جاريد كوشنر
جاريد كوشنر

قال جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الجانب الاقتصادي من الخطة الأميركية للسلام لقي ترحيبا كبيرا في ورشة عمل المنامة وقد حضرت جميع الدول التي دعيت للحضور، متهما القيادة الفلسطينية بارتكاب "خطأ استراتيجي" لعدم الانخراط في هذا الجهد، لكنه أكد أن الباب مفتوح لها للحاق بخطة السلام.

وقال كوشنر في مؤتمر صحفي إن الخطة الاقتصادية المؤلفة من 140 صفحة تم تحميلها على الإنترنت أكثر من مليون مرة، ووصفت من قبل الحاضرين بأنها "فنية وذات مصداقية وطموحة" واعتبر أنها قابلة للتحقيق لكن "لا يمكن تنفيذها من دون وجود اتفاق سلام وحكم رشيد، لأنه من دون الحكم الرشيد لن تحدث استثمارات في المنطقة".

وقال إنها لم تواجه كثير من الانتقادات، مشيرا إلى أن "عديدين ممن انخرطوا في عملية السلام منذ فترة طويلة وفشلوا انتقدوها لأنها لا تقدم حلولا تقليدية ثبت فشلها". وسأل كوشنر منتقدي الخطة عما إذا كانت لديهم أفكار أفضل وطلب أن يشرحوا ملاحظاتهم الفنية حول الخطة المطروحة.

وأشار إلى أن الخطة الاقتصادية لا تعني البدء في تنفيذها على الفور ولكن هذا سيحدث عند التوصل إلى حل سياسي: "لا نريد البدء بها حتى يكون هناك فهم حقيقي للسلام بطريقة نعتقد أنها عادلة وطويلة الأجل قابلة للحياة".

وقال إن من النتائج الإيجابية للمؤتمر وجود تقبل لإسرائيل باعتبارها حقيقة واقعة في المنطقة، وتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في المستقبل، وأن يحدث تطبيع بين إسرائيل والعالم العربي في وقت ما في المستقبل، "وعندما يحدث ذلك، سيؤدي إلى شرق أوسط أكثر استقرارا وأمانا وستكون هناك إمكانات وفرص اقتصادية أكبر بكثير لجميع الناس في المنطقة".

وقال كوشنر إن السلطة الفلسطينية لم تتخذ خطوات بناءة من أجل أمن ورفاهية الشعب الفلسطيني، وارتكبت "خطأ استراتيجيا" بعدم حضور مؤتمر البحرين، مشيرا إلى أنها ترى ضرورة التوصل إلى حل سياسي أولا، "لكننا أوضحنا أن الحل السياسي سيأتي في الوقت المناسب".

بيد أن كوشنر أشار إلى أنه والرئيس ترامب يكنان احتراما كبيرا لرئيس السلطة محمود عباس الذي قال إنه يسعى للسلام وكان قريبا لتحقيقه لكنه لم ينجح.

ودعا كوشنر الفلسطينيين إلى اللحاق بخطة السلام الأميركية قائلا إن "أبوابنا مفتوحة للشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية".

وقال إنه سيتم الإعلان الأسبوع المقبل عن الخطوات المقبلة في خطة السلام، وإنه سوف يتم وضع التعليقات التي صدرت على الخطة في الاعتبار ثم وضع اللمسات النهائية عليها والعمل على إيجاد آلية لتطبيقها في حال وجود تقدم على الجبهة السياسية.

وردا على سؤال عما إذا كانت الخطة تتضمن إقامة مشروعات اقتصادية للفلسطينيين في سيناء، نفى كوشنر بشكل مباشر ذلك وقال إن "سيناء تتبع مصر والأمر متروك لمصر بشأن ما تريد القيام به هناك".

وأضاف أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "صديق" للإدارة الأميركية "وقد أعطانا الكثير من النصائح.. ويود أن يستفيد من كل الأفكار الاقتصادية لتحقيق مستقبل أفضل لمصر".

وأضاف أن السيسي مهتم بالفلسطينيين لكنه أيضا يريد أن تكون المنطقة "مستقرة ويدرك أن الأمر يحتاج إلى قيادة شجاعة من الجميع لمحاولة إحداث انفراجة".

وتنص الخطة الأميركية على تدفق استثمارات بقيمة 50 مليار دولار إلى الأراضي الفلسطينية وإسرائيل ومصر ولبنان والأردن.

وكانت واشنطن قد نظمت ورشة اقتصادية في البحرين لعرض الشق الاقتصادي من خطة السلام الأميركية، لكنها لم تكشف بعد عن الشق السياسي.

سعيد رفقة زوجته في مركز تصويت يوم الانتخابات الرئاسية
سعيد رفقة زوجته في مركز تصويت يوم الانتخابات الرئاسية

أعاد الظهور الإعلامي الأخير لأفراد من عائلة الرئيس قيس سعيد، ومشاركتهم في الحملة الانتخابية الرئاسية، النقاش بشأن الأدوار التي طالما لعبتها أُسر حُكّام تونس، على امتداد عقود طويلة من تاريخ البلاد.

وفي معظم فترات تاريخ تونس الحديث، لم يكن التونسيون يكنّون الكثير من الود لعائلات الحكام بسبب اتهامات لاحقتها، بدءا بأُسر "البايات"، وصولا إلى الباجي قايد السبسي، مرورا بعهدي الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.

ولم تكن أسرة الرئيس قيس سعيد بمعزل عن هذا الجدل، فمنذ وصوله إلى قصر قرطاج رئيسا للجمهورية في 2019، أثُيرت تساؤلات كبيرة عن الدور المحتمل لشقيقه نوفل سعيد في رسم ملامح السياسات العامة، خاصة أنه كان قد اضطلع بمهام رئيسية في الحملة الانتخابية.

