ألغت مغنية الراب الأميركية الشهيرة نيكي مناج حفلا لها كان مقررا في جدة في وقت لاحق هذا الشهر، تضامنا مع "حقوق المرأة والمثليين وحرية التعبير".
وقالت مناج التي كانت ستغني في جدة يوم الـ18 من هذا الشهر في إطار فعاليات موسم جدة: "بعد التفكير المتأني، قررت عدم المضي قدما في الحفلة. ورغم أني لا أريد أكثر من مجرد تقديم عرضي للجماهير في السعودية، إلا أنه وبعد تثقيف نفسي بشكل أفضل حول القضايا، أعتقد أنه من المهم بالنسبة لي أن أوضح دعمي لحقوق المرأة ومجتمع المثليين وحرية التعبير".
وكانت "مؤسسة حقوق الإنسان" قد دعت مناج ومغنين آخرين من المقرر مشاركتهم في الفعاليات إلى عدم المضي قدما في خططهم.
ورحبت المنظمة، التي مقرها نيويورك، بهذه الخطوة وقالت إنها تظهر "قيادة" من جانب المغنية، لرفضها الاستجابة إلى "محاولة واضحة" من جانب "النظام السعودي لاستخدامها في حيلة علاقات عامة".
وكانت السلطات السعودية ذكرت أن مدينة الملك عبد الله الرياضية ستستضيف أبرز نجوم الفن والغناء في العالم في مهرجان جدة العالمي الذي ينطلق في الـ18 من يوليو الجاري.
ولا يزال الفصل بين الجنسين في السعودية ظاهرة في العديد من المطاعم والمقاهي والمدارس العامة والجامعات، لكن السلطات خففت من قواعد أخرى كان معمولا بها، فقد سمحت للنساء بقيادة السيارات وحضور المباريات في الملاعب الرياضية.
قال المحلل الفرنسي فرانسواز جيري إن "خطاب المؤثرين الجزائريين الذين تم توقيفهم، هو مزيج من الجهل بالقوانين وشحنة من العنف وُلدت خلال مرحلة العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر".
قال أيضا خلال مقابلة مع موقع "الحرة": "ما يعتبره المسؤولون خطابا تحريضيا، ينظر إليه بعض الشباب، ولا سيما ذوو المستويات التعليمية المتدنية، أنغاما قوية ومؤثرة فقط".
كان يقصد أولئك الذين يسعون إلى حشد المتابعين على المنصات الاجتماعية.
واستنكر المحلل الفرنسي "التحامل" الذي حاولت بعض وسائل الإعلام الفرنسية، إضافته على ظهر العلاقات المتوترة أصلا بين الجزائر وباريس.
قال جيري: "هناك عنف لفظي صحيح، لكن المنحى الذي سيقت إليه هذه القضية، ليس بريئا".
تبع توقيف "زازو"، اعتقال مؤثرين جزائريين آخرين في فرنسا، بينهم شخص يُدعى "بوعلام" في مونبلييه بجنوب البلاد، وآخر مشهور باسم "عماد تانتان" في ضواحي غرونوبل.
كما اعتُقلت مؤثرة فرنسية-جزائرية بسبب نشرها مقاطع فيديو على تيك توك، اعتُبرت تحريضا على الكراهية.
وبينما استنكر جزائريون حملة الاعتقالات، دعت وسائل إعلام فرنسية - قريبة من اليمين - إلى فرض عقوبات مشددة على الموقوفين بسبب الخطابات العنيفة التي تابعها عشرات الآلاف من الأشخاص.
في غضون ذلك، يعيش مغتربون جزائريون حالة من القلق حول مصيرهم، إذ يستمر التوتر بين الجزائر وفرنسا.
"مهدي وطواط" وهو مؤثر جزائري اعتُقل مؤخرا، ظهر في مقطع فيديو نشره على تيك توك قبل اعتقاله قال فيه: "أتمنى لو كنا اليوم مثل زمن الإرهاب. كنت سأضع قنبلة في لا ديفانس، بباريس أو خنشلة بالجزائر. لو أذهب إلى الجزائر كنت سأذبح".
ولا ديفانس هي منطقة أعمال رئيسية في منطقة باريس الكبرى بفرنسا، وتقع على بُعد 3 كيلومترات غرب حدود العاصمة.
اندفاع
"كان الهدف من هذه الخطابات الحادة، زيادة المشاهدات فقط" وفقا لتعبير المحلل الجزائري توفيق بوقعدة.
قال بوقعدة خلال مقابلة مع موقع "الحرة" إن "خطاب من يُنعتون بكونهم مؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، كان حادا".
وأشار إلى أن "الغرض من الخطاب الحاد، لفت الانتباه ورفع عدد المتابعين، واستغلال فرصة الدعوة للخروج في مسيرات ضد السلطة للتقرب ممن يتصورون استطاعتهم مساعدتهم في الحصول على وثائق إقامة في فرنسا".
