في مثل هذا اليوم قبل ست سنوات، خرجت مظاهرات عارمة في ميدن التحرير بوسط العاصمة المصرية القاهرة وأمام القصر الرئاسي ضد الرئيس الأسبق محمد مرسي.
وفي الذكرى السادسة لهذه الأحداث، ألقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي أعلن عزل مرسي في الثالث من يوليو عام 2013، كلمة الأحد قال فيها إن الشعب المصري "انتفض مدافعا عن وطنيته وهويته المصرية الأصيلة" مشيرا إلى أن هذه الأحداث تثبت أن "انتماء المصريين لوطنهم فوق أي مصالح ضيقة لجماعات".
بعد عزل مبارك في 2011 فازت جماعة الإخوان المسلمين بالانتخابات الرئاسية، وأصبح مرسي في نهاية عام 2012 أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، وهو ما مثل انفصالا جذريا عن العسكريين الذين جاء منهم كل زعماء مصر منذ الإطاحة بالنظام الملكي في عام 1952.
تعهد مرسي ببرنامج إسلامي معتدل يقود مصر إلى عهد ديمقراطي، لكن مع مرور الأيام، اتهمته المعارضة بمحاولة الانفراد بالسلطة وفرض النهج الإخواني وسوء إدارة الاقتصاد.
وزاد الاستياء عندما عفا مرسي عن 17 إسلاميا متشددا كانوا محتجزين منذ التسعينيات لتنفيذهم هجمات على أفراد الشرطة والجيش.
وأثار إعلان دستوري أصدره مرسي في نوفمبر 2012 ومنح لنفسه به سلطات واسعة، موجة من الاحتجاجات في الشوارع.
وفي الخامس من ديسمبر تجمع محتجون أمام قصر الاتحادية الرئاسي في القاهرة ضد الرئيس. ومع تنامي الحشد، أمر مرسي قوات الأمن بتفريقه فرفضت حسب تقارير إعلامية حينها.
وجلبت جماعة الإخوان المسلمين قواتها لإخماد الاضطرابات. وقال مسؤولون من الجماعة آنذاك إن مؤيديها حاولوا تسليم بعض المحتجين إلى الشرطة للقبض عليهم لكنها رفضت تسلمهم.
وقتل 10 أشخاص في الاشتباكات التي أعقبت ذلك أغلبهم من مؤيدي الجماعة. واتهم النشطاء الليبراليون أعضاء الجماعة بضرب المحتجين المناهضين لمرسي وتعذيبهم.
وسط حالة من السخط الجماعي في الشوارع في صيف 2013، بدأت حركة شبابية تسمى "تمرد" في جمع توقيعات تطالب مرسي بالتنحي. هذه المجموعة واجهت اتهامات بأنها كانت مدعومة من قبل أجهزة في الدولة ضد مرسي.
النائب محمود بدر، الذي كان مؤسسا للحركة ، وهو عضو في مجلس النواب حاليا، قال في تصريحات نشرت الأحد إن الكثير من القيادات السياسية التي لعبت دورا في العمل السياسي، رفضت التوقيع على التوقيعات في البداية، وعندما أصبحت ملء السمع والبصر طلبوا التوقيع عليها.
هذا المغرد رأى أن 30 يونيو صنيعة "مخابراتية":
من لم يرى حتى الآن ان ٣٠ يونيو عمل مخابراتى صنع لتمكين العسكر من العودة إلى الحكم ولكن هذه المرة بشكل مباشر ، فلا تناقشه ولا تجادله ،شد عليه السيفون فقط لان المثل بيقول اللى ما يشوفش من الغربال يبقى اعمى #٣٠_يونيو_إرادة_شعب
— عماد البحيرى (@EmadAlbeheery) June 29, 2019
في السابع والعشرين من يونيو 2013، طالب محمد البراعي الذي كان قائدا في المعارضة بإجراء انتخابات مبكرة وتشكيل لجنة لتعديل الدستور الذي أقرته جماعة الإخوان المسلمين وهو ما رفضه مرسي.
وفي 30 يونيو خرجت أعداد كبيرة من المتظاهرين في الشوارع مطالبين برحيله. وقد اختلف المراقبون بشأن الأعداد التي شاركت في التظاهرة، بين من حصرها بآلاف ومن قال إنها ملايين الأشخاص شاركوا فيها.