ورغم نجاح سعيد في تبديد تلك المخاوف، بإبعاد شقيقه عن دوائر صنع القرار طيلة الولاية الأولى، فإن ذلك لم يمنع عودة النقاشات بشأن "دور محتمل للعائلة"، خصوصا بعد الظهور الإعلامي الأخير لنوفل سعيد وعاتكة شبيل، شقيقة زوجة الرئيس، إشراف شبيل، عقب مشاركتهما الفعلية في إدارة فريق الحملة الانتخابية الرئاسية.

ظهور مثير

ووصف المحامي نوفل سعيد، شقيق الرئيس، مدير حملته الانتخابية، الفوز الذي حققه مرشحه في الرئاسيات بـ"الكبير"، مضيفا "بهذه النسبة الكبيرة، أصبح سعيد الرئيس الرمز.. ولا سبيل لبناء مستقبل جديد دون منسوب ثقة كبير".

وبدورها، اعتبرت عضوة الحملة الانتخابية لسعيّد، عاتكة شبيل، وهي شقيقة زوجته، أن ''مرور الرئيس (قيس سعيّد) من الدور الأول دليل على تواصل شعبيته على عكس ما يروّج".

وأضافت، في تصريح لإذاعة "موازييك" المحلية، أنّ "عدد الناخبين الذين صوّتوا له غير بعيد عن عدد الناخبين الذين اختاروه في الانتخابات الرئاسية لسنة 2019".

ويُعد هذا الظهور الإعلامي لشبيل نادرا للغاية، خاصة أنها لم تعلق في السابق على الكثير من الانتقادات والاتهامات التي طالتها، وبينها التأثير على قرارات وزير الداخلية الأسبق توفيق شرف الدين.

وتداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي جوانب من مشاركة عاتكة شبيل ونوفل سعيد في الحملة الانتخابية للرئيس، وسط تباين حاد في الآراء بشأن الدور الذي لعباه.

تجارب الماضي

ويزخر التاريخ التونسي بقصص عائلات الرؤساء التي لعبت أدوارا رئيسية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعي بهذا البلد المغاربي

ففي فترة الرئيس الحبيب بورقيبة، الذي يوصف بـ"أب الاستقلال"، دار جدل أكده مؤرخون عن "تدخل واسع النطاق" لزوجة الرئيس وسيلة بورقيبة، شمل تعيين وإزاحة المسؤولين الكبار بالدولة.

وخلال فترة زين العابدين بن علي، ازداد الأمر تعقيدا مع سيطرة أصهار الرئيس السابق، خصوصا أشقاء زوجته ليلى الطرابلسي، على قطاعات اقتصادية مهمة، ولا تزال اتهامات الفساد المالي تلاحقهم إلى الآن أمام المحاكم.

وانحسر الحديث عن "تأثير العائلة" خلال فترة الحكم المؤقت للمنصف المرزوقي، ليعود بقوة إلى الواجهة بعد صعود الرئيس الباجي قايد السبسي إلى سدة الحكم في 2014.

فطيلة عهدة السبسي، التي استمرت من 2014 حتى وفاته في 2019، دار جدل واسع بشأن "تأثير" نجله حافظ قايد السبسي، الذي اتهمه أصدقاؤه في "نداء تونس" بالاستيلاء على الحزب وتحويله إلى "منصة لمكافأة أو معاقبة المسؤولين".

هواجس النخبة

ويشير المحامي والناشط السياسي عبد الواحد اليحياوي إلى وجود "مخاوف حقيقية" لدى النخبة التونسية أن يتحول الظهور العلني لشخصيات من عائلة الرئيس إلى "نفوذ سياسي واقتصادي" في البلاد.

واعتبر أن "تدخل عائلات الحكام تعبير من تعبيرات الاستبداد، لأن هذه الشخصيات لا تحظى بشرعية انتخابية، على غرار ما فعلته عائلة بن علي التي حولت التأثير السياسي إلى نفوذ تجاري واقتصادي".

ويرى اليحياوي في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن للتونسيين "تجربة مريرة" مع عائلات الحكام التي لعبت أدوارا مؤثرة، حتى قبل أن تتحول تونس إلى جمهورية، أي في عهد البايات ليستمر الأمر بعد عائلات قادة ما بعد الاستقلال.

وأشار اليحياوي إلى تقارير تحدثت عن "حضور خفي" لعبته شقيقة زوجة الرئيس في الشأن العام، من خلال إشرافها على ما يُسمى بـ"شق سوسة" في مشروع الرئيس، الذي يضم شخصيات عدة تم تكليف بعضها بحقائب وزارية خلال العهدة الأولى لسعيد.

"تشويه الرئيس"

وفي المقابل، يقول المحلل السياسي باسل الترجمان إن القانون لا يُجرم مشاركة عائلات المرشحين في الحملات الانتخابية، مستبعدا وجود أي دور رسمي لعائلة الرئيس سعيد في أجهزة الدولة.

وفند التقارير التي تتحدث عن تأثير مارسته شقيقة زوجة الرئيس على وزير الداخلية الأسبق توفيق شرف الدين، قائلا "لو كان لها تأثير لاستمر الرجل في منصبه".

ومن وجهة نظره، فإن "قيس سعيد شخص لا يسمح لأحد بمشاركته في اتخاذ القرارات بما في ذلك عائلته وأصهاره"، رافعا رهان التحدي بالقول "من يمتلك أدلة تثبت عكس هذا الأمر لنشرها وأطلع الرأي العام عليها".

وأدرج الترجمان "إقحام" المعارضة لعائلة الرئيس في النقاشات السياسية في إطار "رغبة هذه الأطراف السياسية في تشويه مسار الرئيس، في غياب أي ملفات فساد تُدينه".