وبينما يستنكر "الألفاظ" التي استخدمها الشبان في مقاطعهم التي شوهدت بالآلاف، يرى بوقعدة، أنها تنم عن "مستويات تعليمية متدنية، لا يدرك أصحابها مسؤولية ما يقولونه".
يُذكر أن أغلب المؤثرين المتورطين في هذه القضية، هم قيد الاعتقال، والكثير منهم مهدد بالسجن ثم الترحيل، لأنهم لا يحملون الجنسية الفرنسية أو تصاريح إقامة.
علي بوخلاف، وهو محلل جزائري، يرى بأن هؤلاء المؤثرين كانوا يبحثون عن بعض الامتيازات من السلطات الجزائرية الإدارية أو القنصليات، وفقا لقوله.
قال في مقابلة مع موقع "الحرة" إن "بعض المؤثرين، كانوا يطمحون أيضا، للحصول على إيرادات مادية لقاء وقوفهم إلى جانب السلطة".
توجيهات!
يزعم بوخلاف أيضا، أن هناك "توجيهات" قدمت من بعض الشخصيات الجزائرية في فرنسا لهؤلاء المؤثرين، و"وعودا بمساعدتهم وإعطائهم بعض الامتيازات"، وفقا له.
لكن بوقعدة ينفي أن يكون لهؤلاء المؤثرين أي علاقة بالسلطات الجزائرية.
وقال إن "سعيهم لمواجهة دعوات الاحتجاج ضد السلطة الجزائرية، كان تعبيرا عن تذمرهم من وضعهم المعقد في فرنسا، لعدم تمتعهم بأي صفة قانونية على التراب الفرنسي".
"هذا الوضع، أحيا لديهم الإحساس بالانتماء للجزائر" وفقا لبوقعدة.
علاقة هؤلاء المؤثرين بالسلطة الجزائرية يلخصها وضع المعروف باسم "بوعلام".
فبعد اعتقاله، أوقفت السلطات الفرنسية تصريح إقامته ثم رحّلته إلى الجزائر، لكن سلطات بلاده أعادته إلى فرنسا في ذات الطائرة التي أقلته إلى مطار هواري بومدين.
وأصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانا، نددت بما وصفته "قرار الطرد المتسرع والمثير للجدل، الذي يحرمه فرصة الاستفادة من محاكمة قضائية سليمة تحميه من التعسف في استخدام السلطة".
البيان اعتبر ذلك "انتهاكا" للاتفاقية القنصلية الجزائرية-الفرنسية لعام 1974، التي تحتم على باريس إبلاغ الجزائر بمثل هكذا حالات.
أحكام مرتقبة
خلافا لمصير "بوعلام"، فإن أغلب المؤثرين الذين تم اعتقالهم ليس لديهم وضع قانوني في فرنسا، حيث وصلوا إلى التراب الفرنسي عبر الهجرة غير الشرعية على قوارب الموت.
هذه الحيثية، تثير تساؤلات لدى المحلل الفرنسي فرانسواز جيري، الذي أبدى استغرابه لسعي هؤلاء الشباب إلى الاستقرار في فرنسا، ثم الدفاع عن سلطات بلادهم ورهن فرصهم في الحصول على إقامة دائمة في بلد تجاوزوا الصعاب للوصول إليه، وفقا لتعبيره.
يُذكر أن "عماد تانتان"، الذي أثار خطابه الكثير من الجدل على وسائل الإعلام الفرنسية، نشر لاحقا، فيديو يؤكد فيه أنه لم يكن يريد تهديد أحد.
ويرفض الشباب الجزائري، اتهامه بالتحريض على العنف والإرهاب، وقال إن "زواجه من سيدة فرنسية، دليل على رغبته في الاندماج".
"زازو يوسف"، البالغ من العمر 25 عاما، كان لديه أكثر من 400 ألف متابع على تيك توك قبل إغلاق حسابه، اعترف خلال التحقيق بنشر مقاطع فيديو تدعو إلى شن هجمات في فرنسا وأعمال عنف في الجزائر.
ومن المقرر محاكمته في 24 فبراير المقبل، حيث يواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى سبع سنوات وغرامة قدرها 100 ألف يورو في حال إدانته.
أما "عماد تانتان"، البالغ من العمر 31 عاما، فدخل فرنسا في ديسمبر عام 2021، وتقدّم بطلب للحصول على تصريح إقامة في أغسطس عام 2023، بعد زواجه من امرأة فرنسية، لكن طلبه قوبل بالرفض، وأصبح الآن مهددا بالترحيل إلى الجزائر.
هذه الأحكام المرتقبة، قد تكون قاسية، بحسب فرانسواز جيري.
قال جيري: "مصلحة فرنسا تقتضي التريث في إصدار أحكام على شبان لا يفقهون شيئا، لا في السياسة ولا في القانون، ووجدوا أنفسهم في خضم خلاف دبلوماسي".