مبنى البرلمان الجزائري في شارع زيغود يوسف وسط العاصمة
مبنى البرلمان الجزائري في شارع زيغود يوسف وسط العاصمة

أثار انتخاب النائب سليمان شنين عن تحالف "الاتحاد من أجل العدالة والنهضة والبناء" رئيسا للغرفة السفلى للبرلمان، شكوكا لدى الجزائريين في تدخل الجيش لإسكات الشارع.

شنين، انتخب بالتزكية العامة حتى من طرف حزبي الأغلبية جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وهي سابقة في تاريخ انتخابات البرلمان الجزائري.

جزائريون تناقلوا خبر انتخاب شنين على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين أن وصوله لكرسي الرئاسة (بالبرلمان) جاء إثر صفقة سياسية عقدتها أطراف معارضة مع الجيش.

​​رئيس حزب الاتحاد من أجل العدالة والنهضة والبناء، عبد القادر بن قرينة، رفض تلك القراءة واعتبر أن وصول النائب عن حزبه لرئاسة البرلمان "لم يكن نتيجة أي صفقة".

وأضاف في ندوة صحفية عقدها السبت "يقولون في وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الفضائيات إن حركة البناء عقدت صفقة، وهو أمر غير صحيح".

وتابع بن قرينة "الحركة لا تُساوم ولا تعقد صفقات من أجل الوطن أبدًا، لأنها تعتبر الصفقات ابتزازا".

​​يذكر أن سليمان شنين، دخل البرلمان لأول مرة سنة 2017، ضمن قائمة مشتركة بين ثلاثة أحزاب وهي "جبهة العدالة والتنمية" و"حركة البناء" و"حركة النهضة".

سليمان شنين (يسار الصورة) في مظاهرة سابقة

​​للإشارة فإن الكتلة البرلمانية التي كان يرأسها شنين ليس لديها سوى 15 مقعدا من بين 462 بالغرفة السفلى وهو ما جعل الشكوك تحوم حول تزكيته.

وكان نواب حزب الأغلبية، جبهة التحرير الوطني، قالوا تعليقا على انتخاب شنين "صحيح أننا نملك الأغلبية في المجلس لكننا آثرنا المصلحة العليا للبلاد".

​​للتذكير فإن سليمان شنين كان من بين النواب القلائل الذين نزلوا إلى الشراع لتأييد الحراك منذ بدايته شهر فبراير الماضي، وكان من بين ممثلي الشعب الذين انتقدوا عمل الحكومات المتعاقبة علنا، وشكلت تدخلاته مادة دسمة في وسائل التواصل الاجتماعي بالجزائر.

لم يكن التخطيط المُدُني والحفاظ على التراث في بغداد من ضمن الأولويات سابقا
لم يكن التخطيط المُدُني والحفاظ على التراث في بغداد من ضمن الأولويات سابقا

في ظل بوابة تاريخية شيدت قبل أكثر من 800 عام، وبين مستودعات صناعية ضخمة وطريق سريع وسط  العاصمة العراقية بغداد، يستمع طلاب قسم الهندسة المعمارية لأستاذ ثمانيني يروي كيف بنى خلفاء عباسيون السور لحماية المدينة من المغول.

في العاصمة العراقية التي عصفت بها لسنوات انفجارات بسيارات مفخخة وهجمات انتحارية شبه يومية وصراعات سياسية وطائفية، لم يكن التخطيط المُدُني والحفاظ على التراث من ضمن أولويات الدولة.

لكن مع عودة الحياة إلى طبيعتها بشكل تدريجي في المركز الحضري الذي يسكنه اليوم أكثر من تسعة ملايين شخص، ويُعدّ ثاني أكبر عاصمة عربية من ناحية عدد السكان، توسّعت مروحة الاهتمامات.

من بين هذه الاهتمامات، جولة نظمها "نادي المعماريين الشباب" شارك فيها حوالى ثلاثين طالبا ومصوّرا.

"نادي المعماريين الشباب" ينظم جولة للتثقيف بهوية بغداد وعمارتها الإسلامية

يقول الطالب في الجامعة التكنولوجية في بغداد، عبد الله عماد (23 عاما)، وهو أحد منظّمي الجولة، لوكالة فرانس برس، إن الهدف من الجولة هو "أن نظهر للناس ما تحتويه بغداد من عمارة إسلامية وقيمتها وهويتها".

الجولة تشمل محطات عدة منها، القصر العباسي الواقع على ضفاف نهر دجلة والذي يعود بناؤه إلى أكثر من 800 عام بباحته الواسعة وأروقته المنقوشة أسقفها بالزخرفات العربية والأشكال الهندسية الدقيقة والمعقّدة، بالإضافة إلى مسجد مرجان و"الباب الوسطاني" وهو بوابة تاريخية بُنيت حوالى القرن الثاني عشر ضمن مشروع أسوار عملاقة شُيّدت لحماية العاصمة العباسية.

وتحت قبة الباب الوسطاني المهيبة المشيّدة بحجر اللبنة، تفرّق الحضور بعدما استمعوا لشرح قدّمه الأستاذ موفق الطائي (83 عاما)، وأخرجوا هواتفهم وكاميراتهم لالتقاط صور في الموقع التاريخي.

ويشرح الطائي أن عملية البناء استغرقت 130 عاما، وتناوب عليها الخلفاء "المستظهر بالله والمسترشد بالله والناصر لدين الله".

