الرئيس ترامب ورئيس وزراء بريطانيا ماي
الرئيس ترامب ورئيس وزراء بريطانيا ماي

يثير رفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب التعامل مع السفير البريطاني في واشنطن إثر تسريب تقييمه لأداء البيت الأبيض، سؤالا مهما: هل تتأثر "العلاقة الخاصة" القائمة بين البلدين الحليفين منذ عقود؟

وأدى نشر صحيفة "ذا ميل أون صنداي" البريطانية الأحد مذكرات أرسلها السفير كيم داروش إلى المسؤولين في بريطانيا، إلى ردة فعل عنيفة وغاضبة من الرئيس ترامب عبر تويتر.

وقالت الصحيفة إن التعليقات الأكثر حدة التي أطلقها داروش هي تلك التي وصف فيها ترامب بأنه "غير كفوء".

وقال ترامب في تغريدة الاثنين "أنا لا أعرف السفير، لكنه غير محبوب في الولايات المتحدة ولا ينظر إليه هنا بشكل جيد. لن يكون لي معه أي اتصال".

ورحب بـ "الأخبار الجيدة" بخصوص مغادرة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي منصبها في غضون أسبوعين.

والثلاثاء، عاد ترامب ووصف داروش بأنه "شخص غبي جدا".

وتشكل هذه التطورات مشكلة جديدة للسياسيين البريطانيين خلال مرحلة مضطربة يتحتم عليهم فيها أن يقرروا كيف ستغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر المقبل؟

من وراء التسريب؟

​​

 

وتبحث السلطات البريطانية عمن يقف وراء التسريب وسط نظريات "مؤامرة" متعددة ومتطايرة هنا وهناك.

وغالبيتها تركز على الصراع على السلطة في بريطانيا بين وزير الخارجية السابق بوريس جونسون ووزير الخارجية الحالي جيريمي هانت.

وتقول إحدى النظريات التي تلقى قبولا إن التسريب لم يكن يستهدف داروش بل الشخص الذي سيخلفه في يناير المقبل.

فالمرشح الأكبر للمنصب مارك سيدويل يتبنى أراء مؤيدة للاتحاد الأوروبي ويعتبر أقل حماسة لبريكست من جونسون أو بعض أعضاء فريقه.

​​ويقول أنصار هذه النظرية إن الهدف من التسريب ضمان أن يختار جونسون، المرشح الأوفر حظا للمنصب، مرشحا آخر ليحل محل داروش.

لكن التسريب أضر بمكانة بريطانيا الخارجية فيما يتحدث البعض عن مدى استفادة غريم قديم مثل الرئيس فلاديمير بوتين من الأمر.

وأبلغ هانت صحيفة ذا صن "بالتأكيد سيكون مقلقا جدا إذا كان التسريب من فعل دولة أجنبية معادية".

هل يبقى السفير؟

​​

 

وانبرى سياسيون بريطانيون من كل الأطياف للدفاع عن السفير داروش واتخذوا موقفا معاديا لفكرة أن يقوم ترامب ببساطة بطرد سفير بلادهم من واشنطن.

أما إمكانية مواصلة داروش لأداء مهامه من عدمها فتعتمد على ما يعنيه ترامب حقا بتغريداته.

وزير خارجية بريطانيا جيرمي هانت في استقبال الرئيس دونالد ترامب. أرشيفية
وزير خارجية بريطانيا يرد على تغريدات لترامب
ندد وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت في تغريدة الثلاثاء بما قاله الرئيس دونالد ترمب عن المملكة المتحدة ورئيسة وزرائها تيريزا ماي، على خلفية ما قاله السفير البريطاني لدى واشنطن كيم داروش عن ترامب في مذكرات دبلوماسية تم تسريبها

​​واستبعد اسم داروش بالفعل من قائمة مدعوين لحضور مأدبة عشاء في البيت الأبيض.

لكن السفير البريطاني سيكون أكثر قلقا بشأن الحفاظ على مصادر معلوماته لدى المسؤولين في دائرة ترامب الضيقة.

وقال السفير البريطاني السابق في واشنطن كريستوفر ماير، أن ترامب إذا كان يعني أن "كل موظفي البيت الأبيض لن يتعاملوا مع داروش بما في ذلك مستشار الأمن القومي، سيكون الأمر أكثر خطورة".

ما حجم الضرر؟

​​

 

وأعرب دبلوماسيون بريطانيون عن قلقهم من أن يؤدي نشر ما وصفته الحكومة البريطانية بتقييمات داروش "الصريحة وغير المزينة" إلى احجام الدبلوماسيين الآخرين عن ارسال هكذا برقيات صريحة مماثلة.

