صورة مأخوذة من شرق العاصمة بيروت، تظهر ميناء العاصمة
صورة مأخوذة من شرق العاصمة بيروت، تظهر ميناء العاصمة

بدأت الضغوط تتوالى على حزب الله اللبناني من كل حدب وصوب خاصة بعد اتهام إسرائيل له صراحة باستغلال القنوات المدنية للحصول على السلاح (من سوريا وإيران)، وسط مخاوف من تصاعد التوتر وإجراء اسرائيلي مضاد.

ومؤخرا وجهت الولايات المتحدة لحزب الله وحليفته إيران ضربات موجعة من بينها إدراج اثنين من نوابه على لوائح تمويل الإرهاب، في خطوة وصفت بالقنبلة السياسية.

وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي إن "إيران بدأت في استغلال القنوات البحرية والمدنية لإرسال مواد مزدوجة الاستخدام إلى لبنان لتعزيز قدرات حزب الله الصاروخية".

وقال دانون إن إيران وحزب الله اشترتا مثل هذه المواد من شركات مدنية مثل مركز البحوث والدراسات العلمية السورية، وأضاف: "الطبيعة الحقيقية لهذه المشتريات هي ضد إسرائيل ومواطنيها".

وأعلنت إسرائيل مؤخرا تدمير أنفاق عابرة للحدود مع لبنان أقامها حزب الله لاستخدامها في حال نشوب حرب، حسب بعض التقارير.

'ميناء بيروت هو ميناء حزب الله'

وحمل السفير الإسرائيلي خريطة توضح طرق تهريب السلاح إلى حزب الله داعيا مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ إجراءات ضد الحزب وحليفته إيران، وأتى هذا بعد أيام من إعلان الجيش الإسرائيلي عن الطرق ذاتها. 

طريق الأسلحة المهربة من إيران إلى حزب الله

​​وقال "ميناء بيروت هو الآن ميناء حزب الله"، مضيفا "من الصعب جدا تحديد أين تنتهي بيروت وتبدأ طهران".

ولم تقتصر الضربات ضد حزب الله على الولايات المتحدة وبعض حلفائها الغربيين، بل وصلت مؤخرا ولأول مرة إلى أميركا اللاتينية حيث صنفت الأرجنتين حزب الله أيضا كمنظمة إرهابية، وسط تزايد التضييق والاعتقالات بحق موالين للحزب في دول أفريقية بالذات.

وأفادت تقارير حديثة بأن السلطات الأوغندية اعتقلت بالتعاون مع الموساد، عميلا سريا لـ حزب الله.

​​​​حان وقت العمل

وقال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إن استغلال إيران للقنوات البحرية المدنية اللبنانية يأتي بعد استخدام المطارات المدنية في دمشق وبيروت، وكذلك الحدود السورية اللبنانية لتهريب الأسلحة إلى لبنان.

وأضاف دانون قوله: "نتعلم من التاريخ أنه عندما يفشل المجتمع الدولي في الارتقاء إلى المستوى المناسب قبل فوات الأوان، فإن الثمن الذي يجب دفعه سيكون غير محتمل. عندما يتعلق الأمر بالنظام الإيراني، فليس الآن وقت التهدئة. لقد حان وقت العمل".

"تهديد مباشر"

سفيرة لبنان في الأمم المتحدة أمال مدلالي رفضت اتهامات دانون وقالت إنها "تهديدات مباشرة على سلامتهم (اللبنانيين) وبنيتهم ​​التحتية المدنية".

وحذرت مدلالي من أن هذه التعليقات يمكن أن تكون مقدمة لتبرير هجوم إسرائيلي على ميناء بيروت.

وقالت مدلالي: "آخر ما يحتاج إليه لبنان والمنطقة الآن هو حرب أخرى.. مجلس الأمن ينبغي ألا يظل صامتا".

الكاتب اللبناني حسن منيمنة استبعد ذلك وقال: "لا اعتقد أن كلام السفير الإسرائيلي مؤشر إلى تصعيد بقدر ما هو دليل على متابعة إسرائيلية لمرجعيات الأوضاع داخل لبنان". 

وأضاف منيمنة أن "إسرائيل تدير المواجهة مع إيران في سوريا بشكل يتناسب مع مصلحتها، لكنها ليست في عجلة من أمرها لفتح مواجهة مع حزب الله، لأن الضغوط على الحزب أثبتت جدواها، ولا أتوقع ان يقوم الحزب بمقامرة كتلك التي قام بها في 2006".

وتوقع منيمنة استمرار الضغوط الأميركية على حزب الله خاصة منظومته المصرفية.