ويضيف الطائي أن الحروب في العراق "أثارت إحباطات لدى الناس، إذ لم يكن بالإمكان أن نسأل شخصا ما عن رأيه بالقوس المعماري فيما ابنه ذاهب إلى جبهة القتال" على حد قوله.

ويرى الطالئي أن الحفاظ على التراث يساهم اليوم في نشر الوعي حول "الهوية الوطنية"، ويشكّل كذلك عاملا اقتصاديا جاذبا للسياحة.

الاهتمام بتراث بغداد إزداد مؤخرا بعد الاستقرار الأمني

وينظّم "نادي المعماريين الشباب" منذ سنة تقريبا، ندوات وجولات في شوارع بغداد وأزقة الأسواق القديمة.

ويقول الطالب في الجامعة التكنولوجية في بغداد عبد الله عماد "في السابق، كان الاهتمام بهذه الأمور قليلا وحتى شبه معدوم، لكن بدأ الاهتمام يزداد حاليا"، "لأن بغداد بدأت تستقرّ" بعد كل "الأحداث الأمنية" التي شهدتها على مدى عقود.

المهندسة المعمارية فاطمة المقداد (28 عاما) تؤكد بدورها الاهتمام المتزايد بالتراث العراقي الذي أُهمل لفترات طويلة، قائلة "عندما نرى شبابا مهتمين بهذا الموضوع، نتأمل بالخير لإحداث تغيير في ما يتعلق بالتراث والحفاظ عليه".

وتضيف "عندما يتصفّح الشباب شبكة الإنترنت، يرون كيف تهتم الأمم بتراثها، وهم يريدون ويستحقون الشيء نفسه".

وتتابع فاطمة المقداد "أصبح هناك وعي بأن العراق يحتوي على مواقع تستحق الزيارة وأنه من غير الضروري السفر إلى الخارج من أجل السياحة".

نحو 2400 مبنى من ضمن المباني التراثية في بغداد لكن نحو 15% منها مدمّر أو طرأت عليه تغييرات

في منطقة الرصافة بوسط بغداد على الضفة الشرقية لنهر دجلة، تعلو مبان خرسانية تعود لستينات القرن الماضي إلى جانب واجهات مزخرفة وشرفات أنيقة من مطلع القرن الماضي.

ووسط ضجيج عربات الـ"توك توك" والدراجات النارية وسيارات الأجرة الصفراء، يشقّ حمالو البضائع بعرباتهم الكبيرة طريقهم بين عشرات الباعة الذين يفرشون النظارات الشمسية والأسماك والأحذية على جانب الطريق.

وفي وسط مدينة بغداد التاريخي، صُنّف نحو 2400 مبنى من ضمن المباني التراثية، لكن نحو 15% منها مدمّر أو طرأت عليه تغييرات، بحسب "أمانة بغداد".

وكان العديد من هذه المباني مملوكا لعائلات يهودية أو لعراقيين تركوا البلاد جرّاء الصراعات التي أدّت إلى هجرة معماريين وخبراء في التخطيط المُدُني والترميم.

وبمشاركة رابطة المصارف الخاصة العراقية، تولّت أمانة بغداد تنفيذ مشروعين لترميم "شارع المتنبي" المعروف لبيع الكتب وشارع آخر يضم السراي القديمة، إضافة إلى 15 مبنى تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر أو عشرينات وثلاثينات القرن الماضي.

وشملت الأعمال بصورة رئيسية إعادة رصف الطريق وإعادة الإنارة وترميم الوجهات.

ويشيد المهندس المعماري الذي أشرف على ترميم شارع السراي محمد الصوفي (39 عاما) بـ"القيمة الجمالية للمباني كون نقشاتها وفضاءاتها وزخارفها فريدة من نوعها".

التمويل من أبرز التحديات التي تعيق جهود ترميم الأبنية التراثية في بغداد

تشمل المرحلة التالية من أعمال الترميم شارع الرشيد الذي افتتح عام 1916 والذي تحوّل مع الوقت إلى "عمود فقري مريض ومتعب"، بحسب مسؤول العلاقات في أمانة بغداد محمد الربيعي.

ويعتبر المهندس الربيعي، نقلا عن وكالة فرانس برس،  أن هذا الشارع هو "روح بغداد القديمة وهويتها"، مضيفا "تحت هذا المركز توجد المدينة العباسية القديمة".

وتكثر التحديات، بحسب الربيعي، أبرزها التمويل الكبير الذي تحتاجه السلطات من أجل عمليات الترميم وكذلك صعوبة الوصول إلى "الملاك الأصليين" من أجل أخذ موافقتهم قبل المباشرة بالأعمال. لذلك تركزت الجهود الأولية على "مناطق لا تثير مشاكل"، بحسب تعبيره.

وتسعى الحكومة، وفق الربيعي، إلى "إعادة إحياء مركز بغداد التاريخي" بعد أن أصبح اليوم مركزا يجمع مخازن البضائع والآلات الصناعية الثقيلة ومتاجر بيع زيوت محركات السيارات. وتطمح السلطات إلى إبعاد هذه النشاطات نحو أطراف المدينة.

ويتابع مسؤول العلاقات في أمانة بغداد  "لا نطلب من الناس مغادرة أماكنهم بل نقول لهم +ابقوا لكن دعونا نحوّل مستودعات الجملة إلى متاجر ومقاه ودور سينما ودور ثقافية وتراثية".