لاعب المنتخب المصري ونادي ليفربول الإنكليزي محمد صلاح يقود هجمة خلال مباراة مع أوغندا ببطولة كأس الأمم الأفريقية
لاعب المنتخب المصري ونادي ليفربول الإنكليزي محمد صلاح يقود هجمة خلال مباراة مع أوغندا ببطولة كأس الأمم الأفريقية

اعتبر الفرنسي هيرفيه رونار مدرب منتخب المغرب لكرة القدم الخميس، أن منتخب الجزائر هو الأفضل حتى الآن في بطولة كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم، محذرا مصر المضيفة من منافستها في ثمن النهائي جنوب إفريقيا.

وبلغت المنتخبات العربية الثلاثة ثمن النهائي بعد تفوقها بالعلامة الكاملة مع ثلاثة انتصارات وشباك نظيفة في المباريات الثلاث لدور المجموعات: مصر عن المجموعة الأولى، الجزائر عن الثالثة، والمغرب عن الرابعة.

لكن المنتخب الجزائري برز بين الثلاثة، والمنتخبات الـ24 المشاركة عموما، بأداء هجومي سريع ترافقه صلابة دفاعية، ودكة بدلاء قادرة على تعويض اللاعبين الأساسيين والإبقاء على مستوى مشابه، وهو ما ظهر في الجولة الثالثة ضد تنزانيا (3-صفر)، ما دفع العديد من المعلقين للإشادة بالمدرب جمال بلماضي و"الروح" التي بثها في المنتخب الأخضر.

مدرب المنتخب الجزائري جمال بلماضي يشارك في حصة تدريبية لفريقه

​​​​وفي مؤتمر صحفي عشية لقاء المغرب وبنين في الدور ثمن النهائي، قال رونار ردا على سؤال عن الجزائر "أعتقد أن العديد من المراقبين سيوافقوني الرأي. أعتقد أنه حتى الآن المنتخب الجزائري كان أفضل منتخب في هذه البطولة، لاسيما مباراته ضد السنغال" التي انتهت بفوز ثعالب الصحراء 1-صفر في الجولة الثانية، على منتخب هو الأول في القارة وفق تصنيف الاتحاد الدولي (فيفا)، ومن المرشحين البارزين للقب.

ورأى رونار أن الجزائر قدمت "أداء قويا وفرضت إيقاعا كبيرا في هذه المباراة. (هو منتخب) يتمتع بالسرعة، بالعفوية، مع لاعبين كبار، مع لاعب من طراز عالمي هو (رياض) محرز، وشبان من أمثال (يوسف) عطال و(اسماعيل) بن ناصر اللذين يقومان بعمل لافت".

ووجه المدرب الفرنسي تحية الى نظيره الجزائري "الذي نجح في إيجاد تركيبة جميلة كهذه، وهو أمر ليس سهلا دائما في الجزائر. تجدر تهنئته".

وردا على سؤال عن احتمال مواجهة الجزائر في المباراة النهائية للبطولة في 19 يوليو، قال رونار "حاليا ما زلنا في ثمن النهائي. لنركز على المباراة التي نخوضها غدا (ضد بنين على ستاد السلام في القاهرة)، وألا نقع ضحية مفاجأة غير سارة، لنقدم أداءنا ونأمل في أن نتأهل إلى ربع النهائي حيث سنواجه مباراة أصعب" ضد الفائز في مباراة السنغال وأوغندا التي حلت ثانية في المجموعة الأولى خلف المنتخب المصري.

جدول مباريات دور الستة عشر في نهائيات أمم إفريقيا

​​​​ولم يفت رونار في مؤتمره توجيه نصيحة إلى منتخب الفراعنة بالقول "كونوا حذرين مع جنوب إفريقيا، بالنسبة إلينا كانت صعبة جدا"، وذلك في إشارة الى لقاء المنتخبين في الجولة الثالثة الأخيرة من منافسات المجموعة الرابعة، حيث احتاج أسود الأطلس الى هدف في الثواني الأخيرة من مبارك بوصوفة للخروج فائزين 1-صفر على منتخب "بافانا بافانا".

المنتخب المغربي في مباراته مع جنوب أفريقيا

​​ويلاقي المنتخب المصري جنوب إفريقيا السبت على ستاد القاهرة الدولي.

الشرع وإسرائيل

مع أن الخريف يحمل أحيانا مسحة من الكآبة، كان بالإمكان ملاحظة ابتسامات خفيفة على وجوه الرجال الثلاثة في الصور المؤرخة في الثالث من يناير من العام ٢٠٠٠. 

تجمع الصور فاروق الشرع وزير الخارجية السوري آنذاك في عهد حافظ الأسد، ورئيس وزراء إسرائيل إيهود باراك، يتوسطهما الرئيس الأميركي بيل كلينتون. 

يسير الثلاثة على ما يبدو أنه جسر حديدي في غابة مليئة بالأشجار التي تتخلى للخريف عن آخر أوراقها اليابسة في ولاية ويست فرجينيا الأميركية. كان كلينتون يحاول أن يعبر بالطرفين من ضفة إلى أخرى، من الحرب المستمرة منذ عقود، إلى سلام أراده أن يكون "عادلاً وشاملاً".

