا. وهو متهم بتمويل التظاهرات الكبرى ضد أردوغان في عام 2013، التي عرفت باسم "حراك جيزي".
عثمان كافالا
بدأ الحراك باعتصام لناشطين بيئيين للمطالبة بحماية حديقة جيزي إحدى المساحات الخضراء القليلة في قلب اسطنبول. وبعد القمع الوحشي، تحول الاعتصام إلى حراك أكثر شمولية ضد أردوغان الذي كان حينها رئيسا للوزراء.
وبعد خمس سنوات من الحراك، عاد الاهتمام بمسألة قمع مؤيديه إلى الواجهة من جديد في خريف عام 2018 مع توقيف العديد من شخصيات المجتمع المدني التركي وأكاديميين مقربين من كافالا.
وتنتقد منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان مرارا تركيا في هذا الإطار لقلقها من تدهور سيادة القانون في البلاد خلال السنوات الأخيرة.
ويقدم المدعي العام في قراره الاتهامي المؤلف من 657 صفحة حراك جيزي على أنه عملية مسيرة من الخارج لإلحاق الضرر بتركيا.
ويرد في الوثيقة التي صيغت بلهجة تنم عن وجود مؤامرة "لم يجر أي من ذلك بالصدفة...كان هناك دعم خارجي في إطار عملية هادفة إلى إركاع الجمهورية التركية".
باتت مدينة كورسك الروسية، التي تمتلك تاريخا عسكريا طويلا، اليوم محورا لصراع متجدد يعكس تعقيدات الحرب الروسية الأوكرانية.
وقد تحمل التطورات الأخيرة في المنطقة تأثيرات كبيرة على مسار الحرب وأمن الحدود بين البلدين.
فالمدينة الكبيرة التي شقت القوات الأوكرانية طريقها إليها عبر الحدود الغربية لروسيا في أغسطس الماضي في أكبر هجوم على الأراضي الروسية منذ الغزو النازي في 1941، أصبحت تحت الحصار.
جانب من مدينة كورسك التي تشهد حربا طاحنة بين القوات الروسية والأوكرانية
استمر التوغل الأوكراني سبعة أشهر بهدف تشتيت انتباه قوات موسكو والحصول على ورقة مساومة وإثارة غضب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
المدينة الحاسمة
وفي أكثر شرح تفصيلي للمنطق وراء التوغل، حدد قائد الجيش الأوكراني الجنرال، أولكسندر سيرسكي، الأهداف الرئيسية للعملية خلال مقابلة تلفزيونية في سبتمبر الماضي.
وقال إن من الأهداف منع روسيا من استخدام كورسك كمنصة إطلاق لهجوم جديد، وتحويل قوات موسكو من مناطق أخرى، وإنشاء منطقة أمنية ومنع القصف عبر الحدود للأهداف المدنية، وأسر أسرى حرب، ورفع معنويات القوات الأوكرانية والأمة بشكل عام.
لكن هجوما مضادا خاطفا شنته روسيا هذا الشهر أدى إلى تقليص المنطقة الخاضعة للسيطرة الأوكرانية في غرب روسيا إلى حوالي 110 كيلومترات مربعة مقارنة مع أكثر من 1368 كيلومترا مربعا سيطرت عليها كييف العام الماضي، وفقا لخرائط مفتوحة المصدر.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي السبت إن قوات بلاده ليست محاصرة لكنه دق ناقوس الخطر بشأن ما قال إنه قد يكون هجوما روسيا جديدا على منطقة سومي في شمال شرق أوكرانيا على الحدود مع كورسك.
وأظهرت خرائط تدهور وضع أوكرانيا في منطقة كورسك الروسية بشكل حاد في الأيام الماضية بعد أن استعادت القوات الروسية أراضي ضمن هجوم مضاد مكثف كاد يقسم القوات الأوكرانية إلى نصفين.
وبعد مناشدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي بعدم التضحية بالقوات الأوكرانية "المحاصرة"، قال بوتين يوم الجمعة إن روسيا ستضمن سلامة الجنود الأوكرانيين في المنطقة إذا استسلموا.
لطالما كانت كورسك نقطة دفاعية مهمة بفضل موقعها القريب من الحدود الغربية لروسيا. تتميز المدينة اليوم بوجود منشآت عسكرية وصناعية كبيرة، خاصة في مجالات الصناعات الثقيلة والإلكترونيات العسكرية.
تقع كورسك في الجزء الغربي من روسيا، وتبعد حوالي 530 كيلومترا عن العاصمة موسكو.
وتعود جذور كورسك إلى القرن العاشر الميلادي، ولعبت دورا بارزا في التاريخ الروسي نظرا لموقعها القريب من الحدود الغربية للبلاد. شهدت المدينة فصولا من الغزو والتدمير خلال عدة حروب، أبرزها الغزو المغولي في القرن الثالث عشر.
معركة كورسك
أحد أهم الأحداث التي وضعت كورسك في دائرة الضوء التاريخية هي معركة كورسك خلال الحرب العالمية الثانية في عام 1943.
وكانت هذه المعركة واحدة من أكبر المعارك المدرعة في التاريخ، حيث تواجهت القوات السوفيتية مع القوات الألمانية النازية.
انتصر السوفييت في هذه المعركة، ما شكل نقطة تحول كبيرة في الحرب وأوقف التقدم الألماني نحو الشرق.
وتعد كورسك اليوم مدينة حيوية ذات طابع صناعي قوي، مثل التعدين وإنتاج المعدات الثقيلة.
ويحاول ترامب كسب دعم بوتين لمقترح وقف إطلاق النار لمدة 30 يوما والذي قبلته أوكرانيا الأسبوع الماضي، في حين واصل الجانبان تبادل الضربات الجوية المكثفة السبت والأحد.
وحذر ترامب من أنه إذا لم يتسن التوصل إلى وقف لإطلاق النار، فإن الصراع بين موسكو وكييف قد يتحول إلى حرب عالمية ثالثة.