جاريد كوشنر
جاريد كوشنر

يتوافد مسؤولون عرب وغربيون إلى المنامة الاثنين للمشاركة في ورشة عمل تهدف لبحث الجانب الاقتصادي لخطة سلام أميركية لحل النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، في ظل مقاطعة القيادة الفلسطينية لهذه الورشة.

ويشكل مؤتمر المنامة الذي يعقد الثلاثاء والأربعاء برئاسة جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره، فرصة لعرض خطة السلام التي طال انتظارها لحل النزاع، وقال المسؤولون الأميركيون إنها تتضمن شقا سياسيا سيعلن لاحقا.

وتبدأ ورشة العمل مساء الثلاثاء بعشاء في فندق فخم في البحرين.

​​وتقترح الخطة جذب استثمارات تتجاوز قيمتها خمسين مليار دولار لصالح الفلسطينيين وإيجاد مليون فرصة عمل لهم ومضاعفة إجمالي ناتجهم المحلي، ويمتد تنفيذها على عشرة أعوام.

وسيشارك في المؤتمر وزراء مالية من دول خليجية، بالإضافة إلى وزير الخزانة الأميركي ستيفن موتشن والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد.

مقاطعة فلسطينية

​​

 

ويقاطع الفلسطينيون الورشة، قائلين إنه لا يمكن الحديث عن الجانب الاقتصادي قبل التطرق إلى الحلول السياسية الممكنة لجوهر النزاع.

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الاثنين إن "محتوى الورشة الأميركية في العاصمة البحرينية المنامة هزيل، والتمثيل فيها ضعيف ومخرجاتها ستكون عقيمة".

وتابع "ما تحاول إسرائيل والولايات المتحدة القيام به ببساطة هو تطبيع العلاقات مع العرب على حساب الفلسطينيين. وهذا أمر لا نقبل به".

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قال الأحد إن الفلسطينيين "لن يكونوا عبيدا أو خداما" لكوشنر أو الفريق الأميركي.

​​وأضاف "مشروع المنامة هو من أجل قضايا اقتصادية، ونحن بحاجة الى الاقتصاد والمال والمساعدات، لكن قبل كل شيء هناك حل سياسي، وعندما نطبق حل الدولتين ودولة فلسطينية على حدود 67 بحسب قرارات الشرعية الدولية، عندها نقول للعالم ساعدونا".

وشهدت عدة مدن فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة احتجاجات شارك فيها المئات معبرين عن رفضهم للمؤتمر الاقتصادي.

الرجوب.. المؤتمر فرصة لتوحيد الفلسطينيين

​​

 

 

بدوره قال أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب في في مقابلة مع قناة "الحرة" إن المؤتمر يشكل فرصة لإنهاء الانقسام في وحدة الصف الفلسطيني والتمسك بالدولة الفلسطينية٬ وأن "المدخل لإنهاء الصراع بإنهاء الاحتلال".

وأعرب الرجوب عن اعتقاده بأن مخرجات المؤتمر لن تتعدى حدود "بيان هزيل" لن يستطيع إنهاء النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني٬ مشيرا إلى أن الشعب الفلسطيني الذي يضم أكثر من 13 مليون نسمة متمسك بحقه في إقامته دولته المستقلة.

 

 اسرائيل ستدرس الخطة

​​

 

وتؤكد إدارة ترامب أنه سيتم الكشف عن الجانب السياسي من الخطة لاحقا هذه السنة، ربما في نوفمبر بعد الانتخابات المرتقبة في إسرائيل وتشكيل الحكومة الجديدة.

وألمح مسؤولون أميركيون إلى أن الخطة المرتقبة لن تتطرق إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة.

وانتقدت إسرائيل التي ستشارك في مؤتمر البحرين، السلطة الفلسطينية. وأعلن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أنه سيدرس "بإنصاف وانفتاح" الخطة الأميركية.

وقال خلال لقاء مع مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون "لا أستطيع أن أفهم كيف يرفض الفلسطينيون المخطط الأميركي قبل أن يسمعوا حتى ما هي تفاصيله".

وفي نيويورك، انتقد السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون في مقال في صحيفة نيويورك تايمز اعتبار الفلسطينيين الموافقة على خطة السلام الأميركية بمثابة استسلام.

وأوضح "ما الخطأ في الاستسلام؟"، معتبرا أن الفلسطينيين يحتاجون إلى أن يتبعوا "مسارا جديدا".

​​وتؤكد إسرائيل ترحيبها بفرصة تحسين الاقتصاد الفلسطيني.