وكتب السير بيتر ريكتس المساعد السابق لوزير الخارجية البريطانية في صحيفة الغارديان أن "الضرر سيكون في احتمال تردد الدبلوماسيين لاحقا في تقديم أرائهم الصريحة للوزراء".

كما أعرب ريكتس عن قلقه حيال تضرر "سمعة بريطانيا كدولة تعرف كيف تحافظ على أسرارها".

واتفق معه هانت الذي قال إنه "مهم للغاية" أن "يواصل السفراء البريطانيون تقديم تقييماتهم الصريحة".

ماذا بعد؟

​​

 

وتضع الفضيحة مزيدا من الضغوط على كاهل جونسون، رئيس الوزراء المفترض، أما للرضوخ أمام ضغط ترامب أو التمسك بسفير بلاده في واشنطن.

وكتب موقع بولتيكو الإخباري "بالنسبة لبوريس جونسون، ستعتبر الإطاحة بداروش من منصبه استسلاما مهينا أمام قوة أجنبية متغطرسة".

وتابع "لكن إظهار الدعم للسفير قد يضر بالعلاقات مع ترامب منذ البداية".

وتزداد أهمية هذا الاختيار بسبب الدور الذي سيلعبه السفير المقبل في التفاوض على اتفاق تجاري جديد مع الولايات المتحدة يمكن أن يخفف من الضرر المحتمل للخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي.

هل ستبقى "العلاقة الخاصة"؟

​​

 

 

ويستخدم مصطلح "العلاقة الخاصة" على نطاق أوسع في بريطانيا أكثر من استخدامه في الولايات المتحدة، القوة العظمى التي تتمتع أيضا بعلاقات "خاصة" مع دول مثل إسرائيل وكندا.

لكن لندن تعتبر حليفا حيويا وموثوقا لواشنطن وقفت بجوارها في حربين عالميتين.

ويعتمد الطرفان على بعضهما البعض في الشؤون الاستخباراتية ويتشاركان في ذات الرؤية الأمنية العالمية التي امتدت لعقود والتي من المؤكد تقريبا أنها ستستمر لسنين مقبلة.

وقال المتحدث باسم الحكومة البريطانية الاثنين إن "المملكة المتحدة لها علاقة خاصة ودائمة مع الولايات المتحدة، تستند إلى تاريخنا الطويل والتزامنا القيم المشتركة، وستظل الحال كذلك".

وكتب الدبلوماسي الكبير السابق ريكتس أن "العلاقة مع واشنطن تستند إلى مصالح مشتركة قوية وعميقة"، وأكد أن "هذه (العلاقات) لن تغيرها التسريبات". 

لاجئون أفغان قرب حدود أفغانستان وإيران - أرشيفية
لاجئون أفغان (صورة تعبيرية- رويترز)

أصدر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمرًا تنفيذيًا يوقف برنامج قبول اللاجئين في الولايات المتحدة، مما أثر بشكل كبير على عشرات آلاف اللاجئين حول العالم، وخاصة الأفغان.

و هذا القرار لم يأتِ بمعزل عن السياسات المتشددة التي تبنتها إدارة الرئيس الجمهوري تجاه الهجرة واللجوء، حيث يعكس نهجًا يضع الأولوية لما يُعتبر مصلحة الأمن القومي الأميركي من وجهة نظر ترامب.

تاريخيًا، يُعتبر برنامج اللجوء الأميركي أحد أبرز البرامج الإنسانية العالمية التي تهدف إلى حماية الأفراد من الاضطهاد والحروب. 

إلا أن القرارات الأخيرة تركت عشرات الآلاف من الأشخاص في حالة من عدم اليقين، بمن فيهم أولئك الذين خاطروا بحياتهم لدعم الجهود الأميركية في أفغانستان على مدى نحو عقدين.

خلفية برنامج اللجوء

برنامج قبول اللاجئين الأميركي (USRAP) يعود إلى فترة الحرب العالمية الثانية، حيث تم تصميمه لتوفير ملاذ آمن للأشخاص الفارين من الحروب والاضطهاد. 

ويتضمن البرنامج عملية فحص دقيقة تشمل التحقق من الخلفية الأمنية والصحية للاجئين، لضمان توافقهم مع متطلبات الدخول إلى الولايات المتحدة.

وفي العقدين الأخيرين، أصبح البرنامج أداة أساسية لإعادة توطين اللاجئين من دول مثل العراق، وسوريا وأفغانستان، ودول أفريقية تعاني من النزاعات. 

كما ذلك البرنامج يعد أيضًا وسيلة لتحقيق التزامات أخلاقية تجاه الحلفاء الذين ساعدوا القوات الأميركية في العديد من الدول مثل العراق وأفغانستان.

