يعاني أطفال مقاتلي داعش من تبعات انضمام أبائهم للتنظيم Photo: AFP
يعاني أطفال مقاتلي داعش من تبعات انضمام آبائهم للتنظيم

يعكس وضع الأطفال في مخيم عين عيسى في شمال شرق سوريا، جزءا من الصورة الحقيقية لمن نشأوا في البيئة المتطرفة التي فرضها إرهاب داعش.

ويتجرع أطفال ولدوا لمقاتلين وعناصر في التنظيم، مرارة التطرف والتعصب بسبب فقدان ذويهم، ورفض المجتمع والدول التي تحدر منها آباؤهم استرجاعهم، خشية من أن يشكلوا خطرا عليها مستقبلا خاصة أن كثيرين منهم خضعوا إلى تربية متطرفة.

مراسل "الحرة" هيبار عثمان زار مخيم عين عيسى شمال الرقة، ونقل بعضا من المعانات التي يعيشها الأطفال، بسبب جرائم ارتكبها آباؤهم.

هؤلاء الأطفال فقدوا آباءهم وأمهاتهم، ويعيشون في المخيم من دون أقارب أو معيل، فيما لا تزال ثقافة التشدد التي فرضها التنظيم على حياتهم متجسدة في تصرفاتهم إذ يمتنع معظمهم عن تناول المعلبات، مثلا، ويتجنبون الرقص والغناء.

ما رآه هؤلاء الصغار في مناطق سيطر عليها داعش ذات يوم، عرضتهم لصدمات نفسية تضاف إلى جروحهم الخارجية.

وتقول المربية في صيوان أطفال مقاتلي داعش غير المصحوبين داخل مخيم عين عيسى، سعاد أمين للحرة إن "هؤلاء الأطفال اليتامى يوجد لديهم إلى حد هذا اليوم خوف ورعب من الأحداث الأليمة التي مروا بها"، مشيرة إلى أن "منهم من يعاني من تبول لا إرادي وآخرون يسيطر عليهم الحزن الشديد بسبب فقدان الأب والأم".

​​منظمة الأمم المتحدة وثقت وجود ما لا يقل عن 335 طفلا غير مصحوب في مخيمات شمال شرق سوريا، التي تفتقر إلى الرعاية المطلوبة من المنظمات الدولية ويعاني فيها الأطفال من صعوبة الاندماج مع غيرهم.

ويدفع حوالي ستة آلاف من أطفال مقاتلي داعش الأجانب في مخيمات الهول وروج وعين عيسى، ضريبة أفكار آبائهم المتطرفة ونشاطاتهم الإرهابية.

وتؤكد منظمة إنقاذ الطفولة، على ضرورة إرجاع أطفال مقاتلي داعش الأجانب وخاصة غير المصحوبين منهم إلى بلدانهم، وإعادة تأهيلهم في المدارس حتى لا يتحولوا إلى قنابل موقوته في هذه المخيمات.

جزء مهم من رحلة إعادة التأهيل، يكمن في توفير بيئة أسرية سليمة، لكن هذا الخيار يبدو صعبا في ظل فقدان هؤلاء الأطفال لأية وثائق تحدد هوياتهم وجنسياتهم ولعدم معرفتهم أحيانا أسماء آبائهم وأمهاتهم الحقيقية، ما دفع الإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا إلى مناشدة الحكومات للعمل معها لتحديد هويات الأطفال.

نائب الرئاسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية لشمال وشرق سوريا، فنر الكعيط، قال للحرة، "بالنسبة للأطفال الأيتام، وجهنا عدة نداءات من خلال اتصالاتنا مع عدة دول، وقد استجابت بعضها".

وتسلمت دول قليلة عددا من أفراد عائلات داعش، منها أوزبكستان وكازاخستان وكوسوفو والسودان وفرنسا وهولندا.

 

ويكيبيديا
النسخة الروسية من ويكيبيديا أصبحت محل بجدل بسبب نشرها لدعاية الكرملين

منذ نشأتها في عام 2001، عايشت موسوعة "ويكيبيديا" سلسلة من القضايا الجدلية حول تفاصيل ثقافية وتاريخية متنوعة، قبل أن تتجه نحو مواضيع أكثر حساسية وخطورة، مثل الانتخابات، الاحتجاجات، والحروب.

ومن أبرز الأمثلة الحديثة، الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث تحولت ويكيبيديا إلى ساحة معركة للروايات المتنافسة والمتغيرة باستمرار، وفق تقرير جديد لمجلة "فورين بوليسي" بعنوان "كيف غزت روسيا ويكيبيديا". 

تُعتبر النسخة الروسية من ويكيبيديا واحدة من أكبر ستة مواقع ويكيبيديا في العالم، وكانت حتى وقت قريب مصدرا رئيسيا للمعلومات في روسيا.

ولكن، خلال العقدين الماضيين، أصبحت تلك النسخة محاطة بالجدل بسبب تورطها في نشر الدعاية الموجهة من قبل الكرملين الذي استغل المنصة للترويج لرواياته السياسية.