وتحاصر إسرائيل قطاع غزة منذ أكثر من عشر سنوات ما يساهم في تدهور الوضع المعيشي في القطاع الفقير.

وتطرق نتانياهو خلال حملته الانتخابية الأخيرة إلى احتمال ضم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ما يعني عمليا القضاء على فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وتعاني السلطة الفلسطينية من أزمة مالية خانقة لا سيما منذ تدهور العلاقات بينها وبين الإدارة الأميركية بداية العام 2018.

وكرر وزراء المالية العرب الأحد التزام الدول الأعضاء في الجامعة العربية بدعم موازنة السلطة الفلسطينية بمبلغ مئة مليون دولار شهريا.

وقال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير إن ورشة البحرين "لا تتعلق بشراء السلام".

وأضاف لصحيفة "لوموند" الفرنسية أن الأمر "لا يتعلق أبدا بإجبار الفلسطينيين على قبول اتفاق لا يعجبهم وربط الأمر بقبول شيء مقابل الحصول على شيء آخر".

 

 

لم يكن التخطيط المُدُني والحفاظ على التراث في بغداد من ضمن الأولويات سابقا
لم يكن التخطيط المُدُني والحفاظ على التراث في بغداد من ضمن الأولويات سابقا

في ظل بوابة تاريخية شيدت قبل أكثر من 800 عام، وبين مستودعات صناعية ضخمة وطريق سريع وسط  العاصمة العراقية بغداد، يستمع طلاب قسم الهندسة المعمارية لأستاذ ثمانيني يروي كيف بنى خلفاء عباسيون السور لحماية المدينة من المغول.

في العاصمة العراقية التي عصفت بها لسنوات انفجارات بسيارات مفخخة وهجمات انتحارية شبه يومية وصراعات سياسية وطائفية، لم يكن التخطيط المُدُني والحفاظ على التراث من ضمن أولويات الدولة.

لكن مع عودة الحياة إلى طبيعتها بشكل تدريجي في المركز الحضري الذي يسكنه اليوم أكثر من تسعة ملايين شخص، ويُعدّ ثاني أكبر عاصمة عربية من ناحية عدد السكان، توسّعت مروحة الاهتمامات.

من بين هذه الاهتمامات، جولة نظمها "نادي المعماريين الشباب" شارك فيها حوالى ثلاثين طالبا ومصوّرا.

"نادي المعماريين الشباب" ينظم جولة للتثقيف بهوية بغداد وعمارتها الإسلامية

يقول الطالب في الجامعة التكنولوجية في بغداد، عبد الله عماد (23 عاما)، وهو أحد منظّمي الجولة، لوكالة فرانس برس، إن الهدف من الجولة هو "أن نظهر للناس ما تحتويه بغداد من عمارة إسلامية وقيمتها وهويتها".

الجولة تشمل محطات عدة منها، القصر العباسي الواقع على ضفاف نهر دجلة والذي يعود بناؤه إلى أكثر من 800 عام بباحته الواسعة وأروقته المنقوشة أسقفها بالزخرفات العربية والأشكال الهندسية الدقيقة والمعقّدة، بالإضافة إلى مسجد مرجان و"الباب الوسطاني" وهو بوابة تاريخية بُنيت حوالى القرن الثاني عشر ضمن مشروع أسوار عملاقة شُيّدت لحماية العاصمة العباسية.

وتحت قبة الباب الوسطاني المهيبة المشيّدة بحجر اللبنة، تفرّق الحضور بعدما استمعوا لشرح قدّمه الأستاذ موفق الطائي (83 عاما)، وأخرجوا هواتفهم وكاميراتهم لالتقاط صور في الموقع التاريخي.

ويشرح الطائي أن عملية البناء استغرقت 130 عاما، وتناوب عليها الخلفاء "المستظهر بالله والمسترشد بالله والناصر لدين الله".

ويضيف الطائي أن الحروب في العراق "أثارت إحباطات لدى الناس، إذ لم يكن بالإمكان أن نسأل شخصا ما عن رأيه بالقوس المعماري فيما ابنه ذاهب إلى جبهة القتال" على حد قوله.

ويرى الطالئي أن الحفاظ على التراث يساهم اليوم في نشر الوعي حول "الهوية الوطنية"، ويشكّل كذلك عاملا اقتصاديا جاذبا للسياحة.

الاهتمام بتراث بغداد إزداد مؤخرا بعد الاستقرار الأمني

وينظّم "نادي المعماريين الشباب" منذ سنة تقريبا، ندوات وجولات في شوارع بغداد وأزقة الأسواق القديمة.