تعليق برنامج اللجوء

عقب تنصيبه رئيسا للبلاد، أصدر ترامب أمرًا تنفيذيًا يوقف برنامج قبول اللاجئين، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة "غير قادرة على استيعاب تدفق اللاجئين والمهاجرين بشكل يضمن المصلحة الوطنية." 

وشمل القرار إلغاء جميع الرحلات المجدولة للاجئين الذين حصلوا مسبقًا على الموافقة، وتعليق معالجة الطلبات الجديدة.

وفقًا لوثيقة حصلت عليها  شبكة "سي إن إن"، فإن القرار ألغى رحلات حوالي 10,000 لاجئ كانوا يستعدون للقدوم إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك آلاف اللاجئين الأفغان.

المتضررون الرئيسيون

  • العاملون مع القوات المسلحة: يشمل القرار آلاف الأفغان الذين عملوا مع الجيش الأميركي كموظفين أو مترجمين، والذين تأهلوا للحصول على تأشيرات خاصة (SIV). 

ورغم أن تلك التأشيرات لم تُذكر في القرار التنفيذي، إلا أن تعليق البرنامج عرقل جهودهم للانتقال إلى الولايات المتحدة.

  • النساء والأقليات: خصوصًا الناشطات والصحفيات، اللواتي تأثرن بشكل كبير نتيجة للقيود المفروضة من طالبان، وكثير منهن هربن إلى دول مجاورة مثل باكستان وقطر على أمل الحصول على إعادة توطين في الولايات المتحدة.
  • أصحاب طلبات لم الشمل: أسر بأكملها كانت تنتظر لمّ شملها في الولايات المتحدة تُركت في مواجهة مصير مجهول، كما أفادمدير السياسات في منظمة "خدمة الكنيسة العالمية"، دانيلو زاك.

الحياة  تحت وطأة طالبان

تعاني النساء الأفغانيات من قيود متزايدة منذ استعادة طالبان السيطرة على البلاد في 2021، بما في ذلك حظر التعليم والعمل.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في تقرير حديث لها أن بعض النساء، مثل سبيسالي زازاي (52 عامًا)، اضطررن إلى الانتظار لسنوات في دول مجاورة مثل باكستان. 

وتقول زازاي: "العودة إلى أفغانستان ليست خيارًا. لا شيء تبقى للنساء هناك."

من جانبها، أعربت منظمات إنسانية مثل"اللجنة الأميركية للاجئين والمهاجرين" عن قلقها العميق، إذ وصرّح رئيسها إسكندر نيغاش: "هذا القرار يعرّض حياة اللاجئين للخطر ويقوّض القيادة الأخلاقية لأميركا."

منظمة "إكزودوس ريفيوجي إمغريشن" في ولاية إنديانا أشارت إلى أنها كانت تستعد لاستقبال 118 لاجئًا في فبراير، ولكن تم إلغاء جميع الخطط.

وفي باكستان، ينتظر آلاف اللاجئين الأفغان الحصول على إعادة توطين، بينما أشارت الحكومة الباكستانية إلى نفاد صبرها بشأن بقاء اللاجئين على أراضيها. في عام 2023، أجبرت باكستان حوالي 800,000 أفغاني على العودة إلى بلادهم.

انتقادات.. ومقارنات

تعرضت إدارة ترامب لانتقادات واسعة بسبب سياساتها المتشددة تجاه اللاجئين، مقارنة بمواقف إدارة سلفه، الرئيس الديمقراطي، جو بايدن، التي رفعت سقف القبول إلى 100,000 لاجئ سنويًا.

وفي هذا الصدد، أشار آدم بيتس من مشروع المساعدة الدولية للاجئين إلى أن "تعليق البرنامج يُعد هجومًا مباشرًا على وعود الولايات المتحدة تجاه الأفغان الذين خاطروا بحياتهم لدعمها."

تداعيات إنسانية

وحسب منظمات حقوقية، فإن تعليق البرنامج أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في أفغانستان، فقد حذر يان إيغلاند، الأمين العام لمجلس اللاجئين النرويجي، من أن وقف المساعدات الأميركية سيزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية في أفغانستان.

ومع تعليق الرحلات والبرامج، يبقى آلاف اللاجئين عالقين في بلدان وسيطة مثل قطر وباكستان، مما يهدد حياتهم ومستقبلهم.

وفي هذا الصدد قالت، هوميرا حيدري،  وهي صحفية أفغانية تبلغ من العمر 28 عامًا: "كنا نأمل في بناء مستقبل لعائلاتنا في الولايات المتحدة، ولكن يبدو أن أحلامنا تنهار."

يشار إلى أن مسألة تعليق برنامج اللجوء سوف يتم مراجعتها بعد 90 يومًا، لكن لا توجد ضمانات بعودة الأمور إلى طبيعتها.