كانت تلك الورقة الأخيرة المترنحة في شجرة مفاوضات طويلة ومتقطّعة بين إسرائيل وسوريا، استمرت طوال فترة التسعينيات في مناسبات مختلفة. لكن خريف العلاقات بين الطرفين كان قد حلّ، وسقطت الورقة، وتباطأت في سقوطها "الحر" حتى ارتطمت بالأرض. 

كان ذلك آخر لقاء علني مباشر بين مسؤولين سوريين ومسؤولين إسرائيليين على هذا المستوى. لم تفض المفاوضات إلى شيء، وتعرقلت أكثر فأكثر احتمالاتها في السنوات اللاحقة بعد وراثة بشار الأسد رئاسة سوريا عن أبيه الذي توفي في حزيران من العام ٢٠٠٠. 

وفشلت جميع المبادرات الأميركية والتركية بين الأعوام ٢٠٠٠ و٢٠١١ لإعادة الجانبين إلى طاولة المفاوضات المباشرة، مع حدوث بعض المحادثات غير المباشرة في إسطنبول في العام ٢٠٠٨، وكان بشار الأسد يجنح شيئاً فشيئا إلى الارتماء تماماً في الحضن الإيراني.

كان الربيع العربي في العام ٢٠١١ أقسى على بشار الأسد من خريف المفاوضات التي خاضها والده في خريف عمره. وإذا كان موت حافظ الأسد شكّل ضربة قاسمة لاحتمالات التسوية السورية- الإسرائيلية، فإن الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر من العام ٢٠٢٤، أعادت على ما يبدو عقارب الزمن ٢٤ عاماً إلى الوراء، لكن هذه المرة مع شرع آخر هو أحمد الشرع. 

ومع أن الرئيس السوري، المتحدر من هضبة الجولان، قد يبدو لوهلة أكثر تشدداً من الأسد، إلا أن الرجل يبدو أنه يخطو بخطوات سريعة نحو تسوية مع إسرائيل تكون استكمالاً لاتفاقيات أبراهام التي عقدتها إسرائيل برعاية أميركية مع دول خليجية.

الرئيس السوري قال بشكل صريح للنائب الجمهوري في الكونغرس الأميركي، مارلين ستوتزمان، إنه مستعد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، شريطة الحفاظ على وحدة وسيادة سوريا. 

وقال ستوتزمان في مقابلة حصرية مع صحيفة "جيروزاليم بوست"، إن الشرع أعرب عن انفتاحه على الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، مما قد يعزز مكانة سوريا مع إسرائيل ودول الشرق الأوسط والولايات المتحدة، مشدداً على ضرورة وقف الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية ومعالجة قضايا مثل التوغل الإسرائيلي بالقرب من مرتفعات الجولان.

لم يتلق السوريون تصريحات الشرع بصدمة او استغراب. بل على العكس فإن تصريحات الشرع، كما يقول المحلل السياسي مصطفى المقداد، لم تكن مفاجئة للشارع السوري، "فهو منذ وصوله إلى الحكم قام بإرسال إشارات إلى أنه يرغب بأحسن العلاقات مع جميع جيران سوريا، وقد أبدى استعداده للتنازل عن أمور كثيرة، بهدف تأمين استقرار سوريا ووحدتها". 

وينقل مراسل موقع "الحرة" في دمشق حنا هوشان أجواءً عن أن السوريين بمعظمهم، يرغبون بالسلام وتعبوا من الحروب، ولن يمانعوا عودة المفاوضات تحت قيادة الشرع لسوريا.

المقداد رأى في حديث مع "الحرة" أن الجديد والمهم في تصريحات الشرع المنقولة عنه، أنها تصدر بعد تشكيل الحكومة السورية وفي وقت يرفع وزير خارجيته، أسعد الشيباني، علم سوريا في الأمم المتحدة. ويرى المقداد أن المشكلة لا تكمن في الجانب السوري ولا في شخص الشرع، بل "تكمن في الجانب المقابل الذي لا يبدي رغبة حقيقية في قبول هذه المبادرات".

والجمعة، قال الشيباني في الأمم المتحدة خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي إن "سوريا لن تشكل تهديدا لأي من دول المنطقة، بما فيها إسرائيل".

تصريحات الشرع قد يكون لها الأثر الأبرز في الأيام المقبلة على النقاشات بين دروز سوريا على الحدود مع هضبة الجولان، المنقسمين حول العلاقة مع إسرائيل وحول العلاقة بحكومة الشرع، مع ما يحمله ذلك من مخاوف يعبّر عنها رموز الطائفة، تارة من الاندماج مع حكومة الشرع، وطوراً بالانفصال والانضمام إلى إسرائيل. 

وتأتي تصريحات الشرع حول التطبيع لتفتح الباب لخيار ثالث درزي، قد يبدد المخاوف، لكن ليس هناك ما يضمن ألا يعزّزها.

بين ديسمبر من العام ٢٠٠٠، وأبريل من العام ٢٠٢٥، يقع ربع قرن، توقفت فيه عجلة المفاوضات السورية الإسرائيلية المباشرة. وبين الشرعين -فاروق الشرع وأحمد الشرع- تحمل التطورات احتمالات إنعاش المفاوضات وعودتها إلى الطاولة مع تبدلات جذرية في الظروف وفي اللاعبين. فهل "تزهر" المفاوضات في ربيع العام ٢٠٢٥، بعد أن يبست ورقتها وتساقطت في خريف العام ٢٠٠٠؟