وزير الصناعة الفنزويلي طارق العيسمي إلى جانب الرئيس المطعون في شرعيته نيكولاس مادورو
وزير الصناعة الفنزويلي طارق العيسمي إلى جانب الرئيس المطعون في شرعيته نيكولاس مادورو

وزير الصناعة الفنزويلي المتحدر من أصول عربية طارق العيسمي مطلوب للولايات المتحدة، وبات اسمه على قائمة أكثر 10 هاربين مطلوبين لواشنطن.

شرطة الهجرة الأميركية نشرت تغريدة تويتر على "هل شاهدتم هذا الهارب المطلوب بشدة؟". وأرفقت تغريدتها بصورة للوزير الفنزويلي، وأضافت "إنّه مطلوب (بتهمة) الاتجار الدولي بالمخدرات".

وقال بيان شرطة الهجرة الأميركية إن العيسمي "في مهامه السابقة، كان يشرف أو يسيطر جزئيا على شحنات المخدرات التي تزن أكثر من 1000 كيلوغرام والمرسلة من فنزويلا (...) وكانت وجهة بعضها النهائية المكسيك أو الولايات المتحدة".

ويعتبر العيسمي (44 عاما) أحد أقوى المسؤولين في فنزويلا.. فإلى جانب كونه وزيرا، يعد من أقرب المقربين لمادورو.

وبين عامي 2012 و2017 كان حاكما لولاية أراغوا المطلة على بحر الكاريبي، لكنه ظل لسنوات هدفا لتحقيقات واسعة النطاق أجرتها وكالة الاستخبارات الفنزويلية، بسبب صلاته بالعالم الإجرامي.

طارق العيسمي خلال تدريبات عسكرية في كراكاس في 2018

​​​​

​​ووفقا لملف سري جمعه عملاء فنزويليون، فقد ساعد العيسمي وعائلته السورية الأصل في تسلل مقاتلي حزب الله إلى فنزويلا، وانخرطوا في العمل مع تجار مخدرات وقاموا بحماية 140 طنا من مواد كيميائية يعتقد أنها تستخدم لإنتاج الكوكايين، ما ساعد في تكوين امبراطورية ضخمة في وقت كانت فيه البلاد تعاني فيه من الفوضى والفقر ونقص كبير في الدواء والغذاء.

​​​​وقال مدير مؤسسة بدائل الشرق الأوسط حسن منيمنة إن تضمين وزير الصناعة الفنزويلي المقرب من حزب الله في قائمة أكثر المطلوبين لأميركا، لا يمس إيران وفنزويلا فحسب، بل كل الدول التي تعتبرها أميركا مارقة ومن بينها روسيا وسوريا وكوريا الشمالية.

"إضعاف إحدى هذه الدول يمكن أن يؤثر على الشبكة بأكملها...المستهدف الأول اليوم هو إيران واذرعها  باعتبار أنها تشكل الخطر الداهم على الولايات المتحدة ومصالحها في الشرق الأوسط"

الكثير من الاتهامات والإدانات ضد العيسمي وكثير من أفراد عائلته ترويها وثائق داخل ملف في حوزة وكالة الاستخبارات الفنزويلية، التي كان العيسمي يسيطر عليها ذات يوم بحكم منصبه، وهي نتاج تحريات ونتائج تحقيق ونصوص مقابلات مع تجار ومهربي مخدرات لأكثر من عقد من الزمان.

وإلى جانب العيسمي تشمل القائمة الأميركية لأكثر 10 مطلوبين لديها، رجل الأعمال الفنزويلي سمارك خوسيه لوبيز بيلو ، الذي تتهمه محكمة فيدرالية بنيويورك بتهريب المخدرات.    

وأدرِج العيسمي في فبراير 2017 على لائحة واشنطن لتجار المخدرات. وفي وقت سابق من هذا العام اتهمته محكمة فيدرالية بنيويورك بانتهاك قانون تحديد كبار مهربي المخدرات الأجانب والعقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية بتعيين شركات أميركية لتزويده بطائرات خاصة.

وقبل أن توجه له الاتهامات الفيدرالية في مارس، كانت الولايات المتحدة قد أعلنت العيسمي "مهرب مخدرات" بموجب قانون كبار مهربي المخدرات الأجانب للعبه دورا رئيسيا في التهريب العالمي للمخدرات، وهي التهمة التي ينكرها.

وهذا الاتهام  هو الأول من نوعه بالنسبة إلى وزير فنزويلي منذ بداية الأزمة السياسية في فنزويلا.