​​وذكرت تقارير غربية أن العقوبات الأميركية على طهران تسببت في نقص كبير في الدعم الذي تقدمه لأذرعها بالمنطقة، وخصوصا حزب الله.

وفي مارس الماضي أقر الحزب بتكثيف أنشطة الدعم والمساندة الجماهيرية لسد عجزه المادي.

تونس تنفي التقارير
تونس شنت حملة اعتقالات

أثار قرار سحب السلطات التونسية اعترافها باختصاص المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان، انتقادات واسعة، واعتبرته بعض المنظمات الحقوقية في البلاد "انتكاسة خطيرة لالتزامات تونس الإقليمية والدولية".

ووفق وثيقة تم تسريبها على منصات التواصل الاجتماعي فإنّ السلطات بعثت بمراسلة في الثالث من مارس الجاري من وزير الخارجية، محمد علي النفطي، تعلن فيها سحب اعترافها باختصاص المحكمة في قبول العرائض الصادرة عن الأفراد والمنظمات غير الحكومية، التي تتمتع بصفة مراقب لدى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.

وفيما جاء هذا القرار دون إعلان رسمي، فإن منظمات حقوقية استنكرت هذه الخطوة واعتبرتها "انتكاسة خطيرة"، وبينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان (غير حكومية) التي دعت السلطات التونسية إلى مراجعة موقفها والعدول عنه، احتراما لتعهداتها القارية والدولية.

كما دعت الرابطة في بيان، الخميس، المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية إلى التعبير عن رفضها لهذا القرار، والعمل المشترك دفاعا عن الحق في التقاضي أمام الهيئات الإقليمية المستقلة.

من جانبه، دان مرصد الحرية لتونس (حقوقي غير حكومي) هذا القرار، ودعا السلطات إلى التراجع الفوري عن الانسحاب من البروتوكول الأفريقي والالتزام الكامل بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها تونس لحماية حقوق الإنسان.

وقد صادقت تونس على الميثاق الأفريقي في 1983، وانضمت إلى بروتوكول المحكمة سنة 2007، غير أن قرار سحب الاعتراف باختصاص المحكمة الأفريقية، قد فتح سجالا بشأن دوافعه وانعكاساته على حقوق الإنسان في هذا البلد المغاربي.

"توتر مستمر"

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان أكدت أن قرار السلطات التونسية يأتي في سياق "توتر مستمر" بين الدولة التونسية والمحكمة الأفريقية التي سبق أن أصدرت سلسلة من الأحكام والتوصيات بشأن الوضع في تونس عقب الإجراءات التي أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو 2021.

وأشارت هذه المنظمة الحقوقية إلى أن من ضمن هذه الأحكام، إصدار حكم في سبتمبر 2022 ببطلان الأمر الرئاسي عدد 117 والمراسيم 69 و80 و109 واعتبارها مخالفة للمادة 113 من الميثاق الأفريقي التي تتضمن حق الشعوب في إدارة شؤنها العامة.

كما دعت المحكمة الأفريقية في سبتمبر 2023 تونس إلى اتخاذ تدابير عاجلة لفائدة عدد من المساجين السياسيين لضمان حقوقهم الأساسية وسلامتهم الجسدية.

من جانبه، يرى إبراهيم بلغيث، المحامي التونسي الذي رفع دعوى قضائية للمحكمة الأفريقية ضد إجراءات الرئيس قيس سعيد، في ما يتعلق بالمرسوم 117 سنة 2021، أن قرار تونس سحب الاعتراف باختصاص المحكمة الأفريقية كان متوقعا، إذ يتماشى مع نهج النظام القائم منذ 25 يوليو 2021 في تفكيك مكتسبات الثورة التونسية، خاصة في مجال استقلال القضاء وحقوق الإنسان.

ويؤكد بلغيث في تصريح لموقع "الحرة" أن سعيد استغل الظرف الدولي، حيث لم تحدد الإدارة الأميركية موقفها النهائي تجاهه، فيما يفضل الاتحاد الأوروبي الصمت مقابل تعاون تونس في الحد من الهجرة. كما تحظى هذه الخطوة بدعم من أنظمة مثل الجزائر، ومصر، ودول الخليج.

وأوضح في هذا الخصوص، أن المحكمة الأفريقية شكلت إحراجا للرئيس سعيد، إذ اعتبرت إجراءاته غير دستورية، وأمرت بالعودة إلى الديمقراطية وإلغاء عدة مراسيم رئاسية، منها ما يتعلق بحل المجلس الأعلى للقضاء وعزل القضاة دون إجراءات تأديبية. 

