يشي الاجتماع الذي شهدته جدة بين العاهل السعودي الملك سلمان، وثلاثة رؤساء وزراء سابقين بوجود محاولات جدية من بيروت لإعادة "ترميم" العلاقات مع الرياض، لا سيما أن اللقاء عقد "في لحظة دقيقة من تاريخ لبنان" وعلى وقع أزمات اقتصادية وأمنية وسياسية واجتماعية تعصف بالبلاد، وفق ما يرى خبراء على اطلاع بالشأن اللبناني.
وعقد العاهل السعودي اجتماعا مع رؤساء الوزراء السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام الاثنين، ما اعتبره مراقبون مؤشرا إلى إمكانية إعادة البريق للعلاقات اللبنانية السعودية التي شابها بعض "الانكفاء" بسبب مواقف حزب الله تجاه سياسيات الرياض في المنطقة.
وأكد الملك سلمان خلال اللقاء أهمية "إعادة الاعتبار للدولة اللبنانية" و "تمكينها من بسط سلطتها على جميع مرافقها".
رؤساء الوزراء السابقون قالوا من ناحيتهم، في بيان مشترك، إن الملك سلمان أكد حرص بلاده "القوي والثابت على لبنان واستقلاله وسيادته والحفاظ على اتفاق الطائف وصونه لكونه الاتفاق الذي أنهى الحرب الداخلية في لبنان".
رئيس "حركة التغيير" ايلي محفوض قال في حديث مع "موقع الحرة" إن "الاجتماع حصل في لحظة دقيقة من تاريخ لبنان، خاصة في ظل تنامي وجود ميليشيات حزب الله المدعوم من إيران وما تتطلبه مواجهة هذا التمدد من دعم عربي"، مشيرا إلى أن المطلوب "صيانة وترميم" العلاقة مع الرياض.
وذهب محفوظ إلى أنه رغم انكفاء الرياض عن بيروت بسبب مواقف حزب الله تجاه سياسات السعودية، هناك إصرار من غالبية اللبنانيين على إعادة توثيق العلاقات مع المملكة.
وقال "إن لبنان بين فكي كماشة حزب الله وإيران من جهة وسوريا وإيران من جهة أخرى، ناهيك عن محاولات حزب الله أن يصبح ضمن منظومة الدولة اللبنانية كما فعلت ميليشيات الحشد الشعبي في العراق، ليتمكن من حماية نفسه وشرعنة قراراته".
وأشار محفوض إلى أن لقاء السعودية برؤساء الوزراء يوجه عدة رسائل لحزب الله وإيران، بأن الرياض لن تترك بيروت تواجه محاولات حزب الله وإيران وحيدة.
ورجح ألا يقتصر الموقف السعودي على الدعم السياسي، خاصة في ظل المديونية العالية التي تعاني منها الميزانية الحكومية.
وأبدى رئيس الوزراء اللبناني السابق نجيب ميقاتي الذي حضر الاجتماع تفاؤلا بشأن مستقبل العلاقات مع الرياض، وقال إن السعودية "ستمد يد العون للبنان".
وأضاف لتلفزيون "أل. بي. سي" اللبناني من جدة إن الملك سلمان "شدد على ضرورة المحافظة على لبنان، خطوات سعودية قريبا نحو الدولة اللبنانية".
وأكد ميقاتي أن الهدف هو إنقاذ لبنان في ظل الصعوبات التي يواجهها.
وأشار فؤاد السنيورة رئيس وزراء لبنان السابق الذي حضر الاجتماع أيضا إلى أن المحادثات كانت مهمة فيما يتصل بدعم اقتصاد لبنان واستقراره ووحدته.
وقال السنيورة لتلفزيون العربية "إن رؤساء وزراء لبنان السابقين ناقشوا مع قادة المملكة أهمية مواصلة دعم الرياض للبنان".
وتواجه الحكومة اللبنانية المثقلة بأحد أكبر أعباء الدين العام في العالم، أزمة مالية تريد معالجتها بإصلاحات منتظرة منذ وقت طويل، حسب رويترز.
والسعودية إحدى الدول الداعمة للبنان منذ فترة طويلة لكن العلاقات بين البلدين توترت في السنوات القليلة الماضية بسبب اتساع نفوذ جماعة حزب الله المدعومة من إيران في لبنان.
وكان وزير المالية السعودي قال في يناير إن المملكة ستواصل دعم لبنان لحماية استقراره.
وقال السفير السعودي في لبنان وليد بخاري الاثنين إن زيارة رؤساء الوزراء اللبنانيين السابقين إلى السعودية "تحمل في طياتها ملامح مستقبل واعد لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين" وفق رويترز.