وصف ناشطون ومراقبون للشأن الروسي رد الكرملين على المظاهرات الاحتجاجية على الأوضاع السياسية، بأنه "نقطة تحول" بحسب تقرير نشره موقع "راديو أوروبا الحرة" (RFEL).
ويوم السبت الماضي خرجت مظاهرات حاشدة غير مرخص لها في العاصمة موسكو، رفضا لمنع مرشيح مستقلين من خوض الانتخابات المحلية المقررة في الثامن من سبتمبر القادم.
ورغم تحذيرات الحكومة، اندلعت المظاهرات استجابة لدعوة من قادة المعارضة، أبرزهم أليكسي نافالني، الذي نقل لاحقا إلى المستشفى في حال سيئة، وسط حديث عن تسميمه.
تراوحت نسب المشاركة في مظاهرة الـ27 من يوليو بين 3500 حسب الحكومة، و20 ألفا حسب المعارضة.
وقبل أسبوع علي ذلك، جذب احتجاج مماثل في موسكو لكن السلطات سمحت بتنظيمه، أكثر من 22 ألف شخص، وفقا لمنظمين. ورفع المتظاهرون خلاله شعارات جريئة من بينها “روسيا بدون بوتين!" و"روسيا ستكون حرة".
وقعت صدامات عنيفة، وتم احتجاز ما لا يقل عن 1400 متظاهر.
فلاديمير جيلمان، وهو سياسي يدرس في الجامعة الأوروبية في سان بطرسبرغ، يرى في تقرير لـ رادو فري يوروب" إن نسبة المشاركة كانت "أكبر مما توقعت السلطات، والرد القاسي عليها كان انعكاسا واضحا لاستيائها" منها.
ويرى أولئك المراقبون أن ما حدث "في 27 يوليو أسوأ عنف سياسي" في البلاد منذ موجة احتجاجات 2011-2012.
في تلك الفترة تظاهر عشرات آلاف الأشخاص مرارا في ميدان بولوتنانا، احتجاجا على ما سموه "عمليات تزوير واسعة النطاق" في الانتخابات البرلمانية، ومخاوف من خطط فلاديمير بوتين للعودة إلى الرئاسة مجددا.
عدم يقين
بعد خمس سنوات من الآن، هناك شكوك تلوح في الأفق حول كيف، وما إذا كان بمقدور بوتين السعي للحفاظ على سلطته، ومن سيحل محله، إذا لم يفعل.
بفضل العملية الانتخابية غير النزيهة وسيطرة الكرملين على وسائل الإعلام، تم انتخاب بوتين بأغلبية ساحقة في مارس 2018، وفق تقرير RFEL.
لكن شعبية بوتين تأثرت بعوامل مثل الركود في الأجور، وزيادة سن التقاعد، والاشمئزاز من حزب روسيا المتحدة، وعدم الرضا عن العملية السياسية خصوصا على المستوى المحلي.
وهذا يجعل الخروج بخطة للخلافة أو خطة لحقبة ما بعد بوتين، أمرا معقدا، حسب التقرير، الذي أشار إلى أن اعتداء شرطة مكافحة الشغب على محتجين يمارسون حقا يضمنه لهم الدستور، يجعل ذلك أكثر تعقيدا.
وما يزيد الأمر سوءا هو أن نافالني ومجموعات المعارضة الأخرى، تنجح إلى حد ما في نشر رسالتها، على الرغم من سيطرة الكرملين على التلفزيون الحكومي.
وقالت تاتيانا ستانوفايا، المحللة التي ترأس شركة استشارية تدعى R.Politik، "إن رد الشرطة خلال عطلة نهاية الأسبوع، فيما يبدو يشير إلى أن الكرملين في حيرة حول كيفية التعامل مع جماعات المعارضة".
ومثل شيفتسوفا، تعتقد ستانوفايا أن الكرملين يتجه نحو "أسلوب أكثر تشددا"، حيال المظاهرات السياسية المستقبلية.
وكتبت في تعليق نشره مركز كارنيغي في موسكو "يبدو أن الكرملين لا يعرف ماذا يفعل بمعارضة معادية قادرة على تعبئة الشارع"، مضيفة "القمع الحالي... وجولة جديدة من المقاضاة الجنائية للنشطاء، هي رهان واضح على سيناريو أكثر قسوة، وربما محاولة لتكرار تجربة" قضية بولوتنانا.
لا مخرج سهلا
وترى ستناوفيا أن الحكومة مرتبكة، و"مثل هذا الالتباس داخل الحكومة هو نتيجة حقيقة أنه لا يوجد مخرج سهل للأزمة الحالية"، معتبرة أن روسيا دخلت فترة من "عدم اليقين الخطير".
وبعد يومين من الاحتجاجات، لا تزال عمليات التعبئة مستمرة والتداعيات تتوالي. ففيما تحاول جماعات المعارضة حشد الدعم لاحتجاج آخر في الشوارع خلال أسبوع، تخضع السلطات بعض المحتجزين لمحاكمات معظمهم بتهم وانتهاكات إدارية.
وتوعدت السلطات الروسية الثلاثاء بالتعامل "بقسوة" مع التظاهرات غير المرخصة.