We need something like this .. #٣٠_يونيو_اراده_شعب pic.twitter.com/14XswdzVvU
— Abdallah Sayed 🇪🇬 (@AbdallahSayyeed) June 30, 2019
تحية بحجم الكون لهذه الملايين التي خرجت من بيوتها ولم تعود إليها إلا بعد إسقاط أصنام طغاة الإخونچية ..#30_يونيو pic.twitter.com/qpfFd6JCMK
— noraalagmi (@noraalagmi1) June 29, 2019
وفي الأول من يوليو، دعا السيسي الذي كان رئيس الاستخبارات الحربية في عهد مبارك، جميع القوى السياسية إلى حل خلافاتها في غضون 48 ساعة.
وفي الثاني من يوليو، ظهر مرسي على التلفزيون للمرة الأخيرة بصفته رئيسا للبلاد، معلنا رفضه لهذه المطالبات.
وفي الثالث من يوليو، أعلن السيسي نهاية حكم مرسي ورسم خارطة تتضمن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
تفككت أوصال جماعة الإخوان المسلمين عقب تعرضها لحملة اعتقالات. وقامت شرطة مكافحة الشغب المدعومة من القناصة في الجيش بإنهاء اعتصامين للجماعة في القاهرة كانا يطالبان بإعادته للسلطة، ما أسفر عن مقتل مئات.
رؤساء عرب أزاحهم العسكر بـ 'إرادة شعبية'
ومثل مرسي للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم متعددة منها التحريض على العنف والتخابر، وهي تهم كانت كافية ليقضي ما تبقى من عمره خلف القضبان إلى أن سقط مغشيا عليه في المحكمة يوم 17 يونيو الماضي عن 67 عاما.
خطوة السيسي بعزل مرسي التي قوبلت بترحيب كبير لا يزال يحتفي بها عدد من المصريين:
شكراً جيش مصر لتحقيقك طلب المصريين.شكراً السيسي لما خاطرت بروحك "حرفيا" علشان خاطر مصر.شكراً لكل مصري شارك من أول تمرد لحد 3 يوليو. #٣٠_يونيو_اراده_شعب
— Waleed Mahboub® (@WilloEgy) June 30, 2019
Revolution 👩⚖️recaptured🇾🇪 the great 🇾🇪national Egypt🇾🇪❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️ #٣٠_يونيو_اراده_شعب pic.twitter.com/HJs4swXneG
— انا بنت مصر المحروسه (@walaaloveegypyt) June 30, 2019
الإعلامي المصري وائل الإبراشي قال في برنامجه: وطن مختطف. مليشيات في الشوارع... ثم جاءت ثورة شعبية أزاحت تيار كان سيسيطر على المنطقة بأكملها".
"ذكرى التحرير من الإرهاب":
ذكرى التحرير من الارهاب#٣٠_يونيو_اراده_شعب pic.twitter.com/4KMTnAi5kX
— Tarek El Sayed (@tarekpms) June 30, 2019
آخرين رأوا أن أحداث 30 يونيو كانت "مؤامرة وخيانة ووأدا للديمقراطية"
#٣٠_يونيو مؤامرة وخيانة. هي جزء لا يتجزأ من انقلاب ٣ يوليو الذي وأد ديمقراطيتنا الوليدة وقتل رئيسنا المنتخب
— Maha Azzam (@MahaAzzam_ERC) June 29, 2019
في ظل تحييد الأحزاب الإسلامية إلى حد كبير بعد عزل مرسي، رسخ السيسي نظام حكمه بعد انتخابات رئاسية ترشح لها في 2014.
لكن خلال فترة حكم السيسي، كثفت جماعات متشددة تنشط في شمال سيناء هجماتها وقتلت المئات من قوات الجيش والشرطة.
وتقول جماعات حقوقية إن السلطات تستخدم الأمن ذريعة لإسكات المعارضين، مشيرة أيضا إلى إغلاق عشرات المواقع الإخبارية.
وفي أبريل الماضي، تمت الموافقة على استفتاء على تعديلات دستورية تسمح ببقائه في السلطة حتى عام 2030.
ويقول أنصار السيسي إنه حقق الاستقرار لمصر ويحتاج لمزيد من الوقت لإصلاح وتنمية الاقتصاد.
لكن منتقديه أعربوا حينها عن خشيتهم من أن يؤدي تعديل الدستور إلى تقليص مساحة المنافسة والنقاش السياسيين، ما يمهد الطريق إلى فترة طويلة من حكم الفرد.
خلال حكم السيسي، ألقت السلطات القبض على عشرات المعارضين، وتحقق معهم بتهم نشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعات محظورة أو إرهابية.
وتقول منظمات حقوقية إن السلطات تكمم أفواه المعارضين السياسيين والنشطاء ووسائل الإعلام المعارضة بينما أصدرت المحاكم أحكاما بالإعدام على مئات من أعضاء ومؤيدي جماعة الإخوان.
