جانب من الاحتجاجات في الخرطوم في 30 يونيو
جانب من الاحتجاجات في الخرطوم في 30 يونيو

أعلن مبعوث الاتحاد الإفريقي للسودان محمد حسن لباد الثلاثاء أن قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري يقتربان من التوصل إلى اتفاق.

وقال لباد في مؤتمر صحفي في مقر الاتحاد الإفريقي في الخرطوم، إن "الاتفاق قاب قوسين"، مطالبا الطرفين بالموافقة على مجلس سيادي وحكومة مدنية.

وأضاف أنه "من غير المقبول ألا يتقف الطرفان على موقف موحد"، وأكد الاستعداد لمساعدتها في التوصل إلى تفاهم.

ودعا لباد قادة المجلس العسكري والمعارضة إلى استئناف المحادثات الأربعاء.

​​وتأتي تصريحات المسؤول الإفريقي بعد يومين على خروج مئات الآلاف إلى الشوارع في أنحاء السودان لمطالبة الجيش بتسليم السلطة للمدنيين، في أكبر مظاهرات منذ عملية الفض الدامية التي قامت بها قوات الأمن لاعتصام في وسط الخرطوم قبل ثلاثة أسابيع.

ودعت حركة الاحتجاج مساء الاثنين إلى عصيان مدني في سائر أنحاء البلاد في 14 يوليو الجاري، وذلك غداة تظاهرات حاشدة خرجت لمطالبة المجلس العسكري الحاكم بنقل السلطة إلى المدنيين.

محمد حمدان دقلو "حميدتي"
محمد حمدان دقلو "حميدتي"

نددت قوى الحرية والتغيير التي تقود الاحتجاجات في السودان، بمعلومات تضمنها تقرير لمجلة فورين بوليسي كشف أن المجلس العسكري الانتقالي أبرم صفقة بملايين الدولارات مع جماعات ضغط لتعزيز سيطرته وشرعيته في الخارج، بعد إطاحته بنظام الرئيس عمر البشير.

"عليهم أن يصلحوا علاقاتهم مع الشعب أولا قبل أن يصلحوا علاقاتهم مع الخارج". يقول أمجد فريد المتحدث باسم تجمع المهنيين، أحد الأذرع الرئيسية لقوى الحرية والتغيير.

ويقول تقرير فورين بوليسي إن نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو الشهير بـ  حميدتي توسط في صفقة بقيمة 6 ملايين دولار مع شركة ضغط كندية تسمى "ديكنز آند مادسون"، لكسب التأييد في الولايات المتحدة والسعودية وروسيا.

يقول فريد إن "هذا الأسلوب جربه النظام السابق ولم ينجح.. 6 ملايين دولار رقم مذهل، الشعب السوداني أولى به".

وأضاف في حديث لـ"موقع الحرة" كان  "الأولى بالمجلس العسكري تحقيق أهداف الثورة التي يدعي انحيازه إليها، بدلا من التحايل عليها".

وتصر جماعات المعارضة الرئيسية في السودان ممثلة في قوى الحرية والتغيير على ضرورة تسليم المجلس العسكري السلطة للمدنيين وهي دعوات تدعمها الولايات المتحدة.

ويسعى حميدتي للحصول على دعم دول الخليج ودول أخرى لدعم شرعيته في صراع السلطة هذا.

ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن مبعوثين غربيين ونشطاء سياسيين أن حميدتي، الذي ينتمي إلى عائلة من تجار الإبل بإقليم درافور (غرب)، وغادر الدراسة في مراحلها الابتدائية، يأمل أن يصبح رئيسا للبلاد.

ذاع صيت حميدتي بعد تعيينه من قبل الرئيس السابق عمر البشير على رأس مليشيا تسمى الجنجويد متهمة بارتكاب فظاعات في دارفور.

ويحظى حميدتي بعلاقات ممتازة مع السعودية والإمارات خاصة بسبب مشاركة قواته في حرب اليمن.

والعقد الذي وقعه حميدتي مع مجموعة الضغط الكندية يلقي، حسب سجلات وزارة العدل الأميركية، مزيدا من الضوء على الظهور الغامض لهذا الجنرال ومساعيه لتعزيز قبضته، وعلى الحكومات التي تعمل معه، وفق تقرير المجلة.

