تمثال للملكة حتشبسوت في المتحف المصري في القاهرة
تمثال للملكة حتشبسوت في المتحف المصري في القاهرة

يكشف فيلم وثائقي جديد سرا عمره 3500 عام!

الملكة حتشبسوت ربما كانت على علاقة غرامية مع رجل من العامة يعمل في البلاط الفرعوني، وفق أدلة أثرية يسردها فيلم "النيل: نهر مصر العظيم".

في الوثائقي الذي أنتجته القناة البريطانية الخامسة، تزور المذيعة بيتني هيوز ركنا خفيا من البلاط الفرعوني، حيث تحكي نقوش على حائط منزو قصة الغرام بين حتشبسوت وخادمها سينموت.

​​تزور هيوز قبر الملكة حتشبسوت في وادي الملوك، وتقول إن الدلائل على الغرام منثورة في كل ركن هناك. فصور العشيق منقوشة باتقان على باب المعبد، وهو أمر مستغرب بشدة، فهذا التكريم محفوظ عادة لأفراد العائلة المالكة.

وفي نقش آخر، يظهر رجل وامرأة يمارسان الجنس، والمرأة ترتدي شعرا مستعارا فخما لم ترتده عادة إلا الملكات.

وكان سينموت أستاذا لابنة حتشبسوت ومشرفا على بناء المقبرة الملكية. ولطالما اعتقد المؤرخون أن مواهبه جذبت اهتمام، وربما قلب حتشبسوت.

تقول هيوز إن باب المعبد، عندما يغلق، يخفي الرسوم المحرمة، وبذلك يظل العشق الملكي سرا دفينا.

مومياء الملكة حتشبسوت في المتحف المصري في القاهرة

​​وفي مصر الفرعونية، ورث الذكور العرش، ولم تعرف اللغة كلمة (ملكة) حتى.. لكن، عندما وجدت حتشبسوت نفسها متصرفة في القصر بعد موت زوجها الفرعون تحتمس الثاني، قررت أن تحقق نجاحا لم يحققه الرجال!

وغالبا ما تقدم النقوش الفرعونية حتشبسوت في هيئة رجل.

وفعلا، عندما جلست حتشبسوت على عرش مصر عام 1473 قبل الميلاد، في تحد ذكي لقواعد البلاط، غيرت اسمها من صيغة المؤنت حتشبسوت إلى حتشبسو، وأوقفت تقليد ارتداء اللحى التجميلية.

وتقول هيوز إن المعبد المكرس لحتشبسوت كان ثوريا بتصميم راق وجريء.

وتحكي جدران المعبد قصة ملكة سافر مبعوثوها إلى أماكن قصية ليحضروا لها الذهب والعاج.. وألهمت ملكات فرعونيات أخريات مثل نفرتيتي وكيلوبترا.

لكن العشق الممنوع، الذي تقول هيوز إن حتشبسوت عاشته، تنتشر دلائله في المقبرة الملكية وكذلك في التلال التي تعلوها حيث تناول عمال البناء طعامهم وتبادلوا الأخبار والشائعات عن سيدة القصر.

شائعات وأخبار تعود إلى الحياة الآن.. بعد 3500 عام!

الشرع وإسرائيل

مع أن الخريف يحمل أحيانا مسحة من الكآبة، كان بالإمكان ملاحظة ابتسامات خفيفة على وجوه الرجال الثلاثة في الصور المؤرخة في الثالث من يناير من العام ٢٠٠٠. 

تجمع الصور فاروق الشرع وزير الخارجية السوري آنذاك في عهد حافظ الأسد، ورئيس وزراء إسرائيل إيهود باراك، يتوسطهما الرئيس الأميركي بيل كلينتون. 

يسير الثلاثة على ما يبدو أنه جسر حديدي في غابة مليئة بالأشجار التي تتخلى للخريف عن آخر أوراقها اليابسة في ولاية ويست فرجينيا الأميركية. كان كلينتون يحاول أن يعبر بالطرفين من ضفة إلى أخرى، من الحرب المستمرة منذ عقود، إلى سلام أراده أن يكون "عادلاً وشاملاً".

كانت تلك الورقة الأخيرة المترنحة في شجرة مفاوضات طويلة ومتقطّعة بين إسرائيل وسوريا، استمرت طوال فترة التسعينيات في مناسبات مختلفة. لكن خريف العلاقات بين الطرفين كان قد حلّ، وسقطت الورقة، وتباطأت في سقوطها "الحر" حتى ارتطمت بالأرض. 

كان ذلك آخر لقاء علني مباشر بين مسؤولين سوريين ومسؤولين إسرائيليين على هذا المستوى. لم تفض المفاوضات إلى شيء، وتعرقلت أكثر فأكثر احتمالاتها في السنوات اللاحقة بعد وراثة بشار الأسد رئاسة سوريا عن أبيه الذي توفي في حزيران من العام ٢٠٠٠. 