ويقول الطالب في الجامعة التكنولوجية في بغداد عبد الله عماد "في السابق، كان الاهتمام بهذه الأمور قليلا وحتى شبه معدوم، لكن بدأ الاهتمام يزداد حاليا"، "لأن بغداد بدأت تستقرّ" بعد كل "الأحداث الأمنية" التي شهدتها على مدى عقود.

المهندسة المعمارية فاطمة المقداد (28 عاما) تؤكد بدورها الاهتمام المتزايد بالتراث العراقي الذي أُهمل لفترات طويلة، قائلة "عندما نرى شبابا مهتمين بهذا الموضوع، نتأمل بالخير لإحداث تغيير في ما يتعلق بالتراث والحفاظ عليه".

وتضيف "عندما يتصفّح الشباب شبكة الإنترنت، يرون كيف تهتم الأمم بتراثها، وهم يريدون ويستحقون الشيء نفسه".

وتتابع فاطمة المقداد "أصبح هناك وعي بأن العراق يحتوي على مواقع تستحق الزيارة وأنه من غير الضروري السفر إلى الخارج من أجل السياحة".

نحو 2400 مبنى من ضمن المباني التراثية في بغداد لكن نحو 15% منها مدمّر أو طرأت عليه تغييرات

في منطقة الرصافة بوسط بغداد على الضفة الشرقية لنهر دجلة، تعلو مبان خرسانية تعود لستينات القرن الماضي إلى جانب واجهات مزخرفة وشرفات أنيقة من مطلع القرن الماضي.

ووسط ضجيج عربات الـ"توك توك" والدراجات النارية وسيارات الأجرة الصفراء، يشقّ حمالو البضائع بعرباتهم الكبيرة طريقهم بين عشرات الباعة الذين يفرشون النظارات الشمسية والأسماك والأحذية على جانب الطريق.

وفي وسط مدينة بغداد التاريخي، صُنّف نحو 2400 مبنى من ضمن المباني التراثية، لكن نحو 15% منها مدمّر أو طرأت عليه تغييرات، بحسب "أمانة بغداد".

وكان العديد من هذه المباني مملوكا لعائلات يهودية أو لعراقيين تركوا البلاد جرّاء الصراعات التي أدّت إلى هجرة معماريين وخبراء في التخطيط المُدُني والترميم.

وبمشاركة رابطة المصارف الخاصة العراقية، تولّت أمانة بغداد تنفيذ مشروعين لترميم "شارع المتنبي" المعروف لبيع الكتب وشارع آخر يضم السراي القديمة، إضافة إلى 15 مبنى تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر أو عشرينات وثلاثينات القرن الماضي.

وشملت الأعمال بصورة رئيسية إعادة رصف الطريق وإعادة الإنارة وترميم الوجهات.

ويشيد المهندس المعماري الذي أشرف على ترميم شارع السراي محمد الصوفي (39 عاما) بـ"القيمة الجمالية للمباني كون نقشاتها وفضاءاتها وزخارفها فريدة من نوعها".

التمويل من أبرز التحديات التي تعيق جهود ترميم الأبنية التراثية في بغداد

تشمل المرحلة التالية من أعمال الترميم شارع الرشيد الذي افتتح عام 1916 والذي تحوّل مع الوقت إلى "عمود فقري مريض ومتعب"، بحسب مسؤول العلاقات في أمانة بغداد محمد الربيعي.

ويعتبر المهندس الربيعي، نقلا عن وكالة فرانس برس،  أن هذا الشارع هو "روح بغداد القديمة وهويتها"، مضيفا "تحت هذا المركز توجد المدينة العباسية القديمة".

وتكثر التحديات، بحسب الربيعي، أبرزها التمويل الكبير الذي تحتاجه السلطات من أجل عمليات الترميم وكذلك صعوبة الوصول إلى "الملاك الأصليين" من أجل أخذ موافقتهم قبل المباشرة بالأعمال. لذلك تركزت الجهود الأولية على "مناطق لا تثير مشاكل"، بحسب تعبيره.

وتسعى الحكومة، وفق الربيعي، إلى "إعادة إحياء مركز بغداد التاريخي" بعد أن أصبح اليوم مركزا يجمع مخازن البضائع والآلات الصناعية الثقيلة ومتاجر بيع زيوت محركات السيارات. وتطمح السلطات إلى إبعاد هذه النشاطات نحو أطراف المدينة.

ويتابع مسؤول العلاقات في أمانة بغداد  "لا نطلب من الناس مغادرة أماكنهم بل نقول لهم +ابقوا لكن دعونا نحوّل مستودعات الجملة إلى متاجر ومقاه ودور سينما ودور ثقافية وتراثية".