تعتمد العديد من المقالات في النسخة الروسية من ويكيبيديا على المصادر الحكومية ويتم تحريرها بواسطة محررين روس يتبنون الروايات الرسمية للكرملين، وفق المجلة. 

وتشير "فورين بوليسي" إلى هذا التحيز برز بشكل واضح في تغطية النسخة الروسية للحرب على أوكرانيا، وفق المجلة.

على سبيل المثال، بينما تؤكد النسخة الإنكليزية من ويكيبيديا على الطبيعة غير القانونية لضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014، تشير المقالات الروسية إلى هذا الحدث بشكلٍ يبرّر التدخل الروسي.

كما تقلل النسخة الروسية من دور الجيش الروسي في الصراع وتصور منطقة دونيتسك كجمهورية منفصلة عن أوكرانيا.

في قضية أخرى مثيرة للجدل، تتباين النسختان الإنكليزية والروسية حول حادثة إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية MH17 عام 2014، فبينما تُقر النسخة الإنكليزية بأن الطائرة أُسقطت بواسطة صاروخ أطلقه الجيش الروسي، تُشير النسخة الروسية إلى الحادثة بأنها "كارثة" دون الإشارة إلى المسؤولية الروسية، مما يعكس التأثير الكبير للروايات الحكومية الروسية على المحتوى، وفق تعبير المجلة.

وكانت رحلة الخطوط الجوية الماليزية "إم إتش17" في طريقها من أمستردام إلى كوالالمبور عندما كانت تحلق يوم 17 يوليو 2014 فوق المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون شرق أوكرانيا، حيث تعرضت لصاروخ أرض جو روسي الصنع انطلق من قاعدة عسكرية روسية يديرها المتمردون المدعومون من موسكو، وفق فريق تحقيق دولي.

تحديات قانوني

واجهت مؤسسة "ويكيميديا"، التي تدير ويكيبيديا، تحديات قانونية في روسيا، حيث تم تغريمها عدة مرات بسبب المحتوى المتعلق بالحرب على أوكرانيا.

وتشير تقارير إلى أن مجموعات من الحسابات المنسقة، تُعرف بـ"حسابات دمى الجوارب" (Sock puppet) قامت بتنسيق جهود لتحرير الصفحات المتعلقة بالعلاقات الروسية الأوكرانية لصالح الرواية الرسمية الروسية.

هذه المجموعات تعمل على تقويض المصادر الأوكرانية والغربية، وتدعم بدلاً من ذلك الروايات المدعومة من وسائل الإعلام الحكومية الروسية.

وفي خطوة أخرى لتعزيز السيطرة على الفضاء الرقمي، أطلقت روسيا في وقت سابق هذا العام منصة بديلة لويكيبيديا تُسمى "روويكي" (Ruwiki)، بقيادة فلاديمير ميدييكو، المدير السابق لمؤسسة ويكيميديا الروسية.

بدأت هذه المنصة كنسخة طبق الأصل من النسخة الروسية من ويكيبيديا، مستفيدة من طبيعة اتفاقية المصادر المفتوحة لويكيبيديا.

تحتوي "روويكي" الآن على ما يصل إلى مليوني مقال باللغة الروسية، بالإضافة إلى 12 لغة إقليمية أخرى تُستخدم في روسيا، وهي تعمل خارج نطاق سيطرة مؤسسة ويكيميديا.

منصة بديلة

تختلف "روويكي" عن نموذج ويكيبيديا الأصلي الذي يسمح لأي مستخدم بإنشاء وتحرير المقالات، حيث يخضع  المحتوى المضاف لمراجعة مجموعة ضيقة من الخبراء المعتمدين من قبل الحكومة.

هذه الآلية تسمح للحكومة الروسية بفرض رقابة صارمة على المحتوى المقدم وضمان توافقه مع الروايات الرسمية، خصوصا في القضايا المعقدة مثل الغزو الروسي لأوكرانيا.

أدى إنشاء "روويكي" إلى خلق نسخة رقمية منعزلة تعكس رؤية الكرملين للأحداث. ففي هذه النسخة، يتم إنكار أحداث تاريخية كبرى مثل مجاعة "هولودومور" التي أودت بحياة ملايين الأوكرانيين في عهد الرئيس السوفييتي جوزيف ستالين، ويتم الترويج لفكرة أن حلف "الناتو" هو المسؤول عن استفزاز روسيا لشن غزوها لأوكرانيا.

وهذه المحاولات لعزل الفضاء الرقمي الروسي عن بقية العالم تندرج ضمن مفهوم "تجزئة الإنترنت" أو "السبلينترنت"، وفق "فورين بوليسي" وهي ظاهرة تتجسد في قيام الدول بتقييد وصول مواطنيها إلى الإنترنت العالمي وتوجيههم نحو منصات رقمية محلية تخضع لرقابة الدولة، مما يحد من حريتهم في الوصول إلى معلومات غير محكومة بالروايات الرسمية.