منتدى الحوار الوطني من تنظيم المعارضة الجزارية
منتدى الحوار الوطني من تنظيم المعارضة الجزارية

انطلقت صباح السبت بالعاصمة الجزائر، فعاليات المنتدى الوطني للحوار الذي بادرت به أطياف المعارضة تحت شعار "من أجل نصرة خيار الشعب".

المنتدى يحضره رؤساء أحزاب ونقابات وحتى شخصيات وطنية وإعلامية بالإضافة إلى عضوين بارزين من حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ (المحظور)، الذي فاز بانتخابات البرلمان سنة 1992 قبل أن يلغيها الجيش وتدخل البلاد في دوامة من العنف المسلح طيلة سنوات التسعينيات.

​​في المقابل غابت أسماء أخرى بارزة عن الافتتاح، مثل الرئيس الأسبق اليمين زروال، الذي ناشده المتظاهرون مرارا لتولي الرئاسة المؤقتة إلى حين انتخاب رئيس جديد، وكذا رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش، وخلفه مقداد سيفي.

جدول أعمال هذه الجلسات، بحسب رئيس حزب حركة مجتمع السلم (إسلامي)، يتلخص في محاولة إيجاد أرضية وفاق بين أطياف المعارضة للخروج من الأزمة، وبحث السبل الكفيلة والظروف المواتية لتنظيم انتخابات رئاسية.

للأزمة التي تعيشها الجزائر، بحسب القائمين على الاجتماع أربعة أوجه، فهي أزمة سياسية دستورية، واقتصادية ومجتمعية وأخلاقية.

حلول تلك المشاكل بحسب نص الأرضية، الذي تلقى "موقع الحرة" نسخة منه، تتمثل في استكمال استبعاد رموز النظام السابق والوجوه المرفوضة، ثم التوافق على فترة قصيرة مدتها ستة أشهر، تفضي إلى انتخابات حرة وتعددية.

يأتي بعدها التوافق على لجنة وطنية لوضع قانون الهيئة الوطنية المستقلة للتنظيم والإشراف على الانتخابات، لكن بعد تعديل قانون الانتخابات، وقانون الإعلام في بنوده المتعلقة بالانتخابات.

​​المجتمعون يؤكدون بحسب نص الأرضية كذلك على ضرورة إبعاد كل من كان طرفا في الفساد والتزوير، وكل الذين دفعوا لفرض العهدة الخامسة، من المشاركة في تسيير هذه المرحلة.

بعد ذلك تأتي مرحلة تنظيم الانتخابات الرئاسية في آجال معقولة ومقبولة "ما من شأنه أن يسهم في بداية الانتقال الديمقراطي الحقيقي وبناء الدولة الوطنية".

القيادي في جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف، قال للإذاعة الجزائرية إن "الهدف من المنتدى هو توحيد الرؤى والخروج بمبادرة واحدة ووضع اللبنات الأساسية للدخول في حوار جاد مع السلطة الفعلية عن طريق من تعينه لهذا الغرض".

منسق الندوة، عبد العزيز رحابي، قال من جانبه إن "المبادرة لديها اقتراح فعلي للسلطة يتمثل في إنشاء هيئة مستقلة من الإدارة والعدالة تقوم بتنظيم الانتخابات بكل حرية" ثم تابع "الاجتماع الذي نحن بصدده، فيه تمثيل للمجتمع المدني أكثر من الأحزاب والقوى السياسية" في إشارة منه إلى قرب رؤى الندوة من الشارع أكثر من الطبقة السياسية.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر عثمان بلقاسمي، رأى بدوره أن "الندوة محكوم عليها بالفشل لأنها تتغنى برفع انشغالات الحراك، لكنها أقصت الكثير من الأوجه ذات الصيت في المجتمع على غرار علي بلحاج نائب رئيس جبهة الإنقاذ المنحل".

