على بعد ٦٠ ميلا من سطح القمر، جلس رائد الفضاء الأميركي مايكل كولينز وحيدا داخل مركبة القيادة الرئيسية للرحلة "أبوللو ١١" ينتظر عودة زميليه نيل أرمسترونغ وباز ألدرين اللذين ذهبا في مركبة أخرى للهبوط على سطح القمر لأول مرة في تاريخ البشرية.
ولمدة ٥٠ عاما بعد هذا الحدث، كان كولينز يجيب عن سؤال واحد يطرح عليه دائما. "كيف كان شعورك وأنت تجلس وحيدا في الفضاء؟".
لم يشعر كولينز بأي ضيق خلال مدة انتظاره التي طالت عن ٢١ ساعة داخل المركبة "كولومبيا" وهي تدور حول القمر، بينما كان زميلاه يتجولان على سطحه.
ويقول كولينز في تصريحات صحافية سابقة: "امتلكت هذا النطاق كله، لقد كان كل شيء ملكي، كنت امبراطورا وقائدا لكل هذا.. كانت لدي قهوة ساخنة أيضا".
وعلى خلاف نصف مليار شخص على كوكب الأرض، لم يشاهد كولينز البث الحي لأولى خطوات أرمسترونغ على سطح القمر.
لا يوجد تلفاز في المركبة الرئيسية وحتى إذا كان هناك تلفاز فلم يكن ليستطع مشاهدة أي شيء، إذ أن كولينز كان يدور فوق الجانب البعيد من القمر من دون أي اتصالات مع الأرض في لحظة هبوط أرمسترونغ.
بماذا كان يفكر؟
وفي لقاء صحافي أجرى معه في ستينيات القرن الماضي، يقول كولينز إنه كان مشغولا بإتمام كافة المهام المطلوبة منه بحذافيرها، "إذ أنه لم يكن هناك مجال للخطأ في هذا اليوم".
لم يكن كولينز قلقا على رحلة ذهاب زميليه اللذين انفصلا عن المركبة الرئيسية وذهبا في المركبة القمرية إلى سطح القمر.
"كنت متأكدا أن كل شيء سيكون على ما يرام، نيل طيار ماهر جدا وسطح القمر وإن كنا نعلم أنه مليء بالعقبات إلا أنه أيضا امتلك مساحات يسهل الهبوط عليها".
لكن ما كان يقلق كولينز هو رحلة عودة زميليه إلى المركبة الرئيسية التي كان ينتظر بها، إذ أن أرمسترونغ وألدرين كانا سيعلقان في مدار القمر إذا حدث أي خطأ في محرك المركبة القمرية.
كان كولينز يخطط لإجراء مناورات في محاولة للوصول إليهم إذا تعطلت مركبتهم، وذكر أنه جهز ١٨ خطة طوارئ.
رغم ذلك كان من الممكن أن يعود كولينز إلى الأرض وحيدا. "لم لأكن لأنتحر.. كنت سأعود وحيدا وكانا يعلمان ذلك... لكنها لم تكن لتكون رحلة سعيدة".
لكن المهمة نجحت وعاد أرمسترونغ وألدرين بسلام إلى المركبة التي هبطت في المحيط الهادي لاحقا.
"لقد كنت مندهشا من أن كل قطعة ميكانيكية صغيرة عملت تماما كما كان متوقعا ... واستطعنا أن ننفذ ما طلبه جون كينيدي من دون عقبات"، يقول كولينز.