وفشلت جميع المبادرات الأميركية والتركية بين الأعوام ٢٠٠٠ و٢٠١١ لإعادة الجانبين إلى طاولة المفاوضات المباشرة، مع حدوث بعض المحادثات غير المباشرة في إسطنبول في العام ٢٠٠٨، وكان بشار الأسد يجنح شيئاً فشيئا إلى الارتماء تماماً في الحضن الإيراني.

كان الربيع العربي في العام ٢٠١١ أقسى على بشار الأسد من خريف المفاوضات التي خاضها والده في خريف عمره. وإذا كان موت حافظ الأسد شكّل ضربة قاسمة لاحتمالات التسوية السورية- الإسرائيلية، فإن الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر من العام ٢٠٢٤، أعادت على ما يبدو عقارب الزمن ٢٤ عاماً إلى الوراء، لكن هذه المرة مع شرع آخر هو أحمد الشرع. 

ومع أن الرئيس السوري، المتحدر من هضبة الجولان، قد يبدو لوهلة أكثر تشدداً من الأسد، إلا أن الرجل يبدو أنه يخطو بخطوات سريعة نحو تسوية مع إسرائيل تكون استكمالاً لاتفاقيات أبراهام التي عقدتها إسرائيل برعاية أميركية مع دول خليجية.

الرئيس السوري قال بشكل صريح للنائب الجمهوري في الكونغرس الأميركي، مارلين ستوتزمان، إنه مستعد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، شريطة الحفاظ على وحدة وسيادة سوريا. 

وقال ستوتزمان في مقابلة حصرية مع صحيفة "جيروزاليم بوست"، إن الشرع أعرب عن انفتاحه على الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، مما قد يعزز مكانة سوريا مع إسرائيل ودول الشرق الأوسط والولايات المتحدة، مشدداً على ضرورة وقف الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية ومعالجة قضايا مثل التوغل الإسرائيلي بالقرب من مرتفعات الجولان.

لم يتلق السوريون تصريحات الشرع بصدمة او استغراب. بل على العكس فإن تصريحات الشرع، كما يقول المحلل السياسي مصطفى المقداد، لم تكن مفاجئة للشارع السوري، "فهو منذ وصوله إلى الحكم قام بإرسال إشارات إلى أنه يرغب بأحسن العلاقات مع جميع جيران سوريا، وقد أبدى استعداده للتنازل عن أمور كثيرة، بهدف تأمين استقرار سوريا ووحدتها". 

وينقل مراسل موقع "الحرة" في دمشق حنا هوشان أجواءً عن أن السوريين بمعظمهم، يرغبون بالسلام وتعبوا من الحروب، ولن يمانعوا عودة المفاوضات تحت قيادة الشرع لسوريا.

المقداد رأى في حديث مع "الحرة" أن الجديد والمهم في تصريحات الشرع المنقولة عنه، أنها تصدر بعد تشكيل الحكومة السورية وفي وقت يرفع وزير خارجيته، أسعد الشيباني، علم سوريا في الأمم المتحدة. ويرى المقداد أن المشكلة لا تكمن في الجانب السوري ولا في شخص الشرع، بل "تكمن في الجانب المقابل الذي لا يبدي رغبة حقيقية في قبول هذه المبادرات".

والجمعة، قال الشيباني في الأمم المتحدة خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي إن "سوريا لن تشكل تهديدا لأي من دول المنطقة، بما فيها إسرائيل".

تصريحات الشرع قد يكون لها الأثر الأبرز في الأيام المقبلة على النقاشات بين دروز سوريا على الحدود مع هضبة الجولان، المنقسمين حول العلاقة مع إسرائيل وحول العلاقة بحكومة الشرع، مع ما يحمله ذلك من مخاوف يعبّر عنها رموز الطائفة، تارة من الاندماج مع حكومة الشرع، وطوراً بالانفصال والانضمام إلى إسرائيل. 

وتأتي تصريحات الشرع حول التطبيع لتفتح الباب لخيار ثالث درزي، قد يبدد المخاوف، لكن ليس هناك ما يضمن ألا يعزّزها.

بين ديسمبر من العام ٢٠٠٠، وأبريل من العام ٢٠٢٥، يقع ربع قرن، توقفت فيه عجلة المفاوضات السورية الإسرائيلية المباشرة. وبين الشرعين -فاروق الشرع وأحمد الشرع- تحمل التطورات احتمالات إنعاش المفاوضات وعودتها إلى الطاولة مع تبدلات جذرية في الظروف وفي اللاعبين. فهل "تزهر" المفاوضات في ربيع العام ٢٠٢٥، بعد أن يبست ورقتها وتساقطت في خريف العام ٢٠٠٠؟