​​وفي حديث لموقع "الحرة" قال بلقاسمي إن الشعب يسير في اتجاه وأحزاب المعارضة التي ليست لها أي أرضية شعبية تسير في اتجاه آخر.

ونصح الرجل بالنزول إلى مطالب الحراك بحل البرلمان وإعفاء من يرفضهم والدخول في مرحلة انتقالية يسيرها من اختارهم الشعب.

بلقاسمي ختم حديثه بالقول "الشعب سئم من الوصاية، فكيف سينجح من يبحث تمثيله رغما عنه؟"

​​يذكر أن الشارع الجزائري، الذي عبر مرارا عن رفضه لأي انتخابات تحت حكم الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح ووزيره الأول نور الدين بدوي، لم يعر هذه الندوة اهتماما كبيرا، خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي حيث يجري عادة تداول الأفكار والرؤى حول الحراك ومصير الانتقال السياسي بالجزائر.

حزب الله والسلاح الفلسطيني

لبنان يتغير.

سقط النظام السوري. خسر حزب الله حربا جديدة مع إسرائيل. والدولة تبدو جادة في سحب سلاح الحزب.

لكن يظل سلاح آخر، سلاح التنظيمات الفلسطينية في لبنان، وهو أقدم من سلاح حزب الله، وربما يكون ورقة يستخدمها الحزب في مستقبل صراعاته داخل الحدود، وخارجها، وفق محللين.

نظام سقط وجيش تحرك

بعد سقوط نظام بشار الأسد وراء الحدود، في سوريا الجارة، شن الجيش اللبناني ما سماها عملية "إجهاز" على كل المراكز المسلحة خارج المخيمات الفلسطينية، في قوسايا والسلطان يعقوب وحشمش في البقاع شرق لبنان، وهي مراكز كان يدعمها نظام الأسد.

وأعلن الرئيس اللبناني جوزاف عون أن الجيش تسلم ستة مواقع فلسطينية وضبط ما فيها من أسلحة ومعدات.

لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني أعلنت، من جانبها، خلو لبنان من أي سلاح فلسطيني خارج المخيمات.

لكن، ماذا عن السلاح داخل المخيمات؟

موقف الحكومة واضح. البيان الوزاري الصادر في السابع عشر من أبريل أكد التزامها ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها "بقواها الذاتية حصراً".

لكن المحلل السياسي اللبناني علي الأمين يقول لـ"الحرة" إن السلاح وإن كان سحب بالفعل من قوات فلسطينية في المناطق اللبنانية كلها، لكن تظل هناك أسلحة في مراكز لحركتي حماس والجهاد الإسلامي في مناطق تابعة لنفوذ حزب الله خصوصاً في ضاحية بيروت الجنوبية.

ويتحدث الأمين عن خلايا لحماس والجهاد الإسلامي "تحت حصانة وإدارة حزب الله ولا تزال موجودة حتى اليوم وتعمل بغطاء من الحزب وتحت إدراته". لكن الأسلحة الموجودة في هذه المراكز من النوعية المتوسطة مثل صواريخ 107 وصواريخ كاتيوشا وبعض المسيرات.

تاريخ إشكالي

منذ عقود، وملف السلاح الفلسطيني له دور محوري في توازنات لبنان، داخليا بين أقطابه السياسية، وخارجيا في علاقاته مع الإقليم.

اتفاق القاهرة الموقع عام 1969 سمح للفلسطينين بالتسلح ضمن المخيمات، والعمل عسكريا ضد إسرائيل انطلاقاً من الأراضي اللبنانية.

بعد سنوات قليلة، عام 1975، كان الاتفاق فتيلة أخرى أدت لانفجار الحرب الأهلية.

وفي يونيو 1987، وقع الرئيس اللبناني أمين الجميل، قانوناً يلغي اتفاق القاهرة مع منظمة التحرير، بعدما صوت البرلمان اللبناني على إلغائه.