مشهد للعيسمي وهو يتحدث في مؤتمر صحفي بكاراكاس عن قضايا المخدرات، حينما كان وزيرا للداخلية

​​

​​​​​​كيف وصل حزب الله إلى فنزويلا من خلال العيسمي؟

الملف الذي قدمه مسؤول مخابرات فنزويلي سابق رفيع المستوى لصحيفة "نيويورك تايمز"، وأكده آخر بشكل منفصل يروي شهادة مخبرين يتهمون العيسمي ووالده بتجنيد أعضاء من حزب الله للمساعدة في توسيع شبكات التجسس وتهريب المخدرات في المنطقة.

وتصنف الولايات المتحدة حزب الله الذي تدعمه إيران، منظمة إرهابية وتفرض عقوبات على أشخاص مرتبطين به في فنزويلا منذ فترة رئاسة جورج بوش الابن (ما بين يناير 2001 ويناير 2009).

وتعتبر السلطات الأميركية أن حزب الله استخدم أميركا اللاتينية كقاعدة لتمويل نشاطاته منذ سنوات عبر المخدرات وغسيل الأموال، فيما كانت العلاقات وثيقة بين رئيس فنزويلا السابق هيوغو تشافيز والإيراني السابق محمود أحمدي نجاد.

وقال منيمنة  إن الولايات المتحدة لا تتعامل مع حزب الله على أنه "تنظيم سياسي بل منظمة إجرامية تسعى لتطويق أنشطته غير المشروعة الهادفة لخدمة المصالح الإيرانية، بما في ذلك تجارة السلاح والمخدرات والماس وغيرها من الأنشطة المخفية".

وفي 2008 فرضت وزارة الخزانة عقوبات على الدبلوماسي الفنزويلي اللبناني غازي نصر الدين الذي شغل منصب القائم بأعمال سفير فنزويلا في دمشق بسوريا واتهم بجمع أموال لحزب الله.

أما والد العيسمي زيدان العيسمي، فهو مهاجر سوري، عمل مع حزب الله ودفع من أجل إحضار حزب الله إلى فنزويلا، حسب الوثائق التي أشارت إلى أنه كان ضالعا في خطة لتدريب عناصر حزب الله في فنزويلا، "بهدف توسيع شبكات التجسس في جميع أنحاء أميركا اللاتينية والعمل في الوقت نفسه على تهريب المخدرات".

وبحسب ملف العيسمي الابن في المخابرات، فإنه ساعد في تنفيذ الخطة باستخدام سلطته عن تصاريح الإقامة في إصدار وثائق رسمية لمقاتلي حزب الله، وصلت إلى نحو ألفي وثيقة منها جوازات سفر، مما مكنهم من البقاء في البلاد.

ولا يتناول الملف ما إذا كان حزب الله قد استطاع إنشاء شبكة المخابرات أو تهريب، لكنه يؤكد أن مقاتلي حزب الله استطاعوا تثبيت أركانهم في البلاد بمساعدة العيسمي.

صنع العيسمي عائلة قوية في فنزويلا من خلال أفراد من عائلته نشأوا في فنزويلا، وآخرين من أقربائه جاء بهم من سوريا.

وارتفع نجم العيسمي في الأوساط السياسية، بداية من كونه أحد المقربين من شقيق الرئيس هوغو تشافيز إلى مشرع عن الحزب الاشتراكي الحاكم، إلى وزير للداخلية في 2008.

والعيسمي الذي يعتبر نفسه قياديا متشددا في الحركة التشافية والذي تولى حقيبة الداخلية والعدل من 2008 إلى 2012، ولد في فنزويلا لأب متحدر من جبل الدروز في سورية وتقلد مناصب عديدة آخرها حاكم ولاية أراغوا (شمال وسط)، التي تعتبر إحدى أكثر ولايات البلاد عنفا.

وهو متزوج من فنزويلية أمها سورية الأصل وله ابنان.

ودخل العيسمي المعترك السياسي من بوابة الحركة الطلابية حيث كان قياديا ثم أصبح محاميا وخبيرا في العلوم الجنائية وهو يعتبر كذلك أحد أقوى أركان الحزب الاشتراكي الموحد الحاكم منذ 1999.

​فكيف كونت أسرة سورية إمبراطوريتها في فنزويلا؟

أثناء حملة على الحدود مع البرازيل في عام 2004، اكتشف ضباط من الحرس الوطني مجموعة من "المستودعات التي كانت في حالة تآكل، وكانت تبدو مهجورة".

لكن الموقع لم يكن خاليا، فقد تم اكتشاف مواد كيميائية مخزنة شملت 140 طنا من اليوريا، تستخدم لصنع الكوكايين، وفقا لوثائق المخابرات الفنزويلية.