وتسعى شركة الضغط الكندية حسب فورين بوليسي إلى تأمين اجتماع بين حميدتي والرئيس الأميركي دونالد ترامب ورؤساء حكومات الشرق الأوسط وستعمل على ضمان حصول المجلس العسكري على "اعتراف منهم بأنه القيادة الانتقالية الشرعية لجمهورية السودان"، وفقا للعقد.

يشار إلى أن حميدتي كان أول مسؤول في المجلس العسكري يلتقي القائم بالأعمال الأميركي في الخرطوم ستيفن كوستس.

ويحدد العقد أيضا أولويات أخرى، بما فيها شركة الضغط التي تعمل على "توفير التدريب العسكري والمعدات الأمنية" والحصول على "دعم البنية التحتية والأمن الغذائي" من الحكومة الروسية، وحتى الحصول على أموال من جنرال ليبي يتنافس على السلطة في هذا البلد، مقابل الحصول على مساعدة عسكرية، حسب التقرير.

وشركة الضغط يقودها عميل استخباراتي إسرائيلي سابق يدعي أري بن ميناشي، عمل في الماضي لصالح حكومتي زيمبابوي وليبيا.

بالإضافة إلى الدعم من شركة الضغط الغربية، تلقى حميدتي أيضا دعما من عضو الكونغرس الأميريكي السابق (عن ولاية فيرجينيا)، جيمس موران، الذي زار السودان في الأيام الماضية.

موران، وهو حاليا كبير المستشارين القانونيين وجماعة الضغط في مكتب المحاماة McDermott Will & Emery، أجري خلال الزيارة لقاءات مع عدة شخصيات على رأسها حميدتي والقائم بالأعمال الأميركي ستيفن كوستس، قائلا إنه "أعجب" بكل من قابلهم بمن فيهم الجنرال السوداني.

عززت زيارة موران إلى السودان التصور، على الأقل في وسائل الإعلام الرسمية، بأن حميدتي مدعوم من المجتمع الدولي.

علما بأن موران كان منذ سبتمبر 2018، من جماعات الضغط التي تعمل لصالح قطر، وفقا لتقارير أشارت إلى دفع الدولة الخليجية ما لا يقل عن 40 ألف دولار شهريا لموران ومكتب محاماه للتحدث مع الصحفيين، والتواصل مع أعضاء الكونغرس وموظفيهم، وإرسال رسائل بشأن الخلاف السعودي على قطر.

وقطر منافسة للسعودية والإمارات ومصر، التي قدمت دعما كبيرا لحميدتي.

وزارة الخارجية الأميركية علقت على زيارة موران إلى السودان على أنه مواطن عادي، ولا يمثل الحكومة الأميركية.

على النقيض، دق مشرعون أميركيون ناقوس الخطر بشأن صعود حميدتي إلى السلطة.

ودعا النائب الديمقراطي إليوت إنجل، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، إدارة ترامب إلى فرض عقوبات على الرجل الذي يرأس أيضا قوات الدعم السريع المتهمة بارتكاب أعمال عنف ضد المتظاهرين، وجرائم واسعة ضد المدنيين في دارفور.

وتحاول الوساطة الإثيوبية الإفريقية المشتركة تقريب وجهات النظر بين العسكر وتحالف المعارضة بقيادة قوة الحرية والتغيير.

لكن قيادات معارضة تتهم المجلس العسكري بالمماطلة لكسب الوقت.

وأصبح لحميدتي دور رئيسي في عملية التفاوض الآن مع قوى الحرية والتغيير والمعنية بتسليم السلطة الى المدنيين.

وتقول بعض قوى المعارضة إنها لن تقبل بحكومة تضم حميدتي.

 كاميرون هدسون، وهو مسؤول سابق في البيت الأبيض في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، وزميل في "مجلس الأطلسي"، حذر من تدخل الجيش في مستقبل السودان، وقال "فكرة أن المجلس العسكري الانتقالي أو قوات الدعم السريع يمكن أن تحقق الاستقرار (في السودان) هي فكرة مجنونة".