كما تنتظر المحكمة قضايا أخرى قد تؤدي إلى إدانة إضافية للنظام. 

وخلص  إلى أن "هذا القرار يمثل مؤشرا خطيرا على التراجع الحقوقي في تونس، إذ يهدف إلى وقف الإدانات الدولية المتزايدة في ظل المحاكمات السياسية وانتهاكات المحاكمة العادلة، مما يحرم التونسيين من حماية قضائية أفريقية متميزة."

رئيسا الجزائر وفرنسا في لقاء سابق - فرانس برس
هل هدأت العاصفة؟.. ما وراء "التصريحات الجديدة" بين الجزائر وفرنسا
طفت لغة التهدئة على العلاقات الجزائرية الفرنسية هذا الأسبوع، عقب أكثر من ستة أشهر من التصعيد السياسي والديبلوماسي والإعلامي، تخللتها تصريحات مكثفة وقرارات غير مسبوقة استهدفت تنقل الأفراد، كما شملت محاولات لترحيل جزائريين مقيمين بفرنسا.

وصرح الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في لقاء له السبت الماضي مع وسائل إعلام محلية، أن نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون هو "المرجعية" في العلاقات مع بلاده، ووصف تبون الخلاف بين البلدين بـ"المفتعل بالكامل"، مشيرا إلى أن ما يحدث "فوضى" و"جلبة"، معتبرا أن الرئيس ماكرون هو "المرجع الوحيد ونحن نعمل سويا".

"صورة سيئة"

يتفق المحامي، الوزير التونسي السباق، محمد عبّو، مع الآراء الحقوقية التي دانت قرار تونس سحب الاعتراف باختصاص المحكمة الأفريقية.

واعتبر أنها خطوة ستزيد في الإساءة إلى صورة البلاد إقليميا ودوليا في مجال انتهاك حقوق الانسان.

ويقول عبو في حديثه "للحرة" إن هذا التوجه يندرج في سياق "التحطيم الممنهج الذي يمارسه النظام الحالي دون احترام لمكتسبات الثورة التونسية ولمؤسسات الدولة، فضلا عن عدم المبالاة بحقوق التونسيين.

وسبق للمفوضية السامية لحقوق الإنسان أن دعت في فبراير الماضي السلطات التونسية إلى "وقف جميع أشكال اضطهاد المعارضين السياسيين، وإلى احترام الحق في حرية الرأي والتعبير".

واستنكرت الخارجية التونسية هذا الموقف، وشددت على "أن تونس ليست في حاجة إلى تأكيد حرصها على حماية حقوق الإنسان إيمانا عميقا منها بهذه الحقوق، فضلا عن التزامها بما نصّ عليه دستورها وبما أقرته قوانينها الوطنية وما التزمت به على الصعيد الدّولي في المستويين الإقليمي والعالمي".

وعن ذلك، يقول عبّو: " لم يبق أمام الرئيس سعيد إلا الانسحاب من معاهدة روما المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية، وذلك عقب تقديم شكوى بهذه المحكمة منذ عامين ضد مسؤولين في نظام 25 يوليو 2021".

ضرورة التراجع

في سياق متصل، يؤكد حسام الحامي عضو الشبكة التونسية للحقوق والحريات (ائتلاف حزبي ومدني)، على حق الأفراد والمنظمات في اللجوء إلى هيئات قضائية إقليمية ودولية مستقلة كضمانة أساسية لتحقيق العدل، مشددا على أن تونس جزء من المنظومة الحقوقية الإقليمية.

ودعا الحامي في حديثه لـ "الحرة" الدولة إلى مراجعة قرارها بشأن سحب الاعتراف باختصاص المحكمة الأفريقية، وذلك لضمان استمرارية المكتسبات الحقوقية والالتزام بتعهداتها الدولية، مؤكدا أن حماية حقوق الإنسان ليست مجالا للمساومة، بل هي أساس الحياة الديمقراطية واحترام التنوع والتعدد.

كما طالب السلطة بضرورة إطلاق سراح المساجين السياسيين وكل سجناء الرأي في تونس استجابة لدعوات المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، ووقف الملاحقات القضائية، فضلا عن دعم مناخ الحريات الذي يعد من أهم مكتسبات الثورة.

يشار إلى أن الرئيس التونسي قيس سعيد غالبا ما يرد على انتقادات المنظمات الحقوقية بالتشديد على سيادة تونس ورفض التدخل الأجنبي.