كانت مادة اليوريا خاضعة للرقابة في فنزويلا، ولم يكن بمقدور المالكين تقديم تراخيص للمواد الكيميائية المشبوهة، وبينما كانت اليوريا يتم بيعها كسماد، كان من المريب وجودها لأن تلك المنطقة لم يكن فيها زراعة، وكان صاحب هذه المواد الكيميائية هو مهرب المخدرات الفنزويلي من أصل سوري أيضا، وليد مقلد.

كان مقلد يعتبر واحدا من أكثر خمسة مهربي مخدرات مطلوبين في العالم، وكان مطلوبا لدى الولايات المتحدة الأميركية.

وبعد ست سنوات ألقي القبض عليه وبالتحديد في 2011 وحكم عليه في 2015 بالسجن 14 عاما بتهم منها تهريب المخدرات وغسل أموال.

مهرب المخدرات الفنزويلي من اصل سوري وليد مقلد اثناء إلقاء السلطات الكولومبية القبض عليه في 2011

​​في قلب القضية ذاتها كان هناك هيثم العيسمي وهو قريب آخر لطارق العيسمي، أخبر النيابة بأنه الممثل القانوني لاستثمارات مقلد لكنه نجا من الحكم عليه بسبب عدم التعرف على المشترين المحتملين لليوريا.

وتشير الوثائق إلى أن شقيق العيسمي فراز، قد دخل في أعمال تجارية مع أسوأ تجار المخدرات سمعة في فنزويلا، وليد مقلد واحتفظ بما يقرب من 45 مليون دولار في حسابات مصرفية سويسرية.

العيسمي نفسه تربطه صلات بتاجر المخدرات سيء السمعة هذا، حيث تشير الوثائق إلى أنه أبرم صفقات حكومية ضخمة مع شركات لها علاقة بمقلد.

وفي وقت ما قبل 2010، قام فراز، شقيق العيسمي بالاتصال بمقلد لتقديم مبلغ كبير من المال لشركة استيراد مقرها بنما، كان الغرض هو شراء ناقلة نفط لاستخدامها في عقد مع شركة النفط الحكومية.

وفي  فبراير 2017 فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على العيسمي "لتسهيله نقل مخدرات إلى فنزويلا" من خلال إشرافه على إقلاع طائرات من قاعدة جوية فنزويلية وإشرافه ايضا على موانئ بحرية.

وقالت الوزارة حينها إنه "تلقى أموالا مقابل تسهيله نقل شحنات مخدرات تعود ملكيتها لشبكة الفنزويلي وليد مقلد غارسيا".

وبينما كانت البلاد تتجه بقوة إلى انهيار اقتصادي، ونقص خطير في الغذاء والدواء، مما أجبر الملايين على الفرار من فنزويلا، كان العيسمي يتجه بقوة إلى الثراء.

وقام العيسمي بشراء بنك أميركي وأجزاء من شركة إنشاءات وحصة في مركز تجاري وأرض لمنتجع راق وعدد كبير من المشاريع العقارية الفنزويلية، بما في ذلك "قصر المليونير" لوالديه، وفقا للوثائق.

في 8 مارس الماضي كشفت الولايات المتحدة عن إصدارها لائحة اتهام ضد العيسمي، وشريك مفترض هو سامارك خوسيه لوبيز بيلو، بسبب التحايل على العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة الأميركية وتتعلق بتهريب المخدرات.

رغم كل ذلك، لم توجه له السلطات الفنزويلية تهما رسمية بتهريب المخدرات أو الفساد، ولم يجب على مطالبات مكتوبة لإجراء مقابلة صحفية معه.

 

وزير الصناعة الفنزويلي طارق العيسمي

​​وفي حال اعتقاله وتسليمه للولايات المتحدة، سيواجه طارق العيسمي، احتمال السجن 30 عاما.

وتوقع الكاتب اللبناني حسن منيمنة أن تواصل الولايات المتحدة نهج التضييق ضد إيران وحلفائها "أميركا أمام حرب مفتوحة مع إيران، لكنها حرب بلا سلاح.. وأتوقع أن تشهد الفترة القادمة مزيدا من التضييق على المنظومة المالية التي تخدم المصالح الإيرانية بشكل ما أو آخر، حتى ترغم طهران على التخلي عن منطق الثورة، والتفاوض بمنطق الدولة".

 

مطار بيروت

لأعوام طويلة، حول حزب الله مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت إلى معبر تهريب لحقائق العملة والسلاح، في تجاوز صارخ لسلطة الدولة اللبنانية. 