الاتحاد الأوروبي ذكر في تقريره الأخير عن حقوق الإنسان في العالم أن التقدم في الحريات الأساسية وحقوق الإنسان في مصر يسير "ببطء"، مشيرا إلى إغلاق أكثر من 470 وسيلة إعلام، وإقرار قانون جديد يقيد حرية التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي.
الاتحاد الأوروبي انتقد أيضا تعرض النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان للمحاكمة بسبب نشاطهم ووضعهم رهن الاحتجاز لفترات طويلة.
وأشارت هيومن رايتس ووتش في تقرير سابق إلى جملة من الانتهاكات الجسيمة من قبل الشرطة وجهاز الأمن الوطني، من بينها التعذيب.
وقالت إن المدافعين عن حقوق الإنسان مهددون بالملاحقات القضائية وحظر السفر وتجميد الأموال. وأشارت المنظمة أيضا إلى تدهور حالة حقوق الإنسان في شمال سيناء في ظل الحملة العسكرية لمكافحة الإرهاب في المنطقة.
وقبل أيام من حلول الذكرى السادسة لأحداث 2013، اعتقلت السطات عددا من الناشطين البارزين، واتهمتهم بالتآمر لإسقاط الحكومة، لكن جماعات المعارضة قالت إن الحملة "استهدفت إحباط استعداداتها للانتخابات التشريعية العام المقبل".
اعتقالات في مصر.. أبرز الأسماء
صفحة مصرية معارضة قالت إنه تم اعتقالهم رغم سلوكهم "الطرق الشرعية في المعارضة":
البعض يسترجع ذكريات أحداث يناير 2011 التي أطاحت نظام مبارك. هذا المغرد يقول إن هناك فرقا كبيرا بين يناير ويونيو:
#25jan is the best revolution I have ever seen .No One Can vary more in that direction .There are many differences between them .One of them is how we had lived after this and how we live now .It will be the distinctive event in this age and all over the ages .#٣٠_يونيو_اراده_شعب pic.twitter.com/rKfA4Og852
— M A H H M O U D 💦 (@MaHmouD83096741) June 30, 2019
تأتي ذكرى 30 يونيو في ظل إجراءات حكومية تستهدف زيادة النمو الاقتصادي وتنفيذ مشاريع اقتصادية ضخمة. وتعكف الحكومة على تنفيذ إصلاحات اقتصادية في إطار برنامج قرض قيمته 12 مليار دولار على ثلاث سنوات جرى الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر تشرين الثاني 2016.
وشملت الإصلاحات تطبيق ضريبة القيمة المضافة وخفض دعم الطاقة وتحرير سعر صرف العملة، من أجل تقليص عجز الموازنة العامة، لكن ذلك أدى إلى هبوط كبير في قيمة العملة، وزيادة معاناة عدد كبير من الأسر المصرية.
البعض يقارن بين الاقتصاد في عهد مرسي وعهد السيسي:
هذا هو الفرق بين الديمقراطية والإستبداد وليس بين مرسي والسيسي فقط .الحكم الديمقراطي يرتبط بقاءه بتحقيق انجازات للشعب ، والحكم الديكتاتوري المستبد لا يهمه شيئ لان بقاءه في السلطة مرتبط بالقوة القهرية التي يمتلكها والتي يحكم بها . pic.twitter.com/LzsLqW2l5z
— زايد الوصابي (@K2016Zayed) June 30, 2019
الوزير السابق في عهد مرسي يحيى حامد كان قد حذر في مقال على مجلة فورين بوليسي من أن الاقتصاد المصري على وشك الإفلاس، مشيرا إلى ارتفاع مستوى الدين والفقر بعد تحرير صرف العملة.
لكن على الجريدة ذاتها رد الأستاذ في الجامعة الأميركية بالقاهرة أحمد شمس الدين على المقالة متهما الوزير السابق بأنه رسم صورة "غير واقعية" عن الاقتصاد المصري.
وكتب شمس الدين أن مصر خفضت العجز في الحساب المحلي من 5 في المئة إلى 2.5 في المئة من الدخل القومي خلال السنوات الخمس الأخيرة، وخفضت العجز في الموازنة العامة للدولة من 16.5 في المئة إلى 8.5 في المئة.
الكاتبان اتفقا على أن الدين الداخلي والخارجي زاد خلال الفترة الماضية إلا أن الأول رأى أن مصر على وشك الإفلاس التام في حين رأى الثاني أن الدين المصري في الحدود الآمنة.