لكن ظل السلاح الفلسطيني موجوداً. وخاض فلسطينيون معارك ضد جهات لبنانية وغير لبنانية. لكن دوره في المعارك مع إسرائيل ظل محدودا بعد ما استأثر بها حزب الله منذ بداية الثمانينات.

يعيش في لبنان، حسب تقرير للدولية للمعلومات، حوالي 300 ألف لاجئ فلسطيني، يتوزعون على 12 مخيما، أكبرها مخيم عين الحلوة (50 ألف نسمة) قرب صيدا، جنوب لبنان.

وتنشط عسكريا في لبنان حركة "فتح"، أقدم الحركات الفلسطينية، ولرئيسها محمود عباس موقف معلن يؤيد تسليم السلاح الموجود داخل المخيمات للدولة اللبنانية ضمن خطة أمنية واضحة وضمانات لحماية المخيمات.

تنشط كذلك حركة "حماس"، وهي حليفة لحزب الله، وتعرض عدد من قياداتها لاستهداف إسرائيلي في لبنان منذ اندلاع حرب غزة، أبرزهم صالح العاروري، الذي اغتالته إسرائيل في ضربة بالضاحية الجنوبية لبيروت في الثاني من يناير عام 2024، وحسن فرحات الذي اغتيل في الرابع من أبريل 2025 في صيدا.

وفي لبنان أيضا، نشطت "الجبهة الشعبية– القيادة العامة"، وهو فصيل احتفظ بمواقع عسكرية في البقاع بدعم سوري.

وينشط أيضا تنظيمان سلفيان هما "عصبة الأنصار" و"جند الشام"، ويتركزان في مخيم عين الحلوة ويُعدان من بين الأكثر تطرفاً.

كذلك، في السنوات الأخيرة، ظهرت تنظيمات عصابية مسلحة في غير مخيم تنشط في تجارة المخدرات وغيرها من الأنشطة الإجرامية.

"خرطوشة أخيرة"

تقدر مصادر أن 90 في المئة من السلاح في المخيمات هو سلاح فردي، لكن بعض المخازن تحتوي على ذخيرة من الصواريخ.

وتتولى لجان فلسطينية أمن المخيمات.

وتؤكد مصادر فلسطينية أن الجيش يسيطر بشكل كامل على مداخل هذه المخيمات ومخارجها في المناطق اللبنانية كافة، لكن لا سيطرة فعلية له بعد داخل هذه المخيمات.

يقول المحلل السياسي علي الأمين إن السلاح الموجود داخل المخيمات أو المراكز الأمنية القليلة المتبقية خارجه مرتبط بشكل كبير بسلاح حزب الله.

يضيف "الفصائل الفلسطينية الأساسية والرئيس الفلسطيني محمود عباس لا مانع لديهم من تسليم السلاح الموجود داخل المخيمات"، لكن حزب الله والأحزاب الموالية له ترفض تسليم هذه الأسلحة للتمسك بورقة ضغط على الحكومة اللبنانية واستعمالها كـ"خرطوشة أخيرة قبل الاستسلام".

ويرى الأمين أن سحب السلاح من المخيمات مرتبط بشكل وثيق بسلاح حزب الله وأن الأخير يقوم بإدارة ومراقبة هذا السلاح خصوصاً التابع لحركتي حماس والجهاد الإسلامي الموجود داخل المخيمات وخارجها كون الحزب كان المصدر الأساسي لهذه الأسلحة في مرحلة سابقة.

شمال الليطاني

حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية لم يعد مطلبا دوليا فقط.

على وقع قرارات دولية (1701 و1559)، وبالتزامن مع إعادة طرح قانون بايجر 6 في الكونغرس مرة ثانية في مارس 2025، أعلن الجيش اللبناني أنه ضبط منطقة جنوب الليطاني، وسيطر على أكثر من 500 هدف ونقطة كانت تابعة لـ "حزب الله".

واليوم تتجه الأنظار إلى شمال الليطاني والخطوة التالية التي ستتخذ لضبط السلاح، كل السلاح، في لبنان.