اليوم، ومع تصاعد الضغوط الداخلية والدولية، تعمل السلطات اللبنانية على إعادة فرض هيبتها على هذا المرفق الحيوي، في مسعى لضبط الوضع الأمني وفرض السيادة على أحد أبرز منافذ البلاد.

وفي هذا السياق، أطلقت الحكومة اللبنانية سلسلة إجراءات أمنية وإدارية، شملت منع هبوط شركات الطيران الإيرانية، وإجراء تغييرات أمنية داخل المطار، إضافة إلى فصل عشرات الموظفين للاشتباه بانتمائهم إلى حزب الله، وفقا لتقارير. 

وكثّفت السلطات عمليات التفتيش ووسّعت دائرة المراقبة على الشحنات الواردة والصادرة، سعيا لكبح أي نشاطات مشبوهة.

وترافق ذلك مع حملة دبلوماسية قادها لبنان لطمأنة المجتمع الدولي بالتزامه بمكافحة التهريب وتجفيف منابع التمويل غير المشروع، في مسعى لاستعادة الثقة الدولية بلبنان.

إجراءات صارمة؟

وأسفرت سلسلة عمليات أمنية في المطار عن إحباط تهريب أموال وذهب في الآونة الأخيرة، يشتبه في ارتباطها بحزب الله، وكان أحدثها قبل أيام عندما ضبطت السلطات شحنة ذهب، نفى النائب في البرلمان اللبناني عن حزب الله حسن فضل الله، أن تكون مرتبطة بالحزب.

وفي فبراير الماضي، أعلنت وزارة المالية اللبنانية عن ضبط مليونين ونصف مليون دولار مع أحد المسافرين القادمين من تركيا.

وفي هذا السياق، أجرى رئيس الحكومة نواف سلام في 13 مايو جولة تفقدية في المطار برفقة وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني، واجتمع مع قائد جهاز أمن المطار العميد فادي كفوري وعدد من المسؤولين. 

واطلع سلام على سبل تعزيز الأمن وتسهيل حركة المسافرين.

"الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية في مطار بيروت الدولي ماثلة للعيان ويلاحظها جميع رواده من لبنانيين وأجانب، مغادرين أو واصلين"، يقول المحلل السياسي الياس الزغبي.

ويضيف أن تلك الإجراءات "أمنيّة وإدارية وتنظيمية وسياحية مشددة، ولكنها خاضعة لمزيد من الاختبار والمتابعة لئلّا تكون ظرفية أو طارئة تعود بعدها الفوضى ويستشري الفلتان كما كانت عليه الأمور سابقا".

ولاقت الإجراءات المتخذة في المطار "ارتياحا خارجيا وداخليا"، وفق ما يقوله الزغبي لموقع "الحرة"، "وهذا ما شجع بعض الدول الخليجية على السماح لمواطنيها بالمجيء إلى لبنان بعد احتجاب سنوات، ما يؤدي إلى صيف سياحي واعد في حال استمرار الهدوء في الربوع اللبنانية".

ويرجح الزغبي انزعاج حزب من هذه التدابير "لأنها أقفلت في وجهه باباً أساسياً من أبواب تهريب الأموال والمخدرات وحتى الأسلحة، خصوصاً بسبب منع الطائرات الإيرانية من الهبوط".

ورغم الضغوط التي يمارسها حزب الله على الدولة وأجهزتها لوقف هذه الإجراءات "تتابع السلطات السياسية والأمنية مهمتها لأن المسألة بالغة الجدية للعرب والعالم ولا تستطيع هذه السلطات التهاون فيها".

تحديات قائمة

تواجه مطار بيروت ثلاث مشكلات رئيسية، وفقا للخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب، وهي تتراوح بين التحديات الأمنية والثغرات اللوجستية والإدارية، قد تنعكس على الأمن العمليات وسيرها.

يشير ملاعب في حديث لموقع "الحرة" إلى أن الموقع الجغرافي للمطار يشكل تهديداً أمنياً بالغ الأهمية.

"يقع المطار في الضاحية الجنوبية لبيروت، وهي منطقة ذات نفوذ شيعي، مما يجعل السيطرة الأمنية خاضعة لتأثير مباشر من قوى الثنائي الشيعي".

ويضيف "رغم إزالة الإعلانات التابعة لحزب الله على الطرق المؤدية إلى المطار، فإن ذلك لا يعني خروج المنطقة من نطاق السيطرة الفعلية".

ويشير ملاعب إلى أن "الجيش اللبناني اضطر في فترة معينة إلى فتح مسار بديل عبر منطقة الشويفات لتسهيل دخول الموظفين، بعد تعذّر استخدام الطريق الرئيسي نتيجة إغلاقها على أيدي مسلحين، وتم تمرير الموظفين بمحاذاة المدرج تحت حماية عسكرية لضمان وصولهم".

وأشار ملاعب إلى أن "الإرث الذي خلفه التعاون بين الرئيس السابق ميشال عون وحزب الله أتاح للأخير نفوذا في المطار، تجلى في التعيينات وآلية سير العمل".

في ما يتعلق بالثغرات اللوجستية، انتقد ملاعب ضعف تقنيات المراقبة في المطار، مشيرا إلى أن "تطوير الأنظمة الأمنية يمكن أن يحد بشكل كبير من عمليات التهريب".

واتهم "بعض الموظفين الذين يعطلون الأجهزة بالتواطؤ لتسهيل مرور البضائع المهربة".

وعن التحديات الإدارية،يشدد على أن جهاز الجمارك يمثل "نقطة ضعف خطيرة"لأن "أي خلل في إدارة الجمارك يفتح الباب أمام عمليات التهريب، خاصة في ظل ضعف الإجراءات التقنية واللوجستية".

ويرى ملاعب أن هناك فجوة مالية صادمة في إيرادات المطار  إذ أن "قيمة الواردات اللبنانية في عام 2024 بلغت نحو 17 مليار دولار، بينما لم تتجاوز إيرادات الضرائب والجمارك 500 مليون دولار، رغم أنه كان من المفترض أن تصل إلى ملياري دولار".

يعتقد ملاعب أن "هذه الفجوة تكشف عن مافيات منظمة تستفيد من التهرب الضريبي بشكل ممنهج".

وفي سياق آخر، يشير ملاعب إلى أن إضرابات مراقبي الملاحة الجوية باتت تشكل تهديدا مباشرا لحركة الطيران وسلامة العمليات.

تحذير من التخريب

في تصريحات أدلى بها لقناة "الحرة" في مارس الماضي، شدد وزير الأشغال العامة والنقل في الحكومة اللبنانية، فايز رسامني، على أن حماية مطار رفيق الحريري الدولي تتصدر أولويات الحكومة، خاصة في ظل التحديات الأمنية الراهنة.

وأكد رسامني أن الحكومة اتخذت "كل الإجراءات الصارمة لضمان أمن المطار وسلامة المسافرين"، وأشار إلى أن الجهود الحالية تركز على تعزيز البنية التحتية الأمنية "بكل الإمكانيات المطلوبة".

وكشف الوزير عن خطة لاستبدال المعدات اليدوية في المطار بتقنيات حديثة لتعزيز الأمن، وقال إن المرافئ اللبنانية، بما فيها مرفأ بيروت، ستُزود قريباً بأجهزة ماسح ضوئي متقدمة. ولفت إلى أن هذه الأجهزة "لن تقتصر مهمتها على مكافحة التهريب، بل ستسهم أيضاً في زيادة إيرادات الدولة".

ومن المتوقع، وفقا للزغبي، "أن ينسحب النجاح في ضبط المطار على سائر المرافق البحرية والبرية ولاسيما مرفأ بيروت. كما أن الحدود مع سوريا هي موضع عناية مشتركة بين بيروت ودمشق تحت الرعاية الدولية، لكنها تحتاج إلى إجراءات أكثر صعوبة بسبب اتساعها والخروق المتعددة والمنتشرة عليها شرقاً وشمالاً. وتنتظر استكمال الاتفاقات المشتركة برعاية مباشرة من المملكة العربية السعودية التي جمعت الطرفين اللبناني والسوري في لقاءات تنسيقية مباشرة".

ويحذر الزغبي من أن حزب الله "قد يلجأ إلى محاولة تخريب هذه الإجراءات الجوية والبحرية والبرية كي يعيد إحياء مسالك التهريب التي كانت تدرّ عليه أموالاً هائلة، لكنه في الحقيقة بات مكشوفاً أمام الداخل والخارج وتراجعت قدرته كثيراً عسكرياً ولوجستياً، مع أنه لا يزال يسعى إلى تأمين سكك للتهريب عبر البر والبحر". 

ومع استمرار الرقابة المتشددة سيتكبد حزب الله مزيدا من الضعف والانكشاف. لكن العلاج التام للتهريب يتطلب كثيرا من الجهود الإضافية، لأن هذا التهريب قديم ومتجذر ولا يتم استئصاله بين ليلة وضحاها، يقول الزغبي.