وافق غالبية أعضاء مجلس الأمة الكويتي الأربعاء على موازنة الأشهر الـ12 المقبلة، بعجز يُتوقع أن يبلغ 22 مليار دولار، في وقت يواصل نواب البرلمان رفض خطط الحكومة لفرض ضرائب أو خفض الدعم على مواد محددة.
ويوازي العجز المتوقع في موازنة 2019-2020 نحو 15.7 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي. وهذه السنة الخامسة على التوالي التي تشهد فيها موازنة الدولة الخليجية عجزا في موازنتها.
وقدرت الإيرادات في موازنة 2019-2020 بنحو 51.8 مليار دولار، والنفقات بحوالي 73.8 مليار دولار، فيما تبلغ إيرادات النفط المتوقعة حوالى 45.4 مليار دولار، أي ما يشكل 88 في المئة من قيمة الإيرادات الإجمالية، بناء على سعر 55 دولارا للبرميل الواحد.
ويعارض النواب الكويتيون باستمرار خططا حكومية لفرض الضرائب أو زيادة تكاليف الخدمات الحكومية ورفع الدعم عن مواد رئيسية.
لكن النائب عدنان عبد الصمد الذي يرأس لجنة المالية في البرلمان، قال الأربعاء إنه حتى لو جرى ذلك فلن يحل العجز في الموازنة.
ودعا النواب الحكومة إلى وقف تبذير أموال الصندوق السيادي، وبدء إصلاحات.
وفي الكويت صندوق سيادي تتجاوز أصوله 600 مليار دولار، وعلى الحكومة أن تحول 10 في المئة من مجموع الإيرادات في نهاية العام المالي إلى هذا الصندوق.
وكان اقتصاد الكويت، التي يبلغ عدد سكانها نحو 4.4 ملايين نسمة بينهم 3.3 مليون أجنبي، انكمش بنسبة 3.5 بالمئة في 2017، قبل أن يحقق نموا بـ2.5 في المئة العام الماضي، على أن ينمو بحسب التوقعات بـ2.5 بالمئة هذا العام.
سيناريوهات تركية بعد تغير خريطة النفوذ في الشمال السوري
ضياء عودة - إسطنبول
02 ديسمبر 2024
Share on Facebook
Share on Twitter
Share on WhatsApp
منذ بدء هجوم الفصائل السورية المسلحة على حلب وأريافها، اتجهت الأنظار إلى تركيا بشكل مباشر وغير مباشر، من زاوية الدور والموقف الذي تقف عنده إزاء ما يحصل.
فمع سيطرة الفصائل على كامل المدينة وغالبية القرى والبلدات المحيطة بها، تثار تساؤلات عن الخيارات التي ستتبعها أنقرة في التعاطي مع التغير الكبير الذي طرأ على خريطة النفوذ السورية.
سيطرة الفصائل المسلحة على حلب (التي كانت خاضعة لسيطرة النظام السوري) جاءت بعد أن وصل مسار الحوار بين أنقرة ودمشق إلى طربق مسدود، وسبقته حالة من البرودة أبداها رئيس النظام السوري بشار الأسد، إزاء سلسلة دعوات كان يطلقها باستمرار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
كما جاء الهجوم بعد حملة تصعيد فرضتها قوات النظام السوري على محافظة إدلب وريف حلب، أسفر عن مقتل مدنيين، ودفع الفصائل لشن هجوم واسع لـ"تأمين هذه المناطق ولإبعاد خطر النظام والميليشيات الإيرانية"، حسب قولها.
وعلى الصعيد الرسمي، اقتصرت التعليقات التركية بشأن هجوم الفصائل في حلب خلال الأيام الماضية، على وزارة الخارجية.
وفي حين قال الوزير حقان فيدان إن بلاده "ليست منخرطة في الصراعات الدائرة في حلب"، فقد أكد في الوقت نفسه أن أنقرة "تتخذ احتياطاتها، وستتجنب أي إجراء قد يؤدي إلى موجهة هجرة جديدة".
وقبل تصريحات فيدان منذ يومين، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، أونجو كيتشلي، إن الاشتباكات الأخيرة في شمال سوريا أدت إلى تصعيد "غير مرغوب فيه" بالمنطقة، مشيرا إلى أن "الحفاظ على الهدوء في إدلب والمناطق المحيطة، يمثل أولوية قصوى بالنسبة لتركيا".
وأوضح كيتشلي أن الهجمات الأخيرة على إدلب بلغت مستوى "يهدد روح اتفاقات أستانا ويضر بعملها، فضلا عن تسببها في خسائر بشرية كبيرة بين المدنيين".
ولتركيا منذ سنوات، قوات في شمال سوريا، وتدعم في المقابل فصائل عسكرية مناهضة للنظام السوري، تنضوي ضمن تحالف ما يعرف بـ"الجيش الوطني السوري".
وبينما لم تكن الفصائل المذكورة رأس حربة السيطرة على حلب، فإنها أطلقت، السبت، هجوما بالتوازي، تمكنت فيه من السيطرة على عدة مواقع عسكرية وقرى وبلدات تقع في الريفين الشرقي والشمالي للمدينة.
يمكن لتركيا في المرحلة المقبلة محاولة التحدث لفترة طويلة مع الروس والإيرانيين ونظام الأسد للوصول إلى حل سياسي في سوريا، ولإيجاد نهج مشترك للقضاء على "تهديد الإرهاب الذي تمثله قوات سوريا الديمقراطية (قسد)"، حسب ما يقول الباحث السياسي والأمني التركي، عمر أوزكيزيلجيك.
لكن أوزكيزيلجيك يشير في المقابل لموقع "الحرة"، إلى أن كلا من روسيا وإيران ونظام الأسد "كانوا يحرصون على حماية قسد، ورفضوا أي عملية عسكرية تركية ضدها، كما أنهم لم يستجيبوا بشكل إيجابي لأي من المبادرات التركية لإيجاد حل سياسي في سوريا".
على العكس، كان طالب النظام السوري وحلفاؤه عدة مرات، بـ"انسحاب الجيش التركي من سوريا"، وفق الباحث.
وأضاف أنه "عندما وصفت روسيا تركيا بأنها قوة احتلال في سورياوطالبت علنا بانسحاب القوات التركية، غيّرت أنقرة موقفها، وأدركت أن محاولات التطبيع مع الأسد فشلت"..
وتابع: "من خلال منح هذا التحرك (الهجوم) الضوء الأخضر، عكست تركيا الوضع وغيّرت ميزان القوى العسكرية والصورة العامة في سوريا".
من جانبه، اعتبر الباحث في الشأن التركي، محمود علوش، أن "تركيا كانت واضحة في موقفها السياسي بأنها غير ضالعة في الهجوم، كونها لا تؤيد تأجيج التوترات في سوريا".
من جانب آخر، "لم تكن هناك مؤشرات تشير إلى انخراط تركي قوي في الهجوم، رغم وجود جماعات تدعمها أنقرة في الميدان".
وقال علوش لموقع "الحرة"، إن "تركيا حريصة الآن على تجنب أي وضع يؤدي لمفاقمة تهديد (وحدات حماية الشعب الكردية) للمناطق الخاضعة لسيطرتها في شمال غرب الفرات".
كما رأى الباحث أن هجوم الفصائل التي تدعمها أنقرة، السبت، تحت مسمى "فجر الحرية"، يهدف إلى "قطع الطريق أمام الوحدات من أجل الاستفادة من الفراغ الذي تتركه التحولات في سوريا".
ما يحدث على الطرف الآخر من الحدود مع تركيا (من جهة سوريا) هو الأول من نوعه منذ سنوات طويلة. ورغم القصف والعمليات العسكرية كانت تخيم على مشهد المنطقة هناك، فإنها لم تصل إلى الحد الذي هي عليه الآن.
وأعرب علوش عن اعتقاده بأن "التحولات الحاصلة في خريطة السيطرة، تجلب فرصا وتحديات" لتركيا.
ومن بين الفرص التي تحدث عنها، أن التحولات الحاصلة "تساعدها في فرض رؤية أنقرة لمشروع التطبيع مع دمشق، وفرض رؤيتها للحل السياسي".
وتساعدها أيضا "في تعزيز تفاهماتها مع روسيا وإيران في سوريا، خصوصا بمنطقة خفض التصعيد الرابعة، على اعتبار أن أي تسوية لتهدئة الوضع قد تؤدي لإعادة تأسيس المنطقة".
"السيطرة على مدينة كبيرة بحكم حلب يمكن أن تساعد أيضا جزءا كبيرا من اللاجئين أيضا على العودة، كونها قادرة على استضافة عدد كبير منهم"، حسب علوش.
لكنه أشار في المقابل إلى التحديات، ويبرز منها أن "يكون الأسد وحلفاؤه يستعدون لاستثمار الهجوم الحاصل لشن عملية معاكسة، قد لا تقتصر على استعادة الستاتيكو العسكري (الوضع) الذي كان قائما في السابق".
ومن شأن حصول السيناريو المذكور أن "يخلق مخاطر هائلة لتركيا ويتركها أمام خيارات صعبة، ويؤدي في نهاية المطاف إلى تورطها بالمواجهة".
ومن ناحية أخرى، قال الباحث إن التحولات الحاصلة "إما ستؤدي إلى إعادة إشعال الحرب وإطالة أمدها لسنوات، وتعزيز مشاريع التقسيم في سوريا. ويحمل هذا الأمر نتائج سيئة للغاية بالنسبة لأنقرة".
وفي المقابل، يمكن أن تؤدي التحولات إلى "تعزيز مسار التسوية السياسية وبداية النهاية للحرب، وهو ما تسعى إليه تركيا".
ما المتوقع على صعيد تركيا؟
تلقى وزير الخارجية التركي، فيدان، خلال الأيام الماضية عدة اتصالات من نظراء إقليميين وغربيين، كان من بينها تلك التي أجراها مع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن.
وناقش فيدان وبلينكن التطورات المتسارعة في الوضع السوري، وتناولا "أهمية خفض التصعيد وضمان حماية أرواح المدنيين والبنية التحتية"، حسب بيان الخارجية الأميركية.
كما ركز المسؤولان خاصة على الوضع في مدينة حلب ومناطق أخرى.
ومن المبكر الحديث عما ستفعله أنقرة في الأيام المقبلة، كما يرى الباحث التركي أوزكيزيلجيك، وتشمل هذه الحالة أي تقييم أيضا لواقع الميدان.
واعتبر الباحث أن "الوضع على الأرض متقلب ويمكن أن يتغير بسرعة كبيرة. لذلك، علينا الانتظار. ما زلنا لا نعرف ما إذا كان خط الدفاع التابع لنظام الأسد شمال حماة سيتمكن من الصمود، عندما تقرر فصائل المعارضة السورية الهجوم".
ومع ذلك، قال أوزكيزيلجيك إن "تركيا الآن هي اللاعب الرئيسي في سوريا، والأقوى في الوقت الحالي"، معربا عن اعتقاده بأن بلاده "لن تتخذ قرارات متسرعة بشأن الخطوات التالية في سوريا، قبل أن يتولى (الرئيس الأميركي المنتخب دونالد) ترامب منصبه".
هل تغيّرت السياسة التركية؟
وسيكون للرئيس التركي، الإثنين، عدة كلمات، ومن المتوقع أن يتطرق لما يحصل في شمال سوريا، حسب الباحث السياسي التركي، هشام جوناي.
وقال جوناي لموقع "الحرة"، متسائلا: "هل سيقف إردوغان وراء نداء ودعوة نظام الأسد مرة أخرى للجلوس على الطاولة؟".
و"في حال استمر بالخطاب السابق، فسيتضح أن هناك ترتيبا جديدا، مع حشر الأسد في منطقة معينة أو منحه دورا في السلطة بشكل ضيق النطاق في المستقبل السوري".
وفي حال عدول الرئيس التركي عن خطابه السابق، يمكن القول حينها أن "أنقرة غيرت سياستها في سوريا وعادت إلى سياسة (وزير الخارجية رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد) داوود أوغلو، التي كانت تطمح لتغيير الأسد"، حسب جوناي.
ويعود الباحث إلى الوراء ويعتقد أن التطورات التي سبقت الهجوم مترابطة. وبينها المبادرة التي قدمها زعيم حزب الحركة القومية، دولت باهتشلي، لمؤسس "حزب العمال الكردستاني" المسجون، عبد الله أوجلان.
حلب في شمال سوريا
وقامت المبادرة على معادلة من شقين، مفادها: "تعال للبرلمان وألقى خطابا وأعلن فيه إلقاء سلاح حزبك، وستضمن حق الأمل"، في إشارة إلى مسألة حل القضية الكردية.
ويعتبر جوناي أن المبادرة "من الواضح وبعد حصول هجوم حلب أنه كان لها بعد خارجي".
وبتقدير علوش، يتوقف جانب رئيسي من التحولات الحاصلة على الأرض على "مدى قدرة أنقرة وموسكو على إدارة الوضع، كي يتم التوصل إلى نتائج على صعيد الحلول والتسويات".
وحسب الباحث، فإنه "مما لا شكل فيه بأن الوضع القائم حاليا مناسب لتركيا، خاصة أن استعادة السيطرة على مناطق جديدة من يد الوحدات الكردية وإضعافها ، قد يعزز موقفها من التفاوض مع الإدارة الأميركية الجديدة"، بحسب الباحث.
وتابع: "مع ذلك، فإن الوضع يجلب فرصا وتحديات على مستوى السياسة التركية في سوريا".
في غضون ذلك، كتب كاتب العمود مليح ألتينوك في صحيفة "صباح" التركية، الإثنين، أن سيطرة الفصائل المسلحة على حلب "قد تعزز موقفها في إدلب القريبة من الحدود التركية".
وبالتالي "تقلل من فعالية تنظيمات وحدات حماية الشعب التابعة للنظام السوري. وهذا يمكن أن يوفر ميزة لأمن الحدود التركية"، حسب الكاتب.
ورأى أنه يمكن أن تلعب الأهمية الاستراتيجية لحلب دورا مهما، خاصة في "عمليات تركيا في سوريا، وفي التوازن في الحرب الأهلية السورية، ومن الممكن أن يؤدي تعزيز المعارضة هنا إلى زيادة نفوذ تركيا في المنطقة".
كما قال الكاتب في "صباح" إن "إضعاف النظام السوري في المناطق التي هجرها، يمكن أن يخلق بيئة أكثر ملاءمة لعودة اللاجئين ويساعد في تخفيف عبء اللاجئين في تركيا".
ومع ذلك، رأى جوناي أن الموقف التركي ما زال ضبابيا، قائلا: "لم نر أحدا من المسؤولين يريد أن يتحمل مسؤولية ما يحصل"، مشيرا إلى مخاطر قد تواجهها تركيا في حال حصلت أي موجة نزوح على حدودها.
واستطرد: "إيران ممتعضة من خروجها من المنطقة وهو موضوع جدي بالنسبة لها. طهران ستستخدم كل الوسائل" للحفاظ على تواجدها، بعد أن تمكنت فصائل المعارضة من قطع طرق